يُعد الهم والحزن من المشاعر الثقيلة التي قد تُرهق القلب وتُعكّر صفو الحياة، إذ تستهلك طاقة النفس وتُضعف العزيمة، وفي مواجهة هذه الابتلاءات، ليس للمسلم ملجأ أعظم من الله سبحانه وتعالى، فهو القادر وحده على تفريج الكروب وكشف الغموم وبث السكينة في القلوب، واللجوء إليه بالدعاء الصادق، خاصةً بما ورد في كتابه الكريم وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، هو أعظم أسباب الطمأنينة والفرج.

أدعية ثابتة في القرآن والسنة لتفريج الهم والحزن

الأصل في الدعاء هو الالتزام بما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم، فهو جوامع الكلم وأفضل ما يُتقرب به إلى الله، فيما يلي أهم الأدعية الصحيحة الثابتة لدفع الهم والحزن:

• دعاء النبي عند الهم والحزن:
  عن أنس بن مالك رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يكثر أن يقول:

  “اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْهَمِّ وَالْحَزَنِ، وَالْعَجْزِ وَالْكَسَلِ، وَالْجُبْنِ وَالْبُخْلِ، وَضَلَعِ الدَّيْنِ، وَغَلَبَةِ الرِّجَالِ”.

  المصدر: صحيح البخاري، حديث رقم 6369، (حديث صحيح).

• دعاء الكرب وتفريج الشدائد:
  عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا كربه أمر قال:

  “يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ بِرَحْمَتِكَ أَسْتَغِيثُ، أَصْلِحْ لِي شَأْنِي كُلَّهُ، وَلَا تَكِلْنِي إِلَى نَفْسِي طَرْفَةَ عَيْنٍ”.

  المصدر: رواه النسائي في السنن الكبرى والبزار، وحسنه الألباني، (حديث حسن).

• دعاء ذي النون (يونس عليه السلام):
  وهو الدعاء الذي نادى به نبي الله يونس وهو في بطن الحوت، وهو من أعظم أسباب كشف الكروب، قال تعالى:

  “وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَىٰ فِي الظُّلُمَاتِ أَن لَّا إِلَٰهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ” [الأنبياء: 87].

  وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم:

  “دعوة ذي النون إذ دعا وهو في بطن الحوت: لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين، فإنه لم يدع بها رجل مسلم في شيء قط إلا استجاب الله له”.

  المصدر: سنن الترمذي، حديث رقم 3505، (حديث صحيح).

صيغ وأدعية عامة شائعة لتخفيف الحزن

يتداول الناس بعض الصيغ العامة في الدعاء لتفريج الهم وتيسير الأمور، وهي تعبر عن حاجة العبد وتضرعه إلى الله، ومن أمثلة هذه الصيغ:

• يا الله يا واسع الفضل والعطاء، يا من تُبدل الأحوال في لحظة، أسألك أن تفرّج همي وتزيل عني حزني، وأن تملأ قلبي بالطمأنينة، وتفتح لي أبواب الخير في كل مكان.
• يا رب يا واسع الرحمة، يا من لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء، أسألك بكرمك أن تزيل عني كل همّ يؤرقني، وأن تبدل حزني فرحًا، وتملأ قلبي سكينةً يا من وسعت رحمته كل شيء.
• اللهم يا من بيده الخير كله، أسألك أن تزيل عني الهم، وتبعد عني الحزن، وتشرح صدري، وتهون علي كل ما يؤلمني، اللهم اكفني شر البلاء واصرف عني الأذى يا لطيف.

تنبيه هام وحكم هذه الأدعية

تنبيه هام: هذه الصيغ المذكورة أعلاه هي مما يتداوله بعض الناس، ولم تثبت بسند صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أو أصحابه، الدعاء عبادة، والأصل فيها الالتزام بما ورد في القرآن الكريم والسنة الصحيحة، فهي كافية وشاملة ومباركة.

الحكم الشرعي: يجوز للمسلم أن يدعو الله بما يفتح عليه من صيغ لا تخالف الشرع في معناها، ولكن الأفضل والأكمل والأعظم أجرًا هو الاقتصار على الأدعية المأثورة الثابتة، لأنها من جوامع الكلم التي أوتيها النبي صلى الله عليه وسلم.

تنزيل نص الدعاء بصيغة PDF

دعاء لتيسير الأمور وتفريج الكرب

من الأدعية العامة التي يمكن الدعاء بها لتيسير الأمور، مع استحضار أن الأدعية النبوية هي الأفضل:

اللّهم يا واسع الرحمة ويا ذا العرش الكريم، فرّج همّي ويسّر أمري وأزل كل حزن يسكن قلبي، يا من بيده ملكوت كل شيء، ويا من إذا أراد شيئًا قال له كن فيكون، اجعل لي من كل ضيق مخرجًا ومن كل هم فرجًا، وارزقني من حيث لا أحتسب، وسخّر لي الخير في كل خطوة أخطوها، اللهم حقّق لي ما أتمنى، وأكرمني برزق واسع، وأسألك يا رب العرش العظيم أن تبعد عني كل ما يقلقني، وتبدّل حالي إلى أفضل حال، وترزقني راحة البال وطمأنينة القلب.

دعاء لتحويل الحزن إلى فرح وسرور

الحزن ابتلاء يتطلب الصبر والعودة إلى الله تعالى، وتلاوة كتابه، والتضرع إليه بالدعاء ليُبدّل الهموم طمأنينة ويُفيض على القلب السكينة، يمكن للمسلم أن يناجي ربه بهذه الكلمات العامة:

• يا رب، عبدُك الضعيف يقف بين يديك محتاجًا إلى رحمتك، أسألك يا الله أن تفيض عليَّ من عزتك وتكفيني شر كل من أراد بي سوءًا، اللهم احفظني من كيد الحاسدين، وزدني قربًا منك وإيمانًا بك واغفر لي ذنوبي يا أرحم الراحمين.
• اللهم يا عزيز قوِّ قلبي بعزتك، واجعل لي نصيبًا من الرحمة واللطف، اللهم أسألك أن تصرف عني الهموم وأن تبدل مخاوفي أمنًا وسكينة، اللهم اجعل الفرح نصيبي واملأ أيامي بالطمأنينة.
• اللهم كن معي في لحظات الضيق وخفف عني أثقال الحياة، اللهم اجعل دروبي مُيسرة وأيامي القادمة مملوءة بالخيرات، اللهم ارزقني القوة على تجاوز الأحزان وأبعد عني العراقيل.

أسباب معينة على التغلب على مشاعر الحزن

بجانب الدعاء الذي هو أقوى الأسباب، هناك وسائل إيمانية وعملية تساعد على تجاوز الحزن وتفريج الهم، ومن أبرزها:

حسن الظن بالله والتفاؤل

• من الضروري أن يتحلّى المسلم بحسن الظن بربه، ويوقن بأن بعد العسر يسرًا، وأن كل أقدار الله خير، هذه النظرة الإيجابية المستمدة من الإيمان تجعله أكثر قدرة على تخطي العقبات، وتقلل من مستوى التوتر والقلق الذي يُعمّق الشعور بالحزن.

التخطيط والأخذ بالأسباب

• التوكل على الله يقتضي الأخذ بالأسباب، وجود خطة واضحة لمسار الحياة وتنظيم الأمور يقلل من حجم الضغوط، ويساعد على التركيز على الأهداف، مما يُشعر بالتقدم والإنجاز ويدعم الحالة النفسية.

تطوير الذات والسعي للتحسين

• العمل على تحسين النفس وتلافي نقاط الضعف يبني شخصية أكثر مرونة في التعامل مع الابتلاءات، يجب أن يقدّر الإنسان جهده ولا يقع في فخ جلد الذات، مدركًا أن السعي للتطور عبادة يُثاب عليها.

محاربة التفكير السلبي

• الأفكار السلبية والوساوس من مداخل الشيطان ليحزن الذين آمنوا، يجب على المسلم مدافعة هذه الأفكار بالاستعاذة بالله والاشتغال بما ينفع، وتبني طريقة تفكير إيجابية تركز على الحلول بدلًا من المشكلات.

الدعاء والذكر

• يظل الدعاء والذكر هما السلاح الأقوى لجلب الراحة والطمأنينة، حين يتّجه العبد إلى ربه بالشكوى والدعاء، ويحافظ على الأذكار والاستغفار، يشعر بسكينة داخلية ويفتح الله له أبواب الفرج والرضا.

عندما يمر الإنسان بالحزن، ليس من الصواب الاستسلام لهذه المشاعر، فكل حزن له نهاية، وأفضل سبيل لتخطيه هو التقرب إلى الله، والانشغال بما يُصلح أمر الدين والدنيا، وتجنب كل ما يزيد الهم، مع اليقين بأن الفرج مع الكرب، وأن مع العسر يسرًا.

المصادر والمراجع

أسئلة شائعة

عن احمد نصر

بقلم: أحمد نصر باحث ومحرر محتوى إسلامي متخصص في قسم الأدعية بموقع [أُوني]، يكرس جهوده لجمع وتدقيق الأدعية المأثورة من القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، وتقديمها للمسلمين في إطار موثوق وسهل الفهم، يسعى أحمد لتقديم محتوى ديني يعزز الصلة بالله ويستند إلى المصادر الشرعية الصحيحة.

جميع مقالات احمد نصر