أولت الشريعة الإسلامية مكانة عظيمة للوالدين، وأمرت ببرّهما والإحسان إليهما قولًا وفعلًا، ويحتل الأب منزلة رفيعة؛ فهو السند والراعي الذي يسعى لتأمين حياة كريمة لأسرته، وقد حثت النصوص الشرعية على تقديره والدعاء له في حياته وبعد مماته، اعترافًا بفضله ورجاءً للأجر من الله تعالى.

إن الدعاء للأب من أعظم صور البر، سواء كان حيًا أم متوفى، وهو من الأعمال الصالحة التي يصل أجرها إليه.

مكانة الأب وفضل برّه في السنة النبوية

أكد النبي صلى الله عليه وسلم على المنزلة العظيمة للأب، وبيّن أن طاعته وبرّه من أسباب دخول الجنة، فعن أبي الدرداء رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

الْوَالِدُ أَوْسَطُ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ، فَإِنْ شِئْتَ فَأَضِعْ ذَلِكَ الْبَابَ أَوِ احْفَظْهُ.

المصدر: سنن الترمذي، (حديث حسن صحيح).

وهذا الحديث الشريف يوضح أن رضا الأب وطاعته في غير معصية الله هو طريق مباشر إلى خير أبواب الجنة وأعلاها.

أدعية مأثورة للوالدين من القرآن الكريم

يعد الدعاء بما ورد في القرآن الكريم من أفضل ما يدعو به المسلم، وهذه بعض الأدعية القرآنية العامة التي تشمل الأب والأم:

• الدعاء بالرحمة لهما جزاءً على تربيتهما:
  

  “رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا”

  (سورة الإسراء، الآية: 24).

• الدعاء بالمغفرة لهما وللمؤمنين:
  

  “رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ”

  (سورة إبراهيم، الآية: 41).

أمثلة على أدعية عامة وشائعة للأب

هذه مجموعة من الصيغ العامة التي يمكن للمسلم أن يدعو بها لوالده، سواء كان حيّاً أم متوفى، وهي تجمع بين خيري الدنيا والآخرة.

دعاء للأب بالصحة وطول العمر

• اللَّهُمَّ أَلْبِسْ وَالِدِي ثَوْبَ الصِّحَّةِ وَالْعَافِيَةِ، وَارْزُقْهُ عُمْرًا مَدِيدًا فِي طَاعَتِكَ، وَبَارِكْ لَهُ فِي سَمْعِهِ وَبَصَرِهِ وَسَائِرِ جَوَارِحِهِ.
• رَبِّي، أَطِلْ فِي عُمْرِ وَالِدِي وَمُدَّهُ بِالصِّحَّةِ وَالْعَافِيَةِ، وَاحْفَظْهُ بِحِفْظِكَ الَّذِي لَا يُرَامُ، وَاكْلَأْهُ بِعَيْنِكَ الَّتِي لَا تَنَامُ.
• يَا رَبِّ، إِنَّ وَالِدِي مِنْ أَعْظَمِ نِعَمِكَ عَلَيَّ، فَلَا تَحْرِمْنِي مِنْهُ وَأَكْرِمْهُ بِعَافِيَتِكَ الَّتِي لَا تُحَدُّ، وَاجْعَلِ السَّعَادَةَ وَالرِّضَا لَا يُفَارِقَانِهِ.
• اللَّهُمَّ اجْعَلْ وَالِدِي مِنْ عِبَادِكَ الَّذِينَ يَذْكُرُونَكَ آَنَاءَ اللَّيْلِ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ، وَيَحْمَدُونَكَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ، وَيَحْرِصُونَ عَلَى طَاعَتِكَ.

دعاء للأب المتوفى بالرحمة والمغفرة

• اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِأَبِي وَارْحَمْهُ، وَعَافِهِ وَاعْفُ عَنْهُ، وَأَكْرِمْ نُزُلَهُ، وَوَسِّعْ مُدْخَلَهُ، وَاغْسِلْهُ بِالْمَاءِ وَالثَّلْجِ وَالْبَرَدِ، وَنَقِّهِ مِنَ الْخَطَايَا كَمَا يُنَقَّى الثَّوْبُ الْأَبْيَضُ مِنَ الدَّنَسِ.
• اللَّهُمَّ أَبْدِلْهُ دَارًا خَيْرًا مِنْ دَارِهِ، وَأَهْلًا خَيْرًا مِنْ أَهْلِهِ، وَأَدْخِلْهُ الْجَنَّةَ، وَأَعِذْهُ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ وَمِنْ عَذَابِ النَّارِ.
• اللَّهُمَّ إِنَّ أَبِي فِي ذِمَّتِكَ وَحَبْلِ جِوَارِكَ، فَقِهِ فِتْنَةَ الْقَبْرِ وَعَذَابَ النَّارِ، وَأَنْتَ أَهْلُ الْوَفَاءِ وَالْحَقِّ، فَاغْفِرْ لَهُ وَارْحَمْهُ، إِنَّكَ أَنْتَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.
• اللَّهُمَّ اجْعَلْ قَبْرَهُ رَوْضَةً مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ، وَلَا تَجْعَلْهُ حُفْرَةً مِنْ حُفَرِ النَّارِ، وَافْسَحْ لَهُ فِي قَبْرِهِ مَدَّ بَصَرِهِ.

دعاء للأب المريض بالشفاء

1. اللَّهُمَّ رَبَّ النَّاسِ، أَذْهِبِ الْبَاسَ، اشْفِ وَأَنْتَ الشَّافِي، لَا شِفَاءَ إِلَّا شِفَاؤُكَ، شِفَاءً لَا يُغَادِرُ سَقَمًا، اللَّهُمَّ اشْفِ أَبِي.
2. أَسْأَلُ اللهَ الْعَظِيمَ، رَبَّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ، أَنْ يَشْفِيَ وَالِدِي، (تُقال سبع مرات).
3. اللَّهُمَّ يَا مُفَرِّجَ الْكَرْبِ، وَيَا كَاشِفَ الْغَمِّ، أَلْبِسْ أَبِي ثَوْبَ الصِّحَّةِ وَالْعَافِيَةِ عَاجِلًا غَيْرَ آجِلٍ، يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.
4. يَا رَبِّ، إِنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ، اللَّهُمَّ ارْفَعِ الضُّرَّ عَنْ أَبِي، وَامْنُنْ عَلَيْهِ بِالشِّفَاءِ التَّامِّ.

تنبيه هام: هذه الصيغ المذكورة أعلاه هي أمثلة على أدعية عامة يتداولها الناس، ولم تثبت كنصوص محددة بسند صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أو أصحابه، الدعاء عبادة، والأصل فيها الالتزام بما ورد في القرآن الكريم والسنة الصحيحة، فهي كافية ومباركة، مع جواز الدعاء بما يفتح الله به على عبده من صيغ لا تخالف الشرع.

حكم الدعاء للأب بصيغ غير مأثورة

الأصل في الدعاء هو التعبد لله واللجوء إليه، وأفضله ما كان مأثورًا من القرآن والسنة، ومع ذلك، يجوز للمسلم أن يدعو الله بما شاء من خيري الدنيا والآخرة وبأي صيغة كانت، شريطة ألا تحتوي على إثم أو قطيعة رحم أو اعتداء في الدعاء، فباب الدعاء واسع، والله سبحانه وتعالى يحب أن يسأله عبده ويلحّ عليه في الطلب.

فبرّ الوالدين لا يقتصر على الدعاء فقط، بل يشمل الإحسان إليهما في القول والفعل، وطاعتهما في المعروف، ورعايتهما خاصة عند الكبر، كما قال تعالى:

“وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا”

(سورة العنكبوت، الآية: 8).

المصادر والمراجع

أسئلة شائعة (FAQs)

ما هو أفضل دعاء للأب المتوفى؟

أفضل الدعاء هو ما ورد في السنة النبوية، مثل: “اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ وَارْحَمْهُ…”، بالإضافة إلى الدعاء القرآني: “رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ…”، كما أن من أعظم البر بعد الموت التصدق عنه، وقضاء دينه، وصلة الرحم التي لا توصل إلا به.

هل يجوز الدعاء للأب بالعامية أو بصيغ من عندي؟

نعم، يجوز الدعاء بأي لغة أو صيغة طالما أن معناها صحيح ولا يخالف الشريعة الإسلامية، الله سبحانه وتعالى يفهم دعاء عبده بقلبه ولسانه، والأهم هو الإخلاص والصدق في الدعاء.

ما هو الوقت الأفضل للدعاء للأب؟

يمكن الدعاء في كل وقت، ولكن هناك أوقات يُرجى فيها إجابة الدعاء أكثر من غيرها، مثل: الثلث الأخير من الليل، وبين الأذان والإقامة، وفي السجود، وآخر ساعة من يوم الجمعة، وعند نزول المطر.

عن احمد نصر

بقلم: أحمد نصر باحث ومحرر محتوى إسلامي متخصص في قسم الأدعية بموقع [أُوني]، يكرس جهوده لجمع وتدقيق الأدعية المأثورة من القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، وتقديمها للمسلمين في إطار موثوق وسهل الفهم، يسعى أحمد لتقديم محتوى ديني يعزز الصلة بالله ويستند إلى المصادر الشرعية الصحيحة.

جميع مقالات احمد نصر