تُعد الدورة الشهرية علامة طبيعية على بلوغ الفتاة، وهي عملية فسيولوجية قد يصاحبها أحيانًا بعض الألم في منطقتي أسفل البطن والظهر، بالإضافة إلى الشعور بالتوتر، وفي حين أن هذه الأعراض تُعتبر جزءًا من طبيعة هذه المرحلة، فإن اللجوء إلى الله تعالى بالدعاء وطلب العون منه يُعد من أعظم أسباب الطمأنينة وتخفيف الشدة، فالإنسان مأمور بالدعاء في كل أحواله، في السراء والضراء.
من الأدعية الصحيحة التي يمكن للمرأة أن تدعو بها عند الشعور بالألم أو الكرب بشكل عام:
- عن عثمان بن عفان رضي الله عنه قال: سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول:
“مَا مِنْ عَبْدٍ يَقُولُ فِي صَبَاحِ كُلِّ يَوْمٍ وَمَسَاءِ كُلِّ لَيْلَةٍ: بِسْمِ اللهِ الَّذِي لَا يَضُرُّ مَعَ اسْمِهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ، وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ، ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، فَيَضُرَّهُ شَيْءٌ”.
(رواه الترمذي، وقال: حديث حسن صحيح).
أدعية جامعة من القرآن والسنة لتفريج الكروب وتخفيف الآلام
لم يرد في السنة النبوية دعاء مخصص لنزول الدورة الشهرية أو لتخفيف آلامها، ولكن باب الدعاء واسع، يمكن للمرأة المسلمة أن تدعو الله بما شاءت من خيري الدنيا والآخرة، وأن تستعين بالأدعية العامة الواردة في القرآن الكريم والسنة النبوية لتفريج الكروب وطلب الشفاء والعافية، فهي شاملة ومباركة.
أدعية من القرآن الكريم
- دعاء يونس عليه السلام (دعاء الكرب): وهو من أعظم الأدعية لتفريج الهموم، قال تعالى:.
“وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَىٰ فِي الظُّلُمَاتِ أَن لَّا إِلَٰهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ” [الأنبياء: 87]
- دعاء طلب الخير في الدنيا والآخرة:.
“رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ” [البقرة: 201]
أدعية من السنة النبوية الصحيحة
- دعاء الثبات وتيسير الأمور: كان من أكثر دعاء النبي صلى الله عليه وسلم:
“يَا مُقَلِّبَ القُلُوبِ ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِكَ”
(رواه الترمذي، حديث حسن).
- دعاء طلب العافية:
“اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْعَافِيَةَ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ فِي دِينِي وَدُنْيَايَ وَأَهْلِي وَمَالِي…”
(رواه أبو داود، حديث صحيح).
- دعاء الاستعانة بالله:
“يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ بِرَحْمَتِكَ أَسْتَغِيثُ، أَصْلِحْ لِي شَأْنِي كُلَّهُ، وَلَا تَكِلْنِي إِلَى نَفْسِي طَرْفَةَ عَيْنٍ”
(رواه النسائي، حديث حسن).
صيغ وأدعية عامة شائعة
قد تتداول بعض النساء صيغًا معينة للدعاء بنية تيسير نزول الدورة الشهرية أو تخفيف آلامها، نورد هنا بعض الأمثلة على هذه الأدعية العامة التي يمكن الدعاء بها لطلب العافية وتيسير الأمور من الله تعالى.
- “اللهم يا لطيف، أسألك بلطفك الذي وسع كل شيء أن تلطف بي في أمري كله، وأن تصرف عني كل ألم وتعب، وتخرجني من حلق الضيق إلى أوسع الطريق.”.
- “يا رحيم يا واسع العطاء، أسألك العافية في جسدي، والراحة في نفسي، والبركة في وقتي، اللهم هب لي قلبًا شاكرًا، ويسّر لي أمري، واقضِ لي حاجتي يا أكرم الأكرمين.”.
- “أسألك اللهم ألا ترد مسألتي، وأن تفتح لي أبواب رحمتك وفرجك، وأن تمسح على قلبي بالسكينة والطمأنينة، وتجعل لي من كل همٍ فرجًا، ومن كل ضيقٍ مخرجًا.”.
تنبيه هام وحكم تخصيص أدعية معينة للدورة الشهرية
تنبيه وإخلاء مسؤولية: الصيغ المذكورة أعلاه هي مما يتداوله بعض الناس، وهي أدعية عامة في طلب العافية والفرج، لم يثبت بسند صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أو أصحابه تخصيص دعاء معين أو رقية شرعية محددة لنزول الدورة الشهرية.
الدعاء عبادة توقيفية، والأصل فيها هو الالتزام بما ورد في القرآن الكريم والسنة الصحيحة، فهي كافية ومباركة وشاملة لكل خير، يجوز للمرأة أن تدعو الله بأي صيغة طيبة لتيسير أمرها وتخفيف ألمها، ولكن دون أن تعتقد أن لهذه الصيغة فضلًا خاصًا أو أنها سنة متبعة، فالأمر كله بيد الله، والدعاء هو وسيلة لطلب العون منه سبحانه.
تمارين فعّالة قد تساعد على تنظيم الدورة الشهرية
إلى جانب الدعاء والأخذ بالأسباب الشرعية، يمكن لبعض الأنشطة البدنية أن تساهم في تحسين الصحة العامة وتنشيط الدورة الدموية، مما قد يساعد في انتظام الدورة الشهرية، يُنصح دائمًا باستشارة الطبيب قبل البدء بأي نظام جديد.
المشي
- يُعد المشي من الأنشطة البدنية التي تساهم في تنشيط الدورة الدموية وتحفيز الجسم، كما أن له تأثيرًا إيجابيًا على الحالة النفسية، حيث يعمل على تحسين المزاج وتقليل مستويات التوتر التي قد تكون أحد أسباب تأخر الدورة.
اليوغا
- تُعتبر اليوغا وسيلة فعّالة لتحقيق الاسترخاء والتخلص من التوتر، بعض وضعيات اليوغا تساعد على تمديد العضلات وتحفيز تدفق الدم نحو منطقة الحوض، مما قد يساهم في تخفيف التشنجات.
ركوب الدراجة
- يُعد ركوب الدراجة من الأنشطة التي تعزز نشاط الدورة الدموية بشكل مكثف، مما يدعم تدفق الدم بسلاسة، كما يساعد في الحفاظ على وزن صحي، حيث إن زيادة الوزن قد تكون أحيانًا سببًا في عدم انتظام الدورة.
التمارين الرياضية المعتدلة
- تلعب التمارين الرياضية المعتدلة دورًا في تعزيز نشاط الدورة الدموية وتحسين وظائف الجسم بشكل عام، النشاط البدني المنتظم يساهم في اللياقة العامة ويقلل من العديد من المشاكل الصحية.
المصادر والمراجع
- سورة الأنبياء، الآية 87.
- سورة البقرة، الآية 201.
- جامع الترمذي، حديث رقم 3405، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
- جامع الترمذي، حديث رقم 3522، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
- سنن أبي داود، حديث رقم 5090، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
- السنن الكبرى للنسائي، حديث رقم 10405، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
الأسئلة الشائعة (FAQs)
ما هو الدعاء الصحيح لتخفيف ألم الدورة الشهرية؟
لا يوجد دعاء مخصص ثابت في السنة النبوية لهذا الغرض، ولكن يمكن للمرأة أن تدعو بالأدعية العامة للشفاء وتخفيف الألم، مثل قول: “اللهم رب الناس، أذهب البأس، اشفِ أنت الشافي، لا شفاء إلا شفاؤك، شفاءً لا يغادر سقمًا”، أو أن تضع يدها على موضع الألم وتقول: “بسم الله” (ثلاثًا) ثم “أعوذ بالله وقدرته من شر ما أجد وأحاذر” (سبع مرات).
هل هناك رقية شرعية مخصصة لنزول الدورة المتأخرة؟
لم يثبت وجود رقية شرعية مخصصة لهذا الأمر، الرقية الشرعية العامة بقراءة الفاتحة، وآية الكرسي، والمعوذتين، والآيات والأدعية الصحيحة الأخرى نافعة لكل مرض وكرب بإذن الله، ويمكن استخدامها بنية الشفاء والعافية بشكل عام.
هل يجوز الدعاء بصيغ عامة من عندي لتيسير أموري الصحية؟
نعم، يجوز للمسلم أن يدعو الله بما شاء من خير الدنيا والآخرة وبأي صيغة طيبة لا تخالف الشرع، ما دام لا يعتقد أن هذه الصيغة لها فضل خاص أو أنها سنة واجبة الاتباع، فالدعاء هو مخ العبادة، والله يحب أن يسأله عبده في كل حوائجه.

