الدعاء هو جوهر العبادة، وأسمى صور التواصل بين العبد وربه، وهو الوسيلة التي يجد بها المسلم السكينة والطمأنينة، ويلجأ إليه في السراء والضراء، إن الدعاء الصادق النابع من القلب، والمشفوع باليقين، هو سبيل تفريج الكروب وقضاء الحاجات، وفي هذا الإطار، يحرص المسلمون على تبادل الأدعية كرسائل محبة وود، تعبر عن أصدق المشاعر وتُقوي الروابط الإيمانية.

يقدم هذا المقال مجموعة من صيغ الدعاء التي يمكن الاستئناس بها في مناسبات مختلفة، مع التركيز على تقديم الأدعية المأثورة من القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة، فهي خير ما يدعو به المسلم لنفسه ولإخوانه، لأنها جامعة لخيري الدنيا والآخرة، ومباركة بنص الوحي.

فهم الأدعية: بين المأثور والصيغ العامة

من المهم التمييز بين نوعين من الأدعية:

1. الأدعية المأثورة: وهي التي وردت بنصها في القرآن الكريم أو ثبتت في السنة النبوية الصحيحة، هذه الأدعية هي الأفضل والأكمل والأكثر بركة، ويُستحب للمسلم حفظها والدعاء بها.
2. الأدعية العامة: وهي صيغ دعاء ينشئها المسلم بأسلوبه الخاص، أو يتداولها الناس، وتتضمن معاني طيبة لا تتعارض مع الشريعة الإسلامية، الدعاء بهذه الصيغ جائز، فالأمر في الدعاء واسع، ما لم يتضمن محظورًا شرعيًا.

تنبيه هام: الأدعية الواردة في هذا المقال هي في معظمها من قبيل الصيغ العامة التي تجمع معاني الخير، وهي جائزة، ومع ذلك، سنحرص على إبراز الأدعية الثابتة من القرآن والسنة في كل قسم، لأنها الأصل والأولى بالاتباع، وهي كافية وشافية لمن لزمها.

أجمل رسائل دعاء موجهة للأحباب

الدعاء للأحباب بظهر الغيب من علامات صدق المحبة والإخاء، وهو دعاء مستجاب بإذن الله، يمكن للمسلم أن يدعو لأحبائه بما يفتح الله عليه من صيغ طيبة، ومن ذلك:

• اللَّهُمَّ اجْعَلْ قَارِئَ رِسَالَتِي مِنْ عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ؛ إِذَا دَعَوْكَ أَجَبْتَهُمْ، وَإِذَا اسْتَعَانُوا بِكَ أَعَنْتَهُمْ، وَإِذَا ضَاقَتْ بِهِمُ الدُّنْيَا فَرَّجْتَ كَرْبَهُمْ، وَارْزُقْهُمْ سَكِينَةَ النَّفْسِ وَطُمَأْنِينَةَ الْقَلْبِ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.
• أَسْأَلُ اللهَ الَّذِي جَمَعَنَا فِي دُنْيَا فَانِيَةٍ، أَنْ يَجْمَعَنَا ثَانِيَةً فِي جَنَّةٍ قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ، اللَّهُمَّ اسْقِنَا وَإِيَّاهُ مِنْ حَوْضِ نَبِيِّكَ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- شَرْبَةً هَنِيئَةً لَا نَظْمَأُ بَعْدَهَا أَبَدًا.
• رَبِّ، أَسْعِدْ قَلْبَ مَنْ تَصِلُهُ كَلِمَاتِي، وَامْنَحْهُ حُبَّكَ وَحُبَّ مَنْ يُحِبُّكَ، وَحُبَّ كُلِّ عَمَلٍ يُقَرِّبُهُ إِلَى حُبِّكَ، اللَّهُمَّ افْتَحْ لَهُ أَبْوَابَ الْخَيْرِ وَالتَّيْسِيرِ، وَأَبْعِدْ عَنْهُ كُلَّ شَرٍّ وَتَعْسِيرٍ.

دعاء مأثور للأخوة في الله

من الأدعية القرآنية الجامعة التي يمكن الدعاء بها للأحباب:

“رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ”

(سورة الحشر، الآية: 10)

رسائل دعاء للصحة والعافية للمريض

عيادة المريض والدعاء له من حقوق المسلم على أخيه، وهي من أعظم القربات، يمكن الدعاء له بالصيغ العامة التي تحمل معنى الشفاء، والأفضل هو الدعاء بما ورد في السنة النبوية.

أدعية عامة للمريض

• اللَّهُمَّ يَا شَافِي، يَا مُعَافِي، نَسْأَلُكَ بِأَسْمَائِكَ الْحُسْنَى وَصِفَاتِكَ الْعُلَا أَنْ تَمُنَّ عَلَى مَرِيضِنَا بِالشِّفَاءِ الْعَاجِلِ، شِفَاءً لَا يُغَادِرُ سَقَمًا، اللَّهُمَّ أَلْبِسْهُ ثَوْبَ الصِّحَّةِ وَالْعَافِيَةِ.
• يَا رَبِّ، اجْعَلْ مَا أَصَابَهُ تَكْفِيرًا لِذُنُوبِهِ وَرِفْعَةً فِي دَرَجَاتِهِ، اللَّهُمَّ اشْفِهِ وَاشْفِ مَرْضَى الْمُسْلِمِينَ، وَارْحَمْ مَوْتَانَا وَمَوْتَى الْمُسْلِمِينَ بِرَحْمَتِكَ يَا أَكْرَمَ الْأَكْرَمِينَ.

أدعية ثابتة من السنة النبوية لعيادة المريض

كان من هدي النبي صلى الله عليه وسلم عند زيارة المريض أن يدعو له بأدعية مخصوصة، منها:

“لَا بَأْسَ، طَهُورٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ”

(رواه البخاري)، ومعناه: لا شدة عليك، وهذا المرض مطهر لك من ذنوبك بإذن الله.

كما ورد عنه صلى الله عليه وسلم أن من زار مريضًا لم يحضر أجله فقال عنده سبع مرات:

“أَسْأَلُ اللَّهَ الْعَظِيمَ رَبَّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ أَنْ يَشْفِيَكَ”

إلا عافاه الله من ذلك المرض، (رواه أبو داود والترمذي، حديث صحيح).

رسائل دعاء للسعادة والتوفيق

السعادة والتوفيق من أعظم نعم الله على عبده، والدعاء بهما من أجمل ما يهديه المرء لأحبائه.

• أَسْأَلُ اللهَ الْوَاحِدَ الْأَحَدَ أَنْ يَجْعَلَ السَّعَادَةَ رَفِيقَةَ دَرْبِكَ، وَالتَّوْفِيقَ حَلِيفَ خُطَاكَ، وَأَنْ يَرْزُقَكَ رَاحَةَ الْبَالِ وَطُمَأْنِينَةَ الْقَلْبِ.
• اللَّهُمَّ بَعْدَدِ مَنْ سَجَدَ لَكَ، أَسْعِدْ قَلْبَ عَبْدِكَ هَذَا، وَاغْفِرْ لَهُ ذَنْبَهُ، وَيَسِّرْ لَهُ أَمْرَهُ، وَاجْعَلِ الْجَنَّةَ دَارَهُ وَقَرَارَهُ.
• يَا رَبِّ، نَوِّرْ قَلْبَهُ بِنُورِ الْإِيمَانِ، وَاشْرَحْ صَدْرَهُ بِالْقُرْآنِ، وَاجْمَعْنَا وَإِيَّاهُ تَحْتَ ظِلِّ عَرْشِكَ يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّكَ.

دعاء نبوي جامع لخيري الدنيا والآخرة

من أجمع الأدعية التي كان يكثر منها النبي صلى الله عليه وسلم، وهو دعاء قرآني عظيم:

“رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ”

(سورة البقرة، الآية: 201)، قال أنس بن مالك رضي الله عنه: “كان أكثر دعاء النبي صلى الله عليه وسلم…”، (متفق عليه).

رسائل دعاء منوعة

فيما يلي مجموعة من صيغ الدعاء العامة التي تناسب مختلف الأحوال والمناسبات:

دعاء للزوج

• اللَّهُمَّ بَارِكْ لِي فِي زَوْجِي، وَاجْعَلْهُ قُرَّةَ عَيْنٍ لِي، وَاجْعَلْنِي قُرَّةَ عَيْنٍ لَهُ، اللَّهُمَّ اهْدِهِ لِأَحْسَنِ الْأَخْلَاقِ، وَارْزُقْهُ الرِّزْقَ الْحَلَالَ الطَّيِّبَ، وَأَبْعِدْ عَنْهُ كُلَّ سُوءٍ.
• رَبِّ، أَسْأَلُكَ أَنْ تَحْفَظَ زَوْجِي مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ، وَأَنْ تَجْعَلَهُ مِنْ عِبَادِكَ الَّذِينَ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ.

دعاء ليوم الجمعة

• اللَّهُمَّ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ، أَسْأَلُكَ أَنْ تَغْفِرَ لَنَا وَلِأَحِبَّتِنَا، وَأَنْ تَرْزُقَنَا سَاعَةَ الْإِجَابَةِ، وَأَنْ تُعْطِيَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنَّا سُؤْلَهُ، وَأَنْ تَجْعَلَ الْفِرْدَوْسَ الْأَعْلَى دَارَنَا.
• أَسْأَلُ اللهَ فِي هَذَا الْيَوْمِ الْمُبَارَكِ أَنْ يُفَرِّجَ هَمَّكَ، وَيُنَفِّسَ كَرْبَكَ، وَيَقْضِيَ دَيْنَكَ، وَيَشْفِيَ مَرِيضَكَ، وَيَرْحَمَ مَيِّتَكَ.

دعاء للأصدقاء

• اللَّهُمَّ يَا مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ، أَلِّفْ بَيْنَ قَلْبِي وَقُلُوبِ أَصْدِقَائِي عَلَى طَاعَتِكَ وَمَحَبَّتِكَ، اللَّهُمَّ احْفَظْهُمْ بِحِفْظِكَ، وَاكْلَأْهُمْ بِرِعَايَتِكَ، وَاجْعَلْهُمْ مِنْ خِيرَةِ خَلْقِكَ.
• رَبِّ، إِنَّ لِي أَصْدِقَاءَ أُحِبُّهُمْ فِيكَ، فَأَسْأَلُكَ أَنْ تَرْزُقَهُمُ السَّعَادَةَ فِي الدَّارَيْنِ، وَأَنْ تَجْمَعَنِي بِهِمْ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ.

دعاء للمسافر

من السنة أن يُودَّع المسافر بالدعاء له، ومن الأدعية المأثورة في ذلك:

“أَسْتَوْدِعُ اللَّهَ دِينَكَ، وَأَمَانَتَكَ، وَخَوَاتِيمَ عَمَلِكَ”

(رواه الترمذي، حديث حسن صحيح).

ويدعو المسافر للمقيمين بقوله:

“أَسْتَوْدِعُكُمُ اللَّهَ الَّذِي لَا تَضِيعُ وَدَائِعُهُ”

(رواه ابن ماجه، حديث صحيح).

دعاء للأم

• اللَّهُمَّ احْفَظْ أُمِّي بِعَيْنِكَ الَّتِي لَا تَنَامُ، وَبَارِكْ لَهَا فِي عُمُرِهَا وَصِحَّتِهَا، وَارْزُقْنِي بِرَّهَا وَرِضَاهَا.
• رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِأُمِّي وَأَبِي، وَأَدْخِلْهُمَا الْجَنَّةَ بِغَيْرِ حِسَابٍ وَلَا سَابِقَةِ عَذَابٍ.

أوقات وأحوال يُرجى فيها إجابة الدعاء

للدعاء أوقات وأحوال تكون أقرب للإجابة، ويجدر بالمسلم تحريها والاجتهاد فيها، ومنها ما ثبت بالدليل الصحيح:

• جوف الليل الآخر: لقول النبي صلى الله عليه وسلم:
  

  “يَنْزِلُ رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الآخِرُ يَقُولُ: مَنْ يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبَ لَهُ، مَنْ يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ، مَنْ يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ”

  (متفق عليه).

• عند السجود: لقوله صلى الله عليه وسلم:
  

  “أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ مِنْ رَبِّهِ وَهُوَ سَاجِدٌ، فَأَكْثِرُوا الدُّعَاءَ”

  (رواه مسلم).

• بين الأذان والإقامة: لقوله صلى الله عليه وسلم:
  

  “الدُّعَاءُ لَا يُرَدُّ بَيْنَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ”

  (رواه أبو داود والترمذي، حديث صحيح).

• يوم الجمعة: ففيه ساعة لا يوافقها عبد مسلم وهو قائم يصلي، يسأل الله شيئًا، إلا أعطاه إياه، (متفق عليه).
• دعوة الصائم حتى يفطر: ودعوة المظلوم، ودعوة المسافر.

أسئلة شائعة (FAQs)

س1: هل يجوز الدعاء بغير اللغة العربية أو بصيغ من عندي؟

ج: نعم، يجوز للمسلم أن يدعو الله تعالى بما يحتاجه وبأي لغة، وبأي صيغة تحمل معنى طيبًا ولا تخالف الشرع، الدعاء هو مناجاة بين العبد وربه، والأصل فيه الإباحة، ولكن، لا شك أن الدعاء بالأدعية المأثورة من القرآن والسنة باللغة العربية هو الأفضل والأكمل والأعظم أجرًا.

س2: ما هو الفرق بين الدعاء المأثور والدعاء العام؟

ج: الدعاء المأثور هو ما ورد نصه في القرآن الكريم أو السنة النبوية الصحيحة، مثل “ربنا آتنا في الدنيا حسنة…”، أما الدعاء العام فهو ما ينشئه الإنسان من كلامه ليطلب حاجته من الله، مثل “اللهم وفقني في امتحاني”، كلاهما مشروع، لكن المأثور أفضل وأكثر بركة.

س3: هل هناك أدعية محددة لأمور معينة مثل “عدية يس”؟

ج: لم يثبت في السنة النبوية الصحيحة تخصيص أدعية معينة بأسماء مثل “عدية يس” أو غيرها، أو ربطها بعدد معين أو كيفية معينة، الأصل هو الدعاء بما ورد في الكتاب والسنة، أو الدعاء العام دون تقييد بكيفية أو عدد لم يرد به الشرع، فالدين مبني على الاتباع لا الابتداع.

عن احمد نصر

بقلم: أحمد نصر باحث ومحرر محتوى إسلامي متخصص في قسم الأدعية بموقع [أُوني]، يكرس جهوده لجمع وتدقيق الأدعية المأثورة من القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، وتقديمها للمسلمين في إطار موثوق وسهل الفهم، يسعى أحمد لتقديم محتوى ديني يعزز الصلة بالله ويستند إلى المصادر الشرعية الصحيحة.

جميع مقالات احمد نصر