الدعاء بطلب الحفظ والأمان من الله سبحانه وتعالى هو من أعظم العبادات التي يتقرب بها المسلم إلى ربه، وهو سبيل للتحصين وطلب الحماية من شرور الدنيا والآخرة، والأصل في ذلك هو الالتزام بما ورد في القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة، فهي الكافية والشافية، وفيها البركة والأثر العظيم.

فيما يلي نستعرض مجموعة من الأدعية الثابتة والصحيحة، مع بيان مصادرها، لتكون عونًا للمسلم على تحصين نفسه وأهله.
أدعية الحفظ والتحصين الثابتة في القرآن والسنة
إن أفضل ما يتحصن به المسلم هو كلام الله تعالى وما صح عن نبيه صلى الله عليه وسلم، هذه الأدعية هي الحصن الحصين والدرع المتين بإذن الله.
1، آية الكرسي: أعظم آية في القرآن
تُعد آية الكرسي من أعظم أسباب الحفظ، ويُستحب قراءتها دبر كل صلاة مكتوبة، وعند النوم، وفي أذكار الصباح والمساء.
“اللَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ۚ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ ۚ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ۗ مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِندَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ ۚ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ ۖ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ ۚ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ ۖ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا ۚ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ” [البقرة: 255].
فضلها: من قرأها حين يمسي أُجير من الشياطين حتى يصبح، ومن قرأها حين يصبح أُجير منهم حتى يمسي.
2، المعوذات: سورة الإخلاص والفلق والناس
كان النبي صلى الله عليه وسلم يتعوذ بهن، وهي من أفضل ما يُرقى به ويُتحصن به.
“قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ وَالْمُعَوِّذَتَيْنِ حِينَ تُمْسِي وَحِينَ تُصْبِحُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ تَكْفِيكَ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ” (حديث حسن، رواه أبو داود والترمذي).
تُقرأ ثلاث مرات في الصباح والمساء، ومرة واحدة دبر كل صلاة، وثلاث مرات عند النوم.
3، دعاء “بِسْمِ اللهِ الَّذِي لَا يَضُرُّ مَعَ اسْمِهِ شَيْءٌ”
هذا الدعاء من أذكار الصباح والمساء، وهو حرز من كل ضرر مفاجئ بإذن الله.
“بِسْمِ اللهِ الَّذِي لَا يَضُرُّ مَعَ اسْمِهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ”
فضله: من قاله ثلاث مرات حين يصبح لم تصبه فجأة بلاء حتى يمسي، ومن قاله حين يمسي لم تصبه فجأة بلاء حتى يصبح، (حديث حسن، رواه أبو داود والترمذي).
4، دعاء “أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللهِ التَّامَّاتِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ”
دعاء عظيم للحماية من كل ما يؤذي من المخلوقات.
“أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللهِ التَّامَّاتِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ”
فضله: من نزل منزلاً ثم قال هذا الدعاء، لم يضره شيء حتى يرتحل من منزله ذلك، (حديث صحيح، رواه مسلم).

أمثلة على أدعية عامة شائعة للحفظ
تنتشر بين الناس بعض الصيغ والأدعية التي لم ترد في السنة النبوية بنصها، ولكن معانيها صحيحة بشكل عام، يمكن الدعاء بها على سبيل العموم، مع اليقين بأن الأدعية المأثورة هي الأفضل والأكثر بركة، ومن أمثلة ذلك:
- دعاء لحفظ النفس: “اللَّهُمَّ احْفَظْنِي بِعَيْنِكَ الَّتِي لَا تَنَامُ، وَاكْنُفْنِي بِرُكْنِكَ الَّذِي لَا يُرَامُ، وَارْحَمْنِي بِقُدْرَتِكَ عَلَيَّ، فَأَنْتَ ثِقَتِي وَرَجَائِي”.
- دعاء لحفظ الأبناء: “اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْتَوْدِعُكَ أَوْلَادِي، فَهُمْ قِطْعَةٌ مِنْ قَلْبِي، فَاحْفَظْهُمْ بِحِفْظِكَ، وَأَنْتَ خَيْرُ الْحَافِظِينَ”.
- دعاء لحفظ الأهل: “اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْتَوْدِعُكَ أَبِي وَأُمِّي وَأَهْلِي، فَاحْمِهِمْ مِنْ كُلِّ شَرٍّ وَسُوءٍ، وَأَدِمْ عَلَيْهِمْ الصِّحَّةَ وَالْعَافِيَةَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ”.
- دعاء لرد كيد الأعداء: “اللَّهُمَّ إِنَّا نَجْعَلُكَ فِي نُحُورِهِمْ، وَنَعُوذُ بِكَ مِنْ شُرُورِهِمْ، اللَّهُمَّ اكْفِنِيهِمْ بِمَا شِئْتَ، وَكَيْفَ شِئْتَ، إِنَّكَ عَلَى مَا تَشَاءُ قَدِيرٌ”.

تنبيه هام: هذه الصيغ المذكورة أعلاه هي مما يتداوله بعض الناس، ولم تثبت بسند صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أو أصحابه، الدعاء عبادة، والأصل فيها الالتزام بما ورد في القرآن الكريم والسنة الصحيحة، فهي كافية وشاملة ومباركة، وهي الأولى بالاتباع والحرص عليها.
حكم الدعاء بصيغ لم ترد في السنة
أجاز أهل العلم الدعاء بأدعية لم ترد في الكتاب أو السنة، بشرطين أساسيين:
- أن يكون معناها صحيحًا: لا تحتوي على مخالفة شرعية أو سوء أدب مع الله تعالى.
- ألا يُعتقد أنها سنة: لا ينسبها الداعي للنبي صلى الله عليه وسلم، ولا يعتقد أن لها فضلاً خاصاً أو وقتاً محدداً لم يرد به الشرع.
ومع ذلك، يبقى الالتزام بالأدعية المأثورة هو الأكمل والأفضل والأعظم أجراً، لأنها من جوامع الكلم التي أوتيها النبي صلى الله عليه وسلم، وهي أكثر بركة وأقرب للإجابة.

المصادر والمراجع
- سورة البقرة، الآية 255 (آية الكرسي).
- حديث “قل هو الله أحد والمعوذتين”، (يمكن مراجعته في سنن الترمذي، حديث رقم 3575، على موسوعة الدرر السنية).
- حديث “بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء”، (يمكن مراجعته في سنن أبي داود، حديث رقم 5088، على موسوعة الدرر السنية).
- حديث “أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق”، (يمكن مراجعته في صحيح مسلم، حديث رقم 2708، على موسوعة الدرر السنية).
أسئلة شائعة حول أدعية الحفظ
ما هو أفضل وقت لأدعية التحصين؟
أفضل وقت لأدعية التحصين اليومية هو في أذكار الصباح بعد صلاة الفجر، وأذكار المساء بعد صلاة العصر، كما يُستحب قراءة بعضها عند النوم ودبر الصلوات المكتوبة.
هل يجوز الدعاء بالعامية أو بأسلوبي الخاص؟
نعم، يجوز للمسلم أن يدعو الله تعالى بما في قلبه وبلهجته وأسلوبه الخاص، فالله سبحانه يعلم ما في الصدور ويسمع دعاء عبده كيفما كان، ولكن، يبقى الدعاء بالألفاظ الواردة في القرآن والسنة هو الأعلى منزلة والأعظم أجراً.
ما هو البديل الصحيح للأدعية المنتشرة وغير الثابتة؟
البديل الصحيح والأكمل هو الحرص على أذكار الصباح والمساء الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم، فهي تحتوي على أجمع الأدعية للحفظ والوقاية من كل شر، مثل آية الكرسي والمعوذات والأدعية النبوية المذكورة في هذا المقال.