يُعَدُّ يوم عاشوراء من الأيام الفاضلة في الإسلام، وهو اليوم العاشر من شهر الله المحرَّم، ترجع مكانته العظيمة إلى كونه اليوم الذي نجَّى الله فيه نبيه موسى -عليه السلام- وقومه من فرعون وجنده، فصامه موسى شكرًا لله تعالى، وقد حثَّ النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- على صيامه، وبيَّن أن صيامه يُكفِّر ذنوب السنة التي قبله، ويُستحب للمسلم في هذا اليوم المبارك الإكثار من الطاعات والتقرب إلى الله، ومن أعظمها الدعاء، خاصة وأن للصائم دعوة لا تُرد عند فطره.
أوقات يُرجى فيها إجابة الدعاء في يوم عاشوراء وغيره
لا يوجد وقت مخصص للدعاء في يوم عاشوراء، بل يمكن للمسلم أن يدعو ربه في كل وقت، إلا أن هناك أوقاتاً وأحوالاً تكون أقرب للإجابة، يُستحب تحريها في هذا اليوم الفضيل وغيره من الأيام، ومنها:
- عند الإفطار من الصيام: للصائم دعوة مستجابة لا تُرد، لقول النبي صلى الله عليه وسلم:
 “ثَلَاثَةٌ لَا تُرَدُّ دَعْوَتُهُمْ: الصَّائِمُ حَتَّى يُفْطِرَ، وَالْإِمَامُ الْعَادِلُ، وَدَعْوَةُ الْمَظْلُومِ…” (رواه الترمذي، حديث حسن).. 
- في الثلث الأخير من الليل: وهو وقت النزول الإلهي، حيث ينزل الله تعالى إلى السماء الدنيا فيقول: “هل من داعٍ فأستجيب له؟”.
- دُبر الصلوات المكتوبة: أي بعد الانتهاء من الصلوات الخمس المفروضة، فعن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه، قيل: يا رسول الله، أي الدعاء أسمع؟ قال:
 “جَوْفَ اللَّيْلِ الْآخِرِ، وَدُبُرَ الصَّلَوَاتِ الْمَكْتُوبَاتِ” (رواه الترمذي، حديث حسن).. 
- بين الأذان والإقامة: فهذا الوقت من مواطن الإجابة التي أرشد إليها النبي صلى الله عليه وسلم بقوله:
 “الدُّعَاءُ لَا يُرَدُّ بَيْنَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ” (رواه أبو داود والترمذي، حديث صحيح).. 
- أثناء السجود في الصلاة: حيث يكون العبد في أقرب موضع من ربه، لقول النبي صلى الله عليه وسلم:
 “أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ مِنْ رَبِّهِ وَهُوَ سَاجِدٌ، فَأَكْثِرُوا الدُّعَاءَ” (رواه مسلم).. 
أدعية ثابتة من القرآن والسنة النبوية
الأصل في الدعاء هو الالتزام بما ورد في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، فهي أدعية جامعة ومباركة، ومن هذه الأدعية العظيمة التي يمكن الدعاء بها في يوم عاشوراء وغيره:
- دعاء يونس عليه السلام (دعوة ذي النون): وهو من أعظم الأدعية لتفريج الكروب.
 “لَّا إِلَٰهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ” [الأنبياء: 87] وقد قال عنه النبي صلى الله عليه وسلم: “فَإِنَّهُ لَمْ يَدْعُ بِهَا رَجُلٌ مُسْلِمٌ فِي شَيْءٍ قَطُّ إِلَّا اسْتَجَابَ اللَّهُ لَهُ” (رواه الترمذي، حديث صحيح).. 
- دعاء تفريج الهم وقضاء الدين:
 “اللَّهُمَّ إِنِّي عَبْدُكَ، ابْنُ عَبْدِكَ، ابْنُ أَمَتِكَ، نَاصِيَتِي بِيَدِكَ، مَاضٍ فِيَّ حُكْمُكَ، عَدْلٌ فِيَّ قَضَاؤُكَ، أَسْأَلُكَ بِكُلِّ اسْمٍ هُوَ لَكَ سَمَّيْتَ بِهِ نَفْسَكَ، أَوْ عَلَّمْتَهُ أَحَدًا مِنْ خَلْقِكَ، أَوْ أَنْزَلْتَهُ فِي كِتَابِكَ، أَوِ اسْتَأْثَرْتَ بِهِ فِي عِلْمِ الْغَيْبِ عِنْدَكَ، أَنْ تَجْعَلَ الْقُرْآنَ رَبِيعَ قَلْبِي، وَنُورَ صَدْرِي، وَجِلَاءَ حُزْنِي، وَذَهَابَ هَمِّي” (رواه أحمد، حديث صحيح).. 
- دعاء شامل لقضاء الدين والغنى من الفقر:
 “اللَّهُمَّ رَبَّ السَّمَاوَاتِ وَرَبَّ الْأَرْضِ وَرَبَّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ، رَبَّنَا وَرَبَّ كُلِّ شَيْءٍ، فَالِقَ الْحَبِّ وَالنَّوَى، وَمُنْزِلَ التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْفُرْقَانِ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ كُلِّ شَيْءٍ أَنْتَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهِ، اللَّهُمَّ أَنْتَ الْأَوَّلُ فَلَيْسَ قَبْلَكَ شَيْءٌ، وَأَنْتَ الْآخِرُ فَلَيْسَ بَعْدَكَ شَيْءٌ، وَأَنْتَ الظَّاهِرُ فَلَيْسَ فَوْقَكَ شَيْءٌ، وَأَنْتَ الْبَاطِنُ فَلَيْسَ دُونَكَ شَيْءٌ، اقْضِ عَنَّا الدَّيْنَ، وَأَغْنِنَا مِنَ الْفَقْرِ” (رواه مسلم).. 
صيغ وأدعية عامة منتشرة
يتداول بعض الناس صيغاً وأدعية لم ترد عن النبي صلى الله عليه وسلم بنصها، ولكن معانيها صحيحة ولا تخالف الشرع، يمكن الدعاء بها على سبيل العموم دون نسبتها إلى السنة أو تخصيصها بيوم عاشوراء بعينه، ومن أمثلتها:
- “اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ حَمْدًا كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يَنْبَغِي لِجَلَالِ وَجْهِكَ وَعَظِيمِ سُلْطَانِكَ، اللَّهُمَّ اجْبُرْ كَسْرَ قَلْبِي جَبْرًا يَتَعَجَّبُ مِنْهُ أَهْلُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، جَبْرًا يَلِيقُ بِكَرَمِكَ وَعَظَمَتِكَ وَقُدْرَتِكَ.”.
- “يَا رَبِّ، إِنِّي فَوَّضْتُكَ أَمْرِي كُلَّهُ فَجَمِّلْهُ خَيْرًا بِمَا شِئْتَ، وَاجْعَلْنِي يَا رَبِّ مِمَّنْ نَظَرْتَ إِلَيْهِ فَرَحِمْتَهُ، وَسَمِعْتَ دُعَاءَهُ فَأَجَبْتَهُ.”.
- “اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ إِيمَانًا دَائِمًا، وَأَسْأَلُكَ عِلْمًا نَافِعًا، وَأَسْأَلُكَ يَقِينًا صَادِقًا، وَأَسْأَلُكَ دِينًا قِيِّمًا، وَأَسْأَلُكَ الْعَافِيَةَ مِنْ كُلِّ بَلِيَّةٍ، وَأَسْأَلُكَ تَمَامَ الْعَافِيَةِ، وَدَوَامَ الْعَافِيَةِ، وَالشُّكْرَ عَلَى الْعَافِيَةِ، وَالْغِنَى عَنِ النَّاسِ.”.
هل هناك دعاء مخصص ليوم عاشوراء؟
تنبيه هام: لم يثبت في السنة النبوية الصحيحة دعاءٌ مخصصٌ بيوم عاشوراء، وما ينتشر بين الناس من أدعية مخصصة لهذا اليوم لا أصل له، الدعاء عبادة توقيفية، والأصل فيها الالتزام بما ورد في القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة، وهي كافية ومباركة، وفيها غُنية عن غيرها، والمشروع في هذا اليوم هو صيامه، والإكثار من الدعاء المطلق بخيري الدنيا والآخرة دون تخصيص صيغة معينة.
ملخص حول مكانة يوم عاشوراء
يوم عاشوراء يوم عظيم، اختصه الله بفضل كبير، فهو اليوم الذي أظهر فيه الحق ونصر عباده المؤمنين، ففيه نجَّى الله نبيه موسى عليه السلام وقومه من بطش فرعون وجنوده، وأغرق الظالمين، ليكون ذلك آية للعالمين، قال تعالى:
“وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا ۖ وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنَىٰ عَلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ بِمَا صَبَرُوا ۖ وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُوا يَعْرِشُونَ” [الأعراف: 137]
ويُعد صيام هذا اليوم سنة مؤكدة، فهو فرصة لتكفير الذنوب وتطهير النفوس وتجديد العهد مع الله تعالى، ويُستحب للمسلم أن يغتنم هذا الموسم المبارك بالصيام والذكر والدعاء وسائر الطاعات، اقتداءً بالنبيين موسى ومحمد عليهما الصلاة والسلام.
المصادر والمراجع
- سورة الأنبياء، الآية 87.
- سورة الأعراف، الآية 137.
- جامع الترمذي، وسنن أبي داود، ومسند الإمام أحمد، وصحيح مسلم، (يمكن مراجعة الأحاديث وتخريجها على موسوعة الدرر السنية).
أسئلة شائعة (FAQs)
ما هو أفضل عمل في يوم عاشوراء؟
أفضل عمل في يوم عاشوراء هو صيامه، تأسياً بالنبي صلى الله عليه وسلم، فقد ثبت في صحيح مسلم أن صيامه “يُكفّر السنة الماضية”، ويُستحب صيام اليوم التاسع معه (تاسوعاء) مخالفةً لليهود.
هل يجوز تخصيص يوم عاشوراء بدعاء معين لم يرد في السنة؟
لا يجوز تخصيص يوم عاشوراء بعبادة أو دعاء لم يرد به دليل شرعي، لأن العبادات مبناها على التوقيف والاتباع، ولكن يجوز للمسلم أن يدعو الله بما شاء من الأدعية العامة التي لا تخالف الشرع، دون اعتقاد أن لهذه الصيغة فضلاً خاصاً في هذا اليوم.
هل الأدعية العامة المذكورة في المقال صحيحة؟
الأدعية العامة المذكورة في قسم “صيغ وأدعية عامة منتشرة” هي أدعية ذات معانٍ طيبة، ولكنها ليست من السنة النبوية، يمكن الدعاء بها في أي وقت، لكن الأفضل والأكمل هو الالتزام بالأدعية المأثورة من القرآن والسنة، فهي أجمع للخير وأعظم في البركة.
 
		
