يُعد مرض الأبناء من أعظم الابتلاءات التي يختبر الله بها صبر عباده المؤمنين، وهو ما يملأ قلب الوالدين حزناً وألماً، وفي هذه الأوقات، يظل الدعاء هو السلاح الأقوى، والصلة المباشرة بالله تعالى، الذي بيده الشفاء وهو أرحم الراحمين، إن التوجه إلى الله بقلبٍ خاشع ويقينٍ تام بالإجابة هو من أعظم أسباب تفريج الكروب ورفع البلاء، خاصة عندما يتعلق الأمر بفلذات الأكباد.
فيما يلي، نستعرض مجموعة من الأدعية الصحيحة والمأثورة، مع بيان مصادرها، لتكون عوناً لكل أب وأم في الدعاء لأطفالهم بالشفاء العاجل.
أدعية مأثورة من القرآن والسنة لشفاء المريض
الأصل في الدعاء هو الالتزام بما ورد في كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، فهي الأدعية الجامعة المباركة التي فيها الخير والبركة والشفاء بإذن الله، ومن هذه الأدعية:
1، دعاء النبي صلى الله عليه وسلم لشفاء المرضى
كان من هدي النبي ﷺ إذا عاد مريضاً أن يدعو له بهذا الدعاء الشامل، وهو من أرجى الأدعية للشفاء، عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعود بعض أهله، يمسح بيده اليمنى ويقول:
اللَّهُمَّ رَبَّ النَّاسِ أَذْهِبِ البَاسَ، اشْفِهِ وَأَنْتَ الشَّافِي، لاَ شِفَاءَ إِلَّا شِفَاؤُكَ، شِفَاءً لاَ يُغَادِرُ سَقَمًا.
المصدر: متفق عليه (صحيح البخاري، حديث 5743 وصحيح مسلم، حديث 2191).
2، الرقية بالدعاء سبع مرات
ورد في السنة النبوية أن من قال هذا الدعاء سبع مرات عند المريض، يُرجى له الشفاء بإذن الله، عن ابن عباس رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
مَنْ عَادَ مَرِيضًا لَمْ يَحْضُرْ أَجَلُهُ فَقَالَ عِنْدَهُ سَبْعَ مِرَارٍ: أَسْأَلُ اللَّهَ العَظِيمَ رَبَّ العَرْشِ العَظِيمِ أَنْ يَشْفِيَكَ، إِلَّا عَافَاهُ اللَّهُ مِنْ ذَلِكَ المَرَضِ.
المصدر: سنن أبي داود (3106)، وسنن الترمذي (2083)، وصححه الألباني.
3، دعاء نبي الله أيوب عليه السلام
وهو دعاء عظيم من القرآن الكريم، فيه إظهار للفقر والضعف لله تعالى، وتوسل برحمته التي وسعت كل شيء.
“أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ”
المصدر: سورة الأنبياء، الآية 83.
4، الرقية بسورة الفاتحة والمعوذات
تُعد سورة الفاتحة أعظم سورة في القرآن وهي “الشافية” و”الكافية”، يُسن للمسلم أن يقرأها على المريض مع النفث، وكذلك قراءة المعوذتين (سورة الفلق وسورة الناس) وسورة الإخلاص، ومسح جسد الطفل بها.
صيغ دعاء عامة لشفاء الطفل
إلى جانب الأدعية المأثورة، يجوز للمسلم أن يدعو الله تعالى بما يفتح عليه من صيغ الدعاء الطيبة التي تحمل معاني صحيحة، ما لم تتضمن اعتداءً في الدعاء، وهذه أمثلة على أدعية عامة يمكن الدعاء بها بقلبٍ صادق:
- اللَّهُمَّ يا حنَّان يا منَّان، أسألك بلطفك الذي وسع كل شيء، أن تشفي طفلي شفاءً تاماً، وأن تخفف آلامه، وتجعل العافية تسري في جسده يا أرحم الراحمين.
- يا من تُجيب دعوة المضطر إذا دعاك، أسألك يا مُجيب الدعوات أن تمنَّ على طفلي بالصحة والعافية، وأن تُزيل عنه المرض وتلبسه ثوب الشفاء يا أكرم الأكرمين.
- اللَّهُمَّ يا ذا القوة والجبروت، الطف بحال طفلي واشفه من مرضه، واجعل عافيته تامة كاملة، فإنك القادر إذا أردت شيئًا أن تقول له كن فيكون.
- ربي، أستودعك قلب طفلي وجسده من كل ألم ومرض، فاحفظه بحفظك الذي لا يرام، واكلأه برعايتك التي لا تُضام، وامنحه الصحة والعافية يا الله.
- اللَّهُمَّ إني أسألك بأسمائك الحسنى وصفاتك العُلى، أن تُنزل على طفلي رحمة من عندك وشفاءً من شفائك، تُغنيه بها عن رحمة من سواك.
- يا حيُّ يا قيُّوم، برحمتك أستغيث، أصلح لطفلي شأنه كله ولا تكله إلى نفسه طرفة عين، واشفه وعافه واعفُ عنه يا كريم.
تنبيه هام حول الأدعية المخصصة بوقت أو عدد معين
تنبيه: تنتشر بين الناس بعض العناوين مثل “أدعية لشفاء الطفل خلال أسبوع” أو “أدعية مضمونة”، يجب التنبيه إلى أن تحديد مدة زمنية للشفاء أو ضمان الاستجابة ليس من هدي النبي صلى الله عليه وسلم، فالدعاء عبادة قائمة على إظهار العبودية والافتقار إلى الله، مع اليقين بقدرته وحكمته، والواجب على المسلم أن يدعو بيقين ورجاء، ويفوّض الأمر كله لله، فهو سبحانه أعلم بما هو خير لعبده ومتى يكون.
المصادر والمراجع
- سورة الأنبياء، الآية 83.
- صحيح البخاري، حديث رقم 5743، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
- صحيح مسلم، حديث رقم 2191، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
- سنن أبي داود، حديث رقم 3106، وسنن الترمذي، حديث رقم 2083، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
أسئلة شائعة
ما هو أفضل دعاء لشفاء الطفل المريض؟
أفضل الأدعية هي تلك التي وردت في القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة، مثل دعاء النبي ﷺ: “اللَّهُمَّ رَبَّ النَّاسِ أَذْهِبِ البَاسَ…”، ودعاء: “أَسْأَلُ اللَّهَ العَظِيمَ رَبَّ العَرْشِ العَظِيمِ أَنْ يَشْفِيَكَ” سبع مرات، لما لها من فضل وبركة خاصة.
هل يجوز أن أدعو لطفلي بصيغة من عندي؟
نعم، يجوز للمسلم أن يدعو الله بما يشاء من خيري الدنيا والآخرة، وبأي صيغة طيبة تأتي من قلبه، ما دامت لا تحتوي على إثم أو قطيعة رحم أو اعتداء في الدعاء، فالله سبحانه وتعالى قريب يجيب دعوة الداع إذا دعاه.
ما هي أوقات استجابة الدعاء التي يُنصح بالدعاء فيها؟
يُستحب تحري أوقات وأحوال إجابة الدعاء، ومنها: الثلث الأخير من الليل، وبين الأذان والإقامة، وفي السجود أثناء الصلاة، وآخر ساعة من يوم الجمعة، وعند نزول المطر، فالدعاء في هذه الأوقات أرجى للقبول بإذن الله.
