يُعَدُّ شهر رمضان المبارك من أعظم مواسم الطاعة، حيث يُقبِل المسلمون على العبادات، ومن أجلِّها الدعاء والتضرع إلى الله تعالى، وللصائم في هذا الشهر منزلة خاصة، إذ تكون دعوته أرجى للقبول، لا سيما في أوقات مباركة مثل لحظة الإفطار وما بعدها، ففي الحديث، قال النبي صلى الله عليه وسلم:

“ثَلَاثَةٌ لَا تُرَدُّ دَعْوَتُهُمْ: الصَّائِمُ حَتَّى يُفْطِرَ، وَالْإِمَامُ الْعَادِلُ، وَدَعْوَةُ الْمَظْلُومِ”

(رواه الترمذي، حديث حسن)، لذا، يُستحب للمسلم اغتنام هذه الأوقات الثمينة في الإكثار من الدعاء لنفسه وأهله والمسلمين بخيري الدنيا والآخرة.

الدعاء المأثور عند الإفطار (السنة النبوية)

وردت عن النبي صلى الله عليه وسلم أدعية يُستحب للصائم أن يقولها عند فطره، وهي من أصح ما ورد في هذا الباب:

• الدعاء الأول (الأكثر صحة): كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أفطر قال:
  

  “ذَهَبَ الظَّمَأُ، وَابْتَلَّتِ الْعُرُوقُ، وَثَبَتَ الْأَجْرُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ”

  المصدر: سنن أبي داود، وصححه الألباني.

• الدعاء الثاني:
  

  “اللَّهُمَّ لَكَ صُمْتُ، وَعَلَى رِزْقِكَ أَفْطَرْتُ”

  المصدر: سنن أبي داود، (هذا الحديث مرسل، وقد حسّنه بعض أهل العلم لوروده من طرق متعددة، ويجوز الدعاء به).

أدعية من القرآن والسنة تُقال في رمضان

هذه مجموعة من الأدعية الصحيحة الثابتة في القرآن الكريم والسنة النبوية، والتي يُستحب للمسلم الإكثار منها في كل وقت، خاصة في أوقات الإجابة كحال الصائم قبل فطره وبعد الصلوات:

1، أدعية من القرآن الكريم:

• دعاء جامع لخيري الدنيا والآخرة:
  

  “رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ”

  المصدر: [سورة البقرة: 201].

• دعاء لطلب الرزق والبركة:
  

  “اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاءُ وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَن تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَن تَشَاءُ ۖ بِيَدِكَ الْخَيْرُ ۖ إِنَّكَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ”

  المصدر: [سورة آل عمران: 26].

2، أدعية من السنة النبوية الصحيحة:

• دعاء تفريج الكروب:
  

  “اللَّهُمَّ إِنِّي عَبْدُكَ، ابْنُ عَبْدِكَ، ابْنُ أَمَتِكَ، نَاصِيَتِي بِيَدِكَ، مَاضٍ فِيَّ حُكْمُكَ، عَدْلٌ فِيَّ قَضَاؤُكَ، أَسْأَلُكَ بِكُلِّ اسْمٍ هُوَ لَكَ سَمَّيْتَ بِهِ نَفْسَكَ، أَوْ عَلَّمْتَهُ أَحَدًا مِنْ خَلْقِكَ، أَوْ أَنْزَلْتَهُ فِي كِتَابِكَ، أَوِ اسْتَأْثَرْتَ بِهِ فِي عِلْمِ الْغَيْبِ عِنْدَكَ، أَنْ تَجْعَلَ الْقُرْآنَ رَبِيعَ قَلْبِي، وَنُورَ صَدْرِي، وَجِلَاءَ حُزْنِي، وَذَهَابَ هَمِّي”

  المصدر: مسند الإمام أحمد، وصححه الألباني.

• دعاء جامع وشامل:
  

  “اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنَ الْخَيْرِ كُلِّهِ عَاجِلِهِ وَآجِلِهِ، مَا عَلِمْتُ مِنْهُ وَمَا لَمْ أَعْلَمْ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الشَّرِّ كُلِّهِ عَاجِلِهِ وَآجِلِهِ، مَا عَلِمْتُ مِنْهُ وَمَا لَمْ أَعْلَمْ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ خَيْرِ مَا سَأَلَكَ عَبْدُكَ وَنَبِيُّكَ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا عَاذَ بِهِ عَبْدُكَ وَنَبِيُّكَ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْجَنَّةَ وَمَا قَرَّبَ إِلَيْهَا مِنْ قَوْلٍ أَوْ عَمَلٍ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ النَّارِ وَمَا قَرَّبَ إِلَيْهَا مِنْ قَوْلٍ أَوْ عَمَلٍ، وَأَسْأَلُكَ أَنْ تَجْعَلَ كُلَّ قَضَاءٍ قَضَيْتَهُ لِي خَيْرًا”

  المصدر: سنن ابن ماجه، وصححه الألباني.

• دعاء للاستعاذة من الأمور السيئة:
  

  “اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْعَجْزِ وَالْكَسَلِ، وَالْجُبْنِ وَالْهَرَمِ وَالْبُخْلِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ، وَمِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ”

  المصدر: صحيح البخاري.

• دعاء سيد الاستغفار:
  

  “اللَّهُمَّ أَنْتَ رَبِّي لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، خَلَقْتَنِي وَأَنَا عَبْدُكَ، وَأَنَا عَلَى عَهْدِكَ وَوَعْدِكَ مَا اسْتَطَعْتُ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا صَنَعْتُ، أَبُوءُ لَكَ بِنِعْمَتِكَ عَلَيَّ، وَأَبُوءُ لَكَ بِذَنْبِي فَاغْفِرْ لِي، فَإِنَّهُ لَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ”

  المصدر: صحيح البخاري.

• دعاء الثبات على الدين:
  

  “يَا مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِكَ”

  المصدر: سنن الترمذي، وصححه الألباني.

صيغ وأدعية عامة جامعة للخير

إلى جانب الأدعية المأثورة، يمكن للمسلم أن يدعو الله تعالى بما يفتح عليه من الخير، وبما يحتاجه من أمور دينه ودنياه، بأسلوب طيب لا يخالف الشرع، وهذه بعض الأمثلة على الأدعية العامة التي تجمع خيري الدنيا والآخرة:

• اللَّهُمَّ اجعل صيامنا صيام الصالحين، وقيامنا قيام القانتين، ونبّهنا فيه عن نومة الغافلين، وتجاوز عن زلاتنا يا عفوٌّ يا كريم.
• اللَّهُمَّ يا محوِّل الأحوال، حوِّل حالنا إلى أحسن حال، وأصلح لنا شأننا كله، ولا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين.
• اللَّهُمَّ إنا نسألك العفو والعافية في الدين والدنيا والآخرة، اللهم استر عوراتنا، وآمن روعاتنا، واحفظنا من بين أيدينا ومن خلفنا.
• اللَّهُمَّ ارزقنا القناعة والرضا، واملأ قلوبنا نورًا وسرورًا، واكفنا بحلالك عن حرامك، وأغننا بفضلك عمن سواك.

تنبيه هام: هذه الصيغ هي مما يتداوله بعض الناس وهي أدعية حسنة المعنى، ولكنها لم تثبت بنصها عن النبي صلى الله عليه وسلم، الدعاء عبادة، والأصل فيها الالتزام بما ورد في القرآن الكريم والسنة الصحيحة، فهي كافية وشاملة ومباركة، ويجوز الدعاء بغير المأثور ما لم يتضمن اعتداءً أو مخالفة شرعية.

الأصل في الدعاء وشروط استجابته

لكي يكون الدعاء أرجى للقبول، ينبغي للمسلم أن يلتزم بآداب وشروط الدعاء، والتي من أهمها:

• الإخلاص لله تعالى: أن يكون القصد من الدعاء وجه الله وحده، بعيدًا عن الرياء أو السمعة.
• اليقين بالإجابة: أن يدعو المسلم وهو موقن بأن الله تعالى قادر على إجابة دعائه.
• حضور القلب والخشوع: أن يكون القلب حاضرًا ومتضرعًا، وأن لا يكون الدعاء مجرد تمتمة باللسان.
• البدء بحمد الله والثناء عليه: من آداب الدعاء أن يبدأ الداعي بحمد الله، ثم الصلاة على النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
• تحري أوقات الإجابة: مثل وقت السحر، وبين الأذان والإقامة، وفي السجود، وعند إفطار الصائم.
• أكل الحلال: طيب المطعم والمشرب والملبس من أعظم أسباب استجابة الدعاء.
• عدم الاستعجال: ألا يستعجل المسلم الإجابة، بل يلح في الدعاء ويكرره بيقين وصبر.

المصادر والمراجع

الأسئلة الشائعة (FAQs)

ما هو الدعاء الصحيح عند الإفطار؟

أصح ما ورد هو قول: “ذَهَبَ الظَّمَأُ، وَابْتَلَّتِ الْعُرُوقُ، وَثَبَتَ الْأَجْرُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ”، ويجوز أيضًا قول: “اللَّهُمَّ لَكَ صُمْتُ، وَعَلَى رِزْقِكَ أَفْطَرْتُ”.

هل دعوة الصائم عند فطره مستجابة؟

نعم، دل على ذلك الحديث الصحيح: “ثَلَاثَةٌ لَا تُرَدُّ دَعْوَتُهُمْ: الصَّائِمُ حَتَّى يُفْطِرَ…”، لذا، يُعتبر وقت الإفطار من أوقات إجابة الدعاء التي ينبغي للمسلم اغتنامها.

هل يجوز الدعاء بأدعية غير مأثورة من عندي؟

نعم، يجوز للمسلم أن يدعو الله بما يحتاجه من أمور دينه ودنياه بأسلوبه الخاص، بشرط ألا يكون في الدعاء إثم أو قطيعة رحم أو اعتداء، ومع ذلك، يبقى الالتزام بالأدعية المأثورة من القرآن والسنة هو الأفضل والأكمل والأكثر بركة.

ما هو أفضل وقت للدعاء في يوم الصيام؟

كل يوم الصيام وقت مبارك للدعاء، ولكن أرجى الأوقات هي عند الإفطار، وفي الثلث الأخير من الليل (وقت السحر)، وفي أثناء السجود في الصلاة.

عن احمد نصر

بقلم: أحمد نصر باحث ومحرر محتوى إسلامي متخصص في قسم الأدعية بموقع [أُوني]، يكرس جهوده لجمع وتدقيق الأدعية المأثورة من القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، وتقديمها للمسلمين في إطار موثوق وسهل الفهم، يسعى أحمد لتقديم محتوى ديني يعزز الصلة بالله ويستند إلى المصادر الشرعية الصحيحة.

جميع مقالات احمد نصر