يُعد شهر شوال امتداداً لموسم الطاعات الذي يبدأ في رمضان، وهو فرصة للمسلم ليثبت على العبادة ويعزز ارتباطه بالله تعالى، يبدأ هذا الشهر المبارك بعيد الفطر، الذي يمثل فرحة للمسلمين بإتمام صيامهم وقيامهم، ومكافأة من الله على جهدهم وإخلاصهم.

والاستمرار على الأعمال الصالحة بعد رمضان، كالدعاء وصيام النوافل، هو علامة على قبول العمل الصالح، ودليل على صدق العبد في تقربه إلى ربه.

فضل صيام ستة أيام من شهر شوال وأجره

من أعظم العبادات التي يُستحب للمسلم المداومة عليها في شهر شوال هي صيام ستة أيام منه، لما ورد في فضلها من أجر عظيم وثواب جزيل، وقد حث النبي صلى الله عليه وسلم على صيامها في الحديث الصحيح.

• أجر صيام الدهر كله: الفضيلة الكبرى لصيام هذه الأيام هي الحصول على أجر صيام سنة كاملة، وذلك استناداً إلى قول النبي صلى الله عليه وسلم:
  

  “مَنْ صَامَ رَمَضَانَ ثُمَّ أَتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ، كَانَ كَصِيَامِ الدَّهْرِ”.

  (رواه مسلم، حديث رقم 1164)، والحسنة بعشر أمثالها، فصيام رمضان (30 يوماً) يعدل 300 يوم، وصيام ستة أيام من شوال تعدل 60 يوماً، فيكون المجموع 360 يوماً، وهو عدد أيام السنة تقريباً.

• جبر النقص في الفريضة: تُعد صيام النوافل، ومنها الست من شوال، جابرةً لما قد يكون قد وقع في صيام الفريضة (رمضان) من نقص أو تقصير غير مقصود، فالنوافل تكمل الفرائض يوم القيامة.
• علامة على قبول صيام رمضان: قال بعض السلف إن من علامات قبول الحسنة، فعل الحسنة التي تليها، فالمداومة على الصيام بعد رمضان دليل يُستبشر به على قبول صيام رمضان.
• الاستمرار على الطاعة: يعين صيام هذه الأيام النفس على الثبات على الطاعة وعدم الانقطاع عن العبادة بمجرد انتهاء شهر رمضان، مما يقوي صلة العبد بربه.

أدعية جامعة من القرآن الكريم والسنة النبوية

لم يرد في الشرع دعاء مخصص لشهر شوال بعينه، ولكن باب الدعاء واسع، وخير ما يدعو به المسلم هو ما ورد في كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم من الأدعية الجامعة لخيري الدنيا والآخرة، وهذه بعض الأمثلة التي يمكن الدعاء بها في شوال وفي كل وقت:

1، دعاء جامع لخيري الدنيا والآخرة (من القرآن الكريم)

هذا من أجمع الأدعية وأكثرها نفعاً، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر من الدعاء به.

“رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ”

(سورة البقرة، الآية 201).

2، دعاء إصلاح الدين والدنيا والآخرة (من السنة النبوية)

دعاء نبوي عظيم يجمع للمسلم صلاح أموره كلها، وهو من الأدعية التي لا غنى عنها.

“اللَّهُمَّ أَصْلِحْ لِي دِينِي الَّذِي هُوَ عِصْمَةُ أَمْرِي، وَأَصْلِحْ لِي دُنْيَايَ الَّتِي فِيهَا مَعَاشِي، وَأَصْلِحْ لِي آخِرَتِي الَّتِي فِيهَا مَعَادِي، وَاجْعَلِ الْحَيَاةَ زِيَادَةً لِي فِي كُلِّ خَيْرٍ، وَاجْعَلِ الْمَوْتَ رَاحَةً لِي مِنْ كُلِّ شَرٍّ”.

(رواه مسلم، حديث رقم 2720).

3، سيد الاستغفار (من السنة النبوية)

هو أفضل صيغ الاستغفار، ومن قاله موقناً به فمات من يومه أو ليلته كان من أهل الجنة.

“اللَّهُمَّ أَنْتَ رَبِّي لاَ إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، خَلَقْتَنِي وَأَنَا عَبْدُكَ، وَأَنَا عَلَى عَهْدِكَ وَوَعْدِكَ مَا اسْتَطَعْتُ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا صَنَعْتُ، أَبُوءُ لَكَ بِنِعْمَتِكَ عَلَيَّ، وَأَبُوءُ لَكَ بِذَنْبِي فَاغْفِرْ لِي، فَإِنَّهُ لاَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ”.

(رواه البخاري، حديث رقم 6306).

4، دعاء للمتوفى (من السنة النبوية)

يمكن الدعاء به للموتى في كل وقت، وهو من الأدعية المأثورة الصحيحة.

“اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِحَيِّنَا وَمَيِّتِنَا، وَشَاهِدِنَا وَغَائِبِنَا، وَصَغِيرِنَا وَكَبِيرِنَا، وَذَكَرِنَا وَأُنْثَانَا، اللَّهُمَّ مَنْ أَحْيَيْتَهُ مِنَّا فَأَحْيِهِ عَلَى الْإِسْلَامِ، وَمَنْ تَوَفَّيْتَهُ مِنَّا فَتَوَفَّهُ عَلَى الْإِيمَانِ، اللَّهُمَّ لَا تَحْرِمْنَا أَجْرَهُ، وَلَا تُضِلَّنَا بَعْدَهُ”.

(رواه أبو داود والترمذي، وصححه الألباني).

أدعية شائعة متعلقة بشهر شوال (للتوضيح)

تنتشر بين الناس بعض الأدعية التي تُنسب إلى مناسبات معينة كأول جمعة في شوال أو عند صيامه، وهي صيغ حسنة في معناها العام، ولكن من المهم معرفة أنها لم ترد عن النبي صلى الله عليه وسلم أو صحابته، ومن أمثلتها:

• “اللهم في أوّل جمعة من شوال أسألك بجلال وجهك وبنور عظمتك أن لا تُرجع لنا دعاءً خائبًا…”.
• “اللهم إني إليك أفرُّ من الأعباء الثقيلة ومن نيران الأعداء، اللهم احمني من المحن التي تُرهق النفس…”.
• “الحمد لك يا رب أنك وهبتنا نعمة صيام شهر رمضان الكريم وأمددت أرواحنا بالقوة لأداء الطاعات فيه…”.

تنبيه هام: هذه الصيغ هي مما يتداوله بعض الناس، ولم تثبت بسند صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أو أصحابه، الدعاء عبادة، والأصل فيها الالتزام بما ورد في القرآن الكريم والسنة الصحيحة، فهي كافية ومباركة، وفيها غنى عن الأدعية المبتكرة أو المخصصة لأوقات لم يخصصها الشرع.

ما حكم تخصيص شهر شوال بأدعية معينة؟

لا يجوز تخصيص زمان معين (مثل شهر شوال أو أول جمعة فيه) بعبادة أو دعاء لم يرد به دليل شرعي، لأن ذلك يدخل في باب البدعة الإضافية، والمشروع للمسلم هو أن يدعو الله بالأدعية الشرعية العامة والمطلقة في كل وقت وحين، سائلاً الله من فضله، دون تخصيص صيغة معينة بوقت معين لم يأت به الدليل.

أسئلة شائعة (FAQs)

س1: ما هو الحديث الصحيح في فضل صيام ست من شوال؟

الحديث الصحيح هو قول النبي صلى الله عليه وسلم: “مَنْ صَامَ رَمَضَانَ ثُمَّ أَتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ، كَانَ كَصِيَامِ الدَّهْرِ”، وهو حديث رواه الإمام مسلم في صحيحه.

س2: متى يبدأ صيام الست من شوال؟ وهل يجب أن تكون متتابعة؟

يبدأ وقت صيامها من ثاني أيام شهر شوال (لأن أول يوم هو عيد الفطر ويحرم صيامه)، ولا يشترط أن تكون متتابعة، فيجوز صيامها متفرقة خلال الشهر، وإن كان التتابع أفضل للمبادرة بالخير.

س3: هل هناك أدعية مخصصة لشهر شوال؟

لا، لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أي دعاء مخصص لشهر شوال، والأفضل هو الدعاء بالأدعية المأثورة من القرآن والسنة في كل الأوقات، فهي أجمع للخير وأعظم في البركة.

س4: ما هو البديل الصحيح للأدعية المنتشرة وغير الثابتة؟

البديل هو الأدعية الجامعة الصحيحة مثل “ربنا آتنا في الدنيا حسنة…”، و”اللهم أصلح لي ديني…”، وسيد الاستغفار، وغيرها من الأدعية الواردة في مصادر التشريع الموثوقة، فهي كافية وشاملة لكل خير.

عن احمد نصر

بقلم: أحمد نصر باحث ومحرر محتوى إسلامي متخصص في قسم الأدعية بموقع [أُوني]، يكرس جهوده لجمع وتدقيق الأدعية المأثورة من القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، وتقديمها للمسلمين في إطار موثوق وسهل الفهم، يسعى أحمد لتقديم محتوى ديني يعزز الصلة بالله ويستند إلى المصادر الشرعية الصحيحة.

جميع مقالات احمد نصر