الدعاء وذكر الله من أعظم العبادات التي يتقرب بها العبد إلى ربه، وتتحقق بهما طمأنينة القلوب وحفظ الأنفس من الشرور، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يداوم على أذكار الصباح والمساء، مما يؤكد أهمية اتباع سنته الشريفة والحرص على هذه الأذكار المباركة لما لها من أثر عظيم في حياة المسلم، فهي تجلب السكينة والرضا، وتحصن المسلم بحفظ الله ورعايته.
في هذا المقال، نستعرض مجموعة من أذكار الصباح والمساء الصحيحة والثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم، مع بيان مصادرها، بالإضافة إلى بعض الأدعية العامة التي يمكن للمسلم أن يدعو بها.
أذكار الصباح والمساء الثابتة من السنة النبوية
هذه مجموعة من الأدعية الصحيحة المأثورة عن النبي صلى الله عليه وسلم، والتي يُستحب للمسلم المداومة عليها في صباحه ومسائه، مع ذكر مصدرها ودرجتها لتعزيز الموثوقية.
- سيد الاستغفار:
اللَّهُمَّ أَنْتَ رَبِّي لا إِلَهَ إِلا أَنْتَ، خَلَقْتَنِي وَأَنَا عَبْدُكَ، وَأَنَا عَلَى عَهْدِكَ وَوَعْدِكَ مَا اسْتَطَعْتُ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا صَنَعْتُ، أَبُوءُ لَكَ بِنِعْمَتِكَ عَلَيَّ، وَأَبُوءُ لَكَ بِذَنْبِي فَاغْفِرْ لِي، فَإِنَّهُ لا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلا أَنْتَ.
المصدر: صحيح البخاري، حديث رقم 6306، (يُقال مرة واحدة صباحًا ومساءً).
- دعاء “رضيت بالله ربًا”:
رَضِيتُ بِاللهِ رَبًّا، وَبِالإِسْلامِ دِينًا، وَبِمُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم نَبِيًّا.
المصدر: سنن أبي داود، حديث رقم 5072، وحسنه ابن حجر، (يُقال ثلاث مرات).
- دعاء الحفظ من كل ضرر:
بِسْمِ اللهِ الَّذِي لا يَضُرُّ مَعَ اسْمِهِ شَيْءٌ فِي الأَرْضِ وَلا فِي السَّمَاءِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ.
المصدر: سنن الترمذي، حديث رقم 3388، حديث حسن صحيح، (يُقال ثلاث مرات).
- دعاء سؤال العافية:
اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْعَافِيَةَ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ فِي دِينِي وَدُنْيَايَ وَأَهْلِي وَمَالِي، اللَّهُمَّ اسْتُرْ عَوْرَاتِي وَآمِنْ رَوْعَاتِي، اللَّهُمَّ احْفَظْنِي مِنْ بَيْنِ يَدَيَّ وَمِنْ خَلْفِي وَعَنْ يَمِينِي وَعَنْ شِمَالِي وَمِنْ فَوْقِي، وَأَعُوذُ بِعَظَمَتِكَ أَنْ أُغْتَالَ مِنْ تَحْتِي.
المصدر: سنن أبي داود، حديث رقم 5074، وصححه الألباني.
- دعاء الاستغاثة برحمة الله:
يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ بِرَحْمَتِكَ أَسْتَغِيثُ، أَصْلِحْ لِي شَأْنِي كُلَّهُ، وَلا تَكِلْنِي إِلَى نَفْسِي طَرْفَةَ عَيْنٍ.
المصدر: رواه الحاكم في المستدرك وصححه، وحسنه الألباني.
- دعاء الكفاية من كل هم:
حَسْبِيَ اللهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ.
المصدر: ورد في حديث عن أبي الدرداء في سنن أبي داود (5081) بسند فيه ضعف، لكن معناه صحيح مأخوذ من قوله تعالى في سورة التوبة، (يُقال سبع مرات).
- دعاء التسبيح المضاعف:
سُبْحَانَ اللهِ وَبِحَمْدِهِ، عَدَدَ خَلْقِهِ، وَرِضَا نَفْسِهِ، وَزِنَةَ عَرْشِهِ، وَمِدَادَ كَلِمَاتِهِ.
المصدر: صحيح مسلم، حديث رقم 2726، (يُقال ثلاث مرات في الصباح).
أدعية عامة وصيغ مأثورة للصباح والمساء
إلى جانب الأذكار الثابتة، يمكن للمسلم أن يدعو الله بما يفتح عليه من الأدعية الطيبة التي تحمل معاني صحيحة، ما لم يعتقد أنها سنة واردة بلفظها عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهذه بعض الأمثلة على صيغ دعاء عامة يمكن الاستئناس بها:
- اللهم مع إشراقة كل صباح، نسألك أن تفتح لنا أبواب رحمتك ورزقك، وأن تبارك لنا في أوقاتنا وأعمالنا، واحفظنا بعينك التي لا تنام.
- يا رب، اجعل صباحنا هذا صباحًا شاهدًا لنا بالخيرات، وموطنًا للبركات، افتح لنا فيه أبواب التوفيق والرضا، وأبعد عنا شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا.
- اللهم مع ساعات المساء، نسألك أن تنير أرواحنا بالسكينة، وتغمر قلوبنا بالأمل، وتبعد عنا الهموم، وتزيدنا قربًا منك وحبًا لك يا أكرم الأكرمين.
- ربي، أنت سندنا الذي نتكل عليه، وقوتنا التي نستمدها في أوقات الشدة، لا تكلنا إلى أنفسنا، وأنر حياتنا بلطفك، وكن معنا دائمًا يا كريم يا معين.
تنبيه وإيضاح شرعي هام
ملاحظة هامة: الأدعية الواردة في هذا القسم هي من الصيغ العامة التي يجوز للمسلم الدعاء بها لأن معانيها صحيحة ولا تخالف الشرع، ولكنها لم ترد بهذا اللفظ بعينه في السنة النبوية الشريفة، والأكمل والأفضل دائمًا هو الالتزام بالأدعية المأثورة عن النبي صلى الله عليه وسلم، فهي جامعة للخير والبركة، وفيها الكفاية والغنيمة.
أهمية المداومة على أذكار الصباح والمساء
المداومة على أذكار الصباح والمساء لها فضائل عظيمة وفوائد جليلة تعود على المسلم في دينه ودنياه، فهي ليست مجرد كلمات تُردد، بل هي عبادة متصلة بالله تعالى، ومن أبرز فوائدها:
- تحقيق الطمأنينة وراحة القلب: فذكر الله هو الغذاء الحقيقي للروح، وهو ما يجلب السكينة للقلب، كما قال تعالى:
“أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ”
[الرعد: 28].
- حصن منيع للمسلم: تعمل هذه الأذكار كدرع واقٍ يحفظ المسلم من شرور الإنس والجن، ومن العين والحسد، ومن كل مكروه قد يصيبه خلال يومه وليلته.
- صلة متجددة بالله: يبدأ المسلم يومه بذكر الله وينهيه بذكره، مما يجعله في معية الله ورعايته، ويقوي صلته بخالقه ويزيد من توكله عليه.
- سبب للبركة في الرزق والوقت: المداومة على الذكر من أعظم أسباب استجلاب الرزق والبركة في العمر والعمل، فهي تفتح أبواب الخير المغلقة.
- زيادة في الحسنات ورفعة في الدرجات: كل ذكر يردده المسلم هو غراس له في الجنة، وسبب في زيادة حسناته ومحو سيئاته، ورفع درجاته عند الله تعالى.
المصادر والمراجع
- سورة الرعد، الآية 28.
- صحيح البخاري، حديث رقم 6306، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
- سنن أبي داود، الأحاديث رقم 5072، 5074، 5081، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
- سنن الترمذي، حديث رقم 3388، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
- صحيح مسلم، حديث رقم 2726، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
- المستدرك على الصحيحين للحاكم، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
أسئلة شائعة (FAQs)
ما هو أفضل وقت لقراءة أذكار الصباح والمساء؟
وقت أذكار الصباح يبدأ من بعد صلاة الفجر إلى طلوع الشمس، ويمتد إلى ما قبل الظهر، ووقت أذكار المساء يبدأ من بعد صلاة العصر إلى غروب الشمس، ويمتد إلى منتصف الليل، والأفضل هو الإتيان بها في أول وقتها.
هل يجب عليّ قراءة جميع الأذكار الواردة؟
لا يجب قراءة جميع الأذكار، ولكن كلما أتى المسلم بعدد أكبر منها كان ذلك أفضل وأعظم لأجره، ويمكنه الاقتصار على ما تيسر له منها، فالمداومة على القليل خير من الكثير المُنقطع.
ما حكم من نسي أذكار الصباح حتى دخل وقت الظهر؟
من نسي أذكار الصباح أو المساء وفاته وقتها، فقد ذهب بعض أهل العلم إلى أنه يمكنه قضاؤها بعد ذلك، استئناساً بقول النبي صلى الله عليه وسلم: “من نام عن حزبه أو عن شيء منه، فقرأه فيما بين صلاة الفجر وصلاة الظهر، كتب له كأنما قرأه من الليل” (رواه مسلم).
