يواجه الإنسان في رحلة حياته العديد من التحديات والمواقف التي قد تسبب له القلق والهم، وتثقل كاهله بالضغوط النفسية، وفي هذه اللحظات، يظل اللجوء إلى الله تعالى بالدعاء والتضرع أعظم سبيل لنيل السكينة والطمأنينة، فالدعاء هو صلة العبد بربه، ومفتاح الفرج، ومصدر القوة لمواجهة مصاعب الدنيا.

إن ذكر الله تعالى والتقرب إليه بالأدعية المأثورة من القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة يمنح القلب راحة لا تضاهيها راحة، ويبث في النفس يقيناً بأن كل أمر بيد الله، وهو سبحانه القادر على تبديل الحال إلى أفضل حال.

أدعية صحيحة من القرآن والسنة لراحة القلب والطمأنينة

إن خير ما يدعو به المسلم هو ما ورد في كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، فهذه الأدعية جامعة لخيري الدنيا والآخرة، وفيها البركة والأثر العظيم، ومن هذه الأدعية المباركة:

1، دعاء الكرب والهم الشديد

كان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو به عند الكرب، وهو دعاء عظيم يملأ القلب يقيناً بعظمة الله.

“لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الْعَظِيمُ الْحَلِيمُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ رَبُّ السَّمَوَاتِ وَرَبُّ الْأَرْضِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ”.

المصدر: صحيح البخاري (حديث رقم 6346) وصحيح مسلم (حديث رقم 2730)، وهو من أصح الأدعية لتفريج الكروب.

2، دعاء تفريج الهم وجلاء الحزن

هذا الدعاء من الأدعية النبوية الشريفة التي تُعرف بـ “دعاء الهم والحزن”، وفيه تسليم مطلق لله تعالى وتوسل بأسمائه وصفاته.

“اللَّهُمَّ إِنِّي عَبْدُكَ، ابْنُ عَبْدِكَ، ابْنُ أَمَتِكَ، نَاصِيَتِي بِيَدِكَ، مَاضٍ فِيَّ حُكْمُكَ، عَدْلٌ فِيَّ قَضَاؤُكَ، أَسْأَلُكَ بِكُلِّ اسْمٍ هُوَ لَكَ سَمَّيْتَ بِهِ نَفْسَكَ، أَوْ عَلَّمْتَهُ أَحَدًا مِنْ خَلْقِكَ، أَوْ أَنْزَلْتَهُ فِي كِتَابِكَ، أَوِ اسْتَأْثَرْتَ بِهِ فِي عِلْمِ الْغَيْبِ عِنْدَكَ، أَنْ تَجْعَلَ الْقُرْآنَ رَبِيعَ قَلْبِي، وَنُورَ صَدْرِي، وَجِلَاءَ حُزْنِي، وَذَهَابَ هَمِّي”.

المصدر: مسند الإمام أحمد، وصححه الشيخ الألباني في “السلسلة الصحيحة”، يُرجى لمن دعا به بصدق أن يزيل الله همه ويفرج كربه.

3، دعاء نبي الله يونس (دعاء ذي النون)

وهو من أعظم الأدعية القرآنية، وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه ما دعا به مسلم في شيء إلا استجاب الله له.

“لَّا إِلَٰهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ”.

المصدر: سورة الأنبياء، الآية 87.

4، دعاء طلب العافية والأمان

كان النبي صلى الله عليه وسلم يواظب على هذا الدعاء في الصباح والمساء، وهو يجمع بين طلب السلامة في الدين والدنيا والأهل والمال.

“اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْعَافِيَةَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ فِي دِينِي وَدُنْيَايَ وَأَهْلِي وَمَالِي، اللَّهُمَّ اسْتُرْ عَوْرَاتِي وَآمِنْ رَوْعَاتِي، اللَّهُمَّ احْفَظْنِي مِنْ بَيْنِ يَدَيَّ وَمِنْ خَلْفِي وَعَنْ يَمِينِي وَعَنْ شِمَالِي وَمِنْ فَوْقِي وَأَعُوذُ بِعَظَمَتِكَ أَنْ أُغْتَالَ مِنْ تَحْتِي”.

المصدر: سنن أبي داود، وصححه الشيخ الألباني، “آمن روعاتي” تعني طمئنّي من كل ما يخيفني ويفزعني.

5، الاستعاذة من الهموم ومصاعب الحياة

هذا الدعاء النبوي هو وقاية شاملة من كل ما قد يعكر صفو حياة المسلم ويضعف همته.

“اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْهَمِّ وَالْحَزَنِ، وَالْعَجْزِ وَالْكَسَلِ، وَالْبُخْلِ وَالْجُبْنِ، وَضَلَعِ الدَّيْنِ وَغَلَبَةِ الرِّجَالِ”.

المصدر: صحيح البخاري (حديث رقم 6369)، “ضلع الدين” يعني ثقل الدين، و”غلبة الرجال” تعني قهرهم وتسلطهم.

صيغ وأدعية عامة لراحة البال والسكينة

إلى جانب الأدعية المأثورة، يجوز للمسلم أن يدعو الله تعالى بما يفتح عليه من صيغ طيبة تناسب حاله، ما لم تتضمن اعتداءً في الدعاء، وهذه أمثلة على أدعية عامة يتداولها الناس لطلب راحة القلب والفكر:

• اللهم إني أسألك السكينة في القلب، واليقين في النفس، والرضا بما قسمت لي، اللهم اجعل لي من كل ضيق مخرجًا، ومن كل هم فرجًا، ربّ اجعل لي راحة في الفكر وطمأنينة في الروح، وأبعد عني كل ما يعكر صفوي.
• يا رب إن في قلبي أمنيات كثيرة لا يعلمها إلا أنت، فبحكمتك ورحمتك اجعلها واقعًا يسعدني ويريح خاطري.
• اللهم اجعل لي في كل خوف أمنًا، وفي كل قلق سكينة، وفي كل ضيق مخرجًا، يا رب اكفني شر ما يقلقني ويسبب لي الخوف، وارزقني ثقة بك وتوكلًا عليك.
• اللهم يا رب السماوات السبع وما أظلت، ورب الأرض وما أقلت، ورب الشياطين وما أضلت، اجعلني في حفظك وأمانك من كل شر، ونجني من أن يطغى علي أحد أو يظلمني، فقد عزّ جارك وعظُم ثناؤك ولا إله غيرك.

تنبيه هام وحكم هذه الأدعية

تنبيه هام: هذه الصيغ المذكورة أعلاه هي مما يتداوله بعض الناس، وهي أدعية عامة المعنى، ولم تثبت بسند صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أو أصحابه بهذه الصياغة المحددة، الدعاء عبادة، والأصل فيها والأكمل هو الالتزام بما ورد في القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة، فهي كافية ومباركة وجامعة لكل خير، ويجوز الدعاء بصيغ أخرى بشرط ألا تخالف الشرع.

أهمية الدعاء في تعزيز الطمأنينة النفسية

إن من أبرز أسباب القلق والتوتر هو البعد عن ذكر الله والانغماس في مشاغل الحياة، فالقلب الذي يغفل عن ربه يشعر بالوحشة والضيق، والدعاء يعيد للقلب حياته، ويقوي صلته بخالقه، ويمنح الإنسان شعوراً بالمعية الإلهية، فيدرك أنه ليس وحيداً في مواجهة صعوبات الحياة، بل له ربٌ يسمعه ويجيبه ويكشف ضره.

لذلك، ينبغي على المسلم أن يجعل الدعاء جزءاً لا يتجزأ من حياته اليومية، في السراء والضراء، فهو السلاح الذي يواجه به مصاعب الحياة، والنور الذي يضيء له دروب الأمل والتفاؤل.

أسئلة شائعة

ما هو أفضل وقت للدعاء لراحة القلب؟

كل الأوقات مناسبة للدعاء، فباب الله مفتوح دائماً، ولكن هناك أوقات يُرجى فيها إجابة الدعاء أكثر من غيرها، مثل الثلث الأخير من الليل، وبين الأذان والإقامة، وفي السجود، وآخر ساعة من يوم الجمعة.

هل يجب أن ألتزم بالأدعية المأثورة فقط؟

الأفضل والأكمل هو الدعاء بالأدعية الواردة في القرآن والسنة، فهي جامعة ومباركة، ولكن يجوز للمسلم أن يدعو بما يشاء من خيري الدنيا والآخرة بأسلوبه الخاص، ما لم يكن في دعائه إثم أو قطيعة رحم أو اعتداء.

ما هو أقوى دعاء لإزالة القلق والتوتر؟

كل الأدعية المذكورة في قسم “الأدعية الصحيحة” عظيمة ومؤثرة، ويعتبر “دعاء الكرب” و”دعاء الهم والحزن” من أقوى ما ورد في السنة النبوية لهذا الغرض، والأهم من صيغة الدعاء هو حضور القلب واليقين بأن الله تعالى هو الوحيد القادر على كشف الضر.

عن احمد نصر

بقلم: أحمد نصر باحث ومحرر محتوى إسلامي متخصص في قسم الأدعية بموقع [أُوني]، يكرس جهوده لجمع وتدقيق الأدعية المأثورة من القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، وتقديمها للمسلمين في إطار موثوق وسهل الفهم، يسعى أحمد لتقديم محتوى ديني يعزز الصلة بالله ويستند إلى المصادر الشرعية الصحيحة.

جميع مقالات احمد نصر