تُمثّل أذكار قبل النوم حصناً للمسلم وسكينةً لقلبه، وهي سُنّة نبوية عظيمة أرشدنا إليها النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وحافظ عليها الصحابة الكرام رضوان الله عليهم، إن ترديد هذه الأذكار في ختام اليوم هو خير ما يختم به المسلم يومه، فهي تجدد صلته بخالقه، وتحفظه بحفظ الله من الشرور والآفات، وتكون سبباً في طمأنينة النفس وراحتها، استعداداً ليوم جديد بطاقة إيمانية متجددة، في هذا المقال، نستعرض الأذكار الصحيحة الثابتة في القرآن الكريم والسنة النبوية، مع بيان مصادرها وفضلها، وكيفية الاقتداء بالنبي ﷺ في تطبيقها.
أذكار النوم الصحيحة من القرآن والسنة
تشمل أذكار النوم الثابتة مجموعة من الآيات القرآنية والأدعية النبوية التي وردت في الأحاديث الصحيحة، يُستحب للمسلم أن يحرص عليها كل ليلة اقتداءً بالنبي صلى الله عليه وسلم، فيما يلي أبرز ما صح في هذا الباب:
1، قراءة سور الإخلاص والمعوذتين
من الهدي النبوي الثابت قراءة سورة الإخلاص والفلق والناس قبل النوم ثلاث مرات مع النفث في الكفين ومسح الجسد.
- الدليل: عن عائشة رضي الله عنها:
“أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا أَوَى إِلَى فِرَاشِهِ كُلَّ لَيْلَةٍ جَمَعَ كَفَّيْهِ، ثُمَّ نَفَثَ فِيهِمَا فَقَرَأَ فِيهِمَا: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ وَ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الفَلَقِ وَ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ، ثُمَّ يَمْسَحُ بِهِمَا مَا اسْتَطَاعَ مِنْ جَسَدِهِ، يَبْدَأُ بِهِمَا عَلَى رَأْسِهِ وَوَجْهِهِ وَمَا أَقْبَلَ مِنْ جَسَدِهِ يَفْعَلُ ذَلِكَ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ”.
(رواه البخاري).
 
2، قراءة آية الكرسي
تُعد آية الكرسي أعظم آية في القرآن الكريم، وقراءتها قبل النوم تحفظ المسلم من الشيطان حتى يصبح.
- النص القرآني:
“اللَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ۚ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ ۚ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ۗ مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِندَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ ۚ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ ۖ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ ۚ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ ۖ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا ۚ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ”، [البقرة: 255]
.
 - الدليل: في حديث أبي هريرة الطويل، قال له الشيطان: “إِذَا أَوَيْتَ إِلَى فِرَاشِكَ فَاقْرَأْ آيَةَ الكُرْسِيِّ، لَنْ يَزَالَ عَلَيْكَ مِنَ اللَّهِ حَافِظٌ، وَلاَ يَقْرَبُكَ شَيْطَانٌ حَتَّى تُصْبِحَ”، فأقره النبي صلى الله عليه وسلم وقال:
“صَدَقَكَ وَهُوَ كَذُوبٌ”
(رواه البخاري).
 
3، قراءة آخر آيتين من سورة البقرة
لهاتين الآيتين فضل عظيم، فهما تكفيان من يقرؤهما في ليلته من كل سوء.
- النص القرآني:
“آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ ۚ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ ۚ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا ۖ غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ * لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا ۚ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ ۗ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا ۚ رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا ۚ رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ ۖ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا ۚ أَنتَ مَوْلَانَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ”، [البقرة: 285-286]
.
 - الدليل: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
“الآيَتَانِ مِنْ آخِرِ سُورَةِ البَقَرَةِ، مَنْ قَرَأَهُمَا فِي لَيْلَةٍ كَفَتَاهُ”
(متفق عليه).
 
4، قراءة سورة الكافرون
قراءتها قبل النوم تعد براءة من الشرك.
- الدليل: عن نوفل الأشجعي رضي الله عنه أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: جئت لتعلمني شيئاً أقوله عند منامي، فقال:
“اقْرَأْ: (قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ) ثُمَّ نَمْ عَلَى خَاتِمَتِهَا، فَإِنَّهَا بَرَاءَةٌ مِنَ الشِّرْكِ”
(رواه أبو داود والترمذي، وصححه الألباني).
 
أدعية نبوية ثابتة قبل النوم
بالإضافة إلى الآيات القرآنية، وردت عن النبي صلى الله عليه وسلم أدعية جامعة يُستحب للمسلم أن يقولها عند إوائه إلى فراشه.
- “بِاسْمِكَ اللَّهُمَّ أَمُوتُ وَأَحْيَا”
دعاء يجسد تسليم العبد أمره لله في حياته ومماته، (رواه البخاري من حديث حذيفة بن اليمان رضي الله عنه). - “اللَّهُمَّ قِنِي عَذَابَكَ يَوْمَ تَبْعَثُ عِبَادَكَ” (ثلاث مرات)
دعاء فيه رجاء برحمة الله والنجاة يوم القيامة، (رواه أبو داود والترمذي من حديث حفصة رضي الله عنها، وهو حديث صحيح). - “بِاسْمِكَ رَبِّ وَضَعْتُ جَنْبِي، وَبِكَ أَرْفَعُهُ، إِنْ أَمْسَكْتَ نَفْسِي فَارْحَمْهَا، وَإِنْ أَرْسَلْتَهَا فَاحْفَظْهَا بِمَا تَحْفَظُ بِهِ عِبَادَكَ الصَّالِحِينَ”
دعاء يتضمن تفويض الأمر كله لله وحفظه للنفس في النوم واليقظة، (متفق عليه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه). - “اللَّهُمَّ أَسْلَمْتُ وَجْهِي إِلَيْكَ، وَفَوَّضْتُ أَمْرِي إِلَيْكَ، وَأَلْجَأْتُ ظَهْرِي إِلَيْكَ، رَغْبَةً وَرَهْبَةً إِلَيْكَ، لَا مَلْجَأَ وَلَا مَنْجَا مِنْكَ إِلَّا إِلَيْكَ، آمَنْتُ بِكِتَابِكَ الَّذِي أَنْزَلْتَ، وَبِنَبِيِّكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ”
دعاء عظيم يجعله المسلم آخر ما يقول، فإن مات من ليلته مات على الفطرة، (متفق عليه من حديث البراء بن عازب رضي الله عنه). - التسبيح والتحميد والتكبير
سبحان الله (33 مرة)، الحمد لله (33 مرة)، الله أكبر (34 مرة)، هذا الذكر خير للمرء من خادم، ويعين على مشقة اليوم، (متفق عليه من حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه). - “الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَطْعَمَنَا وَسَقَانَا، وَكَفَانَا وَآوَانَا، فَكَمْ مِمَّنْ لَا كَافِيَ لَهُ وَلَا مُؤْوِيَ”
دعاء فيه شكر لله على نعمه العظيمة من الطعام والشراب والكفاية والمأوى، (رواه مسلم من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه). - “اللَّهُمَّ رَبَّ السَّمَاوَاتِ وَرَبَّ الْأَرْضِ وَرَبَّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ، رَبَّنَا وَرَبَّ كُلِّ شَيْءٍ، فَالِقَ الْحَبِّ وَالنَّوَى، وَمُنْزِلَ التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْفُرْقَانِ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ كُلِّ شَيْءٍ أَنْتَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهِ، اللَّهُمَّ أَنْتَ الْأَوَّلُ فَلَيْسَ قَبْلَكَ شَيْءٌ، وَأَنْتَ الْآخِرُ فَلَيْسَ بَعْدَكَ شَيْءٌ، وَأَنْتَ الظَّاهِرُ فَلَيْسَ فَوْقَكَ شَيْءٌ، وَأَنْتَ الْبَاطِنُ فَلَيْسَ دُونَكَ شَيْءٌ، اقْضِ عَنَّا الدَّيْنَ، وَأَغْنِنَا مِنَ الْفَقْرِ”
دعاء جامع يتضمن الاستعاذة بالله من كل شر، وطلب قضاء الدين والغنى من الفقر، (رواه مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه). 
فضل أذكار النوم وأهميتها
إن المداومة على أذكار النوم سنة نبوية تحمل فضائل عظيمة وأثراً إيجابياً على حياة المسلم، ومن أهم هذه الفضائل ما ثبت بالأدلة الصحيحة:
- حفظ الله للعبد وحمايته من الشيطان: فمن قرأ آية الكرسي لا يزال عليه من الله حافظ ولا يقربه شيطان حتى يصبح، كما ورد في حديث أبي هريرة في صحيح البخاري.
 - كفاية العبد من كل سوء: فمن قرأ آخر آيتين من سورة البقرة في ليلةٍ كفتاه، أي كفتاه من شر تلك الليلة، وقيل كفتاه عن قيام الليل، (متفق عليه).
 - الموت على الفطرة: من قال دعاء “اللهم أسلمت وجهي إليك…” وجعله آخر كلامه ثم مات من ليلته، مات على الفطرة، أي على الإسلام والسنة، (متفق عليه).
 - سبب لمغفرة الذنوب: قال صلى الله عليه وسلم:
“مَنْ قَالَ حِينَ يَأْوِي إِلَى فِرَاشِهِ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ، سُبْحَانَ اللَّهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ، غُفِرَتْ لَهُ ذُنُوبُهُ أَوْ خَطَايَاهُ وَإِنْ كَانَتْ مِثْلَ زَبَدِ الْبَحْرِ”
(رواه ابن حبان وصححه الألباني).
 
- تحقيق الطمأنينة والسكينة: ذكر الله هو أعظم أسباب طمأنينة القلب، كما قال تعالى:.
 
“الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ ۗ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ” [الرعد: 28]
الفرق بين أذكار المساء وأذكار النوم
يخلط البعض بين أذكار المساء وأذكار النوم، والفرق بينهما يكمن في التوقيت والسبب:
- أذكار المساء: وقتها يبدأ من بعد صلاة العصر إلى غروب الشمس، ويمتد عند بعض العلماء إلى ثلث الليل الأول، وهي مرتبطة بوقت المساء كجزء من أذكار اليوم والليلة.
 - أذكار النوم: وقتها عند إرادة النوم مباشرة، حتى لو كان النوم في وقت الضحى أو أي وقت آخر، وهي مرتبطة بفعل النوم نفسه.
 
هناك بعض الأذكار المشتركة بينهما، ولكن لكل منهما أذكار خاصة به وردت بها السنة النبوية.
المصادر والمراجع
- سورة البقرة، الآية 255 (آية الكرسي).
 - سورة البقرة، الآيتان 285-286.
 - سورة الرعد، الآية 28.
 - صحيح البخاري، كتاب الدعوات، باب التعوذ والقراءة عند المنام.
 - صحيح مسلم، كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار.
 - سنن أبي داود، كتاب الأدب، باب ما يقال عند النوم.
 - سنن الترمذي، كتاب الدعوات.
 - (يمكن مراجعة الأحاديث والتحقق من صحتها على مواقع موثوقة مثل موسوعة الدرر السنية).
 
أسئلة شائعة (FAQs)
ما هو الوقت الصحيح لقول أذكار النوم؟
الوقت الصحيح هو عند إرادة النوم مباشرة، بعد أن يأوي المسلم إلى فراشه ويستعد للنوم.
هل يجب قول جميع أذكار النوم كل ليلة؟
لا يجب قولها كلها، فالأمر فيه سعة، يُستحب للمسلم أن يأتي بما تيسر له منها، والمداومة على بعضها خير من تركها بالكلية، والأفضل هو الحرص على الإتيان بأكبر قدر ممكن منها اقتداءً بالنبي صلى الله عليه وسلم.
ماذا أفعل إذا نسيت أذكار النوم ونمت؟
لا شيء عليك، فهي سنة وليست واجبة، يمكنك أن تذكر الله إذا استيقظت في أي وقت من الليل، وتحرص على عدم نسيانها في الليلة التالية.
هل يجوز قراءة أذكار النوم من الهاتف؟
نعم، يجوز قراءتها من الهاتف أو من كتاب أو من أي وسيلة أخرى، خاصة لمن لم يحفظها بعد، المهم هو حضور القلب وتدبر المعاني عند القراءة.
		
