تُعد قصيدة “إلهي أنت تعلم كيف حالي” من النصوص الروحانية التي لاقت انتشارًا واسعًا وقبولًا في قلوب الكثير من المسلمين، خاصة بعد أن شدا بها عدد من المنشدين البارزين، وعلى رأسهم الشيخ مشاري راشد العفاسي، يجد فيها المستمعون تعبيرًا صادقًا عن معاني الافتقار إلى الله تعالى، والرجاء في كرمه، والشكوى إليه من نوائب الدهر، ورغم شهرتها كـ”دعاء”، من المهم توضيح أصلها وطبيعتها ليكون المسلم على بصيرة من أمره.
إن هذه الكلمات المؤثرة هي في حقيقتها أبيات شعرية تُنسب إلى الشاعر عبد الرحيم البُرعي اليماني، وهي قصيدة تجمع بين الشكوى والتضرع والتوكل على الله، ومع أن معانيها صحيحة ومقبولة شرعًا، إلا أنها ليست دعاءً مأثورًا عن النبي صلى الله عليه وسلم أو أحد من صحابته، بل هي من كلام البشر ونظمهم.
نص قصيدة “إلهي أنت تعلم كيف حالي” مكتوبة
فيما يلي النص الكامل للقصيدة كما اشتهرت، مع ضبطها وتشكيلها لتسهيل قراءتها وفهم معانيها:
إلهي أَنْتَ تَعْلَمُ كَيْفَ حَالِي
فَهَلْ يَا سَيِّدِي فَرَجٌ قَرِيبُ
أَغِيبُ وَذُو اللَّطَائِفِ لَا يَغِيبُ
وَأَرْجُوهُ رَجَاءً لَا يَخِيبُ
وَأَسْأَلُهُ السَّلَامَةَ مِنْ زَمَانٍ
بُلِيتُ بِهِ نَوَائِبُهُ تَشِيبُ
وَأُنْزِلُ حَاجَتِي فِي كُلِّ حَالٍ
إِلَى مَنْ تَطْمَئِنُّ بِهِ الْقُلُوبُ
فَكَمْ لِلهِ مِنْ تَدْبِيرِ أَمْرٍ
طَوَتْهُ عَنِ الْمَشَاهِدَةِ الْغُيُوبُ
وَكَمْ فِي الْغَيْبِ مِنْ تَيْسِيرِ عُسْرٍ
وَمِنْ تَفْرِيجِ نَائِبَةٍ تَنُوبُ
وَمِنْ كَرَمٍ وَمِنْ لُطْفٍ خَفِيٍّ
وَمِنْ فَرَجٍ تَزُولُ بِهِ الْكُرُوبُ
وَمَنْ لِي غَيْرَ بَابِ اللهِ بَابٌ
وَلَا مَوْلًى سِوَاهُ وَلَا حَبِيبُ
كَرِيمٌ مُنْعِمٌ بَرٌّ لَطِيفٌ
جَمِيلُ السِّتْرِ لِلدَّاعِي مُجِيبُ
حَلِيمٌ لَا يُعَاجِلُ بِالْخَطَايَا
رَحِيمٌ غَيْثُ رَحْمَتِهِ يَصُوبُ
فَيَا مَلِكَ الْمُلُوكِ أَقِلْ عِثَارِي
فَإِنِّي عَنْكَ أَنْأَتْنِي الذُّنُوبُ
وَآمِنْ رَوْعَتِي وَاكْبِتْ حَسُودًا
فَإِنَّ النَّائِبَاتِ لَهَا نُيُوبُ
وَآنِسْنِي بِأَوْلَادِي وَأَهْلِي
فَقَدْ يَسْتَوْحِشُ الرَّجُلُ الْغَرِيبُ
وَلِي شَجَنٌ بِأَطْفَالٍ صِغَارٍ
أَكَادُ إِذَا ذَكَرْتُهُمُ أَذُوبُ
وَلَكِنِّي نَبَذْتُ زِمَامَ أَمْرِي
لِمَنْ تَدْبِيرُهُ فِينَا عَجِيبُ
هُوَ الرَّحْمَنُ حَوْلِي وَاعْتِصَامِي
بِهِ وَإِلَيْهِ مُبْتَهِلًا أُنِيبُ
فَيَا دَيَّانَ يَوْمِ الدِّينِ فَرِّجْ
هُمُومًا فِي الْفُؤَادِ لَهَا دَبِيبُ
وَصِلْ حَبْلِي بِحَبْلِ رِضَاكَ وَانْظُرْ
إِلَيَّ وَتُبْ عَلَيَّ عَسَى أَتُوبُ
وَرَاعِ حِمَايَتِي وَتَوَلَّ نَصْرِي
وَشُدَّ عُرَايَ إِنْ عَرَتِ الْخُطُوبُ
وَأَلْهِمْنِي لِذِكْرِكَ طُولَ عُمْرِي
فَإِنَّ بِذِكْرِكَ الدُّنْيَا تَطِيبُ
وَصَلِّ عَلَى النَّبِيِّ وَآلِهِ مَا
تَرَنَّمَ فِي الْأَرَاكِ الْعَنْدَلِيبُ
الحكم الشرعي في الدعاء بهذه القصيدة
يجوز للمسلم أن يدعو الله تعالى بما شاء من الأدعية التي تحمل معاني صحيحة ولا تخالف الشرع، حتى وإن لم تكن من الأدعية المأثورة في القرآن والسنة، هذه القصيدة تحتوي على معانٍ طيبة من التوكل والرجاء والافتقار إلى الله، فلا حرج في أن يدعو المسلم بمضامينها.
تنبيه هام: يجب على المسلم ألا يعتقد أن لهذه القصيدة فضلًا خاصًا، أو أنها من السنة، أو أن الدعاء بها في وقت معين أو بعدد معين له مزية خاصة، فالدعاء عبادة، والأصل فيها هو الاتباع والالتزام بما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم، فهو خير الهدي وأكمله، والأدعية الواردة في القرآن الكريم والسنة الصحيحة هي الأفضل والأكثر بركة.
أداء الشيخ مشاري العفاسي للقصيدة
ساهم الأداء الصوتي العذب والمؤثر للشيخ مشاري راشد العفاسي في انتشار هذه القصيدة بشكل واسع، حيث استطاع بصوته الشجي أن يوصل المعاني الروحانية العميقة في الأبيات إلى قلوب المستمعين، مما جعلها مرتبطة في أذهان الكثيرين بالسكينة والخشوع والتضرع إلى الله تعالى.
نبذة عن الشيخ مشاري راشد العفاسي
الشيخ مشاري بن راشد بن غريب بن محمد بن راشد العفاسي (وُلِد في 5 سبتمبر 1976)، هو قارئ قرآن كريم ومنشد ديني كويتي، وإمام المسجد الكبير بدولة الكويت وخطيب في وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، يُعد من أشهر القراء والمنشدين في العالم الإسلامي، ويتميز بصوته العذب وأدائه المتقن في تلاوة القرآن الكريم والإنشاد الديني.
له إصدارات قرآنية وإنشادية عديدة لاقت رواجًا واسعًا، وتُعد قصيدة “إلهي أنت تعلم كيف حالي” من أشهر أعماله الإنشادية التي تركت أثرًا كبيرًا لدى جمهوره.
المصادر والمراجع
- ديوان الشاعر عبد الرحيم البرعي اليماني (مصدر نسبة القصيدة).
- سورة البقرة، الآية 286.
- صحيح مسلم، حديث رقم 2730، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
- مبدأ جواز الدعاء بغير المأثور ما لم يخالف الشرع، وهو مقرر عند أهل العلم.
الأسئلة الشائعة (FAQs)
س1: هل دعاء “إلهي أنت تعلم كيف حالي” حديث نبوي؟
لا، هذا ليس حديثًا نبويًا ولا دعاءً مأثورًا عن النبي صلى الله عليه وسلم، إنما هو قصيدة شعرية منسوبة للشاعر عبد الرحيم البرعي، ولكن معانيها جيدة ويمكن الدعاء بها.
س2: ما هو البديل الصحيح من الأدعية المأثورة لتفريج الكروب؟
الأدعية الواردة في القرآن والسنة هي الأفضل والأعظم بركة، من أمثلتها:
- من القرآن الكريم: دعاء نبي الله يونس عليه السلام في بطن الحوت:
“لَّا إِلَٰهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ” [الأنبياء: 87].
.
- من السنة النبوية: دعاء الكرب الذي كان يدعو به النبي صلى الله عليه وسلم:
“لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ العَظِيمُ الحَلِيمُ، لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ رَبُّ العَرْشِ العَظِيمِ، لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ رَبُّ السَّمَوَاتِ ورَبُّ الأرْضِ، ورَبُّ العَرْشِ الكَرِيمِ” (صحيح البخاري).
.
س3: هل يجوز الاستماع لهذه القصيدة بنية التعبد؟
يجوز الاستماع إليها لتذكر معانيها الطيبة وتحريك القلب للتوبة والرجاء، ولكن لا يجوز تخصيصها بعبادة معينة أو الاعتقاد بأن مجرد الاستماع إليها له فضل خاص لم يرد به دليل شرعي.

