يعد الدعاء من أعظم العبادات التي يتقرب بها المسلم إلى ربه، وهو سلاح المؤمن في مواجهة صعوبات الحياة وتحدياتها، وعندما يتعلق الأمر بتيسير الأمور في العمل أو الدراسة، فإن اللجوء إلى الله تعالى بقلبٍ خاشع ويقينٍ صادق هو من أقوى أسباب التوفيق والنجاح، إن الإيمان بأن الله وحده هو مُدبّر الأمور ومُسخّر الأسباب يمنح النفس طمأنينة وسكينة، ويفتح للمسلم أبوابًا من الخير لم تكن في الحسبان، وفي هذا المقال، نستعرض مجموعة من الأدعية الموثوقة من القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة، مع بيان الأدعية العامة التي يمكن للمسلم أن يناجي بها ربه لتيسير أموره وتسخير الخير له.

أدعية ثابتة من القرآن الكريم لتيسير الأمور
القرآن الكريم هو مصدر الهداية والشفاء، وقد حوى آياتٍ كريمة هي في ذاتها دعاءٌ وتضرعٌ إلى الله، يمكن للمسلم الدعاء بهذه الآيات المباركة في كل وقت وحين لطلب التيسير والفتح من الله تعالى.
- دعاء نبي الله موسى عليه السلام لطلب التيسير وشرح الصدر:
 “قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي * وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي * وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِّن لِّسَانِي * يَفْقَهُوا قَوْلِي” (سورة طه، الآيات: 25-28)، هذا الدعاء جامع لطلب انشراح الصدر وتسهيل المهام والقدرة على البيان، وهو مناسب جدًا للطلاب والمقبلين على مهام عمل تتطلب الحديث والعرض. 
- دعاء طلب الدخول والخروج بصدق مع طلب العون:
 “وَقُل رَّبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَاجْعَل لِّي مِن لَّدُنكَ سُلْطَانًا نَّصِيرًا” (سورة الإسراء، الآية: 80)، يُدعى بهذا الدعاء عند الشروع في أي أمر جديد، كبدء عمل أو مشروع دراسي، ليكون مبدؤه ومنتهاه على خير وصدق وتوفيق من الله. 
- دعاء نبي الله يونس عليه السلام لتفريج الكروب:
 “لَّا إِلَٰهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ” (سورة الأنبياء، الآية: 87)، قال عنه النبي صلى الله عليه وسلم: “دعوة ذي النون إذ دعا وهو في بطن الحوت: لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين، فإنه لم يدع بها رجل مسلم في شيء قط إلا استجاب الله له”، (رواه الترمذي، وصححه الألباني). 
- دعاء شامل لخيري الدنيا والآخرة:
 “رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ” (سورة البقرة، الآية: 201)، كان هذا الدعاء من أكثر أدعية النبي صلى الله عليه وسلم، وهو يجمع كل خير، فتيسير الأمور من حسنات الدنيا. 

أدعية لتيسير الحال من السنة النبوية الصحيحة
وردت في السنة النبوية الشريفة أدعية جامعة علمنا إياها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهي كافية وشافية لمن لزمها بيقين وإخلاص.
- دعاء تفريج الهم وتيسير الأمر:
 “اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْهَمِّ وَالْحَزَنِ، وَالْعَجْزِ وَالْكَسَلِ، وَالْبُخْلِ وَالْجُبْنِ، وَضَلَعِ الدَّيْنِ، وَغَلَبَةِ الرِّجَالِ” (رواه البخاري)، هذا الدعاء العظيم يستعيذ بالله من كل ما يعيق الإنسان عن أداء مهامه في الحياة، وهو من أسباب جلب النشاط والتوفيق. 
- دعاء الاستعانة بالله وإصلاح الشأن:
 “يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ بِرَحْمَتِكَ أَسْتَغِيثُ، أَصْلِحْ لِي شَأْنِي كُلَّهُ، وَلَا تَكِلْنِي إِلَى نَفْسِي طَرْفَةَ عَيْنٍ” (رواه النسائي في السنن الكبرى، وحسنه الألباني)، دعاء يجسد تفويض الأمر كله لله، والاعتراف بالعجز دونه، وهو من أعظم أسباب التيسير. 
- دعاء جامع لطلب التوفيق:
 “اللَّهُمَّ لَا سَهْلَ إِلَّا مَا جَعَلْتَهُ سَهْلًا، وَأَنْتَ تَجْعَلُ الْحَزْنَ إِذَا شِئْتَ سَهْلًا” (رواه ابن حبان في صحيحه)، هذا الدعاء مناسب جدًا عند استصعاب مادة دراسية أو مهمة في العمل، وفيه توكل كامل على قدرة الله في تسهيل كل عسير. 
- دعاء الخروج من المنزل لطلب التوفيق والحفظ:
 “بِسْمِ اللهِ، تَوَكَّلْتُ عَلَى اللهِ، لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ” (رواه أبو داود والترمذي، وصححه الألباني)، يُقال لمن قاله: “هُديتَ، وكُفيتَ، ووُقيتَ”، فيتنحى عنه الشيطان، وهو بداية مباركة ليوم العمل أو الدراسة. 

أدعية عامة وصيغ منتشرة لتيسير الأمور
يتداول الناس بعض الصيغ والأدعية العامة التي لم ترد بلفظها في القرآن أو السنة، ولكن معانيها صحيحة ولا تخالف الشرع، يمكن للمسلم أن يدعو بها أو بما يفتح الله عليه من الدعاء ما دام معناه صحيحًا.

- اللَّهُمَّ يَا مُسَخِّرَ الْقَوِيِّ لِلضَّعِيفِ، وَمُسَخِّرَ الْجِنِّ وَالرِّيحِ لِنَبِيِّنَا سُلَيْمَانَ، سَخِّرْ لِي كُلَّ أَمْرٍ فِيهِ خَيْرٌ لِي فِي دِينِي وَدُنْيَايَ.
- رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ، فَافْتَحْ لِي أَبْوَابَ رَحْمَتِكَ وَتَيْسِيرِكَ.
- اللَّهُمَّ دَبِّرْ لِي أَمْرِي فَإِنِّي لَا أُحْسِنُ التَّدْبِيرَ، وَاخْتَرْ لِي فَإِنِّي لَا أُحْسِنُ الِاخْتِيَارَ.
- يَا رَبِّ، اجْعَلْ لِي مِنْ كُلِّ هَمٍّ فَرَجًا، وَمِنْ كُلِّ ضِيقٍ مَخْرَجًا، وَمِنْ كُلِّ عُسْرٍ يُسْرًا.
- اللَّهُمَّ ارْزُقْنِي التَّوْفِيقَ وَالسَّدَادَ فِي كُلِّ خُطْوَةٍ، وَبَارِكْ لِي فِي وَقْتِي وَجُهْدِي.
- يَا كَرِيمُ، أَكْرِمْنِي بِفَهْمِ النَّبِيِّينَ وَحِفْظِ الْمُرْسَلِينَ وَإِلْهَامِ الْمَلَائِكَةِ الْمُقَرَّبِينَ.
- اللَّهُمَّ اجْعَلْ كُلَّ صَعْبٍ سَهْلًا، وَكُلَّ بَعِيدٍ قَرِيبًا، بِقُدْرَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.

تنبيه هام وإخلاء مسؤولية: هذه الصيغ المذكورة أعلاه هي مما يتداوله بعض الناس، ولم تثبت بسند صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أو أصحابه، الدعاء عبادة، والأصل فيها الالتزام بما ورد في القرآن الكريم والسنة الصحيحة، فهي كافية ومباركة وشاملة لكل خير، والدعاء بصيغ عامة ذات معنى صحيح جائز، ولكن دون تخصيصها بفضل معين أو نسبتها إلى الشرع.
الحكم الشرعي في تخصيص أدعية معينة لتيسير الأمور
طلب تيسير الأمور من الله تعالى بالدعاء هو أمر مشروع ومستحب، وهو من صميم التوكل على الله، يجوز للمسلم أن يدعو الله بما شاء من خيري الدنيا والآخرة، سواء بالأدعية المأثورة من القرآن والسنة، أو بأي دعاء آخر لا يحتوي على محظور شرعي، ومع ذلك، فإن الأفضل والأكمل هو الالتزام بالأدعية النبوية والقرآنية، لأنها جامعة للمعاني، ومباركة، وأبعد عن الخطأ، أما تخصيص أدعية مخترعة بفضائل معينة أو أعداد محددة دون دليل شرعي، فهو أمر لا أصل له في الدين وينبغي تجنبه.







المصادر والمراجع
- سورة طه، الآيات 25-28.
- سورة الإسراء، الآية 80.
- سورة الأنبياء، الآية 87.
- سورة البقرة، الآية 201.
- صحيح البخاري، كتاب الدعوات، باب الدعاء عند الكرب، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
- سنن النسائي، السنن الكبرى، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية للتحقق من درجة الحديث).
- صحيح ابن حبان، كتاب الرقائق، باب الأدعية، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
- سنن أبي داود والترمذي، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
أسئلة شائعة
ما هو أفضل وقت للدعاء بتيسير الأمور؟
يستحب الدعاء في كل وقت، ولكن هناك أوقات يُرجى فيها إجابة الدعاء أكثر من غيرها، مثل الثلث الأخير من الليل، وبين الأذان والإقامة، وفي السجود، وآخر ساعة من يوم الجمعة، وعند نزول المطر.
هل يجوز الدعاء بالصيغ العامة غير الواردة في السنة؟
نعم، يجوز للمسلم أن يدعو الله بما يشاء من الأدعية التي تحمل معانٍ طيبة وصحيحة ولا تخالف الشرع، حتى لو لم ترد بلفظها في السنة، لكن يبقى الأفضل والأكمل هو الدعاء بالأدعية المأثورة من القرآن والسنة الصحيحة.
ما هو البديل الصحيح للأدعية المنتشرة غير الثابتة؟
البديل الصحيح والأساس هو الأدعية الواردة في القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة، مثل “اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلاً…”، و “يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث…”، ودعاء “رب اشرح لي صدري ويسر لي أمري”، هذه الأدعية كافية وشاملة ومباركة.
