إن من الفطرة الإنسانية السعي إلى الألفة والمودة وبناء علاقات طيبة مع الآخرين، وعندما يتعلق القلب بشخص معين، سواء كان ذلك في إطار الزواج أو الصداقة أو القرابة، فإن أعظم وسيلة لتقوية هذه الروابط وتوجيهها نحو الخير هي اللجوء إلى الله تعالى بالدعاء، فالدعاء هو العبادة التي تصل العبد بربه، وبه تُطلب خيري الدنيا والآخرة، ومن ذلك صلاح الأحوال، وتآلف القلوب، وتيسير الأمور.
والأصل في الدعاء أن يكون بما ورد في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، فهي أدعية جامعة ومباركة، أو أن يدعو المسلم بحاجته بأسلوبه الخاص، ما لم يكن في دعائه إثم أو قطيعة رحم.
أدعية قرآنية ونبوية في المحبة والألفة وتيسير الأمور
إن أفضل ما يدعو به المسلم هو ما ثبت في القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة، فهي الأدعية الجامعة لخيري الدنيا والآخرة، وفيما يلي بعض الأدعية الصحيحة التي تتعلق بطلب الصلاح في العلاقات والذرية والزواج:
1، دعاء لطلب الزوجة الصالحة والذرية الطيبة
هذا الدعاء من الأدعية القرآنية العظيمة التي يسأل فيها العبد ربه صلاح الأهل والذرية، وهو أساس كل علاقة ناجحة.
“وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا”
المصدر: سورة الفرقان، الآية 74.
2، دعاء النبي صلى الله عليه وسلم لتآلف القلوب
كان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم أن يسأل الله الألفة وإصلاح ذات البين، وهو دعاء عظيم للحفاظ على العلاقات طيبة ومباركة.
“اللَّهُمَّ أَلِّفْ بَيْنَ قُلُوبِنَا، وَأَصْلِحْ ذَاتَ بَيْنِنَا، وَاهْدِنَا سُبُلَ السَّلَامِ، وَنَجِّنَا مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ، وَجَنِّبْنَا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ…”
المصدر: سنن أبي داود، وهو حديث صحيح.
3، دعاء الاستخارة عند الإقدام على أمر كالزواج
إذا كان المسلم مقبلاً على علاقة هامة كالخطبة أو الزواج، فإن أفضل ما يقوم به هو صلاة الاستخارة، والدعاء بدعائها المأثور، لطلب الخيرة من الله تعالى.
“اللَّهُمَّ إنِّي أَسْتَخِيرُكَ بِعِلْمِكَ، وَأَسْتَقْدِرُكَ بِقُدْرَتِكَ، وَأَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ الْعَظِيمِ، فَإِنَّكَ تَقْدِرُ وَلا أَقْدِرُ، وَتَعْلَمُ وَلا أَعْلَمُ، وَأَنْتَ عَلامُ الْغُيُوبِ، اللَّهُمَّ إنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الأَمْرَ -ويسمي حاجته- خَيْرٌ لِي فِي دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي فَاقْدُرْهُ لِي وَيَسِّرْهُ لِي ثُمَّ بَارِكْ لِي فِيهِ، وَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الأَمْرَ شَرٌّ لِي فِي دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي فَاصْرِفْهُ عَنِّي وَاصْرِفْنِي عَنْهُ وَاقْدُرْ لِي الْخَيْرَ حَيْثُ كَانَ ثُمَّ أَرْضِنِي بِهِ.”
المصدر: صحيح البخاري.
صيغ منتشرة تُنسب لجلب المحبة أو التواصل
يتداول بعض الناس صيغاً وأدعية معينة يعتقدون أنها مخصصة لجعل شخص يفكر بهم أو يتواصل معهم، ومن أمثلة ذلك:
- “اللهم اجعل فلان دائم الفكر بي، ولا يرى غيري…”.
- “يا رب كما جعلت يوسف في قلب زليخة، ازرع محبتي في قلب فلان…”.
- “اللهم سخر لي قلبه كما سخرت البحر لموسى…”.
تنبيه هام وإخلاء مسؤولية: هذه الصيغ المذكورة أعلاه هي مما يتداوله بعض الناس، ولم تثبت بسند صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أو أصحابه، الدعاء عبادة، والأصل فيها الالتزام بما ورد في القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة، وهي كافية ومباركة، أو الدعاء بما يفتح الله به على عبده من الخير دون تحديد صيغ أو أعداد لم يرد بها دليل شرعي.
الحكم الشرعي في تخصيص أدعية وآيات بأعداد معينة لجلب شخص
إن تخصيص آية معينة أو دعاء معين بعدد محدد (مثل تلاوة آية “إِنَّهُ عَلَى رَجْعِهِ لَقَادِرٌ” 309 مرات) لغرض جلب شخص أو جعله يتصل، هو من الأمور التي لا أصل لها في الشرع، ويُعد من البدع المحدثة، فالعبادات توقيفية، أي أنها مبنية على ما ورد به الدليل من القرآن والسنة، ولم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أو صحابته الكرام أنهم خصصوا آيات أو أذكاراً بأعداد معينة لأغراض دنيوية محددة كهذه.
كما أن تفسير آية “إِنَّهُ عَلَى رَجْعِهِ لَقَادِرٌ” [الطارق: 8] في هذا السياق هو تفسير خاطئ ومخالف لمعناها الصحيح، فالآية تتحدث عن قدرة الله تعالى على بعث الإنسان وإحيائه بعد الموت، وليس عن “رجع” أو عودة شخص في علاقة دنيوية.
والصواب هو الإكثار من الدعاء بصدق وإخلاص بالأدعية العامة والمأثورة، وسؤال الله تيسير الخير حيث كان، مع الأخذ بالأسباب المشروعة.
هل هناك دعاء لرؤية شخص معين في المنام؟
لم يرد في السنة النبوية المطهرة دعاء مخصص لرؤية شخص معين في المنام، والرؤى والأحلام من عند الله تعالى، يراها الإنسان إما بشارة بخير، أو تحذيراً من شر، أو حديث نفس، والأولى بالمسلم أن يسأل الله الخير في يقظته ومنامه، وأن يحرص على أذكار النوم الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم، فإنها تحفظه بإذن الله وتجلب له الخير.
ومن أراد صلاح أمره مع شخص معين، فعليه بالدعاء له بظهر الغيب بالهداية والتوفيق، وأن يجمع الله بينهما على خير في إطار شرعي.
المصادر والمراجع
- سورة الفرقان، الآية 74.
- سورة الطارق، الآية 8.
- حديث دعاء تآلف القلوب، سنن أبي داود، رقم 969، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
- حديث دعاء الاستخارة، صحيح البخاري، رقم 1162، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
الأسئلة الشائعة (FAQs)
ما هي الطريقة الصحيحة للدعاء من أجل علاقة أو زواج؟
الطريقة الصحيحة تبدأ بالنية الصادقة، ثم الدعاء بالأدعية المأثورة من القرآن والسنة، كدعاء “ربنا هب لنا من أزواجنا…”، أو الدعاء بطلب الخير والهداية، وأهم خطوة هي أداء صلاة الاستخارة وطلب الخيرة من الله قبل الإقدام على أي خطوة جدية.
هل يجوز الدعاء لشخص معين بالاسم ليكون من نصيبي؟
نعم، يجوز الدعاء لشخص معين بالاسم، كأن تقول “اللهم إن كان في فلان خير لي في ديني ودنياي فيسره لي”، فالدعاء بخير مشروع، ولكن يجب تفويض الأمر لله، فهو سبحانه أعلم بما فيه الخير لعبده.
ما هو البديل الصحيح للطرق المنتشرة التي تحدد أعداداً للآيات؟
البديل الصحيح هو الإكثار من الدعاء والذكر بشكل عام دون تقييد بعدد أو كيفية لم ترد في الشرع، عليك بالدعاء بصدق وإلحاح في أوقات الإجابة (كالثلث الأخير من الليل، وبين الأذان والإقامة، وفي السجود) مع الأخذ بالأسباب المشروعة لتحقيق هدفك.
 
		


اللهم ءاميين