يُستحب للمسلم الإكثار من ذكر الله تعالى ودعائه لنفسه وأهله والمسلمين في أيام العيد، فهي أوقات مباركة يفيض فيها الخير وتُرجى فيها إجابة الدعاء، كما ينبغي استشعار الفرحة والبهجة بهذه الشعيرة العظيمة، فهي مناسبة لتعزيز روابط المحبة وصلة الأرحام، ونشر السعادة بين الناس.
أدعية ثابتة من القرآن الكريم والسنة النبوية
الأصل في الدعاء هو الالتزام بما ورد في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، فهي الأدعية الجامعة المباركة التي تشمل خيري الدنيا والآخرة، ومن هذه الأدعية التي يُستحب الإكثار منها في كل وقت، وخاصة في الأيام الفاضلة كأيام العيد:
1، دعاء جامع لخيري الدنيا والآخرة
كان هذا الدعاء من أكثر أدعية النبي صلى الله عليه وسلم، وهو من الأدعية القرآنية العظيمة.
“رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ”
(سورة البقرة، الآية: 201).
المصدر: عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: “كانَ أكْثَرُ دُعَاءِ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: اللَّهُمَّ رَبَّنَا آتِنَا في الدُّنْيَا حَسَنَةً، وفي الآخِرَةِ حَسَنَةً، وقِنَا عَذَابَ النَّارِ”، (صحيح البخاري، حديث صحيح).
2، الدعاء عند ذبح الأضحية
من السنة عند ذبح الأضحية أن يقول المسلم ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم.
“بِسْمِ اللهِ، وَاللهُ أَكْبَرُ، اللَّهُمَّ هَذَا مِنْكَ وَلَكَ”
المصدر: وردت هذه الصيغة في السنة النبوية، وهي من الأدعية المشروعة عند النحر، (يمكن مراجعة سنن أبي داود والترمذي، وهو حديث صحيح بمجموع طرقه).
3، دعاء الكرب وتفريج الهموم
من الأدعية النبوية الصحيحة التي يلجأ بها العبد إلى ربه في كل شدة.
“لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ الْعَظِيمُ الْحَلِيمُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ رَبُّ السَّمَوَاتِ وَرَبُّ الْأَرْضِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ”
المصدر: عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول عند الكرب، (صحيح البخاري، حديث صحيح).
أدعية عامة وصيغ منتشرة بمناسبة عيد الأضحى
تنبيه هام: الصيغ التالية هي مما يتداوله بعض الناس على سبيل الدعاء العام، ولم تثبت بسند صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أو أصحابه كتخصيص ليوم العيد، الدعاء عبادة، والأصل فيها الالتزام بما ورد في القرآن الكريم والسنة الصحيحة، وهي كافية ومباركة، ويمكن للمسلم أن يدعو بما يفتح الله عليه من الأدعية الطيبة التي لا تحتوي على محظور شرعي، دون أن ينسبها للسنة أو يعتقد لها فضلاً خاصاً.
أدعية للأهل والأحباب
- اللَّهُمَّ يا ذا الجلال والإكرام، أسألك أن تحفظ عائلتي وأحبتي بحفظك، وأن تبارك لهم في أعمارهم وأرزاقهم، اللَّهُمَّ اجعلنا متحابين ومتماسكين، وأدم علينا الأعياد ونحن في صحة وعافية وأمان.
- يا رب، في هذا اليوم المبارك، أسألك أن تملأ قلوب أحبتي بالفرح والسرور، وأن تجعل أيامهم كلها أعياداً، وأن تتقبل منهم صالح الأعمال وتغفر لهم الزلات، عيدكم مبارك وكل عام وأنتم إلى الله أقرب.
- اللهم إني أسألك لأصدقائي صلاح الحال، وراحة البال، وقبول الأعمال، اللهم اجمعنا دائماً على الخير والمحبة، واحفظهم من كل سوء، وبارك لهم في عيدهم وأيامهم.
دعاء للزوج
- اللهم إني أستودعك زوجي، فاحفظه بحفظك الذي لا يرام وعينك التي لا تنام، وبارك له في صحته وعمله ورزقه، واجعله قرة عين لي، واجمعنا على طاعتك في الدنيا وفي جنات النعيم في الآخرة.
- يا رب، لك الحمد أن رزقتني هذا الزوج، فأسألك أن تجعل المودة والرحمة أساس حياتنا، وأن تملأ بيتنا سعادة وطمأنينة، وأن تجعل هذا العيد بداية لكل خير لنا.
دعاء للأم
- اللهم في يوم العيد هذا، أسألك أن تمنح أمي الصحة والعافية، وأن تبارك في عمرها، وأن ترزقها السعادة في الدارين، اللهم اجعلها من سيدات أهل الجنة، واجزها عنا خير الجزاء.
- يا رب، افتح لأمي أبواب رحمتك وفضلك، وأبعد عنها كل هم وغم، واجعل حياتها مليئة بالرضا والطمأنينة، وتقبل دعاءها وأعمالها يا أكرم الأكرمين.
ما حكم تخصيص العيد بأدعية معينة؟
لم يثبت في السنة النبوية الشريفة دعاء مخصص يُقال في يوم العيد أو ليلته، الدعاء مشروع في كل وقت، ويستحب الإكثار منه في الأوقات الفاضلة مثل أيام التشريق، أما تخصيص صيغ معينة للعيد والاعتقاد بأنها سنة، فهذا الأمر لا أصل له في الشرع.
يجوز للمسلم أن يدعو لنفسه ولغيره بما يشاء من خيري الدنيا والآخرة بأي صيغة طيبة، دون أن ينسبها إلى الدين أو يعتقد لها فضيلة خاصة مرتبطة بالعيد، والأفضل دائمًا هو الدعاء بالأدعية المأثورة من القرآن والسنة الصحيحة لشموليتها وبركتها.
آداب الدعاء وشروط قبوله
للدعاء آداب يُستحب للمسلم مراعاتها لتكون أرجى للقبول، ومن أهمها:
- الإخلاص لله تعالى: أن يكون الدعاء خالصاً لوجه الله وحده.
- حضور القلب والخشوع: استشعار عظمة الله والافتقار إليه عند الدعاء.
- البدء بحمد الله والثناء عليه: ثم الصلاة على النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
- الإلحاح في الدعاء: تكرار المسألة وعدم استعجال الإجابة.
- اليقين بالإجابة: أن يدعو المسلم وهو موقن بأن الله سيستجيب له.
- تحري أوقات الإجابة: مثل الثلث الأخير من الليل، وبين الأذان والإقامة، وفي السجود.
- الاعتراف بالذنب: والاستغفار منه قبل طلب الحاجة.
المصادر والمراجع
- سورة البقرة، الآية 201.
- صحيح البخاري، كتاب الدعوات، باب أفضل الاستغفار، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
- سنن أبي داود، كتاب الضحايا، باب ما يقال عند الذبح، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
أسئلة شائعة (FAQs)
ما هو أفضل وقت للدعاء في أيام عيد الأضحى؟
الأيام كلها مباركة، وخاصة يوم عرفة لغير الحاج، وأيام التشريق الثلاثة التي تلي يوم العيد، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: “أَيَّامُ التَّشْرِيقِ أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ وَذِكْرٍ لِلَّهِ” (رواه مسلم)، فالدعاء من أعظم الذكر.
هل هناك دعاء مخصص لصلاة العيد؟
لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم دعاء معين يُقال قبل صلاة العيد أو بعدها مباشرة، لكن يمكن للمسلم أن يدعو بما يشاء من الخير قبل الصلاة أو بعدها دون تخصيص.
هل الأدعية المنتشرة للعيد بدعة؟
إذا دعا المسلم بصيغة عامة لنفسه أو لأهله في العيد دون أن يعتقد أنها سنة أو لها فضل خاص، فلا حرج في ذلك، أما اعتقاد أن صيغة معينة هي “دعاء العيد” المخصص وتخصيصها والتعبد بها، فهذا يدخل في باب البدعة الإضافية، والأولى للمسلم الالتزام بما هو ثابت ومأثور.
