إن ما يمر به المسلمون في أرجاء العالم من محن وابتلاءات، ومنها ما يواجهه إخواننا في بورما (ميانمار) من ظلم واضطهاد، ليوجب على كل مسلم استشعار مسؤوليته تجاههم، وأعظم ما يمكن تقديمه هو سلاح الدعاء الصادق، فهو من أقوى أسباب النصر وتفريج الكروب، إن اللجوء إلى الله تعالى والتضرع إليه لنصرة المستضعفين هو واجب إيماني وتعبير عن أخوة الإسلام التي لا تحدها حدود.
في هذا المقال، نستعرض أدعية مأثورة من الكتاب والسنة يمكن الدعاء بها لنصرة إخواننا، مع التزامنا بتقديم محتوى موثوق ومبني على الدليل الشرعي.
أدعية مأثورة من القرآن والسنة لنصرة المستضعفين
الأصل في الدعاء هو الالتزام بما ورد في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، فهما خير هدي وأعظم بركة، وهذه بعض الأدعية الصحيحة التي تناسب حال إخواننا المستضعفين في بورما وغيرها من بلاد المسلمين:
- دعاء قرآني لطلب الصبر والثبات والنصر: وهو دعاء أصحاب طالوت حينما واجهوا جالوت وجنوده، وهو مناسب لكل من يواجه عدوًا قويًا.
“رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ”
(المصدر: سورة البقرة، الآية 250)..
- دعاء النبي ﷺ على الأحزاب: دعاء عظيم دعا به النبي صلى الله عليه وسلم عندما تكالبت عليه القبائل في غزوة الخندق، وهو سلاح فعال ضد الأعداء المتجبرين.
“اللَّهُمَّ مُنْزِلَ الكِتَابِ، سَرِيعَ الحِسَابِ، اهْزِمِ الأَحْزَابَ، اللَّهُمَّ اهْزِمْهُمْ وَزَلْزِلْهُمْ”
(المصدر: صحيح البخاري، حديث رقم 2933 – صحيح مسلم، حديث رقم 1742، حديث صحيح)..
- دعاء المكروب: وهو من الأدعية الجامعة التي علمنا إياها النبي ﷺ عند الشدائد والكربات.
“لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ الْعَظِيمُ الْحَلِيمُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ رَبُّ السَّمَوَاتِ وَرَبُّ الْأَرْضِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ”
(المصدر: صحيح البخاري، حديث رقم 6346، حديث صحيح)..
- دعاء يونس عليه السلام: وهو دعاء مبارك يُعرف بأنه من أسباب كشف الغم وتفريج الكرب.
“لَّا إِلَٰهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ”
(المصدر: سورة الأنبياء، الآية 87)..
صيغ دعاء عامة يمكن الدعاء بها للمسلمين في بورما
إلى جانب الأدعية المأثورة، يجوز للمسلم أن يدعو الله تعالى بما يفتح عليه من صيغ عامة تناسب الحال، ما دامت لا تحتوي على محظور شرعي، وهذه أمثلة على أدعية عامة يمكن الدعاء بها لنصرة إخواننا في بورما:
- اللَّهُمَّ يا ناصر المستضعفين، ويا ولي المؤمنين، نسألك بعزتك التي لا تُرام، وملكك الذي لا يُضام، أن تكون عونًا لإخواننا المسلمين في بورما.
- اللَّهُمَّ احقن دماءهم، واحفظ أعراضهم، وآمن روعاتهم، وسد جوعتهم، وثبت أقدامهم، وانصرهم على من ظلمهم وتجبر عليهم يا قوي يا عزيز.
- يا حي يا قيوم برحمتك نستغيث، أصلح لإخواننا في بورما شأنهم كله، ولا تكلهم إلى أنفسهم طرفة عين.
- اللَّهُمَّ عليك بالظالمين المعتدين، فإنهم لا يعجزونك، اللَّهُمَّ شتت شملهم، وفرّق جمعهم، واجعل تدبيرهم تدميرًا عليهم، وأرنا فيهم عجائب قدرتك.
- اللَّهُمَّ اجبر كسرهم، وارحم ضعفهم، وتولَّ أمرهم، وأبدل خوفهم أمنًا، وذلهم عزًا، وفقرهم غنى يا أرحم الراحمين.
- حسبنا الله ونعم الوكيل، نبرأ إليك يا ربنا من حولنا وقوتنا، ونلجأ إلى حولك وقوتك، فلا ناصر لإخواننا إلا أنت، ولا معين لهم سواك.
تنبيه هام وحكم هذه الأدعية
توضيح شرعي: الصيغ المذكورة في القسم السابق هي أدعية عامة من إنشاء الناس، وهي جائزة من حيث المعنى، ولكن يجب التنبيه على أن هذه الصيغ لم تثبت بسند صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أو أصحابه، الدعاء عبادة، والأصل فيها الالتزام بما ورد في القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة، فهي كافية وشاملة ومباركة، وفيها الخير كله، ويُفضل دائمًا البدء بالأدعية المأثورة ثم الدعاء بما يفتح الله به على العبد.
معلومات حول الأوضاع الراهنة في بورما (ميانمار)
يعيش المسلمون في ميانمار، وتحديدًا أقلية الروهينجا في إقليم أراكان، ظروفًا إنسانية بالغة القسوة، فهم محرومون من أبسط حقوق المواطنة وتُمارس بحقهم انتهاكات ممنهجة تشمل القتل والتهجير القسري وحرق الممتلكات، هذه المآسي تجعل الدعاء لهم واجبًا إنسانيًا وإيمانيًا، فهم إخوة لنا في الدين والعقيدة، ومعاناتهم هي معاناة للأمة بأسرها.
لقد أُجبر مئات الآلاف منهم على ترك ديارهم، ليواجهوا مصيرًا مجهولًا في مخيمات اللجوء أو خطر الموت أثناء محاولات الهروب، إن هذه الأحداث المروعة تذكرنا بمسؤوليتنا في نصرتهم ولو بأضعف الإيمان، وهو الدعاء الصادق في جوف الليل وفي كل وقت تُرجى فيه الإجابة.
أبرز الانتهاكات التي يتعرض لها المسلمون في أراكان
بدأت معاناة المسلمين تتفاقم بشكل كبير بعد سيطرة المتطرفين البوذيين على إقليم أراكان، حيث تعرضوا لجرائم ضد الإنسانية تهدف إلى محو هويتهم الإسلامية ووجودهم التاريخي في المنطقة، ومن أبرز تلك الانتهاكات:
- تدمير الآثار الإسلامية كالمساجد والمؤسسات الدينية لطمس تاريخهم.
- استهداف العلماء والدعاة بالقتل والتنكيل لإرهاب المجتمع.
- ارتكاب مجازر وحشية لم تفرق بين طفل أو شيخ أو امرأة.
- تخريب المدارس الإسلامية ومنع إعادة بنائها لنشر الجهل.
- تهجير المسلمين قسرًا من قراهم والاستيلاء على أراضيهم ومصادر رزقهم.
- فرض ضرائب باهظة بهدف إفقارهم وتجريدهم من استقلالهم الاقتصادي.
- إجبارهم على العمل بالسخرة في المشاريع الحكومية دون أجر.
- حرمانهم من الوظائف الحكومية والتعليم العالي لتهميشهم بالكامل.
- تقييد حركتهم ومنعهم من السفر، حتى لأداء فريضة الحج.
- فرض قيود اجتماعية صارمة لتفكيك الروابط الأسرية بينهم.
المصادر والمراجع
- سورة البقرة، الآية 250.
- سورة الأنبياء، الآية 87.
- صحيح البخاري، حديث رقم 2933، وحديث رقم 6346، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
- صحيح مسلم، حديث رقم 1742، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
الأسئلة الشائعة
ما هو حكم تخصيص بلد معين مثل بورما في الدعاء؟
يجوز تخصيص بلد معين أو فئة معينة من المسلمين بالدعاء، وهذا من صور النوازل التي يُشرع فيها القنوت والدعاء، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه دعا لأقوام بأسمائهم ودعا على آخرين، مما يدل على جواز التخصيص عند الحاجة.
ما هي أفضل الأوقات للدعاء للمستضعفين؟
يُستحب تحري أوقات إجابة الدعاء، ومنها: الثلث الأخير من الليل، وبين الأذان والإقامة، وفي السجود، وآخر ساعة من يوم الجمعة، وعند نزول المطر، والدعاء للمسلمين بظهر الغيب مستجاب بإذن الله، حيث يؤمّن الملك على دعائه ويقول: “ولك بمثل”.
هل الأدعية العامة غير المأثورة بدعة؟
الدعاء بما لم يرد في الكتاب والسنة ليس بدعة بإطلاق، ما دام معناه صحيحًا ولا يتضمن اعتداءً في الدعاء أو مخالفة شرعية، ولكن الأفضل والأكمل هو الالتزام بالأدعية المأثورة لأنها أجمع للمعاني وأعظم في البركة وأبعد عن الخطأ.

