يُعد القلق والوسواس من التحديات النفسية التي تُثقل كاهل الإنسان وتُشتت تركيزه، وقد أرشدنا الإسلام إلى أعظم علاج وهو اللجوء إلى الله تعالى بالدعاء، فهو السلاح الذي يستعين به المؤمن على مصاعب الحياة، وبه تنزل السكينة وتطمئن القلوب، إن الاستعانة بالله وطلب العون منه لتفريج الكروب وإزالة الهموم هو أساس العبادة ودليل على صدق التوكل عليه سبحانه.
فيما يلي مجموعة من الأدعية الصحيحة والمأثورة التي تُعين على تحقيق راحة البال وسكينة النفس، مع بيان مصادرها الشرعية لضمان الموثوقية والأصالة.
أدعية ثابتة من القرآن والسنة لراحة البال والطمأنينة
الأصل في الدعاء هو الالتزام بما ورد في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، فهذه الأدعية هي جوامع الكلم، وهي كافية ومباركة لمن لزمها بيقين وصدق.
1، دعاء الكرب والهم الشديد
كان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو بهذا الدعاء عند الكرب، وهو من أعظم الأدعية لتفريج الهموم.
«لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الْعَظِيمُ الْحَلِيمُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ رَبُّ السَّمَوَاتِ وَرَبُّ الْأَرْضِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ»
المصدر: صحيح البخاري (6346)، وصحيح مسلم (2730).
2، دعاء إذهاب الهم والحزن وقضاء الدين
هذا الدعاء المبارك من الأدعية النبوية الجامعة التي يستعيذ فيها المسلم من كل ما يُعكر صفو حياته ويُثقل نفسه.
«اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْهَمِّ وَالْحَزَنِ، وَالْعَجْزِ وَالْكَسَلِ، وَالْبُخْلِ وَالْجُبْنِ، وَضَلَعِ الدَّيْنِ، وَغَلَبَةِ الرِّجَالِ»
المصدر: صحيح البخاري (6369).
3، دعاء تفريج الهم وجلاء الحزن
أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن من قال هذا الدعاء أذهب الله همه وحزنه، وأبدله مكانه فرجًا.
«اللَّهُمَّ إِنِّي عَبْدُكَ، ابْنُ عَبْدِكَ، ابْنُ أَمَتِكَ، نَاصِيَتِي بِيَدِكَ، مَاضٍ فِيَّ حُكْمُكَ، عَدْلٌ فِيَّ قَضَاؤُكَ، أَسْأَلُكَ بِكُلِّ اسْمٍ هُوَ لَكَ سَمَّيْتَ بِهِ نَفْسَكَ، أَوْ عَلَّمْتَهُ أَحَدًا مِنْ خَلْقِكَ، أَوْ أَنْزَلْتَهُ فِي كِتَابِكَ، أَوِ اسْتَأْثَرْتَ بِهِ فِي عِلْمِ الْغَيْبِ عِنْدَكَ، أَنْ تَجْعَلَ الْقُرْآنَ رَبِيعَ قَلْبِي، وَنُورَ صَدْرِي، وَجِلَاءَ حُزْنِي، وَذَهَابَ هَمِّي»
المصدر: مسند الإمام أحمد (3712)، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (199)، (حديث صحيح).
4، دعاء طلب الرحمة الواسعة
يُعد هذا الدعاء من الأدعية التي يُرجى بها رحمة الله التي تُغني العبد عن رحمة من سواه.
«اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ، وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ، وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ، وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ، بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، رَحْمَانَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَرَحِيمَهُمَا، تُعْطِيهِمَا مَنْ تَشَاءُ، وَتَمْنَعُ مِنْهُمَا مَنْ تَشَاءُ، ارْحَمْنِي رَحْمَةً تُغْنِينِي بِهَا عَنْ رَحْمَةِ مَنْ سِوَاكَ»
المصدر: رواه الطبراني في المعجم الصغير (559)، وحسّنه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب (1821)، (حديث حسن).
أدعية عامة وصيغ شائعة لسكينة النفس
تنتشر بين الناس بعض الصيغ الدعائية التي تحمل معانٍ طيبة وتُعبّر عن حاجة العبد لربه، يمكن الدعاء بها لأنها لا تحتوي على محظور شرعي، مع العلم أن الأكمل هو الالتزام بالأدعية المأثورة.
تنبيه هام: هذه الصيغ هي من الأدعية العامة التي لم ترد بنصها المحدد في السنة النبوية الصحيحة، ولكن معانيها صحيحة ولا تخالف الشرع، الدعاء عبادة، والأصل فيها الالتزام بما ورد في القرآن الكريم والسنة الصحيحة، فهي كافية ومباركة.
- اللَّهُمَّ اجْعَلْ لِي نُورًا فِي قَلْبِي، وَنُورًا فِي قَبْرِي، وَنُورًا فِي سَمْعِي، وَنُورًا فِي بَصَرِي، وَنُورًا فِي شَعْرِي، وَنُورًا فِي بَشَرِي، وَنُورًا فِي لَحْمِي، وَنُورًا فِي دَمِي، وَنُورًا فِي عِظَامِي، وَزِدْنِي نُورًا، وَهَبْ لِي نُورًا عَلَى نُورٍ، (هذا الدعاء وردت أجزاء منه في أحاديث صحيحة متفرقة، وهذه الصيغة جامعة لها).
 - اللَّهُمَّ يا مُفَرِّجَ الْهَمِّ، وَيَا كَاشِفَ الْغَمِّ، وَيَا مُجِيبَ دَعْوَةِ الْمُضْطَرِّينَ، أَنْتَ رَحْمَنُ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَرَحِيمُهُمَا، فَالْطُفْ بِي بِرَحْمَتِكَ، اللَّهُمَّ ارْزُقْنِي الرِّضَا وَرَاحَةَ الْبَالِ، وَلا تَجْعَلْ لِي حَاجَةً مُتَعَسِّرَةً، وَلا أَمْرًا مُعَقَّدًا، وَكُنْ لِي مُعِينًا فِي كُلِّ أَمْرِي.
 - يَا رَبِّ، أَسْأَلُكَ بِقُدْرَتِكَ الْعَظِيمَةِ أَنْ تُزِيلَ عَنِّي كُلَّ هَمٍّ وَضِيقٍ وَكَرْبٍ، وَأَنْ تُفَرِّجَ عَنِّي مَا أَقْلَقَنِي وَأَحْزَنَنِي، إِنْ كَانَ فِي قَلْبِي ضِيقٌ فَأَبْدِلْهُ بِرَاحَةٍ، وَإِنْ نِمْتُ وَقَدْ أَثْقَلَنِي الْهَمُّ فَاجْعَلْ يَقَظَتِي عَلَى فَرَجٍ وَرَحْمَةٍ.
 - اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ زِيَادَةً فِي الدِّينِ، وَثَبَاتًا عَلَى الطَّاعَةِ، وَرَاحَةً فِي الْجَسَدِ، وَرِزْقًا وَاسِعًا، وَتَوْبَةً نَصُوحًا قَبْلَ الْمَوْتِ، وَحُسْنَ الْخَاتِمَةِ، وَمَغْفِرَةً وَرَحْمَةً بَعْدَ الْمَوْتِ، وَنَجَاةً مِنَ الْعَذَابِ.
 
آيات قرآنية للسكينة وراحة البال
القرآن الكريم هو الشفاء الأعظم لما في الصدور، وتلاوة آياته وتدبرها من أعظم أسباب نزول السكينة والطمأنينة على القلب، وقد ذكر الله تعالى “السكينة” في مواضع متعددة، منها:
- 
“هُوَ الَّذِي أَنزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَّعَ إِيمَانِهِمْ ۗ وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا”
[الفتح: 4].
 - 
“إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْzَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا ۖ فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا”
[التوبة: 40].
 - 
“ثُمَّ أَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ”
[التوبة: 26].
 - 
“الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ ۗ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ”
[الرعد: 28].
 - 
“قُل لَّن يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا ۚ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ”
[التوبة: 51].
 
عوامل تحقيق الراحة النفسية في ضوء الإسلام
إلى جانب الدعاء، هناك عوامل إيمانية وسلوكية أساسية تساهم في تحقيق الاستقرار النفسي والطمأنينة:
- التوكل على الله: تفويض الأمر كله لله مع الأخذ بالأسباب، واليقين بأن ما أصابك لم يكن ليخطئك، وما أخطأك لم يكن ليصيبك.
 - الرضا بالقضاء والقدر: الإيمان بأن كل ما يقدره الله هو خير للعبد، حتى وإن كان في ظاهره شراً، مما يورث القلب رضا وسلاماً.
 - الشكر والامتنان: التركيز على نعم الله وشكره عليها يفتح أبواب الرضا ويقلل من الشعور بالقلق تجاه ما ينقص الإنسان.
 - التفكير الإيجابي وحسن الظن بالله: اليقين بأن الله سبحانه وتعالى قادر على تغيير الحال إلى الأفضل، وأن بعد العسر يسراً.
 - الثقة بالنفس: استشعار نعم الله على الإنسان من قدرات ومواهب، والسعي لتنميتها واستخدامها فيما يرضي الله.
 
المصادر والمراجع
- سورة الفتح، الآية 4.
 - سورة التوبة، الآية 40.
 - سورة التوبة، الآية 26.
 - سورة الرعد، الآية 28.
 - سورة التوبة، الآية 51.
 - صحيح البخاري، حديث رقم 6346 وحديث رقم 6369، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
 - صحيح مسلم، حديث رقم 2730، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
 - مسند الإمام أحمد، حديث رقم 3712، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
 - المعجم الصغير للطبراني، حديث رقم 559، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
 
أسئلة شائعة حول أدعية راحة البال
ما هو أفضل وقت للدعاء لراحة البال؟
الدعاء مشروع في كل وقت، ولكن هناك أوقات يُرجى فيها إجابة الدعاء أكثر من غيرها، مثل الثلث الأخير من الليل، وبين الأذان والإقامة، وفي السجود، وآخر ساعة من يوم الجمعة.
هل يجوز الدعاء بصيغ من عندي غير مأثورة؟
نعم، يجوز للمسلم أن يدعو الله بما شاء من خيري الدنيا والآخرة وبأي صيغة كانت، ما لم يكن في دعائه إثم أو قطيعة رحم، ومع ذلك، يظل الدعاء بالمأثور عن النبي صلى الله عليه وسلم هو الأفضل والأكمل والأكثر بركة.
ما الفرق بين الدعاء المأثور والدعاء العام؟
الدعاء المأثور هو ما ورد بنصه في القرآن الكريم أو السنة النبوية الصحيحة، أما الدعاء العام فهو أي دعاء ينشئه المسلم بأسلوبه الخاص، وهو جائز ومشروع طالما أن معناه صحيح ولا يخالف الشرع.
		
