دعاء القنوت في الفجر والوتر عند المالكية والشافعية مكتوب كاملا

القنوت في الصلاة من السنن التي تحمل معاني الخشوع والدعاء والطاعة لله تعالى، وهو مشروع في مواضع محددة من الصلاة، أبرزها صلاة الوتر، وفي صلاة الفجر عند بعض أهل العلم، وكذلك في النوازل التي تصيب المسلمين، ويهدف هذا المقال إلى توضيح الصيغ الصحيحة المأثورة لدعاء القنوت، وبيان حكمه الشرعي بناءً على الأدلة من القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة.

الصيغة النبوية الصحيحة لدعاء القنوت

أصح ما ورد في دعاء القنوت هو ما علّمه النبي صلى الله عليه وسلم لسبطه الحسن بن علي رضي الله عنهما، وهو الدعاء الذي يلتزم به غالبية المسلمين في قنوت الوتر.

  • نص الدعاء: عن الحسن بن علي رضي الله عنهما قال: علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم كلمات أقولهن في قنوت الوتر:

    اللَّهُمَّ اهْدِنِي فِيمَنْ هَدَيْتَ، وَعَافِنِي فِيمَنْ عَافَيْتَ، وَتَوَلَّنِي فِيمَنْ تَوَلَّيْتَ، وَبَارِكْ لِي فِيمَا أَعْطَيْتَ، وَقِنِي شَرَّ مَا قَضَيْتَ، فَإِنَّكَ تَقْضِي وَلَا يُقْضَى عَلَيْكَ، وَإِنَّهُ لَا يَذِلُّ مَنْ وَالَيْتَ، تَبَارَكْتَ رَبَّنَا وَتَعَالَيْتَ.

    .

  • المصدر والحكم: رواه أبو داود (1425)، والترمذي (464)، والنسائي (1745)، وصححه الألباني.
  • شرح موجز للدعاء: يتضمن هذا الدعاء المبارك طلب الهداية إلى الحق، وطلب العافية في الدين والبدن، وطلب ولاية الله الخاصة التي تقتضي النصرة والتوفيق، وسؤال البركة فيما رزق الله، والوقاية من كل قضاء شر، مع الثناء على الله بأنه الحاكم الذي لا معقب لحكمه، وأن من والاه الله فلن يلحقه ذل أبداً.

وقد وردت زيادة في بعض الروايات وهي: “ولا منجا منك إلا إليك”، وقد حسّنها بعض أهل العلم.

الحكم الشرعي لدعاء القنوت ومواضعه

اختلف الفقهاء في حكم القنوت وتوقيته بناءً على الأدلة الواردة، ويمكن تلخيص آرائهم كما يلي:

1، القنوت في صلاة الوتر

ذهب جمهور العلماء إلى أن القنوت في الركعة الأخيرة من صلاة الوتر سنة مستحبة، ويُعمل بها أحياناً وتُترك أحياناً أخرى اقتداءً بالنبي صلى الله عليه وسلم، وهو القول الراجح لدى كثير من المحققين.

2، القنوت في صلاة الفجر

هذه من المسائل التي اختلف فيها العلماء قديماً وحديثاً:

  • الرأي الأول (الشافعية والمالكية): يرون أن القنوت في صلاة الفجر سنة مستمرة، ويستدلون بحديث ورد فيه:

    “ما زال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَقنُتُ في الفجرِ حتى فارَق الدُّنيا”

    ، تنبيه: هذا الحديث قد ضعّفه عدد من كبار المحدثين، ولذلك لا يصح الاستدلال به على المداومة.

  • الرأي الثاني (الحنفية والحنابلة): يرون أن القنوت لا يُشرع في صلاة الفجر إلا في أوقات النوازل (المصائب العامة التي تحل بالمسلمين)، ويستدلون بحديث أنس بن مالك رضي الله عنه:

    “أنَّ رسولَ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قنتَ شَهرًا يدعو على حيٍّ من أحياءِ العربِ ثمَّ ترَكَهُ”

    (رواه البخاري ومسلم)، وهذا يدل على أن القنوت في غير الوتر كان لأمر عارض وليس سنة دائمة.

نص دعاء القنوت الصحيح الوارد في السنة النبوية الشريفة

صيغ شائعة وأدعية عامة تُقال في القنوت

ينتشر بين الناس عدد من الأدعية التي تُقال في القنوت، خاصة في الحرمين الشريفين أو في صلاة التراويح، وهي في مجملها أدعية حسنة المعنى، من أمثلتها ما يُنسب لأئمة الحرم أو غيرهم من القرّاء:

  • اللهم اقسم لنا من خشيتك ما تحول به بيننا وبين معصيتك، ومن طاعتك ما تبلغنا به جنتك، ومن اليقين ما تهون به علينا مصائب الدنيا..، (وهو جزء من حديث حسن).
  • اللهم إنا نستعينك ونستغفرك، ونثني عليك الخير ولا نكفرك، ونؤمن بك ونخضع لك، ونخلع من يكفرك..، (مأثور عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه).
  • اللهم تَقبَّل توبتَنا واغسل حوبتَنا وتفضل بإجابة دعائنا وأيدنا بالحجج الواضحة واهْد قلوبَنا وألهم ألسنتَنا القول الحق وطهِّر قلوبَنا من الضغائن..
  • اللهم أصلِح لنا كلَّ أمورنا ولا تكلْنا إلى أنفسنا طرفةَ عينٍ، اللهم إنا نسألك الخير كله عاجله وآجله ما علمنا منه وما لم نعلم، ونعوذ بك من الشر كله عاجله وآجله ما علمنا منه وما لم نعلم..
  • يا الله يا سامع أصوات الخلائق في الظلمات، يا من لا يشغله شيء عن شيء، نسألك بأسمائك الحسنى وبرحمتك التي وسعت كل شيء أن تصرف عنا وعن أمة الإسلام البلاء..

تنبيه هام حول الأدعية غير المأثورة

تنبيه هام: هذه الصيغ، وغيرها مما يتداوله بعض الناس، منها ما هو مأثور عن الصحابة كدعاء عمر رضي الله عنه، ومنها ما هو دعاء عام حسن المعنى، لكن يجب العلم بأن الأصل في العبادات هو الاتباع، والأكمل هو الالتزام بالصيغة النبوية الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم، ويجوز الزيادة عليها بأدعية جامعة من القرآن والسنة أو أدعية طيبة لا تخالف الشرع، خاصة في قنوت النوازل والتراويح، ولكن دون تخصيص صيغة معينة واعتبارها سنة لازمة لم ترد بها النصوص.

أدعية مأثورة وفضل صلاة الفجر من القرآن والسنة

أهمية وفضل المحافظة على صلاة الفجر

لصلاة الفجر منزلة عظيمة في الإسلام، والمحافظة عليها تجلب البركة والخير في الدنيا والآخرة، ومن أبرز فضائلها الثابتة في السنة:

  • دخول الجنة: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

    “مَن صلَّى البردَينِ دخَل الجنةَ”

    (رواه البخاري ومسلم)، والبردان هما صلاة الفجر وصلاة العصر.

  • في ذمة الله وحفظه: قال صلى الله عليه وسلم:

    “مَن صلى الصبحَ فهو في ذمةِ اللهِ”

    (رواه مسلم).

  • نور يوم القيامة: قال النبي صلى الله عليه وسلم:

    “بشِّرِ المشَّائينَ في الظُّلَمِ إلى المساجدِ بالنورِ التامِّ يومَ القيامةِ”

    (رواه أبو داود والترمذي، وصححه الألباني).

  • شهادة الملائكة: قال تعالى:

    “أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَىٰ غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ ۖ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا”

    [الإسراء: 78]، أي تشهده ملائكة الليل وملائكة النهار.

  • خير من الدنيا وما فيها: قال صلى الله عليه وسلم عن ركعتي سنة الفجر:

    “ركعتا الفجرِ خيرٌ من الدنيا وما فيها”

    (رواه مسلم)، فإذا كان هذا فضل السنة، فما بالك بأجر الفريضة نفسها.

أدعية عامة يمكن الدعاء بها في القنوت وغيره

الدعاء في السجود

حث النبي صلى الله عليه وسلم على الإكثار من الدعاء في السجود، فهو من أرجى مواطن الإجابة، سواء في صلاة التراويح أو غيرها من الفرائض والنوافل، عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

“أقرَبُ ما يكونُ العبدُ من ربِّه وهو ساجِدٌ، فأكثِروا الدُّعاءَ”

المصدر والحكم: رواه مسلم (482).

فضائل الدعاء في الصلاة وأوقات الاستجابة

المصادر والمراجع

أسئلة شائعة حول دعاء القنوت

ما هي الصيغة الصحيحة لدعاء القنوت؟

أصح صيغة هي التي علمها النبي صلى الله عليه وسلم للحسن بن علي رضي الله عنهما: “اللَّهُمَّ اهْدِنِي فِيمَنْ هَدَيْتَ…”، وهي المذكورة بالتفصيل في بداية المقال مع مصدرها.

هل القنوت في صلاة الفجر سنة دائمة؟

هذه مسألة خلافية بين العلماء، الشافعية والمالكية يرون أنها سنة دائمة، بينما الحنفية والحنابلة يرون أنها مشروعة فقط في النوازل (المصائب العامة)، وهذا القول الأخير هو الأقوى دليلاً لثبوت أن النبي صلى الله عليه وسلم فعله مؤقتاً ثم تركه.

هل يجوز الزيادة على الدعاء المأثور في القنوت؟

نعم، يجوز الزيادة على الدعاء المأثور بأدعية أخرى من القرآن والسنة أو بأدعية عامة طيبة المعنى، خاصة في قنوت النوازل أو في الوتر في رمضان، لكن دون اعتقاد أن هذه الزيادة سنة ثابتة بعينها.

متى يكون القنوت، قبل الركوع أم بعده؟

كلا الأمرين جائز ووردت به السنة، فالقنوت قبل الركوع (بعد الانتهاء من القراءة) أو بعد الرفع من الركوع كلاهما صحيح، والأمر في ذلك واسع، وإن كان القنوت بعد الرفع من الركوع هو الأكثر في فعل النبي صلى الله عليه وسلم.

عن احمد نصر

بقلم: أحمد نصر باحث ومحرر محتوى إسلامي متخصص في قسم الأدعية بموقع [أُوني]، يكرس جهوده لجمع وتدقيق الأدعية المأثورة من القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، وتقديمها للمسلمين في إطار موثوق وسهل الفهم، يسعى أحمد لتقديم محتوى ديني يعزز الصلة بالله ويستند إلى المصادر الشرعية الصحيحة.

0 0 التصويت
Article Rating
الاشتراك في تنبيهات التعليقات
نبّهني عن
guest
1 تعليق
الأقدم
الأحدث الأكثر تصويتا
التعليقات المضمنة
عرض جميع التعليقات
محمد علي ناجي السنة

نريد الدعاء لقنوة الفجر لقنوتنا اثيبونا واكسبوا الاجر من الله ♥تعالى يكون بزيادة كل دعاء لقبول الاجابة بأذن الله ♥تعالى جزاكم الله خيراً وبارك الله ♥فيكم جميعا ايها الاخوة الكرام