ادعية العشر الأوائل من ذي الحجة مكتوبة

تُعد الأيام العشر الأولى من شهر ذي الحجة من أفضل أيام السنة وأعظمها مكانة عند الله سبحانه وتعالى، فقد أقسم بها في كتابه الكريم وخصّها بفضل عظيم، ففيها تتضاعف الحسنات وتُستحب الأعمال الصالحة، ويؤدي المسلمون في هذه الأيام مناسك الحج، الركن الخامس من أركان الإسلام، مما يجعلها موسمًا فريدًا للطاعات والقربات، وعلى رأسها الدعاء والذكر، حيث يُرجى فيها القبول واستجابة الدعوات.

فضل الأيام العشر من ذي الحجة في القرآن والسنة

لقد عظّم الله شأن هذه الأيام ورفع قدرها، ويتجلى فضلها في العديد من النصوص الشرعية من القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، ومن أبرزها:

  • قسم الله تعالى بها: إن قسم الله بشيءٍ يدل على عظمته وشرفه، وقد أقسم الله بهذه الأيام في مطلع سورة الفجر، فقال عز وجل:

    “وَالْفَجْرِ (1) وَلَيَالٍ عَشْرٍ (2)” [الفجر: 1-2].

    وقد أجمع جمهور المفسرين على أن “الليالي العشر” هي العشر الأولى من ذي الحجة.

  • أنها الأيام المعلومات: هي الأيام التي شرع الله فيها ذكره بشكل خاص، حيث قال تعالى:

    “وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَىٰ مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ ۖ” [الحج: 28].

    قال ابن عباس رضي الله عنهما: “الأيام المعلومات: أيام العشر”.

  • أحب الأيام إلى الله: العمل الصالح في هذه الأيام له منزلة خاصة، فهو أحب إلى الله من العمل في أي أيام أخرى، لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:

    “مَا مِنْ أَيَّامٍ الْعَمَلُ الصَّالِحُ فِيهَا أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ هَذِهِ الْأَيَّامِ – يَعْنِي أَيَّامَ الْعَشْرِ – قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ؟ قَالَ: وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، إِلَّا رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ، فَلَمْ يَرْجِعْ مِنْ ذَلِكَ بِشَيْءٍ”.

    (رواه أبو داود وصححه الألباني).

الأذكار والأدعية المشروعة في عشر ذي الحجة

لم يرد دعاء مخصص لدخول العشر من ذي الحجة، ولكن يُستحب للمسلم أن يكثر من الذكر والدعاء عمومًا، وأعظم ما يُقال في هذه الأيام هو التكبير والتهليل والتحميد.

أفضل الذكر الوارد في السنة

حث النبي صلى الله عليه وسلم على الإكثار من أنواع الذكر في هذه الأيام، فقال:

“مَا مِنْ أَيَّامٍ أَعْظَمُ عِنْدَ اللهِ وَلَا أَحَبُّ إِلَيْهِ الْعَمَلُ فِيهِنَّ مِنْ هَذِهِ الْأَيَّامِ الْعَشْرِ، فَأَكْثِرُوا فِيهِنَّ مِنَ التَّهْلِيلِ وَالتَّكْبِيرِ وَالتَّحْمِيدِ”.

(رواه الإمام أحمد، وحسّن إسناده الشيخ أحمد شاكر).

  • التهليل: قول “لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ”.
  • التكبير: قول “اللَّهُ أَكْبَرُ”.
  • التحميد: قول “الْحَمْدُ لِلَّهِ”.

وكان الصحابة رضوان الله عليهم، مثل ابن عمر وأبي هريرة، يخرجان إلى السوق في هذه الأيام يكبران ويكبر الناس بتكبيرهما.

أدعية جامعة من القرآن والسنة لأيام العشر من ذي الحجة

أدعية جامعة من القرآن الكريم والسنة الصحيحة

يمكن للمسلم أن يدعو بما شاء من خيري الدنيا والآخرة، ومن أفضل الأدعية ما ورد في القرآن والسنة الصحيحة، ومنها:

  • دعاء جامع لخيري الدنيا والآخرة:

    “رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ” [البقرة: 201].

    .

  • سيد الاستغفار (للتوبة والمغفرة): وهو من أعظم صيغ طلب المغفرة، قال النبي صلى الله عليه وسلم: “سَيِّدُ الِاسْتِغْفَارِ أَنْ تَقُولَ:

    اللَّهُمَّ أَنْتَ رَبِّي لاَ إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، خَلَقْتَنِي وَأَنَا عَبْدُكَ، وَأَنَا عَلَى عَهْدِكَ وَوَعْدِكَ مَا اسْتَطَعْتُ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا صَنَعْتُ، أَبُوءُ لَكَ بِنِعْمَتِكَ عَلَيَّ، وَأَبُوءُ لَكَ بِذَنْبِي فَاغْفِرْ لِي، فَإِنَّهُ لاَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ”.

    (صحيح البخاري، حديث رقم 6306).

  • دعاء لطلب الرزق والبركة:

    “اللَّهُمَّ اكْفِنِي بِحَلَالِكَ عَنْ حَرَامِكَ، وَأَغْنِنِي بِفَضْلِكَ عَمَّنْ سِوَاكَ”.

    (سنن الترمذي، حديث حسن).

أمثلة على صيغ الدعاء العامة

هذه بعض الصيغ العامة التي يمكن للمسلم أن يدعو بها، وهي تجمع معاني الخير والبركة، مع التنبيه على أنها لم ترد بخصوص هذه الأيام تحديدًا، ولكنها أدعية طيبة يمكن الدعاء بها في كل وقت.

  • دعاء بنية الصيام والطاعة: “اللَّهُمَّ إِنِّي نَوَيْتُ الصِّيَامَ إِيمَانًا بِكَ وَاحْتِسَابًا لِأَجْرِكَ، فَتَقَبَّلْهُ مِنِّي وَأَعِنِّي عَلَى ذِكْرِكَ وَشُكْرِكَ وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ، وَاجْعَلْ عَمَلِي خَالِصًا لِوَجْهِكَ الْكَرِيمِ”.
  • دعاء لطلب الرزق: “اللَّهُمَّ يَا وَاسِعَ الْفَضْلِ، وَيَا بَاسِطَ الرِّزْقِ، أَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ الْعَظِيمِ أَنْ تَرْزُقَنِي رِزْقًا حَلَالًا مُبَارَكًا، وَأَنْ تُوَسِّعَ عَلَيَّ مِنْ أَبْوَابِ جُودِكَ، وَأَنْ تَرْضِيَنِي بِمَا قَسَمْتَ لِي”.
  • دعاء للتوبة: “يَا رَبِّ، هَذَا مَقَامُ الْعَائِذِ بِكَ مِنَ النَّارِ، وَهَذَا مَقَامُ الْمُسْتَجِيرِ بِكَ مِنْ ذُنُوبِهِ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَتُوبُ إِلَيْكَ تَوْبَةً نَصُوحًا، فَاغْفِرْ لِي مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِي وَمَا تَأَخَّرَ، وَاجْعَلْنِي مِنَ التَّوَّابِينَ الْمُتَطَهِّرِينَ”.
  • دعاء للوالدين المتوفين: “اللَّهُمَّ فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ الْمُبَارَكَةِ، ارْحَمْ أَبِي (أو أمي) بِوَاسِعِ رَحْمَتِكَ، وَاغْفِرْ لَهُ، وَاجْعَلْ قَبْرَهُ رَوْضَةً مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ، وَارْزُقْهُ الْفِرْدَوْسَ الْأَعْلَى بِغَيْرِ حِسَابٍ وَلَا سَابِقَةِ عَذَابٍ”.

صيغ دعاء منتشرة وأهمية التمسك بالسنة

صيغ منتشرة لم يثبت ورودها بخصوص هذه الأيام

قد يتداول بعض الناس صيغًا معينة للدعاء في هذه الأيام، ومنها على سبيل المثال:

  • “سُبْحانَ الَّذِي فِي السَّماء عَرْشُهُ، سُبْحانَ الَّذِي فِي الأَرْضِ حُكْمُهُ…”.
  • “لا إله إلا الله بعدد السنين التي خلت، لا إله إلا الله بعدد أمواج البحر…”.

تنبيه هام وإخلاء مسؤولية: هذه الصيغ هي مما يتداوله بعض الناس، ولم تثبت بسند صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أو أصحابه، الدعاء عبادة، والأصل فيها الالتزام بما ورد في القرآن الكريم والسنة الصحيحة، وهي كافية ومباركة، وفيها غُنية عن الأدعية التي لم يثبت مصدرها.

دعاء يوم عرفة

يوم عرفة هو اليوم التاسع من ذي الحجة، وهو من أعظم أيام السنة، والدعاء فيه مرجو الإجابة، وقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أفضل ما يُقال في هذا اليوم:

“خَيْرُ الدُّعَاءِ دُعَاءُ يَوْمِ عَرَفَةَ، وَخَيْرُ مَا قُلْتُ أَنَا وَالنَّبِيُّونَ مِنْ قَبْلِي: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ”.

(رواه الترمذي وحسنه الألباني).

ويجتهد المسلم في هذا اليوم بالدعاء بما يفتح الله عليه من أمور دينه ودنياه، ويسأل الله من فضله العظيم له ولوالديه وللمسلمين.

أفضل العبادات في العشر الأوائل من ذي الحجة

هذه الأيام فرصة عظيمة للتزود من الطاعات، ومن أفضل الأعمال فيها:

  • أداء مناسك الحج والعمرة: لمن استطاع إليه سبيلاً، فهو أفضل ما يُعمل في هذه العشر.
  • الصيام: يُستحب صيام الأيام التسعة الأولى، ويتأكد استحباب صيام يوم عرفة لغير الحاج، فصيامه يكفر ذنوب سنة ماضية وسنة مقبلة.
  • الإكثار من الذكر: خاصة التكبير والتهليل والتحميد، سواء كان مطلقًا في كل وقت، أو مقيدًا بعد الصلوات المفروضة (ويبدأ من فجر يوم عرفة).
  • الصدقة: فالأجر فيها مضاعف، وهي من أحب الأعمال إلى الله.
  • الأضحية: وهي سنة مؤكدة عن النبي صلى الله عليه وسلم في يوم النحر وأيام التشريق، يتقرب بها العبد إلى الله.
  • قراءة القرآن: وتدبر آياته والعمل به.
  • التوبة والاستغفار: والإقلاع عن الذنوب والمعاصي.
  • صلة الأرحام وبر الوالدين: وغيرها من أعمال الخير والبر.

أفضل العبادات في عشر ذي الحجة

المصادر والمراجع

الأسئلة الشائعة (FAQs)

ما هو أفضل دعاء في عشر ذي الحجة؟

أفضل ما يقال في هذه الأيام هو الذكر، خاصة التكبير (“الله أكبر”) والتهليل (“لا إله إلا الله”) والتحميد (“الحمد لله”)، أما الدعاء، فلا يوجد دعاء واحد مخصص، بل يدعو المسلم بما شاء من الأدعية الجامعة الواردة في القرآن والسنة، مثل “ربنا آتنا في الدنيا حسنة…”.

هل هناك دعاء مخصص لاستقبال عشر ذي الحجة؟

لم يثبت في السنة النبوية دعاء معين يقال عند دخول العشر الأوائل من ذي الحجة، والمشروع هو اغتنام هذه الأيام بالإكثار من الأعمال الصالحة والدعاء والذكر بشكل عام.

ما هو البديل الصحيح للأدعية المنتشرة وغير الثابتة؟

البديل الصحيح والآمن هو الالتزام بالأدعية المأثورة من القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة، فهي جامعة لخيري الدنيا والآخرة، وفيها البركة الكافية، كما يمكن للمسلم أن يدعو بما يفتح الله عليه بأسلوبه الخاص، ما لم يكن في دعائه إثم أو قطيعة رحم.

عن احمد نصر

بقلم: أحمد نصر باحث ومحرر محتوى إسلامي متخصص في قسم الأدعية بموقع [أُوني]، يكرس جهوده لجمع وتدقيق الأدعية المأثورة من القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، وتقديمها للمسلمين في إطار موثوق وسهل الفهم، يسعى أحمد لتقديم محتوى ديني يعزز الصلة بالله ويستند إلى المصادر الشرعية الصحيحة.

3 2 التصويت
Article Rating
الاشتراك في تنبيهات التعليقات
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
الأقدم
الأحدث الأكثر تصويتا
التعليقات المضمنة
عرض جميع التعليقات