يستقبل المسلمون عيد الفطر المبارك بفرحة غامرة وأجواء روحانية، فهو تتويج لشهر من العبادة والطاعة، وفي هذا اليوم المبارك، تتجلى رحمة الله تعالى على عباده الصائمين القائمين، فيكون العيد جائزة ربانية ومناسبة لصلة الأرحام وتجديد مشاعر المحبة، وشكر الله على نعمه التي لا تعد ولا تحصى.
والدعاء من أعظم العبادات التي يتقرب بها العبد إلى ربه في كل وقت، وخاصة في الأوقات المباركة كالأعياد، والأصل في الدعاء هو الالتزام بما ورد في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، فهي جامعة لخيري الدنيا والآخرة.
أدعية وسنن عيد الفطر من القرآن والسنة الصحيحة
إن خير ما يدعو به المسلم ويتعبد به في يوم العيد هو ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه الكرام، ومن أبرز السنن القولية في العيد “التكبير”.
1، صيغة التكبير الثابتة عن الصحابة
يُستحب الإكثار من التكبير في ليلة العيد وحتى صلاة العيد، وهو من أعظم السنن في هذا اليوم، وقد وردت عن الصحابة رضوان الله عليهم صيغ متعددة، من أصحها:
“الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد”
المصدر: هذه الصيغة مأثورة عن الصحابة كابن مسعود رضي الله عنه، وهي من أشهر الصيغ وأصحها.
2، أدعية جامعة من القرآن الكريم
يمكن للمسلم أن يدعو بما يشاء من الأدعية الجامعة التي وردت في القرآن الكريم، فهي أعظم الدعاء وأكمله، ومن أمثلتها:
- دعاء طلب خيري الدنيا والآخرة:
“رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ”
المصدر: [سورة البقرة: 201].
- دعاء طلب الرحمة والمغفرة:
“رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا ۚ رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا ۚ رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ ۖ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا ۚ أَنتَ مَوْلَانَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ”
المصدر: [سورة البقرة: 286].
3، أدعية ثابتة من السنة النبوية الشريفة
هناك العديد من الأدعية النبوية الصحيحة التي يمكن الدعاء بها في كل وقت، ومنها يوم العيد:
- دعاء سؤال العفو والعافية:
“اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ فِي دِينِي وَدُنْيَايَ وَأَهْلِي وَمَالِي…”
المصدر: سنن أبي داود، حديث صحيح.
- سيد الاستغفار:
“اللَّهُمَّ أَنْتَ رَبِّي لا إِلَهَ إِلا أَنْتَ، خَلَقْتَنِي وَأَنَا عَبْدُكَ، وَأَنَا عَلَى عَهْدِكَ وَوَعْدِكَ مَا اسْتَطَعْتُ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا صَنَعْتُ، أَبُوءُ لَكَ بِنِعْمَتِكَ عَلَيَّ، وَأَبُوءُ لَكَ بِذَنْبِي فَاغْفِرْ لِي، فَإِنَّهُ لا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلا أَنْتَ”
المصدر: صحيح البخاري.
صيغ وأدعية شائعة متداولة في عيد الفطر
تنتشر بين الناس بعض الأدعية والصيغ التي اعتادوا على تداولها في مناسبة عيد الفطر المبارك، خاصة للدعاء للأهل والأحباب، نذكر هنا بعض الأمثلة منها للعلم بها:
- “اللهم اجعل العيد لنا مناسبة تملأ قلوبنا فرحًا وبهجة، وأسألك يا أرحم الراحمين أن تُكمل علينا نعمك وتُتمها بالقبول والرضا، وأن تُرسل ملائكتك بالبشرى لنا بمغفرتك ورضوانك وتحقق لنا آمالنا وحاجاتنا يا الله.”.
- “يا الله مع كل تكبيرات العيد ودقات القلوب فرحًا بهذا اليوم، نسألك أن ترحم من غاب عنا من أحبابنا وأن تجعلهم من أهل الجنة المكرمين، اللهم اغفر لهم ذنوبهم وتجاوز عن سيئاتهم واجعل قبورهم روضة من رياض الجنة.”.
- “اللهم يَا فاتِح الأبواب ومُنزل الكتاب وجامِع الأحباب ويا من تسيّر السحاب، أسألُكَ في هذا اليوم الكريم أن تَرزقَني رزقًا يتدفَّق كغزارة المطر، وتجمعني بكل من أحب، وتسهل علينا كل عسير.”.
- “اللهم اجعل عيد الفطر على أحبابي عيدًا سعيدًا ومباركًا، واملأ حياتهم بالخير والسعادة الدائمة، وابعِد عنهم كل هم وغم، واجعل أيامهم مليئة بالهناء وكل عام وهم بأحسن حال.”.
تنبيه هام وإخلاء مسؤولية
تنبيه: هذه الصيغ المذكورة أعلاه هي مما يتداوله بعض الناس، ولم تثبت بسند صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أو أصحابه كتخصيص ليوم العيد، الدعاء عبادة توقيفية، والأصل فيها الالتزام بما ورد في القرآن الكريم والسنة الصحيحة، وهي كافية ومباركة وشاملة لكل خير.
ما حكم الدعاء بهذه الصيغ المتداولة؟
الدعاء بهذه الصيغ أو بغيرها من الأدعية التي تحمل معاني طيبة هو جائز في أصله، لأن باب الدعاء واسع، لكن المَحذور هو اعتقاد أن هذه الأدعية لها فضل خاص بيوم العيد، أو أنها “سنة” مخصصة له، فالأفضل للمسلم هو الحرص على الأدعية المأثورة من القرآن والسنة، وإن دعا بأدعية من عنده فلتكن عامة دون تخصيصها بوقت أو فضل لم يرد به دليل شرعي.
أبرز سنن وآداب عيد الفطر المبارك
عيد الفطر مناسبة عظيمة لها سنن وآداب نبيلة تزيد من بهجتها وأجر المسلمين، ومن أهمها:
- التكبير: يبدأ وقته من غروب شمس آخر يوم من رمضان ويستمر حتى خروج الإمام لصلاة العيد.
- الاغتسال والتطيب: يُستحب الاغتسال ولبس أحسن الثياب والتطيب قبل الخروج إلى صلاة العيد، اقتداءً بالنبي صلى الله عليه وسلم.
- الأكل قبل الخروج: من السنة أن يأكل المسلم تمرات وتراً (واحدة أو ثلاث أو خمس) قبل الخروج لصلاة عيد الفطر.
- الذهاب إلى المصلى: يُستحب الذهاب إلى مصلى العيد ماشيًا إن تيسر، وحضور الصلاة والخطبة.
- مخالفة الطريق: من السنة أن يذهب المصلي إلى صلاة العيد من طريق، ويعود من طريق آخر.
- التهنئة بالعيد: يتبادل المسلمون التهاني مثل قول “تقبل الله منا ومنكم”، لما ورد عن بعض الصحابة.
- صلة الأرحام والزيارات: يُعد العيد فرصة عظيمة لزيارة الأهل والأقارب، مما يعزز الترابط الاجتماعي ويُدخل السرور على القلوب.
المصادر والمراجع
- سورة البقرة، الآية 201.
- سورة البقرة، الآية 286.
- صيغة التكبير: مأثورة عن الصحابة ومذكورة في مصنف ابن أبي شيبة، (يمكن مراجعتها في موسوعة الدرر السنية الفقهية).
- حديث “اللهم إني أسألك العفو والعافية”: رواه أبو داود وصححه الألباني، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية الحديثية).
- حديث “سيد الاستغفار”: رواه البخاري، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية الحديثية).
أسئلة شائعة حول أدعية العيد
هل هناك دعاء محدد لصلاة عيد الفطر؟
لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم دعاء محدد يقال في صلاة العيد نفسها أو بعدها مباشرة، والأمر في الدعاء واسع، فيمكن للمسلم أن يدعو بما يشاء من خيري الدنيا والآخرة بعد الصلاة أو في أي وقت.
ما هو أفضل ما يقال في يوم العيد؟
أفضل ما يقال في يوم العيد هو التكبير “الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد”، بالإضافة إلى ذكر الله عمومًا، والاستغفار، والدعاء بالأدعية الجامعة من القرآن والسنة.
ما حكم تبادل الأدعية المكتوبة في بطاقات التهنئة بالعيد؟
لا حرج في تبادل الأدعية الطيبة في بطاقات التهنئة، فهي من باب التواصي بالخير والدعاء للمسلمين، ولكن يجب الحذر من نسبة أدعية معينة إلى السنة النبوية وهي ليست منها، أو اعتقاد فضل خاص بها.

