تحرص الأمهات والآباء على تحصين أطفالهم بالدعاء، وهو من أعظم أسباب الحفظ والوقاية التي شرعها الله لعباده، إن اللجوء إلى الله تعالى بالدعاء هو درع حماية متين لسلامة الأبناء من الشرور والآفات، وهو أمر لا يقتصر على الصغار فحسب، بل ينبغي لكل مسلم أن يداوم على الأذكار والأدعية الشرعية ليحفظه الله وأهله من كل مكروه.
أدعية قرآنية لصلاح الأبناء وحفظهم
القرآن الكريم هو مصدر الهداية والشفاء، وقد تضمن آيات كريمة تحمل في طياتها أدعية جامعة لصلاح الذرية وحفظها، من هذه الأدعية المباركة:
- دعاء نبي الله إبراهيم عليه السلام، وهو من أجمع الأدعية لصلاح الذرية في العبادة:
“رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ وَمِن ذُرِّيَّتِي ۚ رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءَ” [إبراهيم: 40].
.
- دعاء عباد الرحمن، وهو دعاء شامل يطلب فيه العبد صلاح الأهل والذرية:
“وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا” [الفرقان: 74].
.
- دعاء الإنسان الصالح الذي يطلب من الله العون على الشكر والصلاح في نفسه وذريته:
“رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَىٰ وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي ۖ إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ” [الأحقاف: 15].
.
أدعية صحيحة من السنة النبوية لتحصين الأطفال
وردت في السنة النبوية المطهرة أدعية وأذكار ثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم، كان يُحصّن بها نفسه وأهله، وهي كافية وشافية بإذن الله، من أهم هذه الأدعية:
- دعاء التحصين الجامع: كان النبي صلى الله عليه وسلم يُعوّذ به الحسن والحسين رضي الله عنهما.
“أُعِيذُكُمَا بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّةِ، مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ وَهَامَّةٍ، وَمِنْ كُلِّ عَيْنٍ لَامَّةٍ”.
(المصدر: صحيح البخاري، حديث رقم 3371).شرح موجز: (الهَامَّة) هي كل ما له سم من الحشرات والزواحف، و(العين اللَّامَّة) هي العين الحاسدة التي تُصيب بالسوء.
- دعاء الحفظ عند الخروج والصباح والمساء:
“بِسْمِ اللهِ الَّذِي لَا يَضُرُّ مَعَ اسْمِهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ”، (ثلاث مرات)
(المصدر: سنن الترمذي، حديث حسن صحيح)، يُقال في الصباح والمساء لحفظ النفس والأهل.
- الاستعاذة من الشرور كلها:
“أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللهِ التَّامَّاتِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ”، (ثلاث مرات مساءً)
(المصدر: صحيح مسلم)، وهو دعاء عظيم للوقاية من شر جميع المخلوقات.
- دعاء الرقية عند المرض والألم:
“اللَّهُمَّ رَبَّ النَّاسِ، أَذْهِبِ البَاسَ، اشْفِهِ وَأَنْتَ الشَّافِي، لاَ شِفَاءَ إِلَّا شِفَاؤُكَ، شِفَاءً لاَ يُغَادِرُ سَقَمًا”.
(المصدر: صحيح البخاري)، يُقال عند رقية المريض مع وضع اليد على مكان الألم.
- الاستيداع: وهو من أعظم أسباب الحفظ، حيث تضع ما تحب في ودائع الله الذي لا تضيع ودائعه.
“أَسْتَوْدِعُكُمُ اللَّهَ الَّذِي لَا تَضِيعُ وَدَائِعُهُ”.
(المصدر: سنن ابن ماجه، حديث حسن)، يُقال عند توديع الأبناء للخروج من المنزل.
- قراءة المعوذتين (الفلق والناس) وسورة الإخلاص: كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرؤهن في كفيه ثم يمسح بهما ما استطاع من جسده عند النوم، وهي من أعظم ما يُحصّن به المسلم وأولاده، (المصدر: صحيح البخاري).
أمثلة على صيغ الأدعية العامة لحفظ الأبناء
إلى جانب الأدعية المأثورة من القرآن والسنة، يمكن للمسلم أن يدعو الله تعالى بما يفتح عليه من صيغ طيبة لا تخالف الشرع، تجمع خيري الدنيا والآخرة، وهذه بعض الأمثلة:
- اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْتَوْدِعُكَ أَبْنَائِي، فَهُمْ قِطْعَةٌ مِنْ قَلْبِي، فِي مَكَانٍ غَابَتْ عَنْهُمْ عَيْنِي وَعَيْنُكَ لَمْ تَغِبْ، فَاحْفَظْهُمْ بِحِفْظِكَ الْجَمِيلِ يَا خَيْرَ الْحَافِظِينَ.
- اللَّهُمَّ احْفَظْ أَوْلَادِي بِمَا تَحْفَظُ بِهِ عِبَادَكَ الصَّالِحِينَ، وَاجْعَلْهُمْ فِي حِمَاكَ وَكَنَفِكَ وَأَمَانِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.
- اللَّهُمَّ بَارِكْ لِي فِي أَوْلَادِي وَوَفِّقْهُمْ لِطَاعَتِكَ، وَارْزُقْنِي بِرَّهُمْ، وَاجْعَلْهُمْ قُرَّةَ عَيْنٍ لِي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ.
- رَبِّ اهْدِ أَبْنَائِي وَأَصْلِحْ شَأْنَهُمْ كُلَّهُ، وَاجْعَلْهُمْ هُدَاةً مُهْتَدِينَ، غَيْرَ ضَالِّينَ وَلَا مُضِلِّينَ.
- اللَّهُمَّ جَنِّبْ أَبْنَائِي الْفِتَنَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ، وَاجْعَلْهُمْ مِنْ أَوْلِيَائِكَ وَخَاصَّتِكَ الَّذِينَ تَسْعَى بِنُورِهِمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ.
تنبيه هام: هذه الصيغ هي من الأدعية العامة التي يتداولها الناس، ولم تثبت كنصوص محددة عن النبي صلى الله عليه وسلم أو أصحابه، الدعاء عبادة، والأصل فيها الالتزام بما ورد في القرآن الكريم والسنة الصحيحة، فهي كافية وشاملة ومباركة، ويجوز الدعاء بغيرها ما لم تتضمن محظوراً شرعياً.
الرقية الشرعية للأطفال وشروطها
الرقية الشرعية وسيلة عظيمة لتحصين النفس والأبناء، وهي تكون بالآيات القرآنية والأدعية النبوية الصحيحة، ولكي تكون الرقية صحيحة ومقبولة، يجب الالتزام بالشروط التالية:
- أن تكون بكلام الله أو بأسمائه وصفاته أو بالأدعية النبوية المأثورة. لا يجوز استخدام الطلاسم أو الكلمات غير المفهومة.
- أن تكون باللغة العربية الواضحة..
- أن يعتقد الراقي والمرقي أن الرقية سبب فقط، وأن الشافي والنافع هو الله وحده..
من أمثلة الرقية للأطفال:
- قراءة سورة الفاتحة.
- قراءة آية الكرسي.
- قراءة خواتيم سورة البقرة.
- قراءة سورة الإخلاص والمعوذتين (الفلق والناس)، وتكرارها ثلاث مرات.
- قراءة الأدعية النبوية المذكورة أعلاه، مثل: “اللَّهُمَّ رَبَّ النَّاسِ…” و “أُعِيذُكُمَا بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّةِ…”.
يمكن القراءة مباشرة على الطفل مع النفث الخفيف، أو القراءة على ماء ليشربه الطفل أو يُغسل به.
المصادر والمراجع
- سورة إبراهيم، الآية 40.
- سورة الفرقان، الآية 74.
- سورة الأحقاف، الآية 15.
- صحيح البخاري، حديث رقم 3371، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
- سنن الترمذي، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
- صحيح مسلم، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
- سنن ابن ماجه، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
أسئلة شائعة
ما هو أفضل وقت لتحصين الأطفال؟
أفضل الأوقات هي أذكار الصباح بعد صلاة الفجر، وأذكار المساء بعد صلاة العصر، وعند إرادة النوم، وعند خروجهم من المنزل، المداومة على هذه الأوقات تضمن للطفل حفظاً متواصلاً بإذن الله.
هل دعاء تحصين الأطفال ثابت في السنة؟
نعم، ثبتت في السنة النبوية الصحيحة أدعية محددة لتحصين الأطفال، وأشهرها دعاء النبي صلى الله عليه وسلم للحسن والحسين: “أعيذكما بكلمات الله التامة…”، بالإضافة إلى الأذكار العامة للحفظ مثل قراءة المعوذات وآية الكرسي.
ما هو البديل الصحيح للتمائم لحفظ الأطفال؟
البديل الصحيح والمشروع هو الرقية الشرعية والأدعية والأذكار الثابتة في القرآن والسنة، أما تعليق التمائم (مثل الخرزة الزرقاء أو الكف) فهو من الشرك الأصغر الذي نهى عنه الإسلام، لأنه تعلق بغير الله في دفع الضر وجلب النفع.

