الزواج في الإسلام ميثاق غليظ وسنة من سنن الأنبياء، وهو سبيل للعفاف والاستقرار وبناء أسرة مسلمة صالحة، وقد حث الشرع الحنيف على تيسير أموره، وجعل الدعاء والتضرع إلى الله تعالى من أعظم الأسباب التي يُستعان بها على تيسير كل خير، بما في ذلك طلب الزوج أو الزوجة الصالحة.
أدعية ثابتة في القرآن والسنة لتيسير الزواج وطلب الصلاح
الأصل في الدعاء هو الالتجاء إلى الله تعالى بما ورد في كتابه الكريم وصح عن نبيه صلى الله عليه وسلم، فهذه الأدعية هي الأجمع للخير والأعظم بركة، ومن أهم ما يدعو به المسلم في هذا الباب:
1، أدعية من القرآن الكريم
- دعاء عباد الرحمن لطلب الزوجة الصالحة والذرية الطيبة:
وهو من أجمع الأدعية التي تجمع بين صلاح الأسرة والرفعة في الدين، وهو قول الله تعالى:“وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا”
(سورة الفرقان، الآية: 74).
- دعاء نبي الله موسى عليه السلام لطلب الخير:
عندما خرج نبي الله موسى إلى مدين وسقى للمرأتين، تولى إلى الظل ودعا الله بقلب منكسر يطلب أي خير ينزله الله عليه، فكان من أثر دعائه أن رزقه الله الأمان والعمل والزوجة الصالحة.“رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ”
(سورة القصص، الآية: 24).
2، دعاء الاستخارة من السنة النبوية المطهرة
عند الإقدام على أمر مهم كالزواج، أو عند الحيرة في الاختيار بين عدة أشخاص، فإن أفضل ما يلجأ إليه المسلم هو صلاة الاستخارة، ودعاؤها الذي علّمنا إياه النبي صلى الله عليه وسلم، قال جابر بن عبد الله رضي الله عنهما: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا الاستخارة في الأمور كلها كما يعلمنا السورة من القرآن.
“اللَّهُمَّ إنِّي أَسْتَخِيرُكَ بِعِلْمِكَ، وَأَسْتَقْدِرُكَ بِقُدْرَتِكَ، وَأَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ الْعَظِيمِ، فَإِنَّكَ تَقْدِرُ وَلا أَقْدِرُ، وَتَعْلَمُ وَلا أَعْلَمُ، وَأَنْتَ عَلامُ الْغُيُوبِ، اللَّهُمَّ إنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الأَمْرَ (ويسمي حاجته) خَيْرٌ لِي فِي دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي -أَوْ قَالَ: عَاجِلِ أَمْرِي وَآجِلِهِ- فَاقْدُرْهُ لِي وَيَسِّرْهُ لِي، ثُمَّ بَارِكْ لِي فِيهِ، وَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الأَمْرَ شَرٌّ لِي فِي دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي -أَوْ قَالَ: فِي عَاجِلِ أَمْرِي وَآجِلِهِ- فَاصْرِفْهُ عَنِّي وَاصْرِفْنِي عَنْهُ، وَاقْدُرْ لِي الْخَيْرَ حَيْثُ كَانَ، ثُمَّ أَرْضِنِي بِهِ.”
(رواه البخاري، حديث صحيح)
صيغ وأدعية شائعة لتيسير أمور الزواج
يتداول الناس بعض الصيغ والأدعية التي لم ترد في نصوص القرآن أو السنة بلفظها، ولكن معانيها حسنة ولا تتعارض مع الشرع، يمكن الدعاء بها على سبيل العموم مع اليقين بأن الأدعية المأثورة هي الأفضل والأكمل، ومن أمثلة ذلك:
- اللَّهُمَّ يَا وَاسِعَ الْفَضْلِ وَيَا كَرِيمَ الْعَطَاءِ، أَسْأَلُكَ بِرَحْمَتِكَ الَّتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ أَنْ تَرْزُقَنِي الزَّوْجَ (الزَّوْجَةَ) الصَّالِحَ (الصَّالِحَةَ) الَّذِي يَكُونُ قُرَّةَ عَيْنٍ لِي، وَأَكُونُ قُرَّةَ عَيْنٍ لَهُ.
- يَا رَبِّ، إِنَّكَ تَقْدِرُ وَلَا أَقْدِرُ، وَتَعْلَمُ وَلَا أَعْلَمُ، وَأَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ، اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ فِي زَوَاجِي مِنْ فُلَانٍ (فُلَانَةٍ) خَيْرًا لِي فِي دِينِي وَدُنْيَايَ وَآخِرَتِي فَاقْدُرْهُ لِي وَيَسِّرْهُ لِي وَبَارِكْ لِي فِيهِ.
- اللَّهُمَّ اغْفِرْ ذَنْبِي، وَطَهِّرْ قَلْبِي، وَحَصِّنْ فَرْجِي، وَارْزُقْنِي مِن فَضْلِكَ زَوْجًا صَالِحًا يُعِينُنِي عَلَى أَمْرِ دِينِي وَدُنْيَايَ.
تنبيه هام: هذه الصيغ هي مما يتداوله بعض الناس، ولم تثبت بسند صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أو أصحابه، الدعاء عبادة، والأصل فيها الالتزام بما ورد في القرآن الكريم والسنة الصحيحة، وهي كافية ومباركة، مع جواز الدعاء بأي صيغة طيبة لا تخالف الشرع ما لم تُنسب إلى الدين أو يُعتقد لها فضل خاص لم يرد به دليل.
حكم الدعاء بالزواج من شخص معين
لا حرج شرعًا في أن يدعو المسلم أو المسلمة ربه بأن ييسر له الزواج من شخص معين يراه مناسبًا، فالدعاء بابه واسع، ولكن الكمال والأفضل هو تفويض الأمر لله تعالى، وذلك لأن الإنسان لا يعلم أين الخير الحقيقي، لذلك، يُستحب أن يكون الدعاء معلقًا على علم الله، كأن يقول: “اللهم إن كان في زواجي من فلان خير لي في ديني ودنياي فيسره لي، وإن كان فيه شر فاصرفه عني واصرفني عنه واقدر لي الخير حيث كان”، ودعاء الاستخارة هو أفضل صيغة وردت في هذا الشأن.
أهمية تيسير الزواج في الإسلام
يُعَدُّ الزواج من الركائز الأساسية في حياة المسلم، فهو يحميه من الوقوع في المحظورات ويُسهم في بناء أسرة قائمة على أسس الدين، ولمن يُسهِّل أمر الزواج ويساعد الشباب على إتمامه أجرٌ عظيم عند الله، لأن الاستقرار الأسري هو اللبنة الأولى لمجتمع متماسك، لهذا أوصى النبي صلى الله عليه وسلم بتزويج من يُرتضى دينه وخلقه، وهذا يقتضي من الأسر عدم المبالغة في المهور والمتطلبات التي تُثقل كاهل الشباب وتعيقهم عن إتمام هذا الأمر المبارك.
المصادر والمراجع
- سورة الفرقان، الآية 74.
- سورة القصص، الآية 24.
- صحيح البخاري، كتاب الدعوات، باب الدعاء عند الاستخارة، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
أسئلة شائعة حول أدعية الزواج
ما هو أفضل دعاء لتيسير الزواج؟
أفضل الأدعية هي ما ورد في القرآن والسنة، مثل دعاء: “رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ…”، ودعاء نبي الله موسى: “رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ”، والأهم من الصيغة هو صدق التوجه إلى الله واليقين بالإجابة.
هل يجوز الدعاء للزواج من شخص معين؟
نعم، يجوز الدعاء بذلك، ولكن يُستحب تقييد الدعاء بمشيئة الله وعلمه، كأن يقول “اللهم إن كان فيه خير فاقدره لي”، واللجوء إلى صلاة الاستخارة هو أفضل سبيل في هذه الحالة لمعرفة ما إذا كان في هذا الأمر خير أم لا.
ما حكم الأدعية المنتشرة التي ليس لها مصدر؟
يجوز الدعاء بأي كلام طيب لا يخالف الشرع، ولكن لا يجوز نسبته إلى النبي صلى الله عليه وسلم أو اعتقاد فضل خاص له لم يرد به دليل، والأكمل والأفضل دائمًا هو الالتزام بالأدعية المأثورة من القرآن والسنة.
ما هو أفضل وقت للدعاء؟
يُستحب تحري أوقات إجابة الدعاء، مثل الثلث الأخير من الليل، وبين الأذان والإقامة، وفي السجود، وآخر ساعة من يوم الجمعة، وعند نزول المطر.
