يُشرع للمسلم أن يُظهر الشكر والحمد لله سبحانه وتعالى عند إتمام الطاعات، ومن أعظمها إتمام شهر رمضان المبارك، إن التعبير عن الامتنان لله على توفيقه للصيام والقيام هو جزء من تعظيم النعمة، وهو تطبيق لقوله تعالى في سياق آيات الصيام:
“وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ” [البقرة: 185]
، فختام هذا الشهر الكريم فرصة للتضرع إلى الله بطلب القبول والحمد على البلاغ.
يحمل هذا الحمد في طياته مشاعر السكينة والطمأنينة، حيث يختم المسلم شهرًا مليئًا بالخيرات والبركات، راجيًا من الله قبول أعماله ومغفرة ذنوبه، والأصل في الدعاء أن يكون بما ورد في الكتاب والسنة، أو بما يفتح الله به على عبده من الأدعية ذات المعاني الصحيحة التي لا تخالف الشرع.
أدعية الحمد وطلب القبول المشروعة
الأصل في العبادة الاتباع، وأفضل ما يدعو به المسلم هو ما ورد في القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة، ومن الأدعية المناسبة في سياق طلب القبول بعد إتمام العمل الصالح:
- دعاء طلب القبول من القرآن الكريم: وهو دعاء إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام بعد رفع قواعد البيت، وهو أصل في طلب القبول بعد العمل.
“رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا ۖ إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ” [البقرة: 127]
- أدعية الحمد العامة من السنة النبوية: يمكن للمسلم أن يحمد الله بأي صيغة ثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم، ومنها ما يُقال دبر كل صلاة:
“اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَى ذِكْرِكَ وَشُكْرِكَ وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ”
(حديث صحيح، رواه أبو داود)، وهو دعاء جامع لطلب العون على الشكر وحسن العبادة.
صيغ شائعة في الحمد على ختام رمضان
يتداول الناس بعض الصيغ الحسنة في معناها للتعبير عن شكر الله في ختام شهر رمضان، هذه الصيغ، وإن لم ترد بلفظها في حديث معين لختام الشهر، إلا أن معناها صحيح ويمكن الدعاء بها على وجه العموم دون اعتقاد سنيتها بخصوصها، ومن أمثلة ذلك:
- الحَمْدُ للهِ الَّذِي أَتَمَّ عَلَيْنَا نِعْمَةَ شَهْرِ رَمَضَانَ، وَأَعَانَنَا عَلَى صِيَامِهِ وَقِيَامِهِ.
- الحَمْدُ للهِ عَلَى التَّمَامِ وَالكَمَالِ، وَنَسْأَلُهُ سُبْحَانَهُ القَبُولَ وَحُسْنَ الخِتَامِ.
- اللَّهُمَّ لَكَ الحَمْدُ أَنْ بَلَّغْتَنَا رَمَضَانَ، اللَّهُمَّ تَقَبَّلْ مِنَّا الصِّيَامَ وَالقِيَامَ، وَأَعِدْهُ عَلَيْنَا أَعْوَامًا عَدِيدَةً وَأَزْمِنَةً مَدِيدَةً وَنَحْنُ فِي صِحَّةٍ وَعَافِيَةٍ.
- الحَمْدُ للهِ الَّذِي بِنِعْمَتِهِ تَتِمُّ الصَّالِحَاتُ، لَكَ الحَمْدُ يَا رَبَّنَا عَلَى مَا وَفَّقْتَنَا لَهُ مِنْ طَاعَتِكَ فِي هَذَا الشَّهْرِ الكَرِيمِ.
- اللَّهُمَّ اجْعَلْ خِتَامَهُ لَنَا مَغْفِرَةً لِلذُّنُوبِ، وَعِتْقًا مِنَ النِّيرَانِ، وَقَبُولًا لِأَعْمَالِنَا.
تنبيه هام وحكم هذه الصيغ
تنبيه هام: الصيغ المذكورة أعلاه هي مما يتداوله بعض الناس، ولم تثبت بسند صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أو أصحابه بخصوص ختام شهر رمضان، الدعاء عبادة، والأصل فيها الالتزام بما ورد في القرآن الكريم والسنة الصحيحة، وهي كافية ومباركة.
الحكم الشرعي: لا حرج في الدعاء بهذه العبارات أو ما شابهها من المعاني الطيبة، على ألا يُعتقد أنها سنة مخصصة لهذا الوقت، أو أن لها فضلًا خاصًا بلفظها، فالأمر فيه سعة، والمسلم يحمد ربه ويشكره بما يفتح الله عليه من كلام طيب لا يخالف الشرع.
فضل “الحمد لله” وعموم الذكر
كلمة “الحمد لله” من أحب الكلام إلى الله، وهي من الذكر الذي يملأ الميزان ويعظم به الأجر، فشكر الله وحمده عبادة عظيمة لا تقتصر على وقت دون آخر، بل هي دأب المؤمن في كل أحواله، في السراء والضراء.
- ثقيلة في الميزان: الحمد من أعظم الذكر وأثقله في ميزان العبد يوم القيامة، لما فيه من اعتراف بالفضل وإقرار بالنعمة لله وحده.
- من أحب الكلام إلى الرحمن: جاء في الحديث الصحيح الذي رواه أبو هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
“كَلِمَتانِ خَفِيفَتانِ علَى اللِّسانِ، ثَقِيلَتانِ في المِيزانِ، حَبِيبَتانِ إلى الرَّحْمَنِ: سُبْحانَ اللَّهِ العَظِيمِ، سُبْحانَ اللَّهِ وبِحَمْدِهِ”
(صحيح البخاري).
- سبب لزيادة النعم: وعد الله عباده الشاكرين بالزيادة، فقال تعالى:
“لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ” [إبراهيم: 7]
، فالحمد والشكر بابهما واحد، وكلاهما سبب لاستجلاب المزيد من فضل الله.
- أفضل الدعاء: ورد في الحديث الحسن:
“أفضلُ الذكرِ لا إلهَ إلا اللهُ، وأفضلُ الدعاءِ الحمدُ للهِ”
(سنن الترمذي، حديث حسن).
لذا، فإن الإكثار من حمد الله وشكره في ختام رمضان وفي كل وقت هو من أعظم القربات وأسباب القبول والبركة.
تصاميم وصور دعاء الحمد لله على التمام والكمال
ينشر المسلمون صورًا وتصاميم تحمل عبارات الشكر والثناء لله عزّ وجلّ على نعمه، وخصوصًا بعد انتهاء شهر رمضان المبارك، تعبيرًا عن الامتنان ونشرًا للأجواء الإيمانية.
تتميز هذه التصاميم غالبًا بخلفيات هادئة وعبارات مؤثرة تجسد معنى الحمد، مثل: “الحمدُ لله على البلاغِ والتمامِ، ونسألُك ربّنا القبولَ والرِضا في الختامِ.”
ومن العبارات الشاملة التي تُستخدم في هذه التصاميم، والتي تجمع بين الحمد والدعاء: “الحمدُ لله على التمامِ.، الحمدُ للهِ على البلاغِ، الحمدُ للهِ على الصِيامِ والقيامِ، اللّهُمّ اجعلنا ممّن صام الشهرَ وأدرك ليلةَ القدرِ، وفازَ بالثوابِ والأجرِ، وتقبلْ منا دعواتِنا يا الله، وأعدهُ علينا أعوامًا عديدةً وأزمنةً مديدةً ونحنُ بصحةٍ وعافيةٍ يا ربّ العالمين.”
المصادر والمراجع
- سورة البقرة، الآية 185.
- سورة البقرة، الآية 127.
- سورة إبراهيم، الآية 7.
- حديث “اللهم أعني على ذكرك وشكرك”، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
- صحيح البخاري، حديث رقم 6682، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
- سنن الترمذي، حديث رقم 3383، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
الأسئلة الشائعة (FAQs)
س1: هل ورد دعاء محدد لختام شهر رمضان؟
لم يثبت في السنة النبوية الصحيحة دعاء محدد بلفظه لختام شهر رمضان، والأفضل هو الدعاء بالأدعية الجامعة من القرآن والسنة، كطلب القبول والمغفرة والعتق من النار، وحمد الله على نعمة إتمام الشهر.
س2: ما هو أفضل ما يقال عند إتمام شهر رمضان؟
أفضل ما يقال هو ما يجمع بين تعظيم الله وشكره وطلب القبول، ومن ذلك التكبير تطبيقًا لقوله تعالى “وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ”، والحمد والشكر، والدعاء بمثل “ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم”.
س3: ما حكم قول “الحمد لله على التمام والكمال”؟
هي عبارة حسنة المعنى، ولا حرج في قولها على سبيل الشكر العام لله، لكن لا ينبغي اعتقاد أنها سنة مأثورة بلفظها في هذا التوقيت، بل تُقال كغيرها من عبارات الحمد التي يجريها الله على لسان عبده شكرًا لنعمته.

