يُعد الدعاء لتيسير الامتحانات من الوسائل الإيمانية التي يلجأ إليها الطالب لطلب العون والتوفيق من الله تعالى، وهو يعكس صدق التوكل عليه بعد الأخذ بالأسباب، فالدعاء لا يغني عن الجد والاجتهاد في المذاكرة، بل هو مكمل له؛ إذ يجمع المسلم بين السعي وبذل الجهد، والثقة بالله وحسن الظن به، فالله لا يضيع أجر من أحسن عملاً، عندما يؤدي الطالب ما عليه من استعداد ومراجعة، يصبح دعاؤه سبباً إضافياً للطمأنينة والسكينة، وتوفيقاً من الله الكريم الذي يكافئ كل مجتهد.
إن الجمع بين الإعداد الجيد والدعاء الخالص هو سبيل النجاح، فالأخذ بالأسباب عبادة، والتوكل على الله هو غاية العبادة، وفيما يلي مجموعة من الأدعية الصحيحة والمأثورة التي يستعان بها في هذا الشأن.
أدعية ثابتة من القرآن الكريم والسنة النبوية
الأصل في الدعاء هو الالتزام بما ورد في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، فهي الأدعية الجامعة المباركة التي فيها الخير والكفاية.
- دعاء نبي الله موسى عليه السلام لطلاقة اللسان وانشراح الصدر:
“قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي (25) وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي (26) وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي (27) يَفْقَهُوا قَوْلِي (28)” [سورة طه: 25-28].
وهو من أنفع الأدعية لطلب التيسير في الأمور كلها، ومنها الإجابة في الامتحانات.
- دعاء تيسير الأمور الصعبة:
“اللَّهُمَّ لَا سَهْلَ إِلَّا مَا جَعَلْتَهُ سَهْلًا، وَأَنْتَ تَجْعَلُ الْحَزْنَ إِذَا شِئْتَ سَهْلًا”.
(رواه ابن حبان في صحيحه، وصححه الألباني)، وهو دعاء عظيم يُقال عند استصعاب أي أمر.
- دعاء الكرب والهم:
“لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الْعَظِيمُ الْحَلِيمُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ رَبُّ السَّمَوَاتِ وَرَبُّ الْأَرْضِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ”.
(متفق عليه: رواه البخاري ومسلم)، وهو دعاء النبي صلى الله عليه وسلم عند الكرب.
- دعاء الاستعانة بالله عند الشدائد:
“يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ بِرَحْمَتِكَ أَسْتَغِيثُ، أَصْلِحْ لِي شَأْنِي كُلَّهُ، وَلَا تَكِلْنِي إِلَى نَفْسِي طَرْفَةَ عَيْنٍ”.
(رواه النسائي في السنن الكبرى، وحسنه الألباني).
- دعاء لذهاب القلق والحزن:
“اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْهَمِّ وَالْحَزَنِ، وَالْعَجْزِ وَالْكَسَلِ، وَالْبُخْلِ وَالْجُبْنِ، وَضَلَعِ الدَّيْنِ، وَغَلَبَةِ الرِّجَالِ”.
(رواه البخاري)، وهو دعاء نبوي جامع للتعوذ من المعوقات النفسية والجسدية.
أدعية مأثورة وصيغ منتشرة
هناك بعض الصيغ التي اشتهرت على ألسنة السلف والعلماء، وهي أدعية حسنة المعنى يمكن الاستئناس بها، مع العلم أنها لم ترد في حديث مرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
- “اللَّهُمَّ يَا مُعَلِّمَ إِبْرَاهِيمَ عَلِّمْنِي، وَيَا مُفَهِّمَ سُلَيْمَانَ فَهِّمْنِي”، (وهذه الصيغة مأثورة عن بعض السلف، ويستحب الدعاء بها لطلب الفهم والعلم).
- “اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْتَوْدِعُكَ مَا قَرَأْتُ وَمَا حَفِظْتُ وَمَا تَعَلَّمْتُ، فَرُدَّهُ عِنْدَ حَاجَتِي إِلَيْهِ، إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ”، (دعاء عام حسن المعنى للاستعانة بالله على التذكر).
- “اللَّهُمَّ افْتَحْ عَلَيَّ فُتُوحَ الْعَارِفِينَ بِحِكْمَتِكَ، وَانْشُرْ عَلَيَّ رَحْمَتَكَ، وَذَكِّرْنِي مَا نَسِيتُ يَا ذَا الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ”، (صيغة عامة لطلب الفتح في العلم والفهم).
ما حكم هذه الأدعية المنتشرة؟
تنبيه هام: الأدعية المذكورة أعلاه في هذا القسم هي مما اشتهر وتداوله بعض أهل العلم والسلف، وهي جائزة لأن معانيها صحيحة ولا تخالف الشرع، ومع ذلك، يبقى الأصل والأفضل هو الالتزام بالأدعية الواردة في القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة، فهي أجمع للخير وأعظم في البركة، وهي كافية وشافية بإذن الله.
أدعية للوالدين من أجل توفيق الأبناء
دعاء الوالدين لأبنائهم من أسباب التوفيق والنجاح، فهو دعاء مستجاب بإذن الله، وهذه بعض الصيغ العامة التي يمكن للأم أو الأب الدعاء بها:
- “اللَّهُمَّ اجْعَلِ الامْتِحَانَاتِ بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى قُلُوبِ أَبْنَائِنَا، اللَّهُمَّ ذَكِّرْهُمْ إِذَا نَسُوا، وَعَلِّمْهُمْ إِذَا جَهِلُوا، وَاكْتُبْ لَهُمُ النَّجَاحَ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ”..
- “اللَّهُمَّ أَنْزِلِ السَّكِينَةَ عَلَى قُلُوبِهِمْ، وَأَلْهِمْهُمُ الصَّوَابَ فِي الْجَوَابِ، وَيَسِّرْ لَهُمْ كُلَّ عَسِيرٍ بِفَضْلِكَ وَكَرَمِكَ يَا أَكْرَمَ الْأَكْرَمِينَ”..
- “يَا رَبِّ، افْتَحْ عَلَى أَوْلَادِي فُتُوحَ الْعَارِفِينَ، وَارْزُقْهُمُ الْفَهْمَ وَالْحِفْظَ، وَاجْعَلْهُمْ مِنْ عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ الْمُوَفَّقِينَ”..
آيات قرآنية يُستعان بها على التذكر والتركيز
القرآن الكريم كله شفاء وهدى، وقراءة بعض الآيات بنية الاستعانة بالله على الحفظ والفهم أمر مشروع ومستحب.
- قوله تعالى في سورة الكهف:
“وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ وَقُلْ عَسَى أَنْ يَهْدِيَنِ رَبِّي لِأَقْرَبَ مِنْ هَذَا رَشَدًا” [الكهف: 24].
في هذه الآية توجيه إلهي للمسلم بأن يذكر الله عند النسيان، فذكره سبحانه يعين على استرجاع ما غاب عن الذهن.
- قوله تعالى في سورة البقرة:
“وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ” [البقرة: 282].
وهي تذكير بأن تقوى الله من أعظم أسباب تحصيل العلم النافع والفهم الصحيح.
- قوله تعالى في سورة الأعلى:
“سَنُقْرِئُكَ فَلَا تَنْسَى” [الأعلى: 6].
هذا وعد من الله لنبيه صلى الله عليه وسلم، وفيها بشرى لكل طالب علم يستعين بالله بصدق أن الله سيعينه على الحفظ والفهم.
إرشادات مهمة قبل وأثناء الامتحان
إلى جانب الدعاء، لا بد من الأخذ بالأسباب المادية التي تعين على النجاح، ومنها:
- الاستعداد المبكر: المراجعة المنتظمة وتجنب تكديس المواد الدراسية إلى اللحظات الأخيرة.
- الراحة الكافية: الحصول على قسط كافٍ من النوم ليلة الامتحان لضمان صفاء الذهن والتركيز.
- البدء بذكر الله: عند استلام ورقة الامتحان، ابدأ بـ “بسم الله”، وتوكل على الله.
- قراءة الأسئلة بتمعن: تجنب التسرع في الإجابة، وافهم المطلوب من كل سؤال جيداً.
- البدء بالأسهل: أجب عن الأسئلة التي تثق في إجابتها أولاً، فهذا يعزز الثقة ويوفر الوقت.
أدعية عامة للنجاح والتوفيق
يمكن للمسلم أن يدعو الله بما يفتح عليه من الأدعية التي فيها طلب الخير، ما دامت لا تحتوي على إثم أو قطيعة رحم.
- “اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ فَهْمَ النَّبِيِّينَ، وَحِفْظَ الْمُرْسَلِينَ، وَالْمَلَائِكَةِ الْمُقَرَّبِينَ، اللَّهُمَّ اجْعَلْ أَلْسِنَتَنَا عَامِرَةً بِذِكْرِكَ، وَقُلُوبَنَا بِخَشْيَتِكَ، وَأَسْرَارَنَا بِطَاعَتِكَ، إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ”.
- “اللَّهُمَّ ارْزُقْنَا نَجَاحًا فِي كُلِّ أَمْرٍ، وَنَيْلًا لِكُلِّ مَقْصَدٍ، وَارْزُقْنَا الْقِمَّةَ فِي دَرَجَاتِ الْعِلْمِ”.
- دعاء دخول قاعة الامتحان:
“رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَاجْعَلْ لِي مِنْ لَدُنْكَ سُلْطَانًا نَصِيرًا” [الإسراء: 80].
.
- دعاء بعد الانتهاء من الامتحان:
“الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ” [الأعراف: 43].
ويحمد الله على ما وفقه إليه، ويسلم أمره لله راضياً بقضائه.
المصادر والمراجع
- سورة طه، الآيات 25-28.
- سورة الكهف، الآية 24.
- سورة البقرة، الآية 282.
- سورة الأعلى، الآية 6.
- سورة الإسراء، الآية 80.
- سورة الأعراف، الآية 43.
- حديث “اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلاً”، (صحيح ابن حبان، ويمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
- حديث دعاء الكرب “لا إله إلا الله العظيم الحليم”، (صحيح البخاري، حديث رقم 6346، ويمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
- حديث “يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث”، (سنن الترمذي، حديث رقم 3524، وحسنه الألباني، يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
- حديث “اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن”، (صحيح البخاري، حديث رقم 6369، ويمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
الأسئلة الشائعة (FAQs)
- ما هو أفضل وقت للدعاء من أجل الامتحانات؟
- الدعاء مشروع في كل وقت، ولكن هناك أوقات يُرجى فيها إجابة الدعاء أكثر من غيرها، مثل الثلث الأخير من الليل، وبين الأذان والإقامة، وفي السجود، ويوم الجمعة، يمكن للطالب الدعاء قبل المذاكرة، وقبل الامتحان، وأثناءه إذا استصعب عليه شيء.
- هل يجوز أن أدعو بالعامية أو بصيغ من عندي؟
- نعم، يجوز للمسلم أن يدعو الله بما يحتاجه وبأي لغة، فالله سبحانه يعلم ما في القلوب، الأهم أن يكون معنى الدعاء صحيحاً ولا يحتوي على ما يخالف الشرع، ومع ذلك، يبقى الدعاء بالمأثور من القرآن والسنة هو الأفضل والأكمل.
- ما هو الدعاء الصحيح عند نسيان الإجابة أثناء الامتحان؟
- يمكنك أن تستعين بالله وتكثر من ذكره، وتقول: “اللَّهُمَّ يَا جَامِعَ النَّاسِ لِيَوْمٍ لَا رَيْبَ فِيهِ، اجْمَعْ عَلَيَّ ضَالَّتِي”، وتستحضر قوله تعالى: “وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ”، ثم حاول أن تهدأ وتسترجع المعلومة بهدوء.




