يعد الدعاء من أعظم العبادات التي يلجأ بها المسلم إلى ربه، فهو ملاذه الآمن، وحصنه الحصين من شرور الدنيا وكيد الأعداء، حينما يشعر الإنسان بالخوف أو القلق من أذى محتمل، فإن فطرته تهديه إلى التوجه إلى الله تعالى، مستعينًا به ليحميه ويدفع عنه كل شر، إن اليقين بأن النفع والضر بيد الله وحده يمنح القلب طمأنينة وسكينة.
في هذا المقال، نستعرض مجموعة من الأدعية الصحيحة والمأثورة للحفظ والوقاية من شرور الناس وكيدهم، مع التأكيد على أهمية الاعتماد على ما ورد في القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة.
أدعية قرآنية للتحصين ودفع الأذى
القرآن الكريم هو أعظم مصدر للشفاء والحماية، وقد أرشدنا الله سبحانه وتعالى إلى آيات وأدعية جامعة تحفظ العبد بإذنه من كل سوء.
- آية الكرسي (أعظم آي القرآن): تُعد حصنًا منيعًا من الشياطين وكل شر، يُستحب قراءتها دبر كل صلاة، وعند النوم، وفي أذكار الصباح والمساء.
“اللَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ۚ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ ۚ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ۗ مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِندَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ ۚ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ ۖ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ ۚ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ ۖ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا ۚ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ” [البقرة: 255].
.
- المعوذتان (سورة الفلق وسورة الناس): لهما فضل عظيم في الحماية من الحسد والسحر وشرور الخلق، قال النبي صلى الله عليه وسلم:
“ما سَأَلَ سائِلٌ بمِثْلِهِما، ولا اسْتَعاذَ مُسْتَعيذٌ بمِثْلِهِما”
(حديث صحيح، سنن النسائي).
- دعاء نبي الله موسى عليه السلام: دعاء عظيم لطلب العون من الله عند مواجهة الصعاب.
“رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ” [القصص: 24].
.
- دعاء يونس عليه السلام في بطن الحوت: من أعظم الأدعية لتفريج الكروب.
“لَّا إِلَٰهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ” [الأنبياء: 87].
.
أدعية نبوية صحيحة لإبعاد الشر والأذى
أرشدنا النبي صلى الله عليه وسلم إلى أدعية جامعة تحفظ المسلم في يومه وليلته، وتدفع عنه بإذن الله كل أذى.
- دعاء الحفظ من كل سوء: من قاله ثلاث مرات صباحًا ومساءً لم يضره شيء.
“بِسْمِ اللهِ الَّذِي لَا يَضُرُّ مَعَ اسْمِهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ”
(حديث حسن، رواه الترمذي).
- دعاء الاستعاذة من الشرور: كان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر من هذا الدعاء.
“اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا عَمِلْتُ، وَمِنْ شَرِّ مَا لَمْ أَعْمَلْ”
(حديث صحيح، رواه مسلم).
- دعاء الخروج من المنزل: من قاله عند خروجه حُفظ من كل شر.
“بِسْمِ اللهِ، تَوَكَّلْتُ عَلَى اللهِ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ”
(حديث صحيح، رواه أبو داود).
- دعاء كفاية الهم ودفع الشر:
“حَسْبِيَ اللَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ ۖ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ ۖ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ”
ورد في فضلها أن من قالها حين يصبح وحين يمسي سبع مرات، كفاه الله ما أهمه من أمر الدنيا والآخرة، (أثر موقوف على أبي الدرداء بسند جيد).
أمثلة على صيغ الأدعية المنتشرة لطلب الحماية
تنتشر بين الناس بعض الصيغ الدعائية التي لم ترد في نصوص شرعية محددة، ولكنها تحمل معانٍ طيبة في طلب الحماية من الله، من أمثلة ذلك:
- “اللَّهُمَّ اكفني شَرَّ كُلِّ مَنْ أَرَادَ بِي سُوءًا، وَابْعِدْ عَنِّي كَيْدَ الْحَاقِدِينَ وَخُبْثَ الْمَاكِرِينَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ”.
- “اللَّهُمَّ احْفَظْنِي بِعَيْنِكَ الَّتِي لَا تَنَامُ، وَاكْلَأْنِي بِرِعَايَتِكَ، وَابْعِدْ عَنِّي كُلَّ قَلْبٍ يَحْمِلُ لِي ضَغِينَةً، وَاكْتُبْ لِي الْخَيْرَ وَالسَّلَامَةَ يَا ذَا الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ”.
- “اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ كُلِّ نَفْسٍ تُخْفِي عَدَاوَتَهَا، وَمِنْ شَرِّ الْحُسَّادِ، وَمِنْ لِسَانٍ يَغْتَابُنِي، وَمِنْ قُلُوبٍ تَمَلَّكَتْهَا الْبَغْضَاءُ، وَاجْعَلْنِي فِي أَمَانِكَ يَا اللهُ”.
الحكم الشرعي وتنبيه هام
تنبيه هام: هذه الصيغ المذكورة أعلاه هي مما يتداوله بعض الناس، ولم تثبت بسند صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أو أصحابه، الدعاء عبادة، والأصل فيها الالتزام بما ورد في القرآن الكريم والسنة الصحيحة، فهي كافية وشاملة ومباركة.
يجوز للمسلم أن يدعو الله بما يفتح عليه من الأدعية التي ليس فيها اعتداء أو مخالفة شرعية، ولكن لا يجوز نسبتها إلى الشرع أو اعتقاد فضل خاص لها لم يرد به دليل، والأولى والأكمل هو الالتزام بالأدعية المأثورة فهي أجمع للخير وأعظم في البركة.
طرق شرعية فعالة للتحصين وإبعاد شر الناس
إلى جانب الدعاء، هناك وسائل عملية وشرعية لحفظ النفس من الشرور، ومن أهمها:
- المحافظة على الصلوات الخمس: فهي الصلة بين العبد وربه، ومن حفظها حفظه الله، صلاة الفجر على وجه الخصوص تجعل العبد في ذمة الله طوال يومه.
- المداومة على أذكار الصباح والمساء: فهي درع حصين للمسلم من شياطين الإنس والجن.
- قراءة القرآن الكريم بانتظام: خاصة سورة البقرة، فإن أخذها بركة وتركها حسرة ولا تستطيعها البطلة (السحرة).
- التوكل على الله وحسن الظن به: أن يوقن العبد أن كل شيء يجري بقدر الله وحكمته، وأن ما أصابه لم يكن ليخطئه، وما أخطأه لم يكن ليصيبه.
- التوبة والاستغفار: فإن الذنوب قد تكون سببًا لتسلط الأعداء، والتوبة تجلب معية الله وحفظه.
إن اللجوء إلى الله تعالى بالدعاء والعمل الصالح هو السبيل الأمثل لتحقيق الطمأنينة ودفع الشرور، ادعُ الله بيقين تام وإيمان خالص، وثق بأن ربك سيحميك بقوته ورحمته من كل سوء.
المصادر والمراجع
- سورة البقرة، الآية 255 (آية الكرسي).
- سورة القصص، الآية 24.
- سورة الأنبياء، الآية 87.
- حديث فضل المعوذتين، (يمكن مراجعته في سنن النسائي على موسوعة الدرر السنية).
- حديث “بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء”، (يمكن مراجعته في سنن الترمذي على موسوعة الدرر السنية).
- حديث “اللهم إني أعوذ بك من شر ما عملت”، (يمكن مراجعته في صحيح مسلم على موسوعة الدرر السنية).
- حديث دعاء الخروج من المنزل، (يمكن مراجعته في سنن أبي داود على موسوعة الدرر السنية).
الأسئلة الشائعة (FAQs)
ما هو أفضل دعاء للحماية من شر الناس؟
الأدعية الواردة في القرآن والسنة هي الأفضل والأعظم بركة، مثل قراءة آية الكرسي والمعوذتين، ودعاء “بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء…”، فهي أدعية علمنا إياها من لا ينطق عن الهوى صلى الله عليه وسلم.
هل يجوز أن أدعو على من ظلمني؟
الدعاء على الظالم بقدر ظلمه جائز، ولكن العفو والصفح أعظم أجرًا عند الله، والأفضل هو الدعاء لنفسك بالحفظ والكفاية، وأن تقول “حسبي الله ونعم الوكيل”.
ما هي الأوقات التي يُستجاب فيها الدعاء لدفع الشر؟
الدعاء مستجاب في كل وقت، ولكن هناك أوقات أفضل، مثل الثلث الأخير من الليل، وبين الأذان والإقامة، وفي السجود، ويوم الجمعة، الإلحاح في الدعاء مع اليقين بالإجابة من أعظم أسباب القبول.


الله يحفظكم