يُعد ذكر الله تعالى والدعاء من أعظم العبادات التي يتقرب بها المسلم إلى ربه في كل أحواله، سواء كان مقيماً أو مسافراً، جالساً أو ماشياً، وإن انشغال اللسان بذكر الله أثناء السير في الطريق لهو من علامات الإيمان، وسببٌ للحفظ والطمأنينة والبركة، نستعرض هنا مجموعة من الأدعية الموثوقة من القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة، مع بيان لكيفية الدعاء بصيغ عامة طيبة.
أدعية ثابتة من السنة النبوية عند الخروج والسير
إن أفضل ما يدعو به المسلم هو ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم، فهذه الأدعية جامعة لخيري الدنيا والآخرة، وفيها البركة والتوفيق، ومن أهم هذه الأدعية ما يُقال عند الخروج من المنزل وأثناء التنقل.
1، دعاء الخروج من المنزل
هذا الدعاء من أهم الأذكار التي تحفظ المسلم عند خروجه من بيته حتى يرجع، عن أنس بن مالك رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
“إِذَا خَرَجَ الرَّجُلُ مِنْ بَيْتِهِ فَقَالَ: بِسْمِ اللهِ، تَوَكَّلْتُ عَلَى اللهِ، لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ، قَالَ: يُقَالُ حِينَئِذٍ: هُدِيتَ، وَكُفِيتَ، وَوُقِيتَ، فَتَتَنَحَّى لَهُ الشَّيَاطِينُ، فَيَقُولُ لَهُ شَيْطَانٌ آخَرُ: كَيْفَ لَكَ بِرَجُلٍ قَدْ هُدِيَ وَكُفِيَ وَوُقِيَ؟”.
المصدر: سنن أبي داود (5095)، وسنن الترمذي (3426)، وصححه الألباني.
المعنى: يبدأ المسلم باسم الله مستعيناً به، ويفوض أمره كله لله، ويعترف بأنه لا قدرة له على فعل شيء أو تركه إلا بعون الله، فيكون جزاؤه الهداية والكفاية والوقاية من كل شر.
2، دعاء الحماية من الشرور والمكاره
هذا الدعاء من أذكار الصباح والمساء، وهو مناسب جداً لترديده أثناء السير لطلب الحفظ من كل ما يؤذي.
“بِسْمِ اللهِ الَّذِي لَا يَضُرُّ مَعَ اسْمِهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ”، (ثلاث مرات)
المصدر: سنن الترمذي (3388)، وحسنه الألباني، ورد في الحديث أن من قاله ثلاث مرات صباحاً لم يصبه فجأة بلاء حتى يمسي، ومن قاله مساءً لم يصبه فجأة بلاء حتى يصبح.
3، دعاء للوقاية من شر المخلوقات
إذا مر المسلم بمكان يخشى فيه من شيء، أو لطلب الحماية العامة، فيستحب له أن يقول ما ورد عن خولة بنت حكيم السلمية رضي الله عنها، أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
“مَنْ نَزَلَ مَنْزِلًا ثُمَّ قَالَ: أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللهِ التَّامَّاتِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ، لَمْ يَضُرَّهُ شَيْءٌ، حَتَّى يَرْتَحِلَ مِنْ مَنْزِلِهِ ذَلِكَ”.
المصدر: صحيح مسلم (2708).
أدعية من القرآن الكريم لطلب الحفظ والتيسير
القرآن الكريم مليء بالأدعية المباركة التي يمكن للمسلم أن يدعو بها في كل وقت، ومنها ما يناسب طلب التيسير والحفظ أثناء سيره وقضاء حوائجه.
- دعاء جامع لخيري الدنيا والآخرة:
“رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ”، [البقرة: 201]
.
- دعاء لطلب تيسير الأمور:
“رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي ﴿25﴾ وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي ﴿26﴾”، [طه: 25-26]
.
أمثلة على أدعية عامة يمكن ترديدها أثناء المشي
يجوز للمسلم أن يدعو الله تعالى بما يفتح عليه من الأدعية الطيبة التي لا تحتوي على إثم أو قطيعة رحم، وهذه بعض الصيغ العامة التي يمكن الاستئناس بها للدعاء أثناء السير، مع التنبيه على أن الأدعية المأثورة من القرآن والسنة هي الأفضل والأعظم بركة.
- اللَّهُمَّ اجْعَلْ طَرِيقِي هَذَا عَامِرًا بِذِكْرِكَ، وَاغْمُرْنِي بِعِنَايَتِكَ، وَامْنَحْنِي السَّكِينَةَ وَالتَّيْسِيرَ، وَأَبْعِدْ عَنِّي كُلَّ مَكْرُوهٍ وَاحْفَظْنِي بِحِفْظِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.
- يَا رَبِّ، أَنْتَ الحَافِظُ وَالمُعِينُ، أَسْأَلُكَ أَنْ تُبَارِكَ لِي فِي خُطُوَاتِي، وَأَنْ تَصْرِفَ عَنِّي الأَذَى، اللَّهُمَّ كُنْ مَعِي فِي كُلِّ خَطْوَةٍ وَأَسْعِدْنِي بِتَوْفِيقِكَ.
- اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْتَوْدِعُكَ نَفْسِي وَأَهْلِي وَمَالِي، فَاحْفَظْنَا بِمَا تَحْفَظُ بِهِ عِبَادَكَ الصَّالِحِينَ، وَيَسِّرْ لَنَا أُمُورَنَا وَارْزُقْنَا مِنْ حَيْثُ لَا نَحْتَسِبُ.
- يَا رَبِّ، اجْعَلْ دَرْبِي مَحْفُوفًا بِرِعَايَتِكَ، وَيَسِّرْهُ لِي، وَأَكْرِمْنِي بِالتَّوْفِيقِ وَالهِدَايَةِ، وَاكْتُبْ لِي الخَيْرَ فِي كُلِّ خُطُوَاتِي.
تنبيه هام: هذه الصيغ هي من الأدعية العامة التي لم ترد بلفظها المحدد في السنة النبوية الصحيحة، والأصل للمسلم أن يلتزم بما ثبت في القرآن والسنة، فهي كافية ومباركة، أو أن يدعو بما يفتح الله عليه من الأدعية الطيبة التي لا تخالف الشرع، مع اليقين بأن الأدعية النبوية هي الأجمع للخير والأعظم أجراً.
المصادر والمراجع
- سورة البقرة، الآية 201.
- سورة طه، الآيتان 25-26.
- حديث “باسم الله، توكلت على الله…”، سنن أبي داود (5095)، وسنن الترمذي (3426)، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
- حديث “باسم الله الذي لا يضر…”، سنن الترمذي (3388)، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
- حديث “أعوذ بكلمات الله التامات…”، صحيح مسلم (2708)، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
الأسئلة الشائعة (FAQs)
س1: هل هناك دعاء مخصص للمشي في الطريق؟
ج: لم يرد في السنة النبوية دعاء مخصص لفعل “المشي” بحد ذاته، ولكن هناك أدعية شاملة للحفظ والتيسير يُستحب قولها عند الخروج من المنزل وأثناء التنقل، مثل دعاء الخروج من المنزل، وأذكار الصباح والمساء، والدعاء العام بطلب الحماية والبركة.
س2: هل يجوز لي أن أدعو بأدعية من عندي أثناء السير؟
ج: نعم، يجوز للمسلم أن يدعو الله بما يشاء من خيري الدنيا والآخرة، وبأي صيغة طيبة ليس فيها إثم أو مخالفة للشرع، ومع ذلك، يظل الالتزام بالأدعية المأثورة من القرآن والسنة هو الأفضل والأكمل والأعظم أجراً.
س3: ما هو أفضل ما يقال عند الخروج من المنزل للحفظ؟
ج: أفضل ما يقال هو الدعاء النبوي الثابت: “بِسْمِ اللهِ، تَوَكَّلْتُ عَلَى اللهِ، لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ”، لما ورد في فضله من أن قائله يُهدى ويُكفى ويُوقى وتتنحى عنه الشياطين.


