سورة البقرة هي أطول سور القرآن الكريم، وهي سورة مدنية حَوَتْ الكثير من الأحكام التشريعية والمواعظ والقصص التي تُرشد المسلم في شؤون دينه ودنياه، وقد نزلَت آياتها في المدينة المنورة، باستثناء آية واحدة نزلت في حجة الوداع بمنى، وهي قول الله تعالى:

“وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ۖ ثُمَّ تُوَفَّىٰ كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ” [البقرة: 281]

، والتي تُعد من أواخر ما نزل من القرآن الكريم.

تشتمل سورة البقرة على أعظم آية في كتاب الله، وهي آية الكرسي [البقرة: 255]، التي ورد في فضلها أحاديث صحيحة تبيّن أثرها في حفظ العبد من الشياطين، كما تحتوي على أطول آية، وهي آية الدَّيْن [البقرة: 282]، التي أرست قواعد دقيقة للتعاملات المالية، وقد بيّنت السنة النبوية المطهرة فضل هذه السورة العظيم، وأن المداومة على قراءتها سبب للبركة وطرد الشياطين، وشفاعتها لصاحبها يوم القيامة، لذلك، يُنصح المسلم بتلاوتها وتدبر معانيها واللجوء إلى الله بالدعاء بعدها، راجياً منه سبحانه قضاء الحاجات وتفريج الكروب.

معلومات أساسية حول سورة البقرة

سورة البقرة هي ركيزة أساسية في القرآن الكريم، تتميز بعمق معانيها وشمولية أحكامها، سُميت بهذا الاسم نسبةً إلى قصة بقرة بني إسرائيل التي وردت فيها، والتي تحمل دروساً عظيمة في التسليم لأمر الله، فيما يلي نظرة عامة على معلوماتها الأساسية:

• اسم السورة: سورة البقرة.
• مكان النزول: سورة مدنية (نزلت في المدينة المنورة)، باستثناء الآية 281.
• ترتيبها في المصحف: السورة الثانية بعد سورة الفاتحة.
• موقعها في المصحف: تمتد من الجزء الأول إلى بداية الجزء الثالث.
• عدد آياتها: 286 آية.
• عدد كلماتها: حوالي 6,144 كلمة.
• عدد حروفها: حوالي 25,613 حرفًا.
• أسماء أخرى للسورة: وردت لها أسماء وأوصاف منها “الزهراء” (مع سورة آل عمران)، و”سنام القرآن”، و”فسطاط القرآن”.
• السجدات: لا تحتوي سورة البقرة على سجدة تلاوة.

أدعية قرآنية ثابتة من سورة البقرة

إن خير ما يدعو به العبد هو ما ورد في كتاب الله تعالى وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، وقد حوت سورة البقرة نفسها أدعية جامعة ومباركة علمنا الله إياها، ومنها:

• الدعاء بخيري الدنيا والآخرة:.

“وَمِنْهُم مَّن يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ” [البقرة: 201]

• دعاء الصبر والثبات عند الشدائد:.

“وَلَمَّا بَرَزُوا لِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالُوا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ” [البقرة: 250]

• دعاء شامل في ختام السورة:.

“رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا ۚ رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا ۚ رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ ۖ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا ۚ أَنتَ مَوْلَانَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ” [البقرة: 286]

صيغ دعاء شائعة مرتبطة بقراءة سورة البقرة

يتداول بعض الناس صيغاً معينة للدعاء بها بعد قراءة سورة البقرة أو أثناءها لمقاصد مختلفة كالرزق والشفاء والزواج، نورد هنا بعض الأمثلة عليها للعلم بها، مع تنبيه هام سيأتي بعدها.

أمثلة لأدعية الرزق المتداولة

• اللَّهُمَّ يَا غَنِيُّ يَا كَرِيمُ، يَا رَازِقَ الخَلْقِ أَجْمَعِينَ، نَسْأَلُكَ رِزْقًا وَاسِعًا مِنْ حَيْثُ لَا نَحْتَسِبُ، وَأَنْ تَمْنَحَنَا مِنْ عَطَايَاكَ الَّتِي لَا تَنْقَطِعُ، فَإِنَّكَ سُبْحَانَكَ لَا مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ، وَلَا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْتَ، وَأَنْتَ الرَّزَّاقُ ذُو القُوَّةِ المَتِينُ.
• اللَّهُمَّ يَا مَنْ تَجُودُ عَلَى عِبَادِكَ بِخَيْرِكَ، بَارِكْ لَنَا فِي أَرْزَاقِنَا، وَاجْعَلْهَا رِزْقًا حَلَالًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ، وَاقْضِ عَنَّا حَوَائِجَنَا، وَارْزُقْنَا مِنْ وَاسِعِ فَضْلِكَ يَا أَكْرَمَ الأَكْرَمِينَ.

أمثلة لأدعية الشفاء المتداولة

• لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ الحَلِيمُ الكَرِيمُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ العَلِيُّ العَظِيمُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ رَبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ العَرْشِ العَظِيمِ، اللَّهُمَّ اشْفِ مَرْضَانَا وَمَرْضَى المُسْلِمِينَ.
• اللَّهُمَّ يَا شَافِي، يَا كَافِي، يَا مُعَافِي، أَلْبِسْنَا لِبَاسَ الصِّحَّةِ وَالعَافِيَةِ، وَارْفَعْ عَنَّا البَلَاءَ وَالأَسْقَامَ، وَاجْعَلْ مَا أَصَابَنَا كَفَّارَةً لِذُنُوبِنَا وَرِفْعَةً فِي دَرَجَاتِنَا.

أمثلة لأدعية تيسير الزواج المتداولة

• اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِأَنِّي أَشْهَدُ أَنَّكَ أَنْتَ اللهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ الأَحَدُ الصَّمَدُ، الَّذِي لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ، أَنْ تَرْزُقَنِي زَوْجًا صَالِحًا (أَوْ زَوْجَةً صَالِحَةً) يُعِينُنِي عَلَى أَمْرِ دِينِي وَدُنْيَايَ.

• “رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ” [البقرة: 201]

  ، اللَّهُمَّ اجْعَلْ مِنْ حَسَنَةِ الدُّنْيَا الزَّوْجَ الصَّالِحَ وَالذُّرِّيَّةَ الطَّيِّبَةَ.

ما حكم تخصيص دعاء معين بعد قراءة سورة البقرة؟

تنبيه هام: الصيغ المذكورة أعلاه هي أمثلة مما يتداوله بعض الناس، ولم يثبت في السنة النبوية دعاء مخصص يُقال بعد ختم سورة البقرة على وجه الخصوص، الدعاء عبادة، والأصل فيها الالتزام بما ورد في القرآن الكريم والسنة الصحيحة، وهي كافية ومباركة، يجوز للمسلم أن يدعو بما يشاء من خيري الدنيا والآخرة بعد أي عمل صالح، كقراءة القرآن، دون أن يعتقد أن لهذه الصيغ فضلاً خاصاً أو أنها مرتبطة بالسورة نفسها.

فضائل سورة البقرة الثابتة في السنة النبوية

وردت أحاديث صحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم تبيّن الفضل العظيم لسورة البقرة، ومن أبرز هذه الفضائل:

• طاردة للشياطين من البيوت: قراءة سورة البقرة في المنزل سبب لحفظه من الشياطين، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
  

  “لَا تَجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ مَقَابِرَ، إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْفِرُ مِنَ الْبَيْتِ الَّذِي تُقْرَأُ فِيهِ سُورَةُ الْبَقَرَةِ”

  (رواه مسلم).

• بركة لقارئها وحسرة على تاركها: المداومة عليها تجلب البركة وتحمي من السحر، قال النبي صلى الله عليه وسلم:
  

  “اقْرَءُوا سُورَةَ الْبَقَرَةِ، فَإِنَّ أَخْذَهَا بَرَكَةٌ، وَتَرْكَهَا حَسْرَةٌ، وَلَا تَسْتَطِيعُهَا الْبَطَلَةُ”

  (رواه مسلم)، والمقصود بـ”البطلة” هم السحرة.

• شفاعة لصاحبها يوم القيامة: تأتي هي وسورة آل عمران لتدافعا عن قارئهما، قال النبي صلى الله عليه وسلم:
  

  “اقْرَءُوا الزَّهْرَاوَيْنِ: الْبَقَرَةَ وَسُورَةَ آلِ عِمْرَانَ، فَإِنَّهُمَا تَأْتِيَانِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَأَنَّهُمَا غَمَامَتَانِ، أَوْ كَأَنَّهُمَا غَيَايَتَانِ، أَوْ كَأَنَّهُمَا فِرْقَانِ مِنْ طَيْرٍ صَوَافَّ، تُحَاجَّانِ عَنْ أَصْحَابِهِمَا”

  (رواه مسلم).

• فضل آية الكرسي وخواتيم السورة: آية الكرسي هي أعظم آية، وقراءتها بعد كل صلاة سبب لدخول الجنة، وقراءتها عند النوم تحفظ من الشيطان، أما الآيتان الأخيرتان من السورة، فمن قرأهما في ليلة كفتاه من كل شر.

سورة البقرة سبب لدخول الجنة

إن المداومة على تلاوة سورة البقرة والعمل بما فيها من هدايات، مع الإخلاص لله تعالى، من أسباب الفوز برضوانه وجنته، ويبرز هذا الفضل جلياً في آيات محددة منها:

• فضل المداومة على آية الكرسي: تُعد آية الكرسي من أعظم أسباب دخول الجنة لمن حافظ عليها بعد الصلوات المكتوبة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
  

  “مَنْ قَرَأَ آيَةَ الْكُرْسِيِّ دُبُرَ كُلِّ صَلَاةٍ مَكْتُوبَةٍ لَمْ يَمْنَعْهُ مِنْ دُخُولِ الْجَنَّةِ إِلَّا أَنْ يَمُوتَ”

  ، (رواه النسائي في “السنن الكبرى” وصححه الألباني).

• فضل خواتيم سورة البقرة: قال النبي صلى الله عليه وسلم عن الآيتين الأخيرتين من سورة البقرة:
  

  “مَنْ قَرَأَهُمَا فِي لَيْلَةٍ كَفَتَاهُ”

  (متفق عليه)، ومعنى “كفتاه” أي كفتاه من شر تلك الليلة، أو كفتاه عن قيام الليل.

وصفها بأنها “سنام القرآن”

وُصفت سورة البقرة بأنها سنام القرآن، والسنام هو أعلى الشيء وأرفعه، مما يدل على علو مكانتها وعظيم شأنها، وقد رُوي في حديثٍ يُصنّفه أهل العلم بالضعف عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “إِنَّ لِكُلِّ شَيْءٍ سَنَامًا، وَسَنَامُ الْقُرْآنِ سُورَةُ الْبَقَرَةِ…”، ومع ضعف سند هذا الحديث تحديداً، إلا أن معناها صحيح بالنظر إلى ما ثبت في فضلها من أحاديث أخرى صحيحة، فهي بحق تحتل مكانة سامية لاشتمالها على أصول الدين وفروعه.

المصادر والمراجع

أسئلة شائعة

هل يوجد دعاء مخصص لختم سورة البقرة؟

لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم دعاء مخصص يُقال عند الانتهاء من قراءة سورة البقرة، والأفضل للمسلم أن يدعو بالأدعية الواردة في القرآن والسنة، أو بما يفتح الله عليه من الدعاء الصالح دون تخصيص صيغة معينة باعتبارها سنة.

هل يجب قراءة سورة البقرة كاملة في جلسة واحدة؟

لا يجب قراءتها في جلسة واحدة، يمكن للمسلم أن يقرأها على أجزاء حسب استطاعته، سواء في يوم واحد أو على مدار عدة أيام، المهم هو المداومة على تلاوتها وتدبرها.

ما هو أفضل وقت لقراءة سورة البقرة؟

لم يرد تحديد لوقت معين، فيمكن قراءتها في أي وقت من ليل أو نهار، إلا أن قراءة القرآن في جوف الليل وأوقات الإجابة (مثل الثلث الأخير من الليل) لها فضل خاص، حيث يكون القلب أكثر حضوراً وتدبراً.

عن احمد نصر

بقلم: أحمد نصر باحث ومحرر محتوى إسلامي متخصص في قسم الأدعية بموقع [أُوني]، يكرس جهوده لجمع وتدقيق الأدعية المأثورة من القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، وتقديمها للمسلمين في إطار موثوق وسهل الفهم، يسعى أحمد لتقديم محتوى ديني يعزز الصلة بالله ويستند إلى المصادر الشرعية الصحيحة.

جميع مقالات احمد نصر