دعاء الصبر على فراق الحبيب أو الحبيبة مكتوب

الصبر من أعظم مقامات الإيمان، وهو حبس النفس عن الجزع، واللسان عن الشكوى، والجوارح عن المعصية، وقد أمر الله تعالى به في مواضع كثيرة من كتابه، وجعل للصابرين أجرًا عظيمًا بغير حساب، ويُعد الصبر عند المصائب، خاصة عند ألم الفراق، دليلاً على قوة اليقين وحسن الظن بالله تعالى.

أدعية الصبر والثبات من القرآن الكريم والسنة النبوية

الأصل في الدعاء هو الالتزام بما ورد في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، فهي الأدعية الجامعة المباركة التي فيها الكفاية والغنيمة، ومن هذه الأدعية:

1، دعاء الاسترجاع عند المصيبة

وهو أعظم ما يُقال عند وقوع مصيبة الفقد أو غيرها، وهو سبب لتفريج الكرب ونيل الأجر والخلف الصالح من الله.

“الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَٰئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ ۖ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ” [البقرة: 156-157].

وقد ورد في السنة النبوية فضل هذا الذكر، فعن أم سلمة رضي الله عنها أنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:

“مَا مِنْ عَبْدٍ تُصِيبُهُ مُصِيبَةٌ، فَيَقُولُ: إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ، اللَّهُمَّ أْجُرْنِي فِي مُصِيبَتِي، وَأَخْلِفْ لِي خَيْرًا مِنْهَا، إِلَّا أَجَرَهُ اللَّهُ فِي مُصِيبَتِهِ، وَأَخْلَفَ لَهُ خَيْرًا مِنْهَا”، [صحيح مسلم]

2، أدعية قرآنية لطلب الصبر والثبات

كان الأنبياء والصالحون يدعون الله أن يرزقهم الصبر عند الشدائد، ومن أدعيتهم في القرآن الكريم:

“رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ” [البقرة: 250].

“رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً ۚ إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ” [آل عمران: 8].

أمثلة على صيغ دعاء شائعة للصبر عند الفراق

يتداول الناس بعض الصيغ للدعاء عند الفراق، وهي أدعية عامة في مجملها تطلب من الله الرحمة للمتوفى والصبر لمن بعده، يمكن الدعاء بهذه الصيغ العامة التي تجمع خيري الدنيا والآخرة، مع اليقين بأن الأدعية المأثورة هي الأفضل والأكمل.

  • عند فراق الأب: “اللَّهُمَّ اجْعَلْ قَبْرَهُ رَوْضَةً مِنْ رِيَاضِ الجَنَّةِ، وَلَا تَجْعَلْهُ حُفْرَةً مِنْ حُفَرِ النَّارِ، اللَّهُمَّ أَبْدِلْهُ دَارًا خَيْرًا مِنْ دَارِهِ، وَأَهْلًا خَيْرًا مِنْ أَهْلِهِ، وَأَدْخِلْهُ الجَنَّةَ، وَأَعِذْهُ مِنْ عَذَابِ القَبْرِ وَمِنْ عَذَابِ النَّارِ”.
  • عند فراق الأم: “اللَّهُمَّ ارْحَمْهَا تَحْتَ الأَرْضِ، وَاسْتُرْهَا يَوْمَ العَرْضِ، وَلَا تُخْزِهَا يَوْمَ يُبْعَثُونَ، اللَّهُمَّ اجْعَلْ عَنْ يَمِينِهَا نُورًا، وَعَنْ شِمَالِهَا نُورًا، وَمِنْ أَمَامِهَا نُورًا، وَمِنْ فَوْقِهَا نُورًا حَتَّى تَبْعَثَهَا آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً فِي نُورٍ مِنْ نُورِكَ”.
  • عند فراق شخص عزيز (ميت): “اللَّهُمَّ لَا تَحْرِمْنَا أَجْرَهُ، وَلَا تَفْتِنَّا بَعْدَهُ، وَاغْفِرْ لَنَا وَلَهُ، وَاجْمَعْنَا بِهِ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ يَا رَبَّ العَالَمِينَ، اللَّهُمَّ اجْعَلْ مَنْزِلَتَهُ فِي عِلِّيِّينَ مَعَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ”.
  • عند الفراق بين الأحياء: “اللَّهُمَّ ارْبِطْ عَلَى قَلْبِي كَمَا رَبَطْتَ عَلَى قَلْبِ أُمِّ مُوسَى، وَأَنْزِلْ عَلَيَّ صَبْرًا، اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ فِي هَذَا الفِرَاقِ خَيْرٌ لِي فِي دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي، فَارْضِنِي بِقَضَائِكَ وَبَارِكْ لِي فِيهِ”.

دعاء الصبر على الفراق وطلب السكينة من الله

تنبيه هام وحكم هذه الأدعية

تنبيه هام: هذه الصيغ المذكورة أعلاه هي مما يتداوله بعض الناس، ولم تثبت بسند صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أو أصحابه بهذه الخصوصية، الدعاء عبادة، والأصل فيها الالتزام بما ورد في القرآن الكريم والسنة الصحيحة، وهي كافية ومباركة وشاملة لكل خير، ويجوز للمسلم أن يدعو بما يفتح الله عليه من أدعية لا تخالف الشرع، ولكن دون أن ينسبها للسنة أو يعتقد لها فضلاً خاصًا لم يرد به دليل.

ما هو الصبر وما أنواعه؟

الصبر هو القدرة على تحمل المشاق والمصائب بثبات ويقين، دون جزع أو سخط، وهو ليس استسلامًا سلبيًا، بل هو قوة إيجابية تدفع المؤمن للسعي والعمل مع الرضا بقضاء الله وانتظار الفرج منه، ويُعد نبي الله أيوب عليه السلام مثالًا عظيمًا في الصبر، وكذلك نبينا محمد صلى الله عليه وسلم الذي صبر على أذى قومه حتى نصره الله.

وللصبر ثلاثة أنواع رئيسية:

  • الصبر على طاعة الله: وهو الثبات على أداء العبادات والمحافظة عليها رغم ما فيها من مشقة.
  • الصبر عن معصية الله: وهو كف النفس ومنعها عن الوقوع في المحرمات والشهوات.
  • الصبر على أقدار الله المؤلمة: وهو استقبال المصائب والابتلاءات بالرضا والتسليم، واحتساب الأجر عند الله تعالى.

فضل الصبر وأنواعه في الإسلام

أثر الصبر على فقدان الأحبة

للصبر أثر عظيم في تخفيف ألم الفقد، فهو يمنح النفس الطمأنينة والسكينة، ويقوي الإرادة لتجاوز الأزمات، ومن أعظم ثمرات الصبر:

  • نيل الأجر العظيم: فالله تعالى قد وعد الصابرين أجرًا لا حدود له، كما قال سبحانه:

    “إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ” [الزمر: 10].

    .

  • معية الله الخاصة: الصابرون يحظون بمعية الله التي تقتضي النصر والتأييد، قال تعالى:

    “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ ۚ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ” [البقرة: 153].

    .

  • تحقيق الطمأنينة النفسية: الصبر يقلل من الضغوط النفسية ويساعد على الاحتفاظ بالتوازن النفسي، ويجعل المؤمن أكثر حكمة في التعامل مع مصاعب الحياة.
  • اكتساب محبة الناس واحترامهم: الشخص الصابر الذي يواجه الشدائد بثبات وحكمة يصبح قدوة حسنة وينال تقدير من حوله.

المصادر والمراجع

الأسئلة الشائعة

ما هو أفضل دعاء للصبر عند المصيبة؟

أفضل ما يقال هو ما ورد في القرآن والسنة، وهو قول: “إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ، اللَّهُمَّ أْجُرْنِي فِي مُصِيبَتِي، وَأَخْلِفْ لِي خَيْرًا مِنْهَا”، فهذا الدعاء يجمع بين التسليم بقضاء الله وطلب الأجر والخلف الصالح منه سبحانه.

هل يجوز الدعاء بأدعية لم ترد في السنة؟

نعم، يجوز للمسلم أن يدعو بما شاء من خيري الدنيا والآخرة، ما لم يكن في دعائه إثم أو قطيعة رحم، ولكن الأفضل والأكمل هو الالتزام بالأدعية المأثورة عن النبي صلى الله عليه وسلم لأنها أجمع للمعاني وأعظم في البركة.

كيف أجمع بين الصبر والدعاء بتغيير الحال؟

الصبر لا ينافي الدعاء، بل هما عبادتان متلازمتان، فالصبر هو حبس النفس عن الجزع والتسخط مع الرضا بالقدر، والدعاء هو لجوء إلى الله وطلب الفرج منه، فالمؤمن يصبر على البلاء وفي نفس الوقت يرفع يديه إلى الله سائلاً إياه كشف الكرب وتفريج الهم، وهذا من كمال العبودية.

عن احمد نصر

بقلم: أحمد نصر باحث ومحرر محتوى إسلامي متخصص في قسم الأدعية بموقع [أُوني]، يكرس جهوده لجمع وتدقيق الأدعية المأثورة من القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، وتقديمها للمسلمين في إطار موثوق وسهل الفهم، يسعى أحمد لتقديم محتوى ديني يعزز الصلة بالله ويستند إلى المصادر الشرعية الصحيحة.

0 0 التصويت
Article Rating
الاشتراك في تنبيهات التعليقات
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
الأقدم
الأحدث الأكثر تصويتا
التعليقات المضمنة
عرض جميع التعليقات