إن اللجوء إلى الله تعالى بالدعاء هو من أعظم أسباب التوفيق والنجاح في كل أمور الحياة، وعلى رأسها طلب العلم، فالدعاء يفتح للطالب أبواب الفهم، ويبارك في وقته وجهده، ويمنحه الطمأنينة والسكينة، وقد حثنا الله عز وجل على دعائه ووعد بالإجابة، فقال سبحانه:
“وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ۚ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ” [غافر: 60].
لذا، ينبغي للطالب أن يحرص على الأدعية المأثورة من القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة، فهي الكافية والشافية، وأن يجعلها جزءاً من رحلته الدراسية لتعزيز التركيز، وتيسير الحفظ، وجلب التوفيق.
أدعية صحيحة ومأثورة للمذاكرة والامتحانات
هذه مجموعة من الأدعية الثابتة في القرآن الكريم والسنة النبوية، والتي يُستحب للطالب أن يدعو بها لتيسير أموره الدراسية.
1، أدعية من القرآن الكريم
- دعاء لطلب زيادة العلم:
“رَّبِّ زِدْنِي عِلْمًا” [طه: 114].
.
 - دعاء سيدنا موسى عليه السلام لطلب التيسير والفصاحة:
“رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي (25) وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي (26) وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِّن لِّسَانِي (27) يَفْقَهُوا قَوْلِي (28)” [طه: 25-28].
.
 - دعاء لطلب التوفيق في الدخول والخروج من أي أمر (مثل قاعة الامتحان):
“رَّبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَاجْعَل لِّي مِن لَّدُنكَ سُلْطَانًا نَّصِيرًا” [الإسراء: 80].
.
 - دعاء عند الشعور بالرضا والتوفيق بعد الانتهاء (مثل الخروج من الامتحان):
“الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَٰذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ” [الأعراف: 43].
.
 
2، أدعية من السنة النبوية الصحيحة
- دعاء لتسهيل الأمور الصعبة:
روي عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:“اللَّهُمَّ لاَ سَهْلَ إِلاَّ مَا جَعَلْتَهُ سَهْلاً، وَأَنْتَ تَجْعَلُ الْحَزْنَ إِذَا شِئْتَ سَهْلاً”.
(رواه ابن حبان في صحيحه، وصححه الألباني).شرح موجز: الحَزْن يعني الأمر الصعب أو الأرض الوعرة، ومعنى الدعاء هو اللجوء إلى الله لتيسير كل أمر عسير.
 
صيغ شائعة للمذاكرة وحكمها الشرعي
تنتشر بين الطلاب بعض الصيغ والأدعية التي لم ترد في مصادر التشريع الموثوقة، ورغم أن معانيها قد تكون حسنة في مجملها، إلا أنه لا يجوز نسبتها إلى السنة النبوية أو اعتقاد فضل خاص بها.
أمثلة على الأدعية المنتشرة بين الطلاب
- “اللهم إني أسألك فهم النبيين، وحفظ المرسلين والملائكة المقربين، اللهم اجعل ألسنتنا عامرة بذكرك، وقلوبنا بخشيتك، وأسرارنا بطاعتك، إنك على كل شيء قدير، وحسبنا الله ونعم الوكيل”.
 - “اللهم إني أستودعك ما قرأت وما حفظت وما تعلمت، فرده إلي عند حاجتي إليه، إنك على كل شيء قدير”.
 - “يا معلم موسى علمني، ويا مفهم سليمان فهمني، ويا مؤتي لقمان الحكمة آتني الحكمة وفصل الخطاب”.
 
تنبيه هام وحكم هذه الأدعية
تنبيه هام: هذه الصيغ المذكورة أعلاه هي مما يتداوله بعض الناس، ولم تثبت بسند صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أو أصحابه، الدعاء عبادة، والأصل فيها الالتزام بما ورد في القرآن الكريم والسنة الصحيحة، فهي كافية ومباركة وشاملة لكل خير.
أما من حيث الحكم الشرعي، فيجوز الدعاء بأي صيغة تحمل معنى طيباً ما لم تتضمن محظوراً شرعياً، بشرط ألا يعتقد الداعي أنها سنة مأثورة أو أن لها فضلاً خاصاً، والأفضل والأكمل هو الالتزام بالأدعية الثابتة، فهي أجمع للخير وأعظم في البركة.
أهمية الدعاء وآدابه في طلب العلم
الدعاء ليس مجرد كلمات تُردد، بل هو عبادة عظيمة تعكس توكل الطالب على ربه وافتقاره إليه، وله أثر كبير في مسيرته العلمية:
- جلب التوفيق والبركة: الاستعانة بالله هي مفتاح كل خير، والدعاء يستمطر توفيق الله ويبارك في الجهد والوقت.
 - تحصيل السكينة والطمأنينة: الدعاء يزيل القلق والتوتر المصاحب للدراسة والامتحانات، ويمنح القلب شعوراً بالراحة والثقة بالله.
 - عبادة محبوبة لله: يحب الله من عباده أن يسألوه ويتضرعوا إليه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
“سَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ، فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يُحِبُّ أَنْ يُسْأَلَ، وَأَفْضَلُ الْعِبَادَةِ انْتِظَارُ الْفَرَجِ”.
(رواه الترمذي، وحسنه الألباني).
 
أوقات وأحوال يُستجاب فيها الدعاء
يُنصح الطالب بتحري أوقات إجابة الدعاء ليكون أرجى للقبول، ومنها:
- بين الأذان والإقامة: لقول النبي صلى الله عليه وسلم:
“الدعاء لا يرد بين الأذان والإقامة”.
(رواه أبو داود والترمذي وصححه الألباني).
 - في السجود: لقوله صلى الله عليه وسلم:
“أقربُ ما يكون العبدُ من ربِّه وهو ساجدٌ، فأكثروا الدعاءَ”.
(رواه مسلم).
 - آخر ساعة من يوم الجمعة: فقد ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة فقال:
“فيه ساعةٌ، لا يُوافقُها عبدٌ مسلمٌ، وهو قائمٌ يُصلِّي، يسألُ اللهَ تعالى شيئًا، إلا أعطاه إيَّاه”.
(متفق عليه).
 - في الثلث الأخير من الليل: حيث ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر فيقول:
“من يدعوني فأستجيب له، من يسألني فأعطيه، من يستغفرني فأغفر له”.
(متفق عليه).
 
فضل طلب العلم في الإسلام
لطلب العلم منزلة رفيعة في الإسلام، فهو طريق إلى الجنة وسبب لرفعة الدرجات في الدنيا والآخرة، قال الله تعالى:
“…يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ…” [المجادلة: 11].
كما أن أجر العلم النافع يستمر حتى بعد وفاة صاحبه، لقول النبي صلى الله عليه وسلم:
“إِذَا مَاتَ الْإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثَةٍ: إِلَّا مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ”.
(رواه مسلم).
المصادر والمراجع
- سورة غافر، الآية 60.
 - سورة طه، الآية 114.
 - سورة طه، الآيات 25-28.
 - سورة الإسراء، الآية 80.
 - سورة الأعراف، الآية 43.
 - سورة المجادلة، الآية 11.
 - حديث “اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلاً”، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
 - حديث “سلوا الله من فضله”، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
 - حديث “الدعاء لا يرد بين الأذان والإقامة”، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
 - حديث “أقرب ما يكون العبد من ربه”، (صحيح مسلم، حديث رقم 482).
 - حديث ساعة الإجابة يوم الجمعة، (صحيح البخاري، حديث رقم 935).
 - حديث نزول الرب إلى السماء الدنيا، (صحيح البخاري، حديث رقم 1145).
 - حديث “إذا مات الإنسان انقطع عمله”، (صحيح مسلم، حديث رقم 1631).
 
أسئلة شائعة (FAQs)
س1: هل دعاء “اللهم إني أسألك فهم النبيين” صحيح وثابت عن النبي؟
ج: لا، هذا الدعاء لم يثبت بسند صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهو من الأدعية المنتشرة بين الناس، والأولى الالتزام بالأدعية المأثورة من القرآن والسنة الصحيحة.
س2: ما هو أفضل دعاء للمذاكرة وتسهيل الصعب؟
ج: من أفضل الأدعية وأصحها لتيسير الأمور الصعبة هو قول: “اللَّهُمَّ لاَ سَهْلَ إِلاَّ مَا جَعَلْتَهُ سَهْلاً، وَأَنْتَ تَجْعَلُ الْحَزْنَ إِذَا شِئْتَ سَهْلاً”، بالإضافة إلى أدعية القرآن الكريم مثل “رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي”.
س3: ماذا أفعل إذا شعرت بالنسيان وصعوبة الحفظ؟
ج: أولاً، استعن بالله وأكثر من الدعاء وذكره، فهو القائل: “وَاذْكُر رَّبَّكَ إِذَا نَسِيتَ” [الكهف: 24]، ثانياً، خذ بالأسباب العملية مثل تنظيم الوقت، والمراجعة المستمرة، وأخذ قسط كافٍ من الراحة، والابتعاد عن المعاصي، فإن العلم نور ونور الله لا يُهدى لعاصٍ.
		
