الدعاء هو جوهر العبادة، والصلة المباشرة التي تربط العبد بخالقه، حيث يبثّ فيه شجونه وحاجاته، راجيًا العون والمدد من الله سبحانه وتعالى، وقد حثّ الله عباده على الدعاء ووعدهم بالإجابة، فقال تعالى في كتابه الكريم:
“وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ”
(غافر: 60)، فالدعاء لا يقتصر على كلمات محددة، بل هو تعبير صادق من القلب، يجد فيه المسلم الطمأنينة والسكينة، ويقينًا بأن الخير كله بيد الله.
أدعية من القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة
الأصل في الدعاء هو الالتزام بما ورد في كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، فهي أدعية جامعة مباركة، فيها كفاية وغنية، وهذه طائفة من الأدعية الصحيحة الثابتة:
دعاء ذي النون (يونس عليه السلام):
“لَّا إِلَٰهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ”
المصدر: [سورة الأنبياء: 87]، وهو من أعظم الأدعية لتفريج الكروب.

دعاء للحفظ من زوال النعم:
“اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ زَوَالِ نِعْمَتِكَ، وَتَحَوُّلِ عَافِيَتِكَ، وَفُجَاءَةِ نِقْمَتِكَ، وَجَمِيعِ سَخَطِكَ”
المصدر: صحيح مسلم، حديث رقم 2739، (حديث صحيح).

من الأدعية الجامعة للشفاء والعافية:
اللَّهُمَّ اشْفِ مَرْضَانَا وَمَرْضَى الْمُسْلِمِينَ، وَأَلْبِسْهُم لِبَاسَ الْعَافِيَةِ، اللَّهُمَّ يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ، بِرَحْمَتِكَ نَسْتَغِيثُ، اجْعَلْ شِفَاءَنَا شِفَاءً تَامًّا لَا يُغَادِرُ سَقَمًا، وَاحْفَظْنَا بِحِفْظِكَ مِنْ كُلِّ سُوءٍ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.
توضيح: هذه صيغة دعاء عامة، تجمع معاني طلب الشفاء والعافية، ويمكن للمسلم الدعاء بها أو بما يفتح الله عليه من صيغ أخرى تحمل نفس المعنى.

أدعية دينية مكتوبة من جوامع الكلم
كان النبي صلى الله عليه وسلم أوتي جوامع الكلم، فكانت أدعيته قصيرة المبنى، عظيمة المعنى، نستعرض هنا مجموعة من الأدعية المأثورة من القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، والتي تعكس عمق التوحيد والافتقار إلى الله تعالى.

من دعاء النبي ﷺ في تهجده:
“اللَّهُمَّ لَكَ الحَمْدُ أَنْتَ قَيِّمُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ، وَلَكَ الحَمْدُ لَكَ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ، وَلَكَ الحَمْدُ أَنْتَ نُورُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ..، أَنْتَ الحَقُّ، وَوَعْدُكَ الحَقُّ، وَلِقَاؤُكَ حَقٌّ، وَقَوْلُكَ حَقٌّ، وَالجَنَّةُ حَقٌّ، وَالنَّارُ حَقٌّ..، اللَّهُمَّ لَكَ أَسْلَمْتُ، وَبِكَ آمَنْتُ، وَعَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ، وَإِلَيْكَ أَنَبْتُ، وَبِكَ خَاصَمْتُ، وَإِلَيْكَ حَاكَمْتُ، فَاغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْتُ وَمَا أَخَّرْتُ، وَمَا أَسْرَرْتُ وَمَا أَعْلَنْتُ، أَنْتَ المُقَدِّمُ، وَأَنْتَ المُؤَخِّرُ، لاَ إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ”.
المصدر: صحيح البخاري، حديث رقم 1120، (حديث صحيح).
دعاء القنوت في الوتر:
“اللَّهُمَّ اهْدِنِي فِيمَنْ هَدَيْتَ، وَعَافِنِي فِيمَنْ عَافَيْتَ، وَتَوَلَّنِي فِيمَنْ تَوَلَّيْتَ، وَبَارِكْ لِي فِيمَا أَعْطَيْتَ، وَقِنِي شَرَّ مَا قَضَيْتَ، فَإِنَّكَ تَقْضِي وَلَا يُقْضَى عَلَيْكَ، إِنَّهُ لَا يَذِلُّ مَنْ وَالَيْتَ، تَبَارَكْتَ رَبَّنَا وَتَعَالَيْتَ”.
المصدر: سنن الترمذي، حديث رقم 464، (حديث حسن صحيح).
دعاء قرآني للاستعاذة من الشياطين:
“رَّبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ * وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَن يَحْضُرُونِ”
المصدر: [سورة المؤمنون: 97-98].
دعاء قرآني لطلب التوفيق والسداد:
“رَّبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَاجْعَل لِّي مِن لَّدُنكَ سُلْطَانًا نَّصِيرًا”
المصدر: [سورة الإسراء: 80].
دعاء قرآني لطلب البركة في المسكن:
“رَّبِّ أَنزِلْنِي مُنزَلًا مُّبَارَكًا وَأَنتَ خَيْرُ الْمُنزِلِينَ”
المصدر: [سورة المؤمنون: 29].
صيغ وأدعية عامة مؤثرة
إلى جانب الأدعية المأثورة، فتح الإسلام باب الدعاء واسعًا ليناجي العبد ربه بما في قلبه من حاجات وآمال، وهذه أمثلة على صيغ عامة يمكن الدعاء بها، وهي تجمع خيري الدنيا والآخرة.
تنبيه هام: هذه الصيغ هي من الأدعية العامة التي لم ترد بلفظها في السنة النبوية، ولكن معانيها صحيحة وتتوافق مع أصول الشريعة، والأكمل دائمًا هو الالتزام بالأدعية المأثورة عن النبي صلى الله عليه وسلم، فهي الأجمع للخير والأعظم في البركة.
- اللَّهُمَّ اجْعَلْ لَنَا فِي هَذَا الْيَوْمِ دَعْوَةً لَا تُرَدُّ، وَهَبْ لَنَا رِزْقًا لَا يُعَدُّ، وَافْتَحْ لَنَا بَابًا إِلَى الْجَنَّةِ لَا يُسَدُّ.
- اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْجُبْنِ وَالْبُخْلِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ أَنْ أُرَدَّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الدُّنْيَا، وَعَذَابِ الْقَبْرِ، (مقتبس من دعاء نبوي صحيح).
- اللَّهُمَّ عَلِّمْنِي مَا يَنْفَعُنِي، وَانْفَعْنِي بِمَا عَلَّمْتَنِي، وَزِدْنِي عِلْمًا، وَاحْفَظْنِي بِالْإِسْلَامِ قَائِمًا، وَاحْفَظْنِي بِالْإِسْلَامِ قَاعِدًا، وَاحْفَظْنِي بِالْإِسْلَامِ رَاقِدًا، وَلَا تُشْمِتْ بِي عَدُوًّا وَلَا حَاسِدًا.
- اللَّهُمَّ حَاسِبْنِي حِسَابًا يَسِيرًا، اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ، وَتَرْكَ الْمُنْكَرَاتِ، وَحُبَّ الْمَسَاكِينِ، وَأَنْ تَغْفِرَ لِي وَتَرْحَمَنِي، وَإِذَا أَرَدْتَ فِتْنَةَ قَوْمٍ فَتَوَفَّنِي غَيْرَ مَفْتُونٍ.
أدعية نبوية ثابتة ذات فضل عظيم
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلّم أصحابه أدعية جامعة للوقاية من الشرور وطلبًا للخيرات، وهذه بعضها:
“اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْبَرَصِ، وَالْجُنُونِ، وَالْجُذَامِ، وَمِنْ سَيِّئِ الْأَسْقَامِ”
المصدر: سنن أبي داود، حديث رقم 1554، (حديث صحيح).
“رَبِّ أَعِنِّي وَلَا تُعِنْ عَلَيَّ، وَانْصُرْنِي وَلَا تَنْصُرْ عَلَيَّ، وَامْكُرْ لِي وَلَا تَمْكُرْ عَلَيَّ، وَاهْدِنِي وَيَسِّرِ الْهُدَى لِي، وَانْصُرْنِي عَلَى مَنْ بَغَى عَلَيَّ، رَبِّ اجْعَلْنِي لَكَ شَكَّارًا، لَكَ ذَكَّارًا، لَكَ رَهَّابًا، لَكَ مِطْوَاعًا، إِلَيْكَ مُخْبِتًا أَوَّاهًا مُنِيبًا، رَبِّ تَقَبَّلْ تَوْبَتِي، وَاغْسِلْ حَوْبَتِي، وَأَجِبْ دَعْوَتِي، وَثَبِّتْ حُجَّتِي، وَاهْدِ قَلْبِي، وَسَدِّدْ لِسَانِي، وَاسْلُلْ سَخِيمَةَ قَلْبِي”.
المصدر: سنن الترمذي، حديث رقم 3551، (حديث حسن صحيح).
من الأدعية المأثورة عن السلف:
اللَّهُمَّ اجْعَلْ أَوْسَعَ رِزْقِكَ عَلَيَّ عِنْدَ كِبَرِ سِنِّي، وَانْقِطَاعِ عُمُرِي.
توضيح: هذا دعاء مأثور عن بعض السلف الصالح، ومعناه طيب، وهو يظهر حسن الظن بالله إلى آخر لحظة في العمر.
“اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْعَجْزِ، وَالْكَسَلِ، وَالْجُبْنِ، وَالْبُخْلِ، وَالْهَرَمِ، وَعَذَابِ الْقَبْرِ، اللَّهُمَّ آتِ نَفْسِي تَقْوَاهَا، وَزَكِّهَا أَنْتَ خَيْرُ مَنْ زَكَّاهَا، أَنْتَ وَلِيُّهَا وَمَوْلَاهَا، اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عِلْمٍ لَا يَنْفَعُ، وَمِنْ قَلْبٍ لَا يَخْشَعُ، وَمِنْ نَفْسٍ لَا تَشْبَعُ، وَمِنْ دَعْوَةٍ لَا يُسْتَجَابُ لَهَا”.
المصدر: صحيح مسلم، حديث رقم 2722، (حديث صحيح).
فضل الدعاء ويقين الإجابة
ينبغي على المسلم أن يدعو الله وهو موقن بالإجابة، وألا يستعجل، فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:
“مَا عَلَى الأَرْضِ مُسْلِمٌ يَدْعُو اللَّهَ بِدَعْوَةٍ إِلَّا آتَاهُ اللَّهُ إِيَّاهَا، أَوْ صَرَفَ عَنْهُ مِنَ السُّوءِ مِثْلَهَا، مَا لَمْ يَدْعُ بِإِثْمٍ أَوْ قَطِيعَةِ رَحِمٍ”
(سنن الترمذي، حديث 3573، حديث حسن صحيح)، فكل دعاء فيه خير للعبد، إما أن يتحقق في الدنيا، أو يُدفع به بلاء، أو يُدّخر له أجرًا في الآخرة.
- من دعاء النبي ﷺ لطلب خير المسألة:
 “اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ خَيْرِ مَا سَأَلَكَ مِنْهُ نَبِيُّكَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا اسْتَعَاذَ مِنْهُ نَبِيُّكَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَنْتَ المُسْتَعَانُ، وَعَلَيْكَ البَلَاغُ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ”. (المصدر: سنن الترمذي، حديث 3521، حديث حسن). 
- من دعاء النبي ﷺ لطلب العافية:
 “اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْعَافِيَةَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ فِي دِينِي وَدُنْيَايَ وَأَهْلِي وَمَالِي…”. (المصدر: سنن أبي داود، حديث 5074، حديث صحيح). 
- من الأدعية المأثورة:
 “اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ عِيشَةً نَقِيَّةً، وَمِيتَةً سَوِيَّةً، وَمَرَدًّا غَيْرَ مُخْزٍ وَلَا فَاضِحٍ”. (توضيح: هذا دعاء مأثور، وفي سنده مقال، ولكن معناه صحيح لا يخالف الشرع، فيجوز الدعاء به). 
أدعية نبوية قصيرة وجامعة
من رحمة الله أن جعل لنا أدعية قصيرة وسهلة الحفظ، لكنها عظيمة الأثر، يمكن للمسلم أن يرددها في كل وقت وحين، وهي مناسبة لمشاركتها مع الأهل والأصدقاء للتذكير بالخير.
- 
“اللَّهُمَّ إِنَّكَ عَفُوٌّ تُحِبُّ الْعَفْوَ فَاعْفُ عَنِّي”. المصدر: سنن الترمذي، حديث 3513 (حديث صحيح)، وهو من أفضل الدعاء في ليلة القدر. 
- 
“اللَّهُمَّ ارْزُقْنِي حُبَّكَ، وَحُبَّ مَنْ يَنْفَعُنِي حُبُّهُ عِنْدَكَ”. المصدر: سنن الترمذي، حديث 3491 (حديث حسن). 
- 
“اللَّهُمَّ كَمَا أَحْسَنْتَ خَلْقِي فَأَحْسِنْ خُلُقِي”. المصدر: مسند أحمد، حديث 3823 (حديث صحيح). 
- من الأدعية العامة: “اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ صِدْقَ التَّوَكُّلِ عَلَيْكَ، وَحُسْنَ الظَّنِّ بِكَ”.







ويفضّل الكثير من الأشخاص الاستماع إلى الأدعية بأصوات الشيوخ المليئة بالخشوع، مما يبعث شعورًا عميقًا بالطمأنينة في القلب ويمنح الإنسان راحة نفسية وسكينة، ويساعد الاستماع إلى هذه الأدعية الصوتية على التفاعل معها، بترديد كلماتها أو التأمين عليها، مما يجعل الشخص جزءًا من الدعاء ويجمع بين التأثر العاطفي والمشاركة العملية.
المصادر والمراجع
- سورة غافر، الآية 60.
- سورة الأنبياء، الآية 87.
- سورة المؤمنون، الآيتان 97-98.
- سورة الإسراء، الآية 80.
- سورة المؤمنون، الآية 29.
- صحيح البخاري، أحاديث رقم 1120، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
- صحيح مسلم، أحاديث رقم 2739، 2722، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
- سنن الترمذي، أحاديث رقم 464، 3551، 3573، 3521، 3513، 3491، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
- سنن أبي داود، أحاديث رقم 1554، 5074، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
- مسند الإمام أحمد، حديث رقم 3823، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
أسئلة شائعة حول الأدعية الإسلامية
هل يجب أن أدعو بالأدعية المأثورة فقط؟
لا، ليس واجبًا، الأدعية المأثورة من القرآن والسنة هي الأفضل والأكمل لأنها جامعة للخير ومباركة، ولكن يجوز للمسلم أن يدعو الله بما يشاء من حاجاته بأسلوبه الخاص، ما لم يكن في دعائه إثم أو قطيعة رحم أو اعتداء.
ما هي أفضل أوقات الدعاء؟
هناك أوقات وأحوال يُرجى فيها إجابة الدعاء أكثر من غيرها، منها: الثلث الأخير من الليل، وبين الأذان والإقامة، وفي السجود، وآخر ساعة من يوم الجمعة، وعند نزول المطر، وفي شهر رمضان وليلة القدر.
كيف أعرف أن الحديث الذي يحتوي على دعاء هو حديث صحيح؟
يمكن التحقق من صحة الأحاديث بالرجوع إلى كتب السنة المعتمدة (مثل صحيح البخاري ومسلم) أو سؤال أهل العلم المتخصصين، كما توفر مواقع إلكترونية موثوقة مثل “الدرر السنية” و “إسلام ويب” خدمات للبحث عن الأحاديث وبيان درجة صحتها.
