تُمثّل ذكرى مولد النبي الكريم محمد ﷺ مناسبةً عظيمةً يستذكر فيها المسلمون بعثة الرحمة المهداة للعالمين، ويحرصون على تجديد محبتهم لرسول الله ﷺ والتزامهم بسيرته العطرة، وإن من أعظم صور التعبير عن هذه المحبة هو اتباع سنته، والإكثار من الصلاة والسلام عليه، والتقرب إلى الله تعالى بالدعاء الصالح في كل وقت وحين.
أفضل ما يُقال في ذكرى المولد النبوي: الصلاة على النبي ﷺ
إن أعظم ما يتقرب به العبد في كل وقت، ويتأكد في يوم مولده ﷺ، هو الإكثار من الصلاة والسلام عليه، امتثالاً لأمر الله تعالى في كتابه الكريم، حيث قال سبحانه:
“إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ ۚ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا” [الأحزاب: 56].
فالصلاة على النبي ﷺ من أسباب قبول الدعاء، ورفعة الدرجات، وتفريج الكروب، وهي العبادة التي لا تُرد، والصلة المباشرة بالجناب النبوي الشريف.
نماذج من الأدعية العامة التي يمكن الدعاء بها
الدعاء باب مفتوح للعبد في كل زمان ومكان، ويمكن للمسلم أن يدعو الله بما يفتح عليه من خيري الدنيا والآخرة، وهذه بعض صيغ الدعاء العامة التي تحمل معاني طيبة، ويمكن الدعاء بها في ذكرى المولد النبوي وغيرها من الأوقات:
- اللَّهُمَّ بِجَاهِ نَبِيِّكَ الْمُصْطَفَى، وَآلِهِ وَصَحْبِهِ، نَسْأَلُكَ أَنْ تَغْفِرَ لَنَا ذُنُوبَنَا، وَتُزِيلَ عَنَّا هُمُومَنَا، وَتَحْمِيَنَا مِنَ الْمَخَاوِفِ وَالْأَخْطَارِ، وَتَرْزُقَنَا الْقَبُولَ فِي كُلِّ عَمَلٍ، وَتَتَجَاوَزَ عَنْ زَلَّاتِنَا، إِنَّكَ أَنْتَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.
- اللَّهُمَّ اجْعَلْ ثَوَابَ مَا نَقْرَأُ وَنَدْعُو نُورًا وَرَحْمَةً لِنَبِيِّكَ مُحَمَّدٍ ﷺ، وَزِدْهُ بِذَلِكَ شَرَفًا وَتَكْرِيمًا، وَاجْعَلْ هَذَا الْخَيْرَ وَاصِلاً لِأَهْلِ بَيْتِهِ الْأَبْرَارِ، وَصَحَابَتِهِ الْأَخْيَارِ، وَكُلِّ مَنِ اهْتَدَى بِهَدْيِهِ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.
- اللَّهُمَّ فِي هَذِهِ الذِّكْرَى الْعَطِرَةِ، زِدْنَا مَحَبَّةً وَاتِّبَاعًا لِنَبِيِّكَ الْكَرِيمِ مُحَمَّدٍ ﷺ، وَأَسْقِنَا بِيَدِهِ الشَّرِيفَةِ شَرْبَةً هَنِيئَةً مِنْ حَوْضِهِ لَا نَظْمَأُ بَعْدَهَا أَبَدًا، وَأَكْرِمْنَا بِمُرَافَقَتِهِ فِي الْفِرْدَوْسِ الْأَعْلَى.
صيغ شائعة تُنسب لذكرى المولد النبوي
تنتشر بين الناس بعض الأدعية والأوراد التي يربطونها بمناسبة المولد النبوي الشريف، وهي في معظمها أدعية حسنة المعنى، ولكن من المهم التنبيه على حكمها الشرعي، ومن أمثلة هذه الصيغ:
- “الحَمْدُ للهِ ربِّ العَالَمينَ، والصَّلاةُ والسَّلامُ على سَيِّدِنا مُحَمَّدٍ وعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ أجْمَعينَ، اَللَّهُمَّ إنا قَدْ حَضرْنا مَولِدَ نَبيكَ وصَفوَتِكَ مَنْ خَلقِكَ، فَافِضْ عَليْنا بِبَرَكتِهِ خُلَعَ العِزِّ والتَّكريمِ، وأسْكِنَّا بِجوارهِ جِنَّاتِ النَّعيمِ، ومَتَعنا بِالنَظرِ إلى وَجْهِكَ الْكَريمِ، وَأجْرنا مِنْ عِقابِكَ الأليمِ بِفضْلِك وَجُودِكَ وَكَرَمِكَ يا أرْحَمَ الرَّاحمينَ.”.
- “اللَّهُمَّ إنَّا نَسْألُكَ بِجاهِ الْمُصْطَفى وَبِآلِهِ أهْلَ الصِدْقِ وَالوَفا، وَبَصَحْبِهِ الأبْرار الشُّرَفا، كُنْ لَنا عَوناً ومُعِيناً ومُسْعِفاً، وبَوِّئْنا مِنَ الجَنةِ قُصُوراً وغُرَفاً.”.
تنبيه هام: هذه الصيغ هي مما يتداوله بعض الناس، ولم تثبت بسند صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أو أصحابه، الدعاء عبادة، والأصل فيها الالتزام بما ورد في القرآن الكريم والسنة الصحيحة، وهي كافية ومباركة، أو الدعاء بصيغ عامة لا يُعتقد أنها سنة مخصصة لهذا اليوم بعينه.
الحكم الشرعي لتخصيص المولد النبوي بأدعية معينة
لم يرد في السنة النبوية المطهرة ما يدل على تخصيص يوم المولد النبوي الشريف بعبادة معينة كالدعاء أو الصيام أو القيام، والاحتفال به على النحو الشائع اليوم لم يكن من فعل النبي ﷺ ولا صحابته الكرام أو التابعين، إلا أن ذكرى مولده تعد فرصة لتجديد العهد باتباع سنته، ودراسة سيرته، والإكثار من الصلاة عليه، والدعاء مشروع في كل وقت، فيمكن للمسلم أن يدعو بما شاء من الأدعية الطيبة في هذا اليوم وغيره دون أن يخصصه بصفة لم ترد في الشرع.
أدعية عامة للزواج وتيسير الأمور
يمكن للمسلم أن يدعو الله تعالى لتيسير أموره في كل وقت، ومن ذلك تيسير الزواج، وهذه بعض الأدعية العامة التي يُرجى بها الخير:
- رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا، (مستفاد من سورة الفرقان، الآية 74).
- اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ وَرَحْمَتِكَ، فَإِنَّهُ لَا يَمْلِكُهُمَا إِلَّا أَنْتَ، (حديث صحيح، رواه أبو نعيم في الحلية).
- اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْهُدَى وَالتُّقَى، وَالْعَفَافَ وَالْغِنَى، (حديث صحيح، رواه مسلم).
- اللَّهُمَّ اكْرِمْنِي بِزَوْجٍ صَالِحٍ يَكُونُ عَوْنًا لِي عَلَى طَاعَتِكَ، وَاجْعَلْ بَيْنَنَا مَوَدَّةً وَرَحْمَةً.
دعاء للمتوفى في كل وقت
الدعاء للميت من أعظم الهدايا التي تصل إليه، وهو مشروع في كل وقت، ومن الأدعية المأثورة والصحيحة للمتوفى:
-
“اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ وَارْحَمْهُ، وَعَافِهِ وَاعْفُ عَنْهُ، وَأَكْرِمْ نُزُلَهُ، وَوَسِّعْ مُدْخَلَهُ، وَاغْسِلْهُ بِالْمَاءِ وَالثَّلْجِ وَالْبَرَدِ، وَنَقِّهِ مِنَ الْخَطَايَا كَمَا نَقَّيْتَ الثَّوْبَ الْأَبْيَضَ مِنَ الدَّنَسِ، وَأَبْدِلْهُ دَارًا خَيْرًا مِنْ دَارِهِ، وَأَهْلًا خَيْرًا مِنْ أَهْلِهِ، وَزَوْجًا خَيْرًا مِنْ زَوْجِهِ، وَأَدْخِلْهُ الْجَنَّةَ، وَأَعِذْهُ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ، أَوْ مِنْ عَذَابِ النَّارِ.” (صحيح مسلم).
.
- اللَّهُمَّ اجْعَلْ قَبْرَهُ رَوْضَةً مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ، وَلَا تَجْعَلْهُ حُفْرَةً مِنْ حُفَرِ النِّيرَانِ.
المصادر والمراجع
- سورة الأحزاب، الآية 56.
- سورة الفرقان، الآية 74.
- صحيح مسلم، حديث رقم 2721، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
- صحيح مسلم، حديث رقم 974، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
- صحيح الجامع للألباني، حديث رقم 1299، عن أبي نعيم في الحلية، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
الأسئلة الشائعة (FAQs)
هل يوجد دعاء مخصص للمولد النبوي الشريف؟
لا، لم يثبت في القرآن الكريم أو السنة النبوية الصحيحة وجود دعاء مخصص ليوم المولد النبوي، والأفضل هو الإكثار من الصلاة على النبي ﷺ واتباع سنته، مع الدعاء بالأدعية العامة المأثورة أو بما يفتح الله به على عبده.
ما هو أفضل عمل أقوم به في ذكرى المولد النبوي؟
أفضل الأعمال هي ما كان النبي ﷺ يفعله، مثل الصيام (خاصة يوم الاثنين الذي وُلد فيه)، والإكثار من الصلاة والسلام عليه، ودراسة سيرته العطرة، والتصدق، والتمسك بتعاليمه وأخلاقه في كل جوانب الحياة.
هل يجوز الدعاء بالصيغ المنتشرة للمولد النبوي؟
يجوز الدعاء بها إذا كانت معانيها صحيحة ولا تخالف الشرع، على ألا يعتقد الداعي أنها سنة مخصصة لهذا اليوم أو أن لها فضلاً خاصاً، بل يدعو بها كدعاء عام في أي وقت.
