الأخوة في الإسلام رابطة إيمانية عظيمة، فهي نعمة من الله تستوجب الشكر، وحقٌ يقتضي الرعاية، ويُعد الأخ سنداً وعوناً في الحياة، والدعاء له بظهر الغيب من أصدق صور المحبة وأعظم الهدايا التي يمكن تقديمها، فهو يعكس عمق الرابطة، ويحقق معنى الجسد الواحد الذي حث عليه الإسلام، إن دعاء المسلم لأخيه لا يعود بالخير عليه وحده، بل هو دعاء مستجاب يعود على الداعي نفسه بالبركة والخير.

فعن أبي الدرداء رضي الله عنه، أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:

“مَا مِنْ عَبْدٍ مُسْلِمٍ يَدْعُو لِأَخِيهِ بِظَهْرِ الْغَيْبِ، إِلَّا قَالَ الْمَلَكُ: وَلَكَ بِمِثْلٍ”، (رواه مسلم)

في هذا المقال، نستعرض مجموعة من الأدعية المأثورة من القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة، بالإضافة إلى صيغ دعاء عامة يمكن الدعاء بها للأخ في مختلف أحواله، مع التركيز على الموثوقية والدليل الشرعي.

أدعية ثابتة للأخ من القرآن والسنة

الأصل في الدعاء هو الالتزام بما ورد في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، فهي أدعية جامعة ومباركة، ومنها ما يمكن الدعاء به للأخ بنية صلاحه وتوفيقه وحفظه.

1، دعاء جامع لخيري الدنيا والآخرة

هذا الدعاء من أجمع الأدعية التي دعا بها النبي صلى الله عليه وسلم، وهو يشمل كل خير في الدنيا والآخرة.

“رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ”، [البقرة: 201]

2، دعاء للأخ المريض بالشفاء

عند زيارة المريض أو الدعاء له، يُستحب استخدام الصيغ الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم، ومنها:

“اللَّهُمَّ رَبَّ النَّاسِ أَذْهِبِ البَاسَ، اشْفِهِ وَأَنْتَ الشَّافِي، لاَ شِفَاءَ إِلَّا شِفَاؤُكَ، شِفَاءً لاَ يُغَادِرُ سَقَمًا”، (حديث صحيح، رواه البخاري)

كما يمكن أن تقول: “أَسْأَلُ اللَّهَ الْعَظِيمَ رَبَّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ أَنْ يَشْفِيَكَ” سبع مرات، لقول النبي صلى الله عليه وسلم أن من قالها لمريض لم يحضر أجله إلا عوفي، (حديث صحيح، رواه أبو داود والترمذي).

3، دعاء لحفظ الأخ من كل سوء

كان النبي صلى الله عليه وسلم يُعوّذ الحسن والحسين رضي الله عنهما بهذا الدعاء، ويمكن تكييفه للدعاء للأخ المفرد:

“أُعِيذُكَ بِكَلِمَاتِ اللهِ التَّامَّةِ مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ وَهَامَّةٍ، وَمِنْ كُلِّ عَيْنٍ لَامَّةٍ”، (حديث صحيح، رواه البخاري)

صيغ دعاء عامة ومأثورة للأخ

إلى جانب الأدعية الثابتة، يجوز للمسلم أن يدعو لأخيه بما يفتح الله عليه من صيغ الدعاء الطيبة التي لا تخالف الشرع، ما دامت معانيها صحيحة، وهذه بعض الأمثلة التي يمكن الاستئناس بها للدعاء للأخ في مختلف المناسبات.

دعاء للأخ بالحفظ والرعاية

• اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْتَوْدِعُكَ أَخِي، فَأَنْتَ خَيْرُ الْحَافِظِينَ، احْفَظْهُ بِعَيْنِكَ الَّتِي لَا تَنَامُ، وَاكْلَأْهُ بِرُكْنِكَ الَّذِي لَا يُرَامُ، وَاحْرُسْهُ مِنْ شُرُورِ الدُّنْيَا وَمَصَائِبِهَا.
• يَا رَبِّ، احْفَظْ أَخِي مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ، وَعَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ شِمَالِهِ، وَمِنْ فَوْقِهِ، وَأَعُوذُ بِعَظَمَتِكَ أَنْ يُغْتَالَ مِنْ تَحْتِهِ.
• اللَّهُمَّ اصْرِفْ عَنْ أَخِي كُلَّ سُوءٍ وَمَكْرُوهٍ، وَنَجِّهِ مِنْ الْفِتَنِ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ، وَاجْعَلْهُ فِي حِمَاكَ وَأَمَانِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.

دعاء للأخ المريض

قال الله تعالى على لسان نبيه إبراهيم عليه السلام:

“وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ”، [الشعراء: 80]

• اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِأَسْمَائِكَ الْحُسْنَى وَصِفَاتِكَ الْعُلَا، أَنْ تَمُنَّ عَلَى أَخِي بِالشِّفَاءِ الْعَاجِلِ، وَأَنْ تُلْبِسَهُ ثَوْبَ الصِّحَّةِ وَالْعَافِيَةِ.
• يَا شَافِي، يَا مُعَافِي، اشْفِ أَخِي شِفَاءً تَامًّا لَا يُغَادِرُ سَقَمًا، وَعَوِّضْهُ خَيْرًا عَنْ كُلِّ لَحْظَةِ أَلَمٍ وَوَجَعٍ.
• اللَّهُمَّ اجْعَلْ مَرَضَهُ كَفَّارَةً لِذُنُوبِهِ، وَرِفْعَةً فِي دَرَجَاتِهِ، وَأَعِدْهُ إِلَيْنَا سَالِمًا مُعَافًى بِقُوَّتِكَ وَرَحْمَتِكَ يَا كَرِيمُ.

دعاء بالتوفيق والنجاح للأخ

التوفيق من الله وحده، والدعاء به للأخ من أعظم صور الدعم له، قال تعالى:

“وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ”، [هود: 88]

• اللَّهُمَّ وَفِّقْ أَخِي لِمَا تُحِبُّ وَتَرْضَى، وَيَسِّرْ لَهُ أَمْرَهُ، وَاشْرَحْ صَدْرَهُ، وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِهِ يَفْقَهُوا قَوْلَهُ.
• يَا رَبِّ، افْتَحْ عَلَى أَخِي فُتُوحَ الْعَارِفِينَ، وَارْزُقْهُ الْحِكْمَةَ وَالْبَصِيرَةَ فِي أَمْرِهِ كُلِّهِ، وَاجْعَلْ خُطَاهُ مُبَارَكَةً وَسَعْيَهُ مَشْكُورًا.
• اللَّهُمَّ سَخِّرْ لَهُ الْأَسْبَابَ، وَهَيِّئْ لَهُ الصُّحْبَةَ الصَّالِحَةَ، وَاجْعَلْهُ مِنْ النَّاجِحِينَ الْمُفْلِحِينَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ.

دعاء للأخ بالسعادة وراحة البال

• اللَّهُمَّ أَدْخِلِ السَّعَادَةَ وَالسُّرُورَ عَلَى قَلْبِ أَخِي، وَأَذْهِبْ عَنْهُ الْهَمَّ وَالْغَمَّ وَالْحَزَنَ، وَارْزُقْهُ طُمَأْنِينَةً تَشْرَحُ صَدْرَهُ.
• يَا رَبِّ، إِنْ كَانَ أَخِي مَهْمُومًا فَفَرِّجْ هَمَّهُ، وَإِنْ كَانَ مَكْرُوبًا فَنَفِّسْ كَرْبَهُ، وَاجْعَلْ لَهُ مِنْ كُلِّ ضِيقٍ مَخْرَجًا، وَمِنْ كُلِّ هَمٍّ فَرَجًا.
• اللَّهُمَّ ارْزُقْهُ رَاحَةَ الْبَالِ، وَسَكِينَةَ النَّفْسِ، وَرِضًا بِقَضَائِكَ، وَاجْعَلْهُ مِنَ الشَّاكِرِينَ لِنِعَمِكَ، الصَّابِرِينَ عَلَى بَلَائِكَ.

دعاء للأخ المسافر

• اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْتَوْدِعُكَ أَخِي فِي سَفَرِهِ، فَاحْفَظْهُ بِمَا تَحْفَظُ بِهِ عِبَادَكَ الصَّالِحِينَ، اللَّهُمَّ كُنْ لَهُ صَاحِبًا فِي السَّفَرِ، وَخَلِيفَةً فِي الْأَهْلِ.
• يَا رَبِّ، هَوِّنْ عَلَيْهِ سَفَرَهُ، وَاطْوِ عَنْهُ بُعْدَهُ، وَرُدَّهُ إِلَيْنَا سَالِمًا غَانِمًا مَسْرُورًا.
• اللَّهُمَّ وَفِّقْهُ فِي غُرْبَتِهِ، وَارْزُقْهُ الرِّزْقَ الْحَلَالَ الطَّيِّبَ، وَاعْصِمْهُ مِنَ الْفِتَنِ، وَأَعِنْهُ عَلَى طَاعَتِكَ وَذِكْرِكَ.

تنبيه هام بخصوص أدعية منتشرة غير ثابتة

ينتشر بين الناس على وسائل التواصل الاجتماعي العديد من صيغ الأدعية المخصصة لأغراض معينة، والتي قد لا يكون لها أصل ثابت في السنة النبوية، ورغم أن الدعاء بما ليس فيه إثم أو قطيعة رحم جائز، إلا أن الأفضل والأكمل هو الالتزام بالأدعية المأثورة.

تنبيه هام: بعض الصيغ المنتشرة هي مما يتداوله الناس استحساناً، ولم تثبت بسند صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أو أصحابه، الدعاء عبادة، والأصل فيها الالتزام بما ورد في القرآن الكريم والسنة الصحيحة، فهي كافية ومباركة وجامعة لكل خير.

المصادر والمراجع

الأسئلة الشائعة

ما هو أفضل دعاء للأخ؟

أفضل الدعاء هو ما كان أجمعه للخير وأصحه سنداً، الأدعية الواردة في القرآن والسنة، مثل “ربنا آتنا في الدنيا حسنة…”، ودعاء الشفاء “اللهم رب الناس…”، هي الأفضل والأكثر بركة، والدعاء للأخ بظهر الغيب من أسباب استجابة الدعاء.

هل يجوز الدعاء للأخ بصيغ من عندي؟

نعم، يجوز للمسلم أن يدعو لأخيه بما يشاء من خير الدنيا والآخرة بأسلوبه الخاص، بشرط ألا يكون في الدعاء اعتداء أو إثم أو قطيعة رحم، الدعاء بصدق وإخلاص من القلب هو الأهم.

ما هي أوقات استجابة الدعاء؟

هناك أوقات وأحوال يُرجى فيها إجابة الدعاء، منها: الثلث الأخير من الليل، وبين الأذان والإقامة، وفي السجود، ويوم الجمعة (خاصة آخر ساعة منه)، وعند نزول المطر، وفي السفر، وحال الصيام.

عن احمد نصر

بقلم: أحمد نصر باحث ومحرر محتوى إسلامي متخصص في قسم الأدعية بموقع [أُوني]، يكرس جهوده لجمع وتدقيق الأدعية المأثورة من القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، وتقديمها للمسلمين في إطار موثوق وسهل الفهم، يسعى أحمد لتقديم محتوى ديني يعزز الصلة بالله ويستند إلى المصادر الشرعية الصحيحة.

جميع مقالات احمد نصر