يحرص المؤمن على تقوية صلته بالله عز وجل من خلال العبادات، ويُعد الدعاء من أعظمها وأيسرها، فهو مخ العبادة وجوهرها، به يناجي العبد ربه، ويطلب منه العون والتوفيق، ويلجأ إليه في السراء والضراء، إن المداومة على الدعاء والتضرع إلى الله من دلائل صدق الإيمان وحسن التوكل، فالله سبحانه وتعالى هو القادر على تحقيق ما يرجوه العبد متى كان فيه خير له في دينه ودنياه.
أدعية جامعة من القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة
إن خير الدعاء ما ورد في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، فهي أدعية مباركة جامعة لخيري الدنيا والآخرة، وفيها من البركة والفضل ما ليس في غيرها، إليك باقة من الأدعية الصحيحة والموثوقة:
1، دعاء طلب خيرَي الدنيا والآخرة (من القرآن الكريم)
هذا من أجمع الأدعية وأكثر ما كان يدعو به النبي صلى الله عليه وسلم، وهو دعاء عظيم يجمع كل خير.
“رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ”
المصدر: سورة البقرة، الآية 201.
2، دعاء تفريج الكرب (دعاء ذي النون)
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذا الدعاء أنه ما دعا به مسلم في شيء قط إلا استجاب الله له.
“لَّا إِلَٰهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ”
المصدر: سورة الأنبياء، الآية 87، وقد ورد فضله في حديث صحيح رواه الترمذي.
3، سيد الاستغفار (من السنة النبوية)
وصفه النبي صلى الله عليه وسلم بأنه سيد الاستغفار، ومن قاله موقنًا به فمات من يومه أو ليلته كان من أهل الجنة.
“اللَّهُمَّ أَنْتَ رَبِّي لا إِلَهَ إِلا أَنْتَ، خَلَقْتَنِي وَأَنَا عَبْدُكَ، وَأَنَا عَلَى عَهْدِكَ وَوَعْدِكَ مَا اسْتَطَعْتُ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا صَنَعْتُ، أَبُوءُ لَكَ بِنِعْمَتِكَ عَلَيَّ، وَأَبُوءُ لَكَ بِذَنْبِي فَاغْفِرْ لِي، فَإِنَّهُ لا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلا أَنْتَ”
المصدر: صحيح البخاري، حديث صحيح.
4، دعاء الهم والحزن (من السنة النبوية)
كان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر من هذا الدعاء ليعلمنا اللجوء إلى الله عند الشعور بالهموم والكروب.
“اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْهَمِّ وَالْحَزَنِ، وَالْعَجْزِ وَالْكَسَلِ، وَالْبُخْلِ وَالْجُبْنِ، وَضَلَعِ الدَّيْنِ، وَغَلَبَةِ الرِّجَالِ”
المصدر: صحيح البخاري، حديث صحيح.
أمثلة على صيغ دعاء عامة ومأثورة
إلى جانب الأدعية المأثورة من القرآن والسنة، يتضرع المسلمون إلى الله بصيغ عامة تحمل معاني طيبة، وهي وسيلة للتعبير عن حاجاتهم ومناجاة ربهم، وهذه بعض الأمثلة على تلك الأدعية التي يمكن للمسلم أن يدعو بها:

- اللَّهُمَّ يَا غَفَّارَ الذُّنُوبِ، وَيَا وَاسِعَ الرَّحْمَةِ، اغْفِرْ لِي وَتَجَاوَزْ عَنْ زَلَّاتِي، وَاجْعَلْ قَلْبِي طَائِعًا لَكَ، وَهَيِّئْ لِي مِنْ أَمْرِي رَشَدًا، وَارْزُقْنِي الصُّحْبَةَ الصَّالِحَةَ الَّتِي تُعِينُنِي عَلَى طَاعَتِكَ.
- اللَّهُمَّ بِرَحْمَتِكَ افْتَحْ لِي أَبْوَابَ فَضْلِكَ، وَوَفِّقْنِي لِعِبَادَتِكَ، وَقَوِّنِي عَلَى طَاعَتِكَ، وَاجْعَلْنِي يَا اللهُ مِنْ أَهْلِ التَّقْوَى وَالْإِيمَانِ، وَاهْدِ قَلْبِي وَيَسِّرْ لِي كُلَّ سَبِيلٍ يُقَرِّبُنِي إِلَيْكَ.
- اللَّهُمَّ فَرِّجْ عَنِّي هَمِّي وَأَزِلْ عَنِّي الْغَمَّ، وَابْسُطْ لِي مِنْ رَحْمَتِكَ، وَانْصُرْنِي عَلَى مَنْ ظَلَمَنِي، وَثَبِّتْنِي عَلَى شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، وَاهْدِنِي إِلَى مَا تُحِبُّ وَتَرْضَى.
- يَا رَبِّ رَحْمَتَكَ أَرْجُو فَلَا تَكِلْنِي إِلَى نَفْسِي طَرْفَةَ عَيْنٍ، وَأَصْلِحْ لِي شَأْنِي كُلَّهُ، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، اللَّهُمَّ أَزِلْ عَنْ قَلْبِي الْهَمَّ وَالْحُزْنَ وَارْزُقْنِي الْقُوَّةَ وَالثَّبَاتَ.
- اللَّهُمَّ اجْعَلِ الْقُرْآنَ الْكَرِيمَ نُورًا لِقَلْبِي، وَرَبِيعًا لِصَدْرِي، وَجَلَاءً لِحُزْنِي، وَذَهَابًا لِهَمِّي، اللَّهُمَّ ارْزُقْنِي تِلَاوَتَهُ آنَاءَ اللَّيْلِ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي يُرْضِيكَ عَنِّي.
تنبيه هام وحكم الدعاء بهذه الصيغ
تنبيه: الصيغ المذكورة أعلاه هي مما يتداوله الناس من أدعية عامة، ولم تثبت كنصوص محددة بسند صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أو أصحابه، الدعاء عبادة، والأصل فيها الالتزام بما ورد في القرآن الكريم والسنة الصحيحة، فهي كافية وشاملة ومباركة.
الحكم الشرعي: يجوز للمسلم أن يدعو الله بما يفتح عليه من صيغ وألفاظ، بشرط ألا تحتوي على محظور شرعي أو اعتداء في الدعاء، ومع ذلك، يبقى الالتزام بالأدعية المأثورة من الكتاب والسنة هو الأفضل والأكمل والأعظم أجرًا.
أدعية قصيرة نافعة
يمكن للمسلم أن يلهج لسانه بذكر الله ودعائه في كل حين بأدعية قصيرة سهلة الحفظ عظيمة الأثر، ومنها:
- اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ.
- اللَّهُمَّ اغْنِنِي بِحَلَالِكَ عَنْ حَرَامِكَ، وَبِفَضْلِكَ عَمَّنْ سِوَاكَ.
- يَا مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ، ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِكَ.
- اللَّهُمَّ احْفَظْ لِي أَبْنَائِي وَأَهْلِي مِنْ كُلِّ سُوءٍ، وَبَارِكْ لِي فِيهِمْ، وَاجْعَلْهُمْ قُرَّةَ عَيْنٍ لِي.
- رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ.
على المسلم أن يُقبل على الخير ويحرص على المداومة عليه، وأن يكون الدعاء جزءًا من حياته اليومية، فهو الصلة التي لا تنقطع بين العبد وربه، ومفتاح كل خير وباب كل رحمة.
المصادر والمراجع
- سورة البقرة، الآية 201.
- سورة الأنبياء، الآية 87.
- صحيح البخاري، كتاب الدعوات، باب أفضل الاستغفار، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
- صحيح البخاري، كتاب الدعوات، باب الاستعاذة من الجبن، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
الأسئلة الشائعة (FAQs)
ما هو أفضل الدعاء؟
أفضل الدعاء هو ما ورد في القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة، لأنه كلام الله وكلام رسوله، وهو أجمع للخير وأبعد عن الخطأ والاعتداء، ومن أمثلته دعاء “ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار”.
ما هي آداب الدعاء وشروط استجابته؟
من أهم آداب الدعاء: إخلاص النية لله، والبدء بحمد الله والثناء عليه والصلاة على النبي، واليقين بالإجابة، وحضور القلب، والدعاء في أوقات الإجابة (مثل الثلث الأخير من الليل، وبين الأذان والإقامة، ويوم عرفة)، والتوبة من المعاصي، وأكل الحلال.
هل هذا الدعاء “دعاء عدية يس” صحيح وثابت؟
لا يوجد دعاء محدد يسمى “دعاء عدية يس” ثابت بسند صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم، وما يتم تداوله تحت هذا المسمى هو من تأليف بعض الناس، والأولى للمسلم هو الالتزام بالأدعية الصحيحة المأثورة، فهي كافية وفيها الخير والبركة.
