دعاء يغفر الذنوب كلها ولو مرة واحدة بالعمر

إن رحمة الله تعالى وسعت كل شيء، وباب التوبة مفتوح للعباد ما لم تغرغر الروح، والعودة إلى الله، والندم على ما فات، والاستغفار الصادق من أعظم أسباب نيل مغفرة الذنوب، فمهما تعاظمت المعاصي، فإن عفو الله أعظم، وقد حثنا الله عز وجل ورسوله الكريم صلى الله عليه وسلم على الدعاء وطلب المغفرة، ووعد سبحانه بالإجابة لمن أخلص وصدق.

أدعية صحيحة ثابتة لغفران الذنوب

الأصل في الدعاء هو الالتزام بما ورد في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، فهي الأدعية الجامعة المباركة التي تجمع خيري الدنيا والآخرة، وفيما يلي مجموعة من الأدعية الصحيحة التي يُرجى لمن دعا بها بقلب حاضر ونية صادقة أن يغفر الله له.

1، أدعية من القرآن الكريم

  • “رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا ۚ رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا ۚ رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ ۖ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا ۚ أَنتَ مَوْلَانَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ”

    (سورة البقرة، الآية: 286).

  • “رَّبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا ۚ رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ * رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدتَّنَا عَلَىٰ رُسُلِكَ وَلَا تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۗ إِنَّكَ لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ”

    (سورة آل عمران، الآيات: 193-194).

  • “رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ”

    (سورة الأعراف، الآية: 23)، وهو دعاء أبوينا آدم وحواء عليهما السلام.

  • “أَنتَ وَلِيُّنَا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا ۖ وَأَنتَ خَيْرُ الْغَافِرِينَ”

    (سورة الأعراف، الآية: 155).

  • “رَبَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ”

    (سورة المؤمنون، الآية: 109).

2، أدعية من السنة النبوية الصحيحة

  • سيد الاستغفار: وهو أعظم صيغ الاستغفار، ومن قاله موقناً به فمات من يومه أو ليلته كان من أهل الجنة.

    “اللَّهُمَّ أَنْتَ رَبِّي لا إِلَهَ إِلا أَنْتَ، خَلَقْتَنِي وَأَنَا عَبْدُكَ، وَأَنَا عَلَى عَهْدِكَ وَوَعْدِكَ مَا اسْتَطَعْتُ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا صَنَعْتُ، أَبُوءُ لَكَ بِنِعْمَتِكَ عَلَيَّ، وَأَبُوءُ لَكَ بِذَنْبِي فَاغْفِرْ لِي، فَإِنَّهُ لا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلا أَنْتَ”

    (المصدر: صحيح البخاري، حديث رقم 6306).

  • دعاء استفتاح الصلاة:

    “اللَّهُمَّ بَاعِدْ بَيْنِي وَبَيْنَ خَطَايَايَ كَمَا بَاعَدْتَ بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ، اللَّهُمَّ نَقِّنِي مِنْ خَطَايَايَ كَمَا يُنَقَّى الثَّوْبُ الْأَبْيَضُ مِنَ الدَّنَسِ، اللَّهُمَّ اغْسِلْنِي مِنْ خَطَايَايَ بِالثَّلْجِ وَالْمَاءِ وَالْبَرَدِ”

    (المصدر: صحيح البخاري، حديث رقم 744، وصحيح مسلم، حديث رقم 598).

  • دعاء النبي عند قيام الليل:

    “اللَّهُمَّ لَكَ أَسْلَمْتُ، وَبِكَ آمَنْتُ، وَعَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ، وَإِلَيْكَ أَنَبْتُ، وَبِكَ خَاصَمْتُ، وَإِلَيْكَ حَاكَمْتُ، فَاغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْتُ وَمَا أَخَّرْتُ، وَمَا أَسْرَرْتُ وَمَا أَعْلَنْتُ، أَنْتَ الْمُقَدِّمُ، وَأَنْتَ الْمُؤَخِّرُ، لا إِلَهَ إِلا أَنْتَ”

    (المصدر: صحيح البخاري، حديث رقم 1120).

  • دعاء جامع لغفران الذنوب:

    “اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي كُلَّهُ دِقَّهُ وَجِلَّهُ، وَأَوَّلَهُ وَآخِرَهُ وَعَلَانِيَتَهُ وَسِرَّهُ”

    (المصدر: صحيح مسلم، حديث رقم 483).

  • دعاء كفارة المجلس:

    “سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا أَنْتَ، أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إِلَيْكَ”

    (المصدر: سنن الترمذي، حديث حسن صحيح).

  • صيغة استغفار عظيمة:

    “أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ الَّذِي لا إِلَهَ إِلا هُوَ الْحَيَّ الْقَيُّومَ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ”

    ورد في فضلها أن من قالها غُفرت ذنوبه وإن كان قد فرّ من الزحف، (المصدر: سنن أبي داود والترمذي، وصححه الألباني).

أدعية مأثورة لطلب المغفرة من الله تعالى

صيغ شائعة ومنتشرة في طلب المغفرة

يتداول بعض الناس صيغاً للدعاء والاستغفار لم ترد بنصها في السنة النبوية، ولكنها تحمل معانٍ طيبة، يجوز الدعاء بها على سبيل العموم ما لم تتضمن محذوراً شرعياً، مع العلم أن الأكمل والأفضل هو الالتزام بالأدعية المأثورة، ومن أمثلة هذه الصيغ:

  • (اللهمَّ إنِّي أستغفرك من كلِّ ذنبٍ خطوتُ إليه برجلي، أو مددتُ إليه يدي، أو تأمَّلته ببصري، أو أصغيتُ إليه بأذني، أو نطق به لساني، ثمَّ استعنت برزقك على عصيانك فسترته عليَّ، وسألتك الزِّيادة فلم تحرمني، ولا تزال عائداً عليَّ بحلمك وإحسانك يا أكرم الأكرمين).
  • (أستغفر الله العظيم حياءً من الله، أستغفر الله العظيم رجوعًا إلى الله، أستغفر الله العظيم ندمًا واسترجاعًا، أستغفر الله العظيم فرارًا من غضبِ الله إلى رضى الله، أستغفر الله العظيم فرارًا من سخطِ الله إلى عفوِ الله).
  • (يا إلهي، إنَّك تقبل التوبة عن عبادك، وتعفو عن السيئات، وتحبُّ التوابين، فاقبل توبتي كما وَعَدت، واعفُ عن سيئاتي كما ضَمِنت، وأوجب لي محبتك كما شَرَطت، ولك يا رب شرطي ألَّا أعود في مكروهك، وضماني ألَّا أرجع في مذمومك، وعهدي أن أهجر جميع معاصيك).
  • (اللهم إنِّي أستغفِرُك من كلِّ ذنبٍ تُبتُ منه ثم عدتُ إليه، وأستغفِرُك من نِعَمٍ أنعمتَ بها عليَّ فاستعنتُ بها على معصيتِك، وأستغفِرُك من الذنوب التي لا يعلمُها أحدٌ غيرُكَ ولا يغفرها إلا أنت).

الحكم الشرعي وتنبيه هام

تنبيه هام: هذه الصيغ المذكورة أعلاه هي مما يتداوله بعض الناس، ولم تثبت بسند صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أو أصحابه، الدعاء عبادة، والأصل فيها الالتزام بما ورد في القرآن الكريم والسنة الصحيحة، وهي كافية وشاملة ومباركة، والدعاء بمعانٍ صحيحة من عند النفس جائز، ولكن لا يجوز نسبتها إلى الشرع أو تخصيص فضل معين لها لم يرد به دليل.

نصوص أدعية من القرآن والسنة لتكفير الذنوب

أعمال مكفرة للذنوب من السنة الصحيحة

إلى جانب الدعاء، هناك أعمال صالحة أرشدنا إليها النبي صلى الله عليه وسلم، تكون سبباً في تكفير الذنوب ومحو السيئات، خاصة الصغائر، أما الكبائر، فتحتاج إلى توبة نصوح بشروطها (الإقلاع عن الذنب، والندم على ما فات، والعزم على عدم العودة إليه)، ومن هذه الأعمال:

  • الصلوات الخمس: هي كفارة لما بينها إذا اجتُنبت الكبائر، قال صلى الله عليه وسلم:

    “الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ، وَالْجُمْعَةُ إِلَى الْجُمْعَةِ، وَرَمَضَانُ إِلَى رَمَضَانَ، مُكَفِّرَاتٌ مَا بَيْنَهُنَّ إِذَا اجْتَنَبَ الْكَبَائِرَ”

    (صحيح مسلم).

  • إسباغ الوضوء: إتقان الوضوء سبب لتساقط الخطايا، قال النبي صلى الله عليه وسلم:

    “مَنْ تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ خَرَجَتْ خَطَايَاهُ مِنْ جَسَدِهِ حَتَّى تَخْرُجَ مِنْ تَحْتِ أَظْفَارِهِ”

    (صحيح مسلم).

  • الحج المبرور: من حج ولم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه، (متفق عليه).
  • صيام رمضان ويوم عرفة وعاشوراء: صيام رمضان إيماناً واحتساباً يغفر ما تقدم من الذنب، وصيام يوم عرفة يكفر السنة الماضية والباقية، وصيام يوم عاشوراء يكفر السنة الماضية، (أحاديث صحيحة).
  • الصدقة: تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار، (حديث حسن صحيح).
  • كثرة ذكر الله والاستغفار: المداومة على ذكر الله، وخاصة الاستغفار، من أعظم أسباب المغفرة، قال تعالى:

    “فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا”

    (نوح: 10).

وقد جمع النبي صلى الله عليه وسلم فضل إحسان العبادة في تكفير الذنوب في قوله:

  • “مَا مِنِ امْرِئٍ مُسْلِمٍ تَحْضُرُهُ صَلاةٌ مَكْتُوبَةٌ فَيُحْسِنُ وُضُوءَهَا وَخُشُوعَهَا وَرُكُوعَهَا، إِلا كَانَتْ كَفَّارَةً لِمَا قَبْلَهَا مِنَ الذُّنُوبِ مَا لَمْ يُؤْتِ كَبِيرَةً، وَذَلِكَ الدَّهْرَ كُلَّهُ”

    (صحيح مسلم).

أعمال صالحة تكفر الذنوب كما ورد في السنة النبوية

إرشادات للتغلب على ذنوب الخلوات

قد يضعف الإنسان ويقع في المعصية حين يكون بعيداً عن أعين الناس، ولكن المؤمن الحق هو من يجعل الله أهون الناظرين إليه، وهذه بعض الإرشادات التي تعين على مجاهدة النفس في الخلوات:

  • استشعار مراقبة الله: تذكر دائماً أن الله يراك ويعلم سرك وعلانيتك، قال تعالى: “يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ”.
  • تعظيم الحياء من الله: إذا كنت تستحي من نظر الناس، فالحياء من الله أولى وأعظم.
  • تذكر الموت المفاجئ: الموت يأتي بغتة، فاحذر أن يأتيك وأنت على معصية، فتكون تلك خاتمتك.
  • التفكر في عواقب الذنوب: ذنوب الخلوات سبب للانتكاسات وحرمان التوفيق وظلمة القلب، وهي مهلكة لصاحبها.
  • مجاهدة النفس والصبر: مقاومة الشهوة المحرمة عبادة عظيمة لها أجر كبير عند الله، وهي أهون من عذاب الله في الآخرة.
  • الإكثار من العبادات في الخفاء: كما أن هناك ذنوب خلوات، فلتكن لك طاعات خلوات (كصلاة الليل والصدقة) تكون سبباً في ثباتك.
  • الدعاء الصادق: الزم الأدعية الثابتة في طلب المغفرة والثبات، فإن الدعاء سلاح المؤمن.

المصادر والمراجع

أسئلة شائعة (FAQs)

ما هو أفضل وقت للدعاء بطلب المغفرة؟

كل الأوقات مناسبة للاستغفار، ولكن هناك أوقات يُرجى فيها إجابة الدعاء أكثر من غيرها، مثل الثلث الأخير من الليل، وبين الأذان والإقامة، وفي السجود، وآخر ساعة من يوم الجمعة، وعند نزول المطر.

هل الأدعية العامة لطلب المغفرة مقبولة؟

نعم، يجوز للمسلم أن يدعو الله بما يفتح عليه من صيغ الدعاء الطيبة التي لم ترد في السنة، بشرط ألا تحتوي على اعتداء في الدعاء أو محذور شرعي، ولكن، يبقى الالتزام بالأدعية المأثورة عن النبي صلى الله عليه وسلم هو الأفضل والأكمل والأكثر بركة.

هل هذه الأدعية تغفر الكبائر؟

الأعمال الصالحة والأدعية تكفر الذنوب الصغائر كما ورد في الأحاديث، أما الكبائر (مثل الشرك، عقوق الوالدين، قتل النفس) فلا يكفرها إلا التوبة النصوح الصادقة التي تستوفي شروطها من الإقلاع عن الذنب والندم عليه والعزم على عدم العودة إليه، مع رد الحقوق إلى أهلها إن كانت المعصية تتعلق بحق آدمي.

عن احمد نصر

بقلم: أحمد نصر باحث ومحرر محتوى إسلامي متخصص في قسم الأدعية بموقع [أُوني]، يكرس جهوده لجمع وتدقيق الأدعية المأثورة من القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، وتقديمها للمسلمين في إطار موثوق وسهل الفهم، يسعى أحمد لتقديم محتوى ديني يعزز الصلة بالله ويستند إلى المصادر الشرعية الصحيحة.

0 0 التصويت
Article Rating
الاشتراك في تنبيهات التعليقات
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
الأقدم
الأحدث الأكثر تصويتا
التعليقات المضمنة
عرض جميع التعليقات