الدعاء للغير بظهر الغيب من أعظم القربات وأصدق دلالات المحبة في الإسلام، فهو يجسد اهتمام المسلم بأخيه ورغبته في الخير له، كما أن هذا الدعاء يرجع بالخير على الداعي نفسه، لما فيه من إخلاص وتجرد لله تعالى.

وقد ثبت فضل هذا العمل في السنة النبوية، حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم:

“دَعْوَةُ المَرْءِ المُسْلِمِ لأَخِيهِ بظَهْرِ الغَيْبِ مُسْتَجَابَةٌ، عِنْدَ رَأْسِهِ مَلَكٌ مُوَكَّلٌ كُلَّما دَعَا لأَخِيهِ بخَيْرٍ، قالَ المَلَكُ المُوَكَّلُ بهِ: آمِينَ وَلَكَ بمِثْلٍ.”

المصدر: صحيح مسلم، حديث رقم 2733.

وفيما يلي، نستعرض مجموعة من الأدعية المأثورة من القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة، بالإضافة إلى بعض الصيغ العامة التي يمكن الدعاء بها لمن تحب.

أدعية مأثورة من القرآن والسنة لحفظ من تحب

الأصل في الدعاء هو الالتزام بما ورد في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، فهي أدعية جامعة ومباركة، ومنها ما يلي:

• دعاء شامل لخيري الدنيا والآخرة: وهو من أكثر أدعية النبي صلى الله عليه وسلم.
  

  “رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ.”

  المصدر: سورة البقرة، الآية 201، (عن أنس بن مالك رضي الله عنه، صحيح البخاري، حديث رقم 6389).

• دعاء التحصين والحماية: كان النبي صلى الله عليه وسلم يعوّذ به الحسن والحسين.
  

  “أُعِيذُكُمَا بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّةِ مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ وَهَامَّةٍ، وَمِنْ كُلِّ عَيْنٍ لَامَّةٍ.”

  المصدر: صحيح البخاري، حديث رقم 3371، (يمكن للداعي أن يقول: “أعيذك” للمفرد المذكر، أو “أعيذكِ” للمفرد المؤنث).

• دعاء الاستيداع لحفظ الأهل والمال: وهو من الأدعية الثابتة عند السفر أو مفارقة الأهل.
  

  “أَسْتَوْدِعُ اللَّهَ دِينَكَ وَأَمَانَتَكَ وَخَوَاتِيمَ عَمَلِكَ.”

  المصدر: سنن الترمذي، حديث رقم 3443، (حديث حسن صحيح).

• دعاء للبركة في الرزق والأهل: دعا به النبي صلى الله عليه وسلم لخادمه أنس بن مالك رضي الله عنه.
  

  “اللَّهُمَّ أَكْثِرْ مَالَهُ وَوَلَدَهُ، وَبَارِكْ لَهُ فِيمَا أَعْطَيْتَهُ.”

  المصدر: صحيح البخاري، حديث رقم 6334.

• دعاء لصلاح الأهل والذرية:
  

  “رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا.”

  المصدر: سورة الفرقان، الآية 74.

صيغ عامة للدعاء لمن تحب

إلى جانب الأدعية المأثورة، يجوز للمسلم أن يدعو بما يفتح الله عليه من صيغ طيبة لا تخالف الشرع، ما دامت معانيها صحيحة، وهذه بعض الأمثلة التي يمكن الاستئناس بها:

• للحماية والحفظ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِأَسْمَائِكَ الْحُسْنَى وَصِفَاتِكَ الْعُلَا، أَنْ تَحْفَظَ مَنْ أُحِبُّ بِحِفْظِكَ الَّذِي لَا يُرَامُ، وَأَنْ تَكْلَأَهُ بِعِنَايَتِكَ الَّتِي لَا تَنَامُ.
• للتوفيق والنجاح: اللَّهُمَّ وَفِّقْهُ لِمَا تُحِبُّ وَتَرْضَى، وَيَسِّرْ لَهُ أَمْرَهُ، وَاشْرَحْ صَدْرَهُ، وَاجْعَلِ النَّجَاحَ حَلِيفَهُ فِي كُلِّ خُطْوَةٍ.
• للرزق والبركة: اللَّهُمَّ افْتَحْ لَهُ أَبْوَابَ رِزْقِكَ الْحَلَالِ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ، وَبَارِكْ لَهُ فِيمَا رَزَقْتَهُ، وَاجْعَلْهُ مِنْ الشَّاكِرِينَ.
• للسعادة وراحة البال: رَبِّ أَسْعِدْ قَلْبَهُ، وَأَذْهِبْ هَمَّهُ وَغَمَّهُ، وَارْزُقْهُ سَكِينَةً وَطُمَأْنِينَةً لَا تَزُولُ.
• للمغفرة والرحمة: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ ذُنُوبَهُ، وَاسْتُرْ عُيُوبَهُ، وَتَوَلَّهُ بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.

تنبيه هام وحكم هذه الأدعية

إيضاح شرعي: الصيغ المذكورة في القسم السابق هي من قبيل الدعاء العام الذي لم يرد بلفظه عن النبي صلى الله عليه وسلم، الدعاء عبادة، والأصل فيها التوقيف والالتزام بما ثبت في القرآن الكريم والسنة الصحيحة، فهي كافية ومباركة وجامعة لخيري الدنيا والآخرة.

ويجوز الدعاء بأي صيغة أخرى بشرطين:

1. أن يكون معناها صحيحًا ولا يخالف عقيدة الإسلام.
2. ألا يُعتقد أن لهذه الصيغة فضلًا خاصًا أو أنها سنة متبعة، وألا تُنسب إلى النبي صلى الله عليه وسلم.

لذا، يبقى الأفضل والأكمل هو الحرص على الأدعية المأثورة الثابتة.

دعاء “اللهم إني أستودعك من أحب”

صيغة “اللهم إني أستودعك…” لها أصل في السنة النبوية، حيث كان النبي صلى الله عليه وسلم يودع المسافر بقوله: “أَسْتَوْدِعُ اللَّهَ دِينَكَ وَأَمَانَتَكَ…”، وكان يقول: “إِنَّ اللَّهَ إِذَا اسْتُودِعَ شَيْئًا حَفِظَهُ” (مسند أحمد، وصححه الألباني)، فاستيداع الله تعالى أي شيء هو طلب حفظه ورعايته له.

وبناءً على هذا الأصل، يمكن للمسلم أن يقول:

• اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْتَوْدِعُكَ فُلَانًا (ويذكر اسم الشخص)؛ دِينَهُ وَأَمَانَتَهُ وَخَوَاتِيمَ عَمَلِهِ، فَاحْفَظْهُ بِمَا تَحْفَظُ بِهِ عِبَادَكَ الصَّالِحِينَ.
• رَبِّ إِنِّي أَسْتَوْدِعُكَ قَلْبَهُ وَسَمْعَهُ وَبَصَرَهُ وَجَمِيعَ جَوَارِحِهِ، فَاحْفَظْهَا عَنِ الْوُقُوعِ فِيمَا يُغْضِبُكَ.
• اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْتَوْدِعُكَ صِحَّتَهُ وَعَافِيَتَهُ، فَمَتِّعْهُ بِهِمَا وَأَعِنْهُ عَلَى طَاعَتِكَ.

المصادر والمراجع

أسئلة شائعة (FAQs)

ما هو أفضل دعاء لحفظ من أحب؟

أفضل الأدعية هي ما ثبت في القرآن والسنة، ومن أجمعها دعاء التحصين “أُعِيذُكَ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّةِ…”، ودعاء الاستيداع “أَسْتَوْدِعُكَ اللَّهَ الَّذِي لَا تَضِيعُ وَدَائِعُهُ”.

هل يجوز الدعاء لشخص معين بصيغ من عندي؟

نعم، يجوز الدعاء بما يفتح الله به على عبده من الخير، بشرط أن يكون معنى الدعاء صحيحًا ولا يتضمن اعتداءً أو مخالفة شرعية، مع العلم أن الالتزام بالأدعية المأثورة هو الأكمل والأفضل.

ما هي أوقات إجابة الدعاء التي يُستحب فيها الدعاء لمن أحب؟

يُستحب تحري أوقات الإجابة للدعاء، ومنها: الثلث الأخير من الليل، وبين الأذان والإقامة، وفي السجود، وآخر ساعة من يوم الجمعة، وعند نزول المطر.

عن احمد نصر

بقلم: أحمد نصر باحث ومحرر محتوى إسلامي متخصص في قسم الأدعية بموقع [أُوني]، يكرس جهوده لجمع وتدقيق الأدعية المأثورة من القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، وتقديمها للمسلمين في إطار موثوق وسهل الفهم، يسعى أحمد لتقديم محتوى ديني يعزز الصلة بالله ويستند إلى المصادر الشرعية الصحيحة.

جميع مقالات احمد نصر