الدعاء هو جوهر العبادة وأحد أعظم القربات التي تصل العبد بربه، فهو صلة مباشرة بين الإنسان وخالقه، تحمل في طياتها الرجاء والتوكل والخضوع لله سبحانه وتعالى، وقد وعد الله عباده بالإجابة، تأكيداً على قربه ورحمته، فقال عز وجل في كتابه الكريم:
“وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ” [غافر: 60]
وهذا الوعد الإلهي يمنح النفس الطمأنينة والسكينة، ويزيد اليقين بأن الله تعالى قريبٌ سميعٌ مجيب، يعلم ما في الصدور ويستجيب دعوة الداعي إذا دعاه بصدق وإخلاص.
“وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ ۖ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ” [البقرة: 186]
أدعية من القرآن الكريم
جمع القرآن الكريم جوامع الكلم في أدعية مباركة دعا بها الأنبياء والصالحون، ومن هذه الأدعية:
- دعاء طلب خيري الدنيا والآخرة: وهو من أكثر الأدعية التي كان يدعو بها النبي صلى الله عليه وسلم.
“رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ” [البقرة: 201]
.
- دعاء نبي الله يونس (دعاء الكرب):
“لَّا إِلَٰهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ” [الأنبياء: 87]
.
- دعاء الثبات على الدين:
“رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً ۚ إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ” [آل عمران: 8]
.
أدعية ثابتة من السنة النبوية الصحيحة
وردت عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم أدعية عظيمة شاملة، ومنها ما هو ثابت في الصحيحين وغيرهما من كتب السنة الموثوقة:
- سيد الاستغفار:
“اللَّهُمَّ أَنْتَ رَبِّي لا إِلَهَ إِلا أَنْتَ، خَلَقْتَنِي وَأَنَا عَبْدُكَ، وَأَنَا عَلَى عَهْدِكَ وَوَعْدِكَ مَا اسْتَطَعْتُ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا صَنَعْتُ، أَبُوءُ لَكَ بِنِعْمَتِكَ عَلَيَّ، وَأَبُوءُ لَكَ بِذَنْبِي فَاغْفِرْ لِي، فَإِنَّهُ لا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلا أَنْتَ.”
المصدر: صحيح البخاري، حديث رقم 6306، (حديث صحيح).
- دعاء الاستعاذة من العجز والكسل:
“اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْعَجْزِ وَالْكَسَلِ، وَالْجُبْنِ وَالْبُخْلِ وَالْهَرَمِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ.”
المصدر: صحيح البخاري، حديث رقم 6367، (حديث صحيح).
- دعاء الثبات على الدين:
“يَا مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِكَ.”
المصدر: سنن الترمذي، حديث رقم 2140، (حديث حسن).
- دعاء العفو والعافية: وهو من الأدعية التي يُستحب الإكثار منها، خاصة في ليلة القدر.
“اللَّهُمَّ إِنَّكَ عَفُوٌّ تُحِبُّ الْعَفْوَ فَاعْفُ عَنِّي.”
المصدر: سنن الترمذي، حديث رقم 3513، (حديث صحيح).
- دعاء جامع لخيري الدنيا والآخرة:
“اللَّهُمَّ أَصْلِحْ لِي دِينِي الَّذِي هُوَ عِصْمَةُ أَمْرِي، وَأَصْلِحْ لِي دُنْيَايَ الَّتِي فِيهَا مَعَاشِي، وَأَصْلِحْ لِي آخِرَتِي الَّتِي فِيهَا مَعَادِي، وَاجْعَلِ الْحَيَاةَ زِيَادَةً لِي فِي كُلِّ خَيْرٍ، وَاجْعَلِ الْمَوْتَ رَاحَةً لِي مِنْ كُلِّ شَرٍّ.”
المصدر: صحيح مسلم، حديث رقم 2720، (حديث صحيح).
أدعية جامعة ومأثورة
بالإضافة إلى ما ورد في القرآن والسنة، يمكن للمسلم أن يدعو الله تعالى بما يفتح عليه من صيغ جامعة تجمع خيري الدنيا والآخرة، ما دامت لا تخالف الشرع، وهذه بعض الأمثلة على أدعية عامة حسنة المعنى:
- اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْعَافِيَةَ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ فِي دِينِي وَدُنْيَايَ وَأَهْلِي وَمَالِي، اللَّهُمَّ اسْتُرْ عَوْرَاتِي وَآمِنْ رَوْعَاتِي.
- يَا رَبِّ أَعِنِّي وَلَا تُعِنْ عَلَيَّ، وَانْصُرْنِي وَلَا تَنْصُرْ عَلَيَّ، وَامْكُرْ لِي وَلَا تَمْكُرْ عَلَيَّ، وَاهْدِنِي وَيَسِّرِ الْهُدَى لِي، وَانْصُرْنِي عَلَى مَنْ بَغَى عَلَيَّ.
- اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي لَكَ شَكَّارًا، لَكَ ذَكَّارًا، لَكَ رَهَّابًا، لَكَ مِطْوَاعًا، إِلَيْكَ مُخْبِتًا أَوَّاهًا مُنِيبًا، رَبِّ تَقَبَّلْ تَوْبَتِي، وَاغْسِلْ حَوْبَتِي، وَأَجِبْ دَعْوَتِي، وَثَبِّتْ حُجَّتِي، وَاهْدِ قَلْبِي، وَسَدِّدْ لِسَانِي، وَاسْلُلْ سَخِيمَةَ قَلْبِي.
- اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ عِلْمًا نَافِعًا، وَرِزْقًا طَيِّبًا، وَعَمَلًا مُتَقَبَّلًا.
- اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ خَيْرِ مَا سَأَلَكَ مِنْهُ نَبِيُّكَ مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا اسْتَعَاذَ مِنْهُ نَبِيُّكَ مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم، وَأَنْتَ الْمُسْتَعَانُ، وَعَلَيْكَ الْبَلَاغُ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ.
تنبيه هام حول الأدعية المنتشرة
ملاحظة: قد تنتشر بين الناس بعض الصيغ والأدعية المنسوبة لفضائل معينة أو لأوقات محددة دون أن يكون لها أصل ثابت في القرآن أو السنة الصحيحة، الدعاء عبادة، والأصل فيها هو الاتباع والالتزام بما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم، فهو الكافي والشافي والمبارك، ويجوز الدعاء بصيغ عامة حسنة المعنى، ولكن دون تخصيص فضل أو عدد أو وقت لم يرد به دليل شرعي.
المصادر والمراجع
- سورة غافر، الآية 60.
- سورة البقرة، الآية 186.
- سورة البقرة، الآية 201.
- سورة الأنبياء، الآية 87.
- سورة آل عمران، الآية 8.
- صحيح البخاري، حديث رقم 6306، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
- صحيح البخاري، حديث رقم 6367، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
- سنن الترمذي، حديث رقم 2140، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
- سنن الترمذي، حديث رقم 3513، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
- صحيح مسلم، حديث رقم 2720، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
أسئلة شائعة (FAQs)
س1: ما هي أفضل أوقات الدعاء؟
ج1: يُستحب الدعاء في كل وقت، ولكن هناك أوقات يُرجى فيها إجابة الدعاء أكثر من غيرها، مثل الثلث الأخير من الليل، وبين الأذان والإقامة، وفي السجود، وآخر ساعة من يوم الجمعة، وعند نزول المطر.
س2: هل يجوز الدعاء بغير اللغة العربية أو بالصيغ الخاصة بي؟
ج2: نعم، يجوز للمسلم أن يدعو الله تعالى بلغته وبما في قلبه من حاجات، فالله سبحانه يعلم ما في النفوس ويسمع كل اللغات، الأهم هو صدق التوجه والإخلاص في الدعاء، مع الحرص على أن لا يكون في الدعاء اعتداء أو إثم.
س3: ما هو البديل الصحيح للأدعية غير الثابتة؟
ج3: البديل الأفضل والأسلم هو الالتزام بالأدعية الواردة في القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة، فهي جامعة لخيري الدنيا والآخرة، ومباركة لأنها من كلام الله أو كلام رسوله صلى الله عليه وسلم، كما يمكن الدعاء بجوامع الكلم التي تشمل حاجات الإنسان العامة دون تحديد صيغة معينة ونسبتها للدين.

