دعاء ختم سورة البقرة مكتوب

تتمتع سورة البقرة بمكانة عظيمة في الإسلام، وهي من السور التي يُعنى المسلم بقراءتها وتدبر آياتها لما ورد في فضلها من نصوص شرعية صحيحة، إن تلاوة القرآن الكريم من أعظم القربات، والدعاء بعد الأعمال الصالحة أمر مشروع ومستحب، حيث يُرجى له القبول، ومع ذلك، من المهم التنبيه أنه لم يثبت في السنة النبوية دعاء مخصص يُقال عند ختم سورة البقرة على وجه الخصوص، بل للمسلم أن يدعو بما يفتح الله عليه من خيري الدنيا والآخرة، أو أن يختار من الأدعية الجامعة الواردة في القرآن والسنة.

صيغ شائعة للدعاء بعد ختم سورة البقرة

أمثلة على أدعية عامة يمكن الدعاء بها بعد قراءة القرآن الكريم

يتداول بعض الناس صيغًا للدعاء يعتقدون أنها مخصصة لختم سورة البقرة، وهي في مجملها أدعية عامة حسنة المعنى يمكن الدعاء بها في كل وقت، نورد هنا بعض الأمثلة منها للتوضيح:

  • اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي جَمِيعَ ذَنْبِي، وَطَهِّرْ قَلْبِي بِرِضَاكَ، وَهَبْ لِي البَصِيرَةَ لِإِدْرَاكِ الحَقِّ، وَافْتَحْ لِي أَبْوَابَ الطَّاعَاتِ، وَوَفِّقْنِي لِأَنْ أَكُونَ مِنْ عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ.
  • رَبِّ، اجْعَلْنِي مِمَّنْ كُتِبَ لَهُمُ الخَيْرُ فِي كُلِّ أَمْرٍ، وَقِنِي شَرَّ مَا لَا أُدْرِكُ حِكْمَتَهُ، وَامْلَأْ حَيَاتِي بِنِعَمِ الرِّضَا وَالغُفْرَانِ.
  • يَا رَبِّ، امْلَأْ قَلْبِي بِالسَّكِينَةِ وَالسَّعَادَةِ، وَاكْتُبْ لِي فَرَحًا طَالَ انْتِظَارُهُ، وَارْفَعْ عَنِّي الهَمَّ وَأَبْدِلْهُ بِالبَشَائِرِ.
  • اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِقُوَّتِكَ وَعَظِيمِ أَسْمَائِكَ أَنْ تَجْعَلَنِي مِنَ الشَّاكِرِينَ لِنِعَمِكَ، الَّذِينَ يَسْجُدُونَ شُكْرًا وَامْتِنَانًا لِتَحْقِيقِ مَا ظَنَنْتُهُ بَعِيدًا.
  • يَا رَبِّ، بِحَقِّ أَسْمَائِكَ الحُسْنَى وَصِفَاتِكَ العُلَا، اجْعَلْ رِزْقِي مُبَارَكًا، وَعَافِيَتِي دَائِمَةً، وَأَيَّامِي مَلِيئَةً بِالخَيْرَاتِ.
  • يَا اللهُ، أَنْتَ العَالِمُ بِمَا تُخْفِي القُلُوبُ، أَسْأَلُكَ أَنْ تُجِيبَ دَعْوَتِي، وَتُحَقِّقَ لِي أَمَلِي، وَتُبَشِّرَنِي بِمَا يُفْرِحُنِي، إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ.

تنبيه هام: هذه الصيغ المذكورة أعلاه هي مما يتداوله بعض الناس، ولم تثبت بسند صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أو أصحابه أنها خاصة بختم سورة البقرة، الدعاء عبادة، والأصل فيها الالتزام بما ورد في القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة، أو الدعاء بجوامع الكلم دون تخصيص عبادة لم يرد بها دليل شرعي.

ما حكم تخصيص دعاء معين لختم سورة البقرة؟

أكد أهل العلم على أنه لم يرد دليل شرعي صحيح يخصص دعاءً معينًا لختم سورة البقرة، فتخصيص دعاء محدد في وقت محدد أو بعد عبادة محددة دون دليل يُعتبر من الأمور المحدثة، والأفضل للمسلم بعد قراءة أي جزء من القرآن، بما في ذلك سورة البقرة، أن يدعو بما شاء من الأدعية العامة التي فيها صلاح دينه ودنياه، أو أن يختار من الأدعية المأثورة عن النبي صلى الله عليه وسلم، فهي أجمع للخير وأعظم بركة.

أدعية جامعة من القرآن الكريم والسنة الصحيحة

بدلاً من البحث عن صيغ غير ثابتة، الأولى بالمسلم أن يدعو بالأدعية الجامعة التي وردت في كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، فهي كافية وشافية، وهذه نماذج منها:

أدعية من القرآن الكريم:

  • “رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ” [البقرة: 201].

    .

  • “رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً ۚ إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ” [آل عمران: 8].

    .

  • “رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ وَمِن ذُرِّيَّتِي ۚ رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ” [إبراهيم: 40].

    .

أدعية من السنة النبوية الصحيحة:

  • “اللَّهُمَّ أَصْلِحْ لِي دِينِي الَّذِي هُوَ عِصْمَةُ أَمْرِي، وَأَصْلِحْ لِي دُنْيَايَ الَّتِي فِيهَا مَعَاشِي، وَأَصْلِحْ لِي آخِرَتِي الَّتِي فِيهَا مَعَادِي، وَاجْعَلِ الْحَيَاةَ زِيَادَةً لِي فِي كُلِّ خَيْرٍ، وَاجْعَلِ الْمَوْتَ رَاحَةً لِي مِنْ كُلِّ شَرٍّ”.

    (أخرجه مسلم، حديث صحيح).

  • “اللَّهُمَّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي ظُلْمًا كَثِيرًا، وَلَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ، فَاغْفِرْ لِي مَغْفِرَةً مِنْ عِنْدِكَ وَارْحَمْنِي، إِنَّكَ أَنْتَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ”.

    (متفق عليه).

  • “رَبِّ أَعِنِّي وَلَا تُعِنْ عَلَيَّ، وَانْصُرْنِي وَلَا تَنْصُرْ عَلَيَّ، وَامْكُرْ لِي وَلَا تَمْكُرْ عَلَيَّ، وَاهْدِنِي وَيَسِّرِ الْهُدَى لِي، وَانْصُرْنِي عَلَى مَنْ بَغَى عَلَيَّ..، رَبِّ تَقَبَّلْ تَوْبَتِي، وَاغْسِلْ حَوْبَتِي، وَأَجِبْ دَعْوَتِي، وَثَبِّتْ حُجَّتِي، وَسَدِّدْ لِسَانِي، وَاهْدِ قَلْبِي، وَاسْلُلْ سَخِيمَةَ صَدْرِي”.

    (أخرجه أبو داود والترمذي، حديث صحيح).

  • “اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْهُدَى وَالتُّقَى، وَالْعَفَافَ وَالْغِنَى”.

    (أخرجه مسلم، حديث صحيح).

  • “اللَّهُمَّ إِنَّكَ عَفُوٌّ تُحِبُّ الْعَفْوَ فَاعْفُ عَنِّي”.

    (أخرجه الترمذي، حديث صحيح).

  • “اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَى ذِكْرِكَ، وَشُكْرِكَ، وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ”.

    (أخرجه أبو داود والنسائي، حديث صحيح).

أبرز فضائل سورة البقرة الثابتة في السنة

فضائل سورة البقرة الواردة في السنة النبوية الشريفة

وردت في فضل سورة البقرة أحاديث صحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم، تبين مكانتها العظيمة وأثرها المبارك، ومن أبرز هذه الفضائل:

  • طاردة للشياطين من البيوت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

    “لَا تَجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ مَقَابِرَ، إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْفِرُ مِنَ الْبَيْتِ الَّذِي تُقْرَأُ فِيهِ سُورَةُ الْبَقَرَةِ”.

    (رواه مسلم).

  • بركة لقارئها وحافظها: قال النبي صلى الله عليه وسلم:

    “اقْرَءُوا سُورَةَ الْبَقَرَةِ، فَإِنَّ أَخْذَهَا بَرَكَةٌ، وَتَرْكَهَا حَسْرَةٌ، وَلَا تَسْتَطِيعُهَا الْبَطَلَةُ”.

    (رواه مسلم)، والمقصود بـ “البطلة” هم السحرة.

  • شفاعة لصاحبها يوم القيامة: قال صلى الله عليه وسلم:

    “اقْرَءُوا الْقُرْآنَ فَإِنَّهُ يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ شَفِيعًا لِأَصْحَابِهِ، اقْرَءُوا الزَّهْرَاوَيْنِ: الْبَقَرَةَ وَسُورَةَ آلِ عِمْرَانَ، فَإِنَّهُمَا تَأْتِيَانِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَأَنَّهُمَا غَمَامَتَانِ، أَوْ كَأَنَّهُمَا غَيَايَتَانِ، أَوْ كَأَنَّهُمَا فِرْقَانِ مِنْ طَيْرٍ صَوَافَّ، تُحَاجَّانِ عَنْ أَصْحَابِهِمَا”.

    (رواه مسلم).

  • فضل خواتيمها: نزل ملك من السماء وبشّر النبي صلى الله عليه وسلم بنورين لم يؤتهما نبي قبله، وهما:

    “فَاتِحَةُ الْكِتَابِ، وَخَوَاتِيمُ سُورَةِ الْبَقَرَةِ، لَنْ تَقْرَأَ بِحَرْفٍ مِنْهُمَا إِلَّا أُعْطِيتَهُ”.

    (رواه مسلم).

آداب الدعاء وشروط استجابته

الدعاء من أجلّ العبادات، ولكي يكون أرجى للقبول، ينبغي للمسلم أن يراعي آدابه وشروطه، ومن أهمها:

  • الإخلاص لله تعالى: أن يكون الدعاء خالصًا لوجه الله وحده لا شريك له.
  • حضور القلب واليقين بالإجابة: أن يدعو المسلم وهو موقن بأن الله سيستجيب له، مع استحضار عظمة الله وقدرته.
  • البدء بحمد الله والثناء عليه والصلاة على النبي: يُستحب افتتاح الدعاء وختمه بذلك.
  • عدم الاعتداء في الدعاء: كأن يدعو بإثم أو قطيعة رحم.
  • الإلحاح في الدعاء: تكرار الدعاء وعدم استعجال الإجابة من علامات صدق الداعي وحسن ظنه بربه.
  • تحري أوقات الإجابة: مثل الثلث الأخير من الليل، وبين الأذان والإقامة، وفي السجود، ويوم الجمعة.
  • أكل الحلال: فإن أكل الحرام من موانع إجابة الدعاء.

المصادر والمراجع

أسئلة شائعة

هل يوجد دعاء مخصص لختم سورة البقرة؟

لا، لم يثبت في السنة النبوية المطهرة أو عن الصحابة الكرام دعاء مخصص يُقال عند الانتهاء من قراءة سورة البقرة، والأصل هو أن يدعو المسلم بما يشاء من خيرَي الدنيا والآخرة.

ما هو أفضل دعاء يمكن قوله بعد قراءة القرآن؟

أفضل الدعاء هو ما ورد في القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة، مثل دعاء “ربنا آتنا في الدنيا حسنة…”، و”اللهم أصلح لي ديني…”، وغيرها من الأدعية الجامعة التي تجمع خيري الدنيا والآخرة.

ما صحة فضل قراءة سورة البقرة في البيت؟

صحيح وثابت، فقد ورد في الحديث الصحيح الذي رواه مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْفِرُ مِنَ الْبَيْتِ الَّذِي تُقْرَأُ فِيهِ سُورَةُ الْبَقَرَةِ”، مما يدل على فضلها في تحصين البيوت وطرد الشياطين.

عن احمد نصر

بقلم: أحمد نصر باحث ومحرر محتوى إسلامي متخصص في قسم الأدعية بموقع [أُوني]، يكرس جهوده لجمع وتدقيق الأدعية المأثورة من القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، وتقديمها للمسلمين في إطار موثوق وسهل الفهم، يسعى أحمد لتقديم محتوى ديني يعزز الصلة بالله ويستند إلى المصادر الشرعية الصحيحة.

0 0 التصويت
Article Rating
الاشتراك في تنبيهات التعليقات
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
الأقدم
الأحدث الأكثر تصويتا
التعليقات المضمنة
عرض جميع التعليقات