تُعَدُّ فلسطين، ودرّتها القدس، أرضًا مباركة لها مكانة عظيمة في قلوب المسلمين؛ فهي تحتضن المسجد الأقصى المبارك، أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين، ومسرى النبي محمد صلى الله عليه وسلم، إن ما يمر به أهلنا في غزة وسائر فلسطين من محن وشدائد يوجب على كل مسلم نصرتهم ودعمهم، وإن الدعاء هو من أقوى الأسلحة التي يملكها المؤمن، وواجب إيماني وأخوي تجاه المستضعفين.
الدعاء للمظلومين والمستضعفين هو عبادة عظيمة، وهو من صور التضامن الإيماني الذي حث عليه الإسلام، نرفع أكف الضراعة إلى الله تعالى، بيقين في قدرته وعدله، سائلينه أن يفرّج الكرب وينصر الحق ويرفع الظلم عن أهلنا في غزة وفلسطين.
أدعية من القرآن والسنة لنصرة المستضعفين
الأصل في الدعاء هو الالتزام بما ورد في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، فهي أدعية جامعة ومباركة، يمكن الدعاء بهذه الأدعية الصحيحة بنية نصرة أهلنا في فلسطين:
- دعاء النصر والثبات من القرآن الكريم: وهو دعاء أصحاب طالوت حينما واجهوا جالوت وجنوده، وهو من أنسب الأدعية في هذا الموقف.
“وَلَمَّا بَرَزُوا لِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالُوا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ” [البقرة: 250].
.
- دعاء موسى عليه السلام على الظالمين:
“وَقَالَ مُوسَىٰ رَبَّنَا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلَأَهُ زِينَةً وَأَمْوَالًا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا رَبَّنَا لِيُضِلُّوا عَن سَبِيلِكَ ۖ رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَىٰ أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُوا حَتَّىٰ يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ” [يونس: 88].
.
- دعاء النبي صلى الله عليه وسلم على الأحزاب: وهو دعاء عظيم يُقال عند الشدائد ومواجهة الأعداء.
“اللَّهُمَّ مُنْزِلَ الكِتَابِ، سَرِيعَ الحِسَابِ، اهْزِمِ الأحْزَابَ، اللَّهُمَّ اهْزِمْهُمْ وزَلْزِلْهُمْ”.
(المصدر: صحيح البخاري وصحيح مسلم، حديث صحيح).
أمثلة على أدعية عامة لنصرة غزة وأهلها
إلى جانب الأدعية المأثورة من القرآن والسنة، يمكن للمسلم أن يدعو بما يفتح الله عليه من صيغ الدعاء التي تفيض من قلبه، بصدق وإخلاص، وهذه بعض الأمثلة التي يمكن الاستئناس بها:
- اللَّهُمَّ يَا نَاصِرَ الْمُسْتَضْعَفِينَ، وَيَا مُجِيبَ دَعْوَةِ الْمُضْطَرِّينَ، إِنَّا نَسْأَلُكَ بِأَنَّ لَكَ الْحَمْدَ، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ الْمَنَّانُ، بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، يَا ذَا الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ، يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ، أَنْ تَنْصُرَ إِخْوَانَنَا فِي غَزَّةَ وَفِلَسْطِينَ.
- اللَّهُمَّ كُنْ لَهُمْ عَوْنًا وَنَصِيرًا، وَمُؤَيِّدًا وَظَهِيرًا، اللَّهُمَّ احْفَظْهُمْ بِحِفْظِكَ، وَاكْلَأْهُمْ بِرِعَايَتِكَ، وَاحْرُسْهُمْ بِعَيْنِكَ الَّتِي لَا تَنَامُ.
- يَا رَبِّ، سَدِّدْ رَمْيَهُمْ، وَثَبِّتْ أَقْدَامَهُمْ، وَارْبِطْ عَلَى قُلُوبِهِمْ، وَأَنْزِلْ عَلَيْهِمُ السَّكِينَةَ وَالْأَمَانَ، اللَّهُمَّ أَفْرِغْ عَلَيْهِمْ صَبْرًا، وَاجْعَلْ لَهُمْ مِنْ كُلِّ ضِيقٍ مَخْرَجًا، وَمِنْ كُلِّ هَمٍّ فَرَجًا.
- اللَّهُمَّ عَلَيْكَ بِأَعْدَائِهِمْ وَمَنْ عَاوَنَهُمْ، اللَّهُمَّ شَتِّتْ شَمْلَهُمْ، وَفَرِّقْ جَمْعَهُمْ، وَاجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي نُحُورِهِمْ، وَاجْعَلْ تَدْبِيرَهُمْ تَدْمِيرًا لَهُمْ، اللَّهُمَّ أَرِنَا فِيهِمْ عَجَائِبَ قُدْرَتِكَ يَا قَوِيُّ يَا عَزِيزُ.
- اللَّهُمَّ اشْفِ جَرْحَاهُمْ، وَتَقَبَّلْ شُهَدَاءَهُمْ، وَفُكَّ أَسْرَاهُمْ، وَآمِنْ رَوْعَاتِهِمْ، وَاحْفَظْ أَهْلَهُمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ مِن كُلِّ سُوءٍ.
- اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْتَوْدِعُكَ غَزَّةَ وَأَهْلَهَا، سَمَاءَهَا وَأَرْضَهَا، رِجَالَهَا وَنِسَاءَهَا، أَطْفَالَهَا وَشُيُوخَهَا، فَاحْفَظْهُمْ يَا مَنْ لَا تَضِيعُ وَدَائِعُهُ.
الدعاء للمسجد الأقصى المبارك
للمسجد الأقصى مكانة فريدة في الإسلام، والدفاع عنه وحمايته واجب، والدعاء له من أعظم القربات، من الأدعية التي يمكن الدعاء بها:
- اللَّهُمَّ حَرِّرِ الْمَسْجِدَ الْأَقْصَى مِنْ دَنَسِ الْمُعْتَدِينَ، وَطَهِّرْهُ مِنْ رِجْسِ الظَّالِمِينَ.
- اللَّهُمَّ رُدَّ الْمُسْلِمِينَ إِلَى دِينِهِمْ رَدًّا جَمِيلًا، وَاجْمَعْ كَلِمَتَهُمْ عَلَى الْحَقِّ، وَارْزُقْهُمُ الْعِزَّةَ وَالتَّمْكِينَ لِتَحْرِيرِ مَقْدِسَاتِهِمْ.
- يَا رَبِّ، ارْزُقْنَا فِيهِ صَلَاةً قَبْلَ الْمَمَاتِ، وَاجْعَلْهُ شَامِخًا عَزِيزًا إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.
- اللَّهُمَّ انْصُرِ الْمُرَابِطِينَ فِيهِ وَحَوْلَهُ، وَثَبِّتْ أَقْدَامَهُمْ، وَأَيِّدْهُمْ بِجُنْدٍ مِنْ عِنْدِكَ يَا قَوِيُّ يَا مَتِينُ.
جريمة قتل النفس بغير حق
حذّر الإسلام أشد التحذير من جريمة القتل، وبيّن عظم حرمة النفس البشرية، إن ما يتعرض له الأبرياء في فلسطين من قتل واعتداء هو من أعظم الجرائم عند الله، وهو ما يستدعي اللجوء إلى الله بالدعاء لكشف الغمة ورفع الظلم.
وقد بيّن الله تعالى شناعة هذه الجريمة في قصة ابني آدم، وجعل عقوبتها عظيمة، كما قال سبحانه:
“مِنْ أَجْلِ ذَٰلِكَ كَتَبْنَا عَلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا ۚ وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيرًا مِّنْهُم بَعْدَ ذَٰلِكَ فِي الْأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ” [المائدة: 32].
وفي مواجهة هذا الظلم البين، نلجأ إلى الله بالدعاء، فهو حسبنا ونعم الوكيل.
- حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ، اللَّهُمَّ كُنْ لِإِخْوَانِنَا فِي فِلَسْطِينَ حَامِيًا وَنَصِيرًا، وَاحْفَظْهُمْ مِنْ كَيْدِ الْمُعْتَدِينَ.
- اللَّهُمَّ عَلَيْكَ بِالظَّالِمِينَ الْمُعْتَدِينَ، فَإِنَّهُمْ لَا يُعْجِزُونَكَ، اللَّهُمَّ خُذْهُمْ أَخْذَ عَزِيزٍ مُقْتَدِرٍ، وَاجْعَلْهُمْ عِبْرَةً لِمَنْ يَعْتَبِرُ.
- اللَّهُمَّ مَكِّنْ لِعِبَادِكَ الْمُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ، وَرُدَّهُمْ إِلَى دِيَارِهِمْ سَالِمِينَ غَانِمِينَ، وَاجْعَلْ مَا بِأَيْدِي أَعْدَائِهِمْ غَنِيمَةً لَهُمْ، وَصَلَّى اللهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.
المصادر والمراجع
- سورة البقرة، الآية 250.
- سورة يونس، الآية 88.
- سورة المائدة، الآية 32.
- صحيح البخاري، حديث رقم 2933، وصحيح مسلم، حديث رقم 1742، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
أسئلة شائعة حول الدعاء لفلسطين
- ما هو أفضل دعاء لأهل غزة وفلسطين؟
- أفضل الدعاء هو ما ورد في القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة، كدعاء “رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ”، كما أن أي دعاء يخرج من القلب بصدق وإخلاص، مع الالتزام بآداب الدعاء، هو دعاء خير ومأمول الإجابة بإذن الله.
- هل يجوز الدعاء على الظالمين المعتدين؟
- نعم، يجوز الدعاء على الظالمين المعتدين، وهو مشروع وثابت في القرآن والسنة، فقد دعا النبي صلى الله عليه وسلم على من آذوا المسلمين، ودعا الأنبياء من قبله على أقوامهم الظالمين، ويكون الدعاء عليهم بأن يكف الله شرهم، ويهزم جمعهم، ويرد كيدهم في نحورهم.
- ما هي أفضل الأوقات للدعاء لنصرة فلسطين؟
- يمكن الدعاء في كل وقت، والله تعالى يسمع الدعاء ويجيبه، ولكن هناك أوقات وأحوال يُرجى فيها إجابة الدعاء أكثر من غيرها، مثل: الثلث الأخير من الليل، وبين الأذان والإقامة، وفي السجود، ويوم الجمعة، وعند نزول المطر، فليحرص المسلم على تحري هذه الأوقات المباركة للدعاء لإخوانه.

