يُطلق مصطلح “دعاء النور” على عدد من الصيغ الدعائية، منها ما هو ثابت في السنة النبوية الصحيحة، ومنها ما اشتهر بين الناس دون أن يثبت بسند صحيح، في هذا المقال، نوضح الدعاء الصحيح المأثور عن النبي صلى الله عليه وسلم، ونبين حكم الصيغ الأخرى المتداولة، معتمدين على المصادر الشرعية الموثوقة لتحقيق الفائدة المرجوة.
دعاء النور الصحيح الثابت عن النبي ﷺ
الدعاء الأكثر صحة وثبوتًا والذي يُعرف بـ “دعاء النور” هو ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم، حيث كان يدعو به في طريقه إلى صلاة الفجر، هذا الدعاء جامع لطلب النور الإلهي في كل جوانب حياة المسلم الظاهرة والباطنة.
عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في دعائه:
“اللَّهُمَّ اجْعَلْ فِي قَلْبِي نُورًا، وَفِي لِسَانِي نُورًا، وَفِي سَمْعِي نُورًا، وَفِي بَصَرِي نُورًا، وَمِنْ فَوْقِي نُورًا، وَمِنْ تَحْتِي نُورًا، وَعَنْ يَمِينِي نُورًا، وَعَنْ شِمَالِي نُورًا، وَمِنْ أَمَامِي نُورًا، وَمِنْ خَلْفِي نُورًا، وَاجْعَلْ فِي نَفْسِي نُورًا، وَأَعْظِمْ لِي نُورًا”.
وفي روايات أخرى زيادة:
“وَعَظِّمْ لِي نُورًا، وَاجْعَلْ لِي نُورًا، وَاجْعَلْنِي نُورًا، اللَّهُمَّ أَعْطِنِي نُورًا، وَاجْعَلْ فِي عَصَبِي نُورًا، وَفِي لَحْمِي نُورًا، وَفِي دَمِي نُورًا، وَفِي شَعْرِي نُورًا، وَفِي بَشَرِي نُورًا، اللَّهُمَّ اجْعَلْ لِي نُورًا فِي قَبْرِي، وَنُورًا فِي عِظَامِي، وَزِدْنِي نُورًا، وَزِدْنِي نُورًا، وَزِدْنِي نُورًا”.
المصدر: الحديث متفق عليه، رواه البخاري (6316) ومسلم (763).
متى يُقال هذا الدعاء؟
كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول هذا الدعاء وهو في طريقه إلى صلاة الفجر، ويمكن للمسلم أن يدعو به في أي وقت يشاء، فهو من الأدعية الجامعة التي يطلب فيها العبد من ربه أن يرزقه النور والبصيرة في أمور دينه ودنياه.
صيغ شائعة تُنسب للسيدة فاطمة الزهراء
تنتشر بين بعض الناس صيغة أخرى لدعاء النور تُنسب للسيدة فاطمة الزهراء رضي الله عنها، وأنها علمته لسلمان الفارسي رضي الله عنه للحماية من الحمى، وهذه هي الصيغة المتداولة:
- “بسم الله الرحمن الرحيم، بسم الله النور، بسم الله نور النور، بسم الله نور على نور، بسم الله الذي هو مدبر الأمور، بسم الله الذي خلق النور من النور، الحمد لله الذي خلق النور من النور، وأنزل النور على الطور، في كتاب مسطور، في رق منشور، بقدر مقدور، على نبي محبور، الحمد لله الذي هو بالعز مذكور، وبالفخر مشهور، وعلى السراء والضراء مشكور، وصلى الله على سيدنا محمد وآله الطاهرين.”.
تنبيه هام: هذه الصيغة المنسوبة للسيدة فاطمة الزهراء رضي الله عنها، والقصة المروية معها، هي مما يتداوله بعض الناس، ولم تثبت في كتب السنة المعتمدة عند أهل السنة والجماعة بسند صحيح أو حتى ضعيف يمكن الاعتماد عليه، الدعاء عبادة، والأصل فيها الالتزام بما ورد في القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة، فهي كافية ومباركة، وفيها الخير كله.
حكم دعاء النور بالصيغة المنتشرة
بناءً على ما سبق، فإن تخصيص هذه الصيغة بفضل معين (كعلاج الحمى) ونسبتها إلى السيدة فاطمة رضي الله عنها لا يصح لعدم ثبوت ذلك بدليل شرعي، أما الدعاء بمعانيها العامة دون اعتقاد فضل خاص بها أو نسبتها، فلا حرج فيه لأن معانيها لا تخالف الشرع، ولكن الأولى والأفضل دائمًا هو الالتزام بالأدعية المأثورة الصحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم، فهي أجمع للخير وأعظم في البركة.
أدعية قرآنية لطلب النور والهداية
القرآن الكريم هو مصدر النور الأعظم، وقد وردت فيه آيات كريمة تحمل معاني طلب النور والهداية من الله تعالى، ومنها:
- قوله تعالى في آية النور، التي تعد من أعظم الآيات في وصف نور الله وهدايته لعباده:
“اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ ۖ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ ۖ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مُّبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لَّا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ ۚ نُّورٌ عَلَىٰ نُورٍ ۗ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَن يَشَاءُ ۚ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ ۗ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ” [النور: 35].
.
- ومن الأدعية القرآنية الجامعة لطلب الهداية والخروج من الظلمات إلى النور:
“رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِن هَٰذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ نَصِيرًا” [النساء: 75].
.
إن المداومة على الدعاء عبادة عظيمة تنير القلب وتبعث الطمأنينة في النفس، والحرص على الأدعية الصحيحة الواردة في الكتاب والسنة هو سبيل المؤمن للاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم، ونيل الأجر والثواب، وتحصيل النور الذي يهتدي به في الدنيا والآخرة.
المصادر والمراجع
- صحيح البخاري، حديث رقم 6316، وصحيح مسلم، حديث رقم 763، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
- سورة النور، الآية 35.
- سورة النساء، الآية 75.
أسئلة شائعة حول دعاء النور
ما هو دعاء النور الصحيح؟
الدعاء الصحيح الثابت هو ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم: “اللَّهُمَّ اجْعَلْ فِي قَلْبِي نُورًا، وَفِي لِسَانِي نُورًا…”، وهو حديث متفق عليه رواه البخاري ومسلم.
هل دعاء النور المنسوب للسيدة فاطمة صحيح؟
لا، هذه الصيغة والقصة المروية معها لم تثبت في مصادر السنة المعتمدة بسند صحيح، والأولى للمسلم الالتزام بالأدعية الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم.
ما هو أفضل وقت لقول دعاء النور الصحيح؟
الوقت المأثور عن النبي صلى الله عليه وسلم هو عند ذهابه إلى صلاة الفجر، ومع ذلك، يمكن للمسلم أن يدعو به في أي وقت يطلب فيه النور والهداية من الله تعالى، كأدبار الصلوات أو في قيام الليل.

