دعاء الشكر لله

يحتل شكر الله عز وجل منزلةً عظيمة في الإسلام، فهو ليس مجرد كلمة تُقال، بل هو عبادة قلبية ولسانية وعملية، تعكس اعتراف العبد بفضل خالقه ونعمه التي لا تُعد ولا تُحصى، إن إدراك قيمة النعم – من صحة ومال وبصر وهداية – هو أساس الشكر، والله سبحانه وتعالى يفيض على عباده بنعمه الظاهرة والباطنة، وأعظمها نعمة التوفيق لطاعته وعبادته.

وقد أثنى الله على الشاكرين في كتابه الكريم، ووعدهم بالمزيد من فضله، فقال تعالى:

“وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ”

[إبراهيم: 7]، إلا أن القليل من الناس من يوفّق لهذه العبادة الجليلة، كما قال سبحانه:

“وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ”

[سبأ: 13]، لذا، فإن تعلم أدعية الشكر الثابتة والعمل بمقتضياتها هو سبيل المؤمن لنيل رضا الله والفوز بفضله العظيم.

أدعية الشكر والثناء الصحيحة من القرآن والسنة

الأصل في الدعاء هو الالتزام بما ورد في كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، فهي الأدعية الجامعة المباركة التي تحمل أكمل المعاني وأصح المباني، ومن هذه الأدعية:

1، أدعية الشكر من القرآن الكريم

  • دعاء نبي الله سليمان عليه السلام: وهو دعاء جامع يسأل الله فيه التوفيق لشكره والعمل الصالح.

    “رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَىٰ وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ”

    المصدر: [سورة النمل، الآية: 19].

2، أدعية الشكر من السنة النبوية المطهرة

  • الدعاء المأثور دبر كل صلاة: أوصى به النبي صلى الله عليه وسلم معاذ بن جبل رضي الله عنه.

    “اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَى ذِكْرِكَ وَشُكْرِكَ وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ”

    المصدر: سنن أبي داود، وهو حديث صحيح.

  • دعاء رؤية ما يسرّ: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا رأى ما يحب ويسره قال:

    “الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي بِنِعْمَتِهِ تَتِمُّ الصَّالِحَاتُ”

    المصدر: سنن ابن ماجه، وهو حديث حسن.

  • سيد الاستغفار: وهو يجمع بين الاعتراف بنعمة الله والاعتراف بالذنب، وهو من أعظم صور الشكر.

    “اللَّهُمَّ أَنْتَ رَبِّي لا إِلَهَ إِلا أَنْتَ، خَلَقْتَنِي وَأَنَا عَبْدُكَ، وَأَنَا عَلَى عَهْدِكَ وَوَعْدِكَ مَا اسْتَطَعْتُ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا صَنَعْتُ، أَبُوءُ لَكَ بِنِعْمَتِكَ عَلَيَّ، وَأَبُوءُ لَكَ بِذَنْبِي، فَاغْفِرْ لِي؛ فَإِنَّهُ لا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلا أَنْتَ”

    المصدر: صحيح البخاري.

تصميم إسلامي يحتوي على أدعية متنوعة لشكر الله وحمده

صيغ وأدعية عامة في الشكر والثناء

تنتشر بين الناس بعض الصيغ البليغة للدعاء والثناء على الله، وهي وإن كانت حسنة في معناها، إلا أنه من المهم معرفة أنها لم ترد بنصها عن النبي صلى الله عليه وسلم، يمكن الدعاء بها على وجه العموم دون نسبتها إلى السنة أو اعتقاد فضل خاص بها، ومن أمثلتها:

  • الحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ، الَّذِي أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا، وَأَحْصَى كُلَّ شَيْءٍ عَدَدًا، وَجَعَلَ لِكُلِّ شَيْءٍ أَمَدًا، وَلَا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَدًا.
  • اللَّهُمَّ لَكَ الحَمْدُ كَمَا يَنْبَغِي لِجَلَالِ وَجْهِكَ وَعَظِيمِ سُلْطَانِكَ، حَمْدًا كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ.
  • الحَمْدُ للهِ الَّذِي تَسَبِّحُ لَهُ الشَّمْسُ وَالنُّجُومُ، وَيَنْحَنِي لَهُ الشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ، وَتَذْكُرُهُ الطَّيْرُ فِي أَعْشَاشِهَا بِحَمْدٍ وَتَسْبِيحٍ، سُبْحَانَكَ يَا مَنْ أَنْعَمْتَ عَلَيْنَا بِكُلِّ الخَيْرِ.
  • يَا رَبِّ، لَكَ الحَمْدُ دَائِمًا وَأَبَدًا، نَتَوَجَّهُ إِلَيْكَ بِقُلُوبٍ تَائِبَةٍ وَنَطْلُبُ مِنْكَ الهِدَايَةَ، أَنْتَ الخَيْرُ كُلُّهُ وَمَصْدَرُ كُلِّ النِّعَمِ.
  • يَا كَرِيمُ، لَكَ الحَمْدُ حَتَّى تَرْضَى، وَلَكَ الحَمْدُ إِذَا رَضِيتَ، وَلَكَ الحَمْدُ بَعْدَ الرِّضَا.

تنبيه هام وحكم هذه الأدعية

تنبيه هام: هذه الصيغ المذكورة أعلاه هي مما يتداوله بعض الناس، ولم تثبت بسند صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أو أصحابه، الدعاء عبادة توقيفية، والأصل فيها الالتزام بما ورد في القرآن الكريم والسنة الصحيحة، فهي كافية وشاملة ومباركة، وفيها الخير كله، ويجوز للمسلم أن يدعو بما يفتح الله عليه من أدعية طيبة لا تخالف الشرع، ولكن دون أن ينسبها للسنة أو يعتقد لها فضلاً خاصاً لم يرد به دليل.

كيفية شكر الله على نعمه (دليل عملي)

الشكر الحقيقي لله لا يقتصر على اللسان، بل هو منهج حياة يشمل القلب واللسان والجوارح، إليك بعض الطرق العملية لشكر الله:

  • الشكر بالقلب: وهو أصل الشكر وأساسه، ويكون بالاعتراف الجازم بأن كل نعمة هي من الله وحده، واستشعار فضله ومنّته في كل لحظة.
  • الشكر باللسان: ويكون بالإكثار من حمد الله والثناء عليه، مثل قول “الحمد لله” و “سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم”، والتحدث بنعم الله من باب إظهار فضله لا من باب التفاخر، لقوله تعالى:

    “وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ”

    [الضحى: 11].

  • الشكر بالجوارح (بالعمل): وهو أهم دليل على صدق الشكر، ويكون باستخدام نعم الله في طاعته، فالصحة تُستخدم في العبادة، والمال يُنفق في الصدقات، والعلم يُستخدم في نفع الناس، وهكذا.
  • سجدة الشكر: وهي من أعظم صور الشكر العملي، وتُشرع عند حصول نعمة جديدة أو اندفاع نقمة، وهي سجدة واحدة، يُكبر فيها المسلم ويسجد ويحمد الله ويثني عليه، ثم يرفع رأسه دون تكبير أو تسليم، ولا يُشترط لها طهارة أو استقبال قبلة على القول الراجح من أقوال أهل العلم.
  • شكر الناس: من تمام شكر الله أن نشكر من أجرى الله الخير على أيديهم لنا، قال النبي صلى الله عليه وسلم:

    “لَا يَشْكُرُ اللَّهَ مَنْ لَا يَشْكُرُ النَّاسَ”

    (رواه أبو داود، حديث صحيح).

آية قرآنية عن الشكر (لئن شكرتم لأزيدنكم) مكتوبة بخط جميل

المصادر والمراجع

أسئلة شائعة (FAQs)

ما هو أفضل دعاء للشكر؟

أفضل الأدعية هي ما ورد في القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة، مثل دعاء نبي الله سليمان “رب أوزعني أن أشكر نعمتك…”، ودعاء “اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك”، لأنها أدعية جامعة ومباركة وثابتة عن المعصوم صلى الله عليه وسلم.

هل يجوز الدعاء بصيغ من عندي لشكر الله؟

نعم، يجوز للمسلم أن يدعو الله ويحمده ويثني عليه بما يفتح الله عليه من كلام طيب لا يحتوي على محظور شرعي، ولكن، يظل الأفضل والأكمل هو الالتزام بالأدعية المأثورة عن النبي صلى الله عليه وسلم لأنها أجمع للمعاني وأبعد عن الخطأ.

كيف أؤدي سجدة الشكر؟

عند حصول ما يسرّك، تستقبل القبلة (إن تيسر) وتُكبر وتسجد سجدة واحدة، تقول فيها “سبحان ربي الأعلى” وتدعو بما تشاء من حمد وثناء وشكر لله، ثم ترفع رأسك من السجود دون تكبير أو تسليم، وهي لا تتطلب طهارة على القول الراجح.

عن احمد نصر

بقلم: أحمد نصر باحث ومحرر محتوى إسلامي متخصص في قسم الأدعية بموقع [أُوني]، يكرس جهوده لجمع وتدقيق الأدعية المأثورة من القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، وتقديمها للمسلمين في إطار موثوق وسهل الفهم، يسعى أحمد لتقديم محتوى ديني يعزز الصلة بالله ويستند إلى المصادر الشرعية الصحيحة.

0 0 التصويت
Article Rating
الاشتراك في تنبيهات التعليقات
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
الأقدم
الأحدث الأكثر تصويتا
التعليقات المضمنة
عرض جميع التعليقات