يُعَدُّ شهر رمضان المبارك فرصةً عظيمةً للدعاء والتضرع إلى الله تعالى، فهو شهر تتنزل فيه الرحمات وتُستجاب فيه الدعوات، ويحرص المسلم على الإكثار من الطاعة والتقرب إلى الله عزَّ وجلَّ، فالدعاء هو مخ العبادة، وبه يجد المؤمن الأنس والسكينة، وفيما يلي بيان لبعض الأدعية التي يمكن للمسلم أن يدعو بها في أيامه ولياليه المباركة.
ما صحة تخصيص اليوم الرابع عشر من رمضان بدعاء معين؟
لم يثبت في القرآن الكريم أو في السنة النبوية الصحيحة ما يفيد بتخصيص كل يوم من أيام رمضان بدعاء محدد، إنما المشروع للمسلم هو الإكثار من الدعاء بخيري الدنيا والآخرة في كل وقت، وخاصة في الأوقات التي تُرجى فيها الإجابة كأثناء الصيام وعند الإفطار وفي الثلث الأخير من الليل.
الأدعية التي انتشرت بين الناس لكل يوم من أيام رمضان لا أصل لها، والأولى بالمسلم أن يلتزم بما ورد من أدعية صحيحة وثابتة، فهي كافية وشاملة ومباركة.
صيغ شائعة تُنسب لليوم الرابع عشر من رمضان
ينتشر بين بعض الناس دعاء مخصص لليوم الرابع عشر من رمضان، وهذه إحدى صيغه المتداولة:
- “اللَّهُمَّ لَا تُؤَاخِذْنِي فِيهِ بِالْعَثَرَاتِ، وَأَقِلْنِي فِيهِ مِنَ الْخَطَايَا وَالْهَفَوَاتِ، وَلَا تَجْعَلْنِي غَرَضًا لِلْبَلَايَا وَالْآفَاتِ، بِعِزِّكَ يَا عِزَّ الْمُسْلِمِينَ”.
تنبيه هام وإخلاء مسؤولية: هذه الصيغة وما ينسب إليها من فضل (مثل أنه يُكتب لصائمه أجر صيامه مع النبيين والشهداء) هي مما يتداوله بعض الناس، ولم تثبت بسند صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أو أصحابه، الدعاء عبادة توقيفية، والأصل فيها الالتزام بما ورد في القرآن الكريم والسنة الصحيحة، وهي كافية ومباركة، وفيها غنية عن الأدعية التي لم يثبت سندها.
أدعية صحيحة من القرآن والسنة لشهر رمضان
بدلاً من الأدعية غير الثابتة، يُستحب للمسلم أن يلهج لسانه بالأدعية الجامعة المأثورة من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، فهي أعظم بركة وأرجى للقبول، ومن هذه الأدعية:
- دعاء جامع لخيري الدنيا والآخرة: وهو من أكثر دعاء النبي صلى الله عليه وسلم.
“رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ”
(سورة البقرة: 201).
- دعاء ليلة القدر وطلب العفو: وهو الدعاء الذي علمه النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة رضي الله عنها.
“اللَّهُمَّ إِنَّكَ عَفُوٌّ تُحِبُّ الْعَفْوَ فَاعْفُ عَنِّي”
(رواه الترمذي، حديث صحيح).
- دعاء الكرب والهم:
“لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ”
(دعاء يونس عليه السلام في بطن الحوت، كما ورد في سورة الأنبياء: 87).
- سيد الاستغفار:
“اللَّهُمَّ أَنْتَ رَبِّي لاَ إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، خَلَقْتَنِي وَأَنَا عَبْدُكَ، وَأَنَا عَلَى عَهْدِكَ وَوَعْدِكَ مَا اسْتَطَعْتُ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا صَنَعْتُ، أَبُوءُ لَكَ بِنِعْمَتِكَ عَلَيَّ، وَأَبُوءُ لَكَ بِذَنْبِي فَاغْفِرْ لِي، فَإِنَّهُ لاَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ”
(رواه البخاري، حديث صحيح).
أدعية عامة جامعة يمكن الدعاء بها
يمكن للمسلم أن يدعو بما يفتح الله عليه من صيغ تجمع خيري الدنيا والآخرة، ما دامت لا تخالف الشرع، وهذه أمثلة على أدعية عامة نافعة:
- اللَّهُمَّ اجْعَلْ صِيَامِي فِيهِ صِيَامَ الصَّائِمِينَ، وَقِيَامِي فِيهِ قِيَامَ الْقَائِمِينَ، وَنَبِّهْنِي فِيهِ عَنْ نَوْمَةِ الْغَافِلِينَ، وَهَبْ لِي جُرْمِي فِيهِ يَا إِلَهَ الْعَالَمِينَ، وَاعْفُ عَنِّي يَا عَافِيًا عَنِ الْمُجْرِمِينَ.
- اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ فِيهِ مَا يُرْضِيكَ، وَأَعُوذُ بِكَ مِمَّا يُؤْذِيكَ، وَأَسْأَلُكَ التَّوْفِيقَ فِيهِ لِأَنْ أُطِيعَكَ وَلَا أَعْصِيَكَ، يَا جَوَادَ السَّائِلِينَ.
- اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ فِي الدِّينِ وَالدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، اللَّهُمَّ اجْعَلْنَا مِنْ عُتَقَائِكَ مِنَ النَّارِ، وَأَدْخِلْنَا الْجَنَّةَ مَعَ الْأَبْرَارِ، بِرَحْمَتِكَ يَا عَزِيزُ يَا غَفَّارُ.
- اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي صِيَامِنَا وَأَعِنَّا عَلَى الطَّاعَاتِ وَتَقَبَّلْهَا مِنَّا، وَوَفِّقْنَا لِمَا يُرْضِيكَ، وَجَنِّبْنَا وَسَاوِسَ الشَّيَاطِينِ، وَنَجِّنَا مِنْ عَذَابِ النَّارِ بِرَحْمَتِكَ يَا أَكْرَمَ الْأَكْرَمِينَ.
آداب الدعاء ليكون أرجى للقبول
لكي يكون الدعاء أقرب للإجابة، يُستحب للمسلم أن يلتزم بآدابه الشرعية، ومن أهمها:
- الإخلاص لله تعالى: أن يقصد بدعائه وجه الله وحده لا شريك له.
- اليقين بالإجابة: أن يدعو وهو موقن بأن الله تعالى سيستجيب له، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: “ادْعُوا اللَّهَ وَأَنْتُمْ مُوقِنُونَ بِالإِجَابَةِ” (رواه الترمذي، حديث حسن).
- الخشوع وحضور القلب: أن يكون الداعي متضرعًا خاشعًا، حاضر القلب فيما يقول.
- البدء بالثناء على الله والصلاة على النبي: يُستحب افتتاح الدعاء بحمد الله والثناء عليه، ثم الصلاة على النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وختمه بذلك.
- تحري أوقات الإجابة: مثل وقت السحر، وبين الأذان والإقامة، وعند الإفطار من الصيام، وفي السجود.
المصادر والمراجع
- سورة البقرة، الآية 201.
- سورة الأنبياء، الآية 87.
- صحيح البخاري، كتاب الدعوات، باب أفضل الاستغفار، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
- سنن الترمذي، كتاب الدعوات، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
الأسئلة الشائعة (FAQs)
هل ورد دعاء خاص بيوم 14 رمضان؟
لا، لم يثبت في السنة النبوية الصحيحة أي دعاء مخصص ليوم معين من أيام رمضان، والمشروع هو الدعاء بشكل عام بما تيسر من الأدعية المأثورة والجامعة.
ما هو أفضل دعاء يمكن قوله في رمضان؟
من أفضل الأدعية وأجمعها دعاء “رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ”، وكذلك دعاء “اللَّهُمَّ إِنَّكَ عَفُوٌّ تُحِبُّ الْعَفْوَ فَاعْفُ عَنِّي”، خاصة في العشر الأواخر.
ما هو البديل الصحيح للأدعية اليومية المنتشرة لرمضان؟
البديل الصحيح هو الالتزام بالأدعية الواردة في القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة، فهي أصح سندًا وأعظم بركة، مع الدعاء بما يحتاجه المسلم من خيري الدنيا والآخرة بأي صيغة لا تخالف الشرع.
