أدعية تهنئة المولود الجديد الصحيحة وكيفية تحصينه شرعاً
قدوم مولود جديد هو من أعظم نعم الله تعالى على عباده، ومناسبة تملأ القلوب فرحاً وسروراً، وفي هذه اللحظات المباركة، يتوجه المسلم إلى الله بالدعاء والشكر، سائلاً البركة للمولود ولوالديه، نستعرض في هذا المقال الأدعية الصحيحة والمأثورة لتهنئة المولود، وكيفية تحصينه وفقاً لما ورد في القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة.
1، الدعاء المأثور عند تهنئة المولود الجديد
من أفضل ما يُهنأ به من رُزق بمولود هو الدعاء المأثور الذي يجمع خيري الدنيا والآخرة، وقد ورد عن السلف الصالح صيغة مباركة في هذا الشأن.
- صيغة التهنئة: ذكر الإمام النووي في كتابه “الأذكار” أنه يُستحب تهنئة المولود له بهذا الدعاء المأثور عن الحسن البصري رحمه الله:
“بَارَكَ اللَّهُ لَكَ فِي الـمَوْهُوبِ لَكَ، وَشَكَرْتَ الوَاهِبَ، وبَلَغَ أشُدَّهُ، وَرُزِقْتَ بِرَّهُ”.
شرح موجز: هذا الدعاء يتضمن طلب البركة في المولود، وشكر الله (الواهب)، والدعاء بأن يبلغ الطفل النضج والقوة، وأن يرزق الوالدان بره وطاعته.
- صيغة الرد على التهنئة: ويُستحب لمن قيل له هذا الدعاء أن يرد على المهنئ بقوله:
“بَارَكَ اللَّهُ لَكَ، وبَارَكَ عَلَيْكَ، وجَزَاكَ اللَّهُ خَيْراً، ورَزَقَكَ اللَّهُ مِثْلَهُ، وأجْزَلَ ثَوَابَكَ”.
.
2، أدعية تحصين المولود من السنة النبوية
كان النبي صلى الله عليه وسلم حريصاً على تحصين الأبناء من كل شر، وقد علمنا أدعية عظيمة لحفظهم من الشياطين والعين والحسد.
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يعوذ الحسن والحسين ويقول:
“إِنَّ أَبَاكُمَا كَانَ يُعَوِّذُ بِهَا إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ: أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّةِ، مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ وَهَامَّةٍ، وَمِنْ كُلِّ عَيْنٍ لاَمَّةٍ”.
(رواه البخاري، حديث صحيح).
كيفية التطبيق: يمكن للأب أو الأم أن يضع يده على رأس المولود ويقول: “أُعِيذُكَ (للمولود الذكر) أو أُعِيذُكِ (للمولودة الأنثى) بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّةِ، مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ وَهَامَّةٍ، وَمِنْ كُلِّ عَيْنٍ لاَمَّةٍ”.
3، أدعية قرآنية عامة للذرية الصالحة
القرآن الكريم مليء بالأدعية المباركة التي يمكن للمسلم أن يدعو بها لأبنائه، طلباً لصلاحهم وهدايتهم، ومنها:
- دعاء نبي الله زكريا عليه السلام:
“رَبِّ هَبْ لِي مِن لَّدُنكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً ۖ إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ” [آل عمران: 38].
.
- دعاء عباد الرحمن:
“رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا” [الفرقان: 74].
.
- دعاء نبي الله إبراهيم عليه السلام:
“رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ وَمِن ذُرِّيَّتِي ۚ رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ” [إبراهيم: 40].
.
4، أمثلة على الأدعية العامة المنتشرة
بالإضافة إلى ما ورد، يتداول الناس بعض صيغ الدعاء العامة التي تحمل معاني طيبة للمولود، ومن أمثلة ذلك:
- “اللَّهُمَّ احْفَظْ هَذَا الْمَوْلُودَ مِنْ كُلِّ شَرٍّ، وَبَارِكْ فِيهِ، وَاجْعَلْهُ قُرَّةَ عَيْنٍ لِوَالِدَيْهِ”.
- “اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ مِنْ أَوْلِيَائِكَ الصَّالِحِينَ، الَّذِينَ يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ، وَارزُقْهُ البَصِيرَةَ فِي دِينِهِ وَدُنْيَاهُ”.
- “اللَّهُمَّ أنْبِتْهُ نَبَاتًا حَسَنًا، وَاجْعَلْهُ قُرَّةَ عَيْنٍ لِوَالِدَيْهِ، وَاحْفَظْهُ، وَبَارِكْ لَنَا فِيهِ وَاجْعَلْهُ مِنْ أَهْلِ الصَّلَاحِ وَالتَّقْوَى”.
تنبيه هام: هذه الصيغ هي مما يتداوله بعض الناس، ولم تثبت بسند صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أو أصحابه، الدعاء عبادة توقيفية، والأصل فيها الالتزام بما ورد في القرآن الكريم والسنة الصحيحة، وهي كافية ومباركة، ويجوز الدعاء بما فيه خير ما لم يتضمن محذوراً شرعياً.
5، كيفية أداء الرقية الشرعية للمولود الجديد
الرقية الشرعية هي من أعظم أسباب الحفظ والشفاء بإذن الله، ولرقية المولود الجديد، يُنصح باتباع الخطوات التالية بنية خالصة وتوكل على الله:
- الوضوء واستحضار النية: يتوضأ الراقي (الأب أو الأم) ويستحضر نية تحصين الطفل ورقيتِه.
- القراءة مع النفث: يضع الراقي يده على رأس الطفل أو يجمعهما ويقرأ فيهما ثم ينفث (نفخ لطيف مع ريق خفيف) ويمسح على جسد الطفل.
- ما يُقرأ في الرقية:
- سورة الفاتحة: تُقرأ مرة أو ثلاثاً.
- آية الكرسي: (الله لا إله إلا هو الحي القيوم…) [البقرة: 255]، تُقرأ مرة واحدة.
- أواخر سورة البقرة: (آمن الرسول…) إلى نهاية السورة [البقرة: 285-286].
- المعوذات: سورة الإخلاص، وسورة الفلق، وسورة الناس، تُقرأ كل سورة ثلاث مرات.
- الأدعية النبوية: ترديد دعاء التحصين المذكور سابقاً (“أعيذك بكلمات الله التامة…”)، ودعاء الشفاء:
“بِاسْمِ اللهِ أَرْقِيكَ، مِنْ كُلِّ شَيْءٍ يُؤْذِيكَ، مِنْ شَرِّ كُلِّ نَفْسٍ أَوْ عَيْنِ حَاسِدٍ، اللهُ يَشْفِيكَ، بِاسْمِ اللهِ أَرْقِيكَ”.
(رواه مسلم، حديث صحيح)..
6، علامات قد تشير إلى تأثر الطفل بالعين وسبل الوقاية
العين حق كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم، والأطفال قد يكونون أكثر عرضة لها، ومن المهم معرفة سبل الوقاية الشرعية، مع التنبيه إلى أن بعض الأعراض قد تكون لأسباب طبية أو نفسية يجب استشارة المختصين بشأنها.
أعراض قد تلاحظ على الطفل:
- كثرة البكاء الشديد وغير المبرر.
- رفض الرضاعة فجأة بعد أن كانت طبيعية.
- تغيرات مفاجئة في النوم أو السلوك.
- ظهور بعض البقع أو الحبوب على الجسد دون سبب طبي واضح.
أهم أسباب الوقاية من العين والحسد:
- التحصين اليومي: المداومة على أذكار الصباح والمساء، وقراءة الرقية الشرعية على الطفل يومياً.
- ذكر الله عند رؤية ما يعجب: تعليم الأهل والأقارب قول “ما شاء الله، تبارك الله” عند رؤية جمال الطفل أو تميزه، فهذا يمنع أثر العين بإذن الله.
- تجنب المبالغة في مدح الطفل أمام الآخرين: الثناء على الطفل أمر طيب، ولكن المبالغة قد تفتح باباً للعين من حيث لا يُشعر.
- الاستعانة على قضاء الحوائج بالكتمان: ليس كل ما يتعلق بالطفل من أمور مميزة يجب نشره وإعلانه.
المصادر والمراجع
- سورة آل عمران، الآية 38.
- سورة الفرقان، الآية 74.
- سورة إبراهيم، الآية 40.
- سورة البقرة، الآية 255 (آية الكرسي).
- سورة البقرة، الآيات 285-286.
- صحيح البخاري، كتاب أحاديث الأنبياء، باب {واذكر في الكتاب إسماعيل إنه كان صادق الوعد}، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
- صحيح مسلم، كتاب السلام، باب الطب والمرض والرقى، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
- كتاب “الأذكار” للإمام النووي، باب ما يقول عند تهنئة المولود.
أسئلة شائعة
ما هو الدعاء الصحيح لتهنئة المولود؟
الدعاء المأثور والمستحب هو: “بَارَكَ اللَّهُ لَكَ فِي الـمَوْهُوبِ لَكَ، وَشَكَرْتَ الوَاهِبَ، وبَلَغَ أشُدَّهُ، وَرُزِقْتَ بِرَّهُ”، وهو منقول عن الحسن البصري وذكره العلماء كالإمام النووي.
كيف أحصن طفلي يومياً من العين؟
أفضل طريقة هي المداومة على قراءة المعوذات (الإخلاص، الفلق، الناس) ثلاث مرات صباحاً ومساءً، مع قراءة دعاء التحصين النبوي: “أُعِيذُكَ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّةِ، مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ وَهَامَّةٍ، وَمِنْ كُلِّ عَيْنٍ لاَمَّةٍ”.
هل هناك أدعية خاصة بالمولود الذكر وأخرى للأنثى؟
الأدعية النبوية والمأثورة عامة وتشمل الذكر والأنثى على حد سواء، يتم فقط تذكير أو تأنيث الضمائر في الدعاء، فمثلاً نقول للمولود الذكر “أعيذُكَ” وللأنثى “أعيذُكِ”، أما أصل الدعاء وفضله فهو واحد للجميع.

