إن من أعظم النعم التي يمنّ الله بها على عباده نعمة الوالدين، وبرّهما من أوجب الواجبات وأحب القربات، وعندما يمرض أحد الوالدين، خاصةً الأم، يتجه القلب خاضعًا إلى الله تعالى، فهو الشافي المعافي الذي بيده مقاليد كل شيء، الدعاء هو سلاح المؤمن وأصل العبادة، وهو من أعظم صور البر والإحسان.

في هذا المقال، نستعرض مجموعة من الأدعية الموثوقة من القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة، بالإضافة إلى صيغ عامة يمكن الدعاء بها، مع التركيز على المصادر الشرعية لضمان تقديم محتوى موثوق يعين المسلم على مناجاة ربه بقلب سليم.

أدعية شرعية موثوقة لشفاء الأم من السنة النبوية

الأصل في الدعاء هو الالتزام بما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم، فقد أوتي جوامع الكلم، وأدعيته هي الأكمل والأشمل بركة، إليك أهم ما ورد في السنة الصحيحة لشفاء المريض، والتي يمكن الدعاء بها للأم:

1، دعاء النبي لذهاب البأس

كان من هدي النبي ﷺ إذا عاد مريضًا أن يدعو له بهذا الدعاء الشامل، وهو من أرجى الأدعية للشفاء بإذن الله.

• نص الدعاء: عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله ﷺ كان إذا أتى مريضًا أو أُتي به، قال:
  

  “اللَّهُمَّ رَبَّ النَّاسِ، أَذْهِبِ البَأْسَ، اشْفِهِ وَأَنْتَ الشَّافِي، لاَ شِفَاءَ إِلَّا شِفَاؤُكَ، شِفَاءً لاَ يُغَادِرُ سَقَمًا.”

  .

• المصدر: صحيح البخاري (5675)، وصحيح مسلم (2191).
• شرح موجز: (أَذْهِبِ البَأْسَ) أي أزل المرض والشدة، (لاَ يُغَادِرُ سَقَمًا) أي شفاءً تامًا كاملاً لا يترك أثرًا للمرض.

2، دعاء الشفاء سبع مرات

هذا الدعاء من الأدعية العظيمة التي يُرجى بها الشفاء، وقد ورد أن من قاله سبع مرات عند المريض الذي لم يحضر أجله، عافاه الله.

• نص الدعاء: عن ابن عباس رضي الله عنهما، عن النبي ﷺ قال: “مَنْ عَادَ مَرِيضًا لَمْ يَحْضُرْ أَجَلُهُ، فَقَالَ عِنْدَهُ سَبْعَ مِرَارٍ:
  

  “أَسْأَلُ اللَّهَ العَظِيمَ رَبَّ العَرْشِ العَظِيمِ أَنْ يَشْفِيَكَ.”

  إِلَّا عَافَاهُ اللَّهُ مِنْ ذَلِكَ المَرَضِ.”.

• المصدر: سنن أبي داود (3106)، وسنن الترمذي (2083)، (حديث صحيح).

3، الرقية باسم الله

هذه الرقية الثابتة عن النبي ﷺ كان يرقي بها نفسه وأهله، وهي حماية من كل ما يؤذي.

• نص الدعاء: عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، أن جبريل أتى النبي ﷺ فقال: يَا مُحَمَّدُ اشْتَكَيْتَ؟ فَقَالَ: «نَعَمْ»، قَالَ:
  

  “بِاسْمِ اللهِ أَرْقِيكَ، مِنْ كُلِّ شَيْءٍ يُؤْذِيكَ، مِنْ شَرِّ كُلِّ نَفْسٍ أَوْ عَيْنِ حَاسِدٍ، اللهُ يَشْفِيكَ، بِاسْمِ اللهِ أَرْقِيكَ.”

  .

• المصدر: صحيح مسلم (2186).

أمثلة على أدعية عامة يمكن الدعاء بها لشفاء الأم

يجوز للمسلم أن يدعو الله تعالى بما يفتح عليه من صيغ الدعاء، ما لم يكن فيها اعتداء أو إثم، وهذه بعض الصيغ العامة التي تجمع معاني الخير والرجاء، ويمكن الدعاء بها للأم المريضة:

• اللَّهُمَّ اشفِ أمي شفاءً لا يغادر سقمًا، وألبسها لباس الصحة والعافية، يا رب، خذ بيدها واحرسها بعينك التي لا تنام، واكفها بركنك الذي لا يرام، واحفظها بعزك الذي لا يضام.
• يا كاشف الهم، يا مفرّج الكرب، يا مجيب دعوة المضطرين، أسألك أن تمنّ على أمي بالشفاء العاجل، اللهم أزل عنها الألم، وأبعد عنها المرض، ولا تجعل لها همًا إلا فرّجته.
• اللَّهُمَّ إني أسألك بأسمائك الحسنى وصفاتك العُلى، وبرحمتك التي وسعت كل شيء، أن تلطف بأمي في مرضها، وأن تجعل ما أصابها تكفيرًا لذنوبها ورفعةً في درجاتها.
• يا الله، يا حي يا قيوم، يا من لا تنام عينك، أحط أمي بحفظك ورعايتك، وارزقها قوةً تعينها على تجاوز المرض، وكن لها سندًا وعونًا في كل حين.
• اللَّهُمَّ رب السماوات والأرض، يا شافي يا معافي، طهّر جسد أمي من كل علة، واجعل عافيتها دائمة، وأقر أعيننا برؤيتها سالمة معافاة يا أرحم الراحمين.

الحكمة من الابتلاء بالمرض وأثره في تكفير الذنوب

جعل الله تعالى في الابتلاءات، ومنها المرض، حكمًا عظيمة وفوائد جليلة للمؤمن الصابر المحتسب، ومن أبرزها:

• رفع الدرجات وتكفير السيئات: المرض سبب لغفران الذنوب ورفعة المنزلة عند الله، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
  

  “مَا يُصِيبُ الْمُسْلِمَ، مِنْ نَصَبٍ وَلاَ وَصَبٍ، وَلاَ هَمٍّ وَلاَ حُزْنٍ وَلاَ أَذًى وَلاَ غَمٍّ، حَتَّى الشَّوْكَةِ يُشَاكُهَا، إِلاَّ كَفَّرَ اللَّهُ بِهَا مِنْ خَطَايَاهُ.”

  المصدر: صحيح البخاري (5641).

• تجديد الإيمان والعودة إلى الله: قد يكون المرض رسالة رحمة توقظ القلب الغافل، وتذكر العبد بضعفه وحاجته لخالقه، فيعود إلى ربه بالتوبة والدعاء، ويكون ذلك سببًا في قربه من الله تعالى.
• إدراك نعمة العافية: لا يعرف قدر نعمة الصحة إلا من فقدها، فالمرض يذكر الإنسان بقيمة العافية، فيدفعه ذلك إلى شكر الله عليها واستعمالها في طاعته.

حكم الدعاء للأم بصيغ غير مأثورة

الدعاء عبادة، والأصل فيها التوقيف على ما ورد في الكتاب والسنة، ومع ذلك، أجمع العلماء على جواز دعاء المسلم لنفسه أو لغيره بصيغ من عنده، بشرطين أساسيين:

1. أن يكون المعنى صحيحًا: لا يدعو بإثم أو قطيعة رحم أو بما هو مستحيل شرعًا أو عقلاً.
2. ألا يعتقد أنها سنة: لا يعتقد أن هذه الصيغة التي ابتكرها لها فضل خاص أو أنها سنة عن النبي صلى الله عليه وسلم، بل يدعو بها على أنها دعاء مطلق.

وعليه، فإن الدعاء للأم المريضة بالصيغ العامة المذكورة أعلاه هو أمر مشروع وجائز، بل ومستحب لما فيه من البر والإحسان، ولكن، يبقى الدعاء بالأدعية النبوية المأثورة هو الأفضل والأكمل والأعظم بركة.

أسئلة شائعة حول الدعاء للأم المريضة

ما هو أفضل وقت للدعاء لشفاء الأم؟

يستجاب الدعاء في كل وقت، ولكن هناك أوقات وأحوال أرجى للإجابة، منها: الثلث الأخير من الليل، وبين الأذان والإقامة، وفي السجود، ويوم الجمعة، وعند نزول المطر، والدعاء بقلب حاضر وموقن بالإجابة من أهم أسباب القبول.

هل الأدعية المأثورة من السنة أفضل من غيرها؟

نعم، الأدعية المأثورة عن النبي صلى الله عليه وسلم هي الأفضل والأكمل، لأنها من جوامع الكلم، وهي أكثر بركة وأقرب للإجابة، ومع ذلك، يجوز الدعاء بغيرها من الصيغ الصحيحة كما تم توضيحه.

هل يمكن قراءة القرآن بنية الشفاء على الأم؟

نعم، القرآن الكريم شفاء ورحمة للمؤمنين، كما قال تعالى:

“وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ” [الإسراء: 82]

، قراءة القرآن، خاصة سورة الفاتحة والمعوذتين وآية الكرسي، على المريض مع النفث عليه، تعتبر من الرقية الشرعية الثابتة والمشروعة.

عن احمد نصر

بقلم: أحمد نصر باحث ومحرر محتوى إسلامي متخصص في قسم الأدعية بموقع [أُوني]، يكرس جهوده لجمع وتدقيق الأدعية المأثورة من القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، وتقديمها للمسلمين في إطار موثوق وسهل الفهم، يسعى أحمد لتقديم محتوى ديني يعزز الصلة بالله ويستند إلى المصادر الشرعية الصحيحة.

جميع مقالات احمد نصر