الحمد لله دائما وابدا في السراء والضراء

إنَّ حمد الله تعالى والثناء عليه في كل حالٍ هو من أعظم العبادات التي يتقرب بها العبد إلى ربه، وهو دأب الأنبياء والصالحين، فالمؤمن الحق يرى نعم الله في السراء، فيلهج لسانه بالحمد شكرًا، ويرى لطف الله وحكمته في الضراء، فيحمده صبرًا ورضًا، إنَّ اليقين بأن كل ما يأتي من الله هو خيرٌ محض يملأ القلب طمأنينة وسكينة، ويجعل من الحمد مفتاحًا لكل خير وبابًا للمزيد من فضل الله وعطائه.

فضل الحمد والثناء على الله في القرآن والسنة

إنَّ شكر الله وحمده ليس مجرد كلمات تُقال، بل هو عبادة عظيمة رتّب الله عليها الأجر الجزيل في الدنيا والآخرة، وقد ورد في فضلها نصوص صريحة من الكتاب والسنة، منها:

  • سبب لزيادة النعم: وعد الله الشاكرين بالمزيد من فضله، وهو وعد حق لا يتخلف، قال تعالى في كتابه الكريم:

    “وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ ۖ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ” [إبراهيم: 7].

    .

  • أحب الكلام إلى الله: الحمد من الكلمات التي يحبها الله وتملأ الميزان بالأجور يوم القيامة، عن أبي مالك الأشعري رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ قال:

    “الطُّهُورُ شَطْرُ الْإِيمَانِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ تَمْلَأُ الْمِيزَانَ، وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ تَمْلَآنِ -أَوْ تَمْلَأُ- مَا بَيْنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ” (رواه مسلم، حديث صحيح).

    .

عبارة الحمد لله في السراء والضراء مكتوبة بخط جميل

أدعية الحمد الثابتة في القرآن والسنة

أفضل ما يحمد به العبد ربه هو ما ورد في كتاب الله وسنة نبيه ﷺ، فهذه الأدعية جامعة للخير، مباركة، وهي قمة البلاغة والثناء، ومن هذه الأدعية الصحيحة:

  • فاتحة الكتاب: أعظم سورة في القرآن بدأت بالحمد، وهي أفضل ما يثني به العبد على ربه:

    “الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ” [الفاتحة: 2].

    .

  • دعاء نبوي جامع: كان من دعاء النبي ﷺ هذا الثناء العظيم الذي يُنسب إلى أهل الجنة وهم يتنعمون فيها:

    “سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ، وَتَبَارَكَ اسْمُكَ، وَتَعَالَى جَدُّكَ، وَلاَ إِلَهَ غَيْرُكَ” (رواه أبو داود والترمذي، حديث صحيح).

    .

  • دعاء الكرب: في أوقات الشدة، كان النبي ﷺ يلجأ إلى الله بالتوحيد والثناء، فعن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله ﷺ كان يقول عند الكرب:

    “لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الْعَظِيمُ الْحَلِيمُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَرَبُّ الْأَرْضِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ” (متفق عليه).

    .

صيغ عامة ومأثورة في حمد الله

بالإضافة إلى ما ورد في القرآن والسنة، يتداول الصالحون صيغًا حسنة في الحمد والثناء على الله، لا تتعارض مع الشرع ويجوز الدعاء بها لأن معناها صحيح، الهدف منها هو استشعار نعم الله في كل حال، ومن هذه الصيغ الطيبة:

  • “اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ حَتَّى تَرْضَى، وَلَكَ الْحَمْدُ إِذَا رَضِيتَ، وَلَكَ الْحَمْدُ بَعْدَ الرِّضَا.”.
  • “الْحَمْدُ لِلَّهِ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ فِي الشِّدَّةِ وَالرَّخَاءِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ.”.
  • “الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي بِنِعْمَتِهِ تَتِمُّ الصَّالِحَاتُ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَا يُحْمَدُ عَلَى مَكْرُوهٍ سِوَاهُ.”.
  • “اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ كَمَا يَنْبَغِي لِجَلَالِ وَجْهِكَ وَعَظِيمِ سُلْطَانِكَ.”.

تنبيه هام: هذه الصيغ المذكورة أعلاه هي مما جرى على ألسنة السلف والعلماء، ومعناها صحيح وجليل، ومع ذلك، لم تثبت بسند متصل عن النبي ﷺ بهذه الألفاظ تحديدًا، والأكمل دائمًا هو الالتزام بالأدعية المأثورة الثابتة في القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة، فهي كافية ومباركة.

ثمرات الحمد والشكر في حياة المسلم

المداومة على حمد الله وشكره تعود على العبد بفوائد عظيمة في دينه ودنياه، فالله سبحانه وتعالى هو “الشكور” الذي يجزي على القليل بالكثير، ومن أبرز ثمرات هذه العبادة:

  • نيل رضا الله: إن رضا الله هو أسمى غاية يسعى إليها المؤمن، والشكر والحمد من أوسع أبوابه.
  • حفظ النعم وزيادتها: الشكر قيدٌ للنعم الموجودة، وسببٌ لجلب النعم المفقودة، كما قال تعالى: “لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ”.
  • النجاة من المحن ورفع البلاء: العبد الشاكر يكون في معية الله وحفظه، فالشكر والصبر هما سلاح المؤمن عند نزول البلاء.
  • طمأنينة القلب وراحة النفس: عندما يرى العبد كل شيء من منظور الحمد، يرضى بقضاء الله وقدره، فيسكن قلبه وتطمئن نفسه، عالمًا أن تدبير الله له خير من تدبيره لنفسه.

تصميم إسلامي لعبارة الحمد لله دائما وأبدا

المصادر والمراجع

أسئلة شائعة

ما هو أفضل ما يقال لحمد الله في السراء والضراء؟

أفضل ما يقال هو ما ثبت في القرآن والسنة، في السراء، يُستحب قول: “الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي بِنِعْمَتِهِ تَتِمُّ الصَّالِحَاتُ”، وفي الضراء، يُستحب قول: “الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ”، وكلاهما ورد عن النبي ﷺ، بالإضافة إلى ذلك، فإن الإكثار من قول “الحمد لله” بشكل عام هو من أعظم الذكر في كل وقت.

هل يجوز أن أحمد الله بصيغة من عندي؟

نعم، يجوز للمسلم أن يحمد الله ويثني عليه بأي صيغة أو عبارة تحمل معنى صحيحًا ولا تخالف الشرع، فباب الدعاء والثناء واسع، ولكن، يبقى الفضل والأجر الأعظم في الالتزام بالأدعية المأثورة عن النبي ﷺ لأنها أجمع للخير وأعظم في البركة.

ما هي الأوقات التي يتأكد فيها حمد الله؟

حمد الله مشروع في كل وقت وحين، ولكنه يتأكد في مواطن معينة وردت بها السنة، مثل: بعد الأكل والشرب، عند الاستيقاظ من النوم، بعد العطاس، عند رؤية ما يُسر به الإنسان، وعند رؤية أهل البلاء لشكره على نعمة العافية، وفي أذكار الصباح والمساء، ودبر كل صلاة.

عن احمد نصر

بقلم: أحمد نصر باحث ومحرر محتوى إسلامي متخصص في قسم الأدعية بموقع [أُوني]، يكرس جهوده لجمع وتدقيق الأدعية المأثورة من القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، وتقديمها للمسلمين في إطار موثوق وسهل الفهم، يسعى أحمد لتقديم محتوى ديني يعزز الصلة بالله ويستند إلى المصادر الشرعية الصحيحة.

0 0 التصويت
Article Rating
الاشتراك في تنبيهات التعليقات
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
الأقدم
الأحدث الأكثر تصويتا
التعليقات المضمنة
عرض جميع التعليقات