اللهم اغننا بحلالِكَ عن حرامك وبفضلك عمن سواك للرزق

إن طلب الرزق الحلال من أعظم العبادات التي يتقرب بها المسلم إلى ربه، فهو أساس الحياة الطيبة ومفتاح البركة والطمأنينة، والسعي في مناكب الأرض لكسب العيش من مصدر مشروع هو امتثال لأمر الله تعالى، الذي تكفّل بأرزاق الخلائق جميعًا وأمرهم بالأخذ بالأسباب، والدعاء هو سلاح المؤمن، به يستعين بالله على قضاء حوائجه، ويطلب منه سبحانه أن يغنيه بحلاله عن حرامه، وأن يبارك له فيما رزقه.

الدعاء المأثور من السنة النبوية للكفاية بالحلال

يُعد هذا الدعاء من أجمع الأدعية وأصحها في طلب الكفاية بالرزق الحلال والاستغناء عن الحرام، وهو دعاء يسير في لفظه، عظيم في معناه، يُستحب للمسلم أن يواظب عليه.

عن علي رضي الله عنه، أن مكاتبًا جاءه، فقال: إني قد عجزت عن كتابتي فأعني، قال: ألا أعلمك كلمات علمنيهن رسول الله صلى الله عليه وسلم لو كان عليك مثل جبل صير دينًا أداه الله عنك؟ قال: قل:

اللَّهُمَّ اكْفِنِي بِحَلَالِكَ عَنْ حَرَامِكَ، وَأَغْنِنِي بِفَضْلِكَ عَمَّنْ سِوَاكَ.

المصدر: سنن الترمذي، حديث حسن.

شرح موجز للدعاء:

  • “اللَّهُمَّ اكْفِنِي بِحَلَالِكَ عَنْ حَرَامِكَ”: أي يا رب، ارزقني ما يكفيني من الرزق الحلال، بحيث أستغني به عن الوقوع في أي مصدر رزق محرم.
  • “وَأَغْنِنِي بِفَضْلِكَ عَمَّنْ سِوَاكَ”: أي اجعلني غنيًا بكرمك وعطائك، بحيث لا أحتاج إلى أحد من خلقك، ففيك وحدك الكفاية والغنى.

أدعية وصيغ عامة لطلب الرزق الحلال

نص دعاء اللهم اكفني بحلالك عن حرامك مكتوب بخط جميل

بالإضافة إلى الدعاء النبوي الشريف، يتداول الناس بعض الصيغ العامة التي تحمل معاني طيبة في طلب الرزق والبركة، يمكن للمسلم أن يدعو بها أو بما يفتح الله عليه من الدعاء، ما لم تتضمن محظورًا شرعيًا، ومن أمثلة ذلك:

  • اللَّهُمَّ يَا رَزَّاقُ يَا وَاسِعَ الْعَطَاءِ، بِيَدِكَ أَرْزَاقُ الْعِبَادِ وَأَنْتَ تَعْلَمُ حَاجَاتِهِمْ، ارْزُقْنَا مِنْ خَيْرِكَ الْوَاسِعِ، وَهَبْ لَنَا رِزْقًا طَيِّبًا يُغْنِينَا، وَافْتَحْ لَنَا أَبْوَابَ الرَّاحَةِ وَالسَّعَادَةِ.
  • اللَّهُمَّ يَا مَنْ خَزَائِنُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ بِيَدِهِ، يَا مَنْ وَسِعَتْ رَحْمَتُهُ كُلَّ شَيْءٍ، ارْزُقْنِي رِزْقًا طَاهِرًا مُبَارَكًا، وَبَارِكْ لِي فِيمَا وَهَبْتَنِي، وَأَبْعِدْنِي عَنِ الْحَرَامِ وَأَسْبَابِهِ.
  • رَبِّ اجْعَلْ لِي الْبَرَكَةَ فِي رِزْقِي وَوَسِّعْ عَلَيَّ مِنْ فَضْلِكَ بِغَيْرِ حِسَابٍ، اللَّهُمَّ أَبْعِدْنِي عَنِ الْمَالِ الْحَرَامِ وَأَغْنِنِي بِحَلَالِكَ، وَارْزُقْنِي رَاحَةَ الْبَالِ وَسَعَةَ الصَّدْرِ.
  • يَا رَبِّ يَا وَاسِعَ الْعَطَاءِ، أَغْنِنِي بِفَضْلِكَ عَنْ سُؤَالِ النَّاسِ، وَلَا تَجْعَلْ لِي حَاجَةً عِنْدَ أَحَدٍ سِوَاكَ، اللَّهُمَّ اسْتُرْنِي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَبَارِكْ لِي فِي رِزْقِي، وَيَسِّرْ أُمُورِي وَسَهِّلْ عَلَيَّ كُلَّ عَسِيرٍ.

تنبيه هام وحكم هذه الأدعية

تنبيه هام: هذه الصيغ المذكورة أعلاه هي أدعية عامة جامعة للمعاني الطيبة، ولم تثبت بنصها عن النبي صلى الله عليه وسلم أو صحابته، الدعاء عبادة، والأصل فيها الالتزام بما ورد في القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة، ففيها الخير والكفاية والبركة، ويجوز للمسلم أن يدعو بما يشاء من الأدعية الطيبة التي لا تخالف الشرع، ولكن لا يجوز نسبتها إلى السنة أو تخصيص فضل معين لها لم يرد به دليل.

أسباب الرزق الحلال كما ورد في الشرع

أسباب ووسائل طلب الرزق الحلال من الكتاب والسنة

الدعاء سبب عظيم للرزق، ولكن يجب أن يقترن بالأخذ بالأسباب الشرعية والمادية التي أمرنا الله بها، فالسماء لا تمطر ذهبًا ولا فضة، ومن أهم هذه الأسباب:

  • تقوى الله تعالى: فمن يتقِ الله يجعل له مخرجًا من كل ضيق، ويرزقه من حيث لا يحتسب، قال تعالى:

    “وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ” [الطلاق: 2-3].

    .

  • التوكل على الله حق التوكل: وهو اعتماد القلب على الله مع فعل الأسباب، قال النبي صلى الله عليه وسلم:

    “لَوْ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَوَكَّلُونَ عَلَى اللَّهِ حَقَّ تَوَكُّلِهِ لَرُزِقْتُمْ كَمَا تُرْزَقُ الطَّيْرُ تَغْدُو خِمَاصًا وَتَرُوحُ بِطَانًا” (رواه الترمذي، حديث صحيح).

    .

  • كثرة الاستغفار: فالاستغفار سبب لمغفرة الذنوب ونزول الأرزاق والبركات، قال تعالى على لسان نوح عليه السلام:

    “فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُم مِّدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ…” [نوح: 10-12].

    .

  • السعي والاجتهاد في العمل: الكسب الحلال عبادة، والأنبياء عليهم السلام كانوا يعملون ويأكلون من كد أيديهم، فالسعي في طلب الرزق هو تطبيق عملي للتوكل على الله.
  • صلة الرحم: فهي من أسباب بسط الرزق والبركة في العمر، قال النبي صلى الله عليه وسلم:

    “مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ فِي رِزْقِهِ، وَأَنْ يُنْسَأَ لَهُ فِي أَثَرِهِ، فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ” (متفق عليه).

    .

المصادر والمراجع

أسئلة شائعة حول أدعية الرزق

ما هو أفضل دعاء لطلب الرزق الحلال؟
أفضل ما يُدعى به هو ما ورد في السنة النبوية الصحيحة، وأشهرها دعاء: “اللَّهُمَّ اكْفِنِي بِحَلَالِكَ عَنْ حَرَامِكَ، وَأَغْنِنِي بِفَضْلِكَ عَمَّنْ سِوَاكَ”، لثبوته عن النبي صلى الله عليه وسلم وشمولية معناه.

هل يجوز الدعاء بصيغ من عندي لطلب الرزق؟
نعم، يجوز للمسلم أن يدعو الله بما يشاء من خيرَي الدنيا والآخرة، وبأي صيغة كانت ما دامت لا تحتوي على إثم أو اعتداء في الدعاء، ولكن الأفضل والأكمل هو الالتزام بالأدعية المأثورة من القرآن والسنة.

ما هي أفضل الأوقات للدعاء بالرزق؟
يُستحب تحري أوقات إجابة الدعاء، مثل الثلث الأخير من الليل، وبين الأذان والإقامة، وفي السجود، وآخر ساعة من يوم الجمعة، ومع ذلك، باب الدعاء مفتوح في كل وقت، والله قريب يجيب دعوة الداع إذا دعاه.

عن احمد نصر

بقلم: أحمد نصر باحث ومحرر محتوى إسلامي متخصص في قسم الأدعية بموقع [أُوني]، يكرس جهوده لجمع وتدقيق الأدعية المأثورة من القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، وتقديمها للمسلمين في إطار موثوق وسهل الفهم، يسعى أحمد لتقديم محتوى ديني يعزز الصلة بالله ويستند إلى المصادر الشرعية الصحيحة.

0 0 التصويت
Article Rating
الاشتراك في تنبيهات التعليقات
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
الأقدم
الأحدث الأكثر تصويتا
التعليقات المضمنة
عرض جميع التعليقات