دعاء اللهم إني أسألك العزيمة على الرشد والغنيمة من كل بر

الدعاء هو العبادة، وصلة العبد بربه التي يلجأ بها إليه في كل أحواله، طالبًا العون والتوفيق والثبات على الطريق المستقيم، ومن الأدعية الجامعة التي علمها النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه، دعاء يجمع خيري الدنيا والآخرة، وهو طلب الثبات في الأمر والعزيمة على الرشد، لما فيهما من أساس لصلاح الأعمال واستقامة الحياة.

إن العزيمة الصادقة على اتباع الحق، والثبات على أوامر الله، هما مفتاح كل خير، وسبيل النجاة في الدنيا والآخرة، وفي هذا المقال، نستعرض النص النبوي الشريف لهذا الدعاء المبارك، ونوضح معانيه، مع التنبيه على بعض الصيغ الشائعة والمتداولة.

النص النبوي الصحيح لدعاء طلب الثبات والعزيمة على الرشد

الدعاء الأصيل والمأثور في هذا الباب هو ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم، حيث كان يعلمه لأصحابه رضوان الله عليهم، هذا الدعاء هو المصدر الموثوق الذي ينبغي للمسلم أن يحفظه ويلتزم به لما فيه من بركة واتباع للسنة.

عن شداد بن أوس رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا أن نقول:

“اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الثَّبَاتَ فِي الْأَمْرِ، وَالْعَزِيمَةَ عَلَى الرُّشْدِ، وَأَسْأَلُكَ مُوجِبَاتِ رَحْمَتِكَ، وَعَزَائِمَ مَغْفِرَتِكَ، وَأَسْأَلُكَ شُكْرَ نِعْمَتِكَ، وَحُسْنَ عِبَادَتِكَ، وَأَسْأَلُكَ قَلْبًا سَلِيمًا، وَلِسَانًا صَادِقًا، وَأَسْأَلُكَ مِنْ خَيْرِ مَا تَعْلَمُ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا تَعْلَمُ، وَأَسْتَغْفِرُكَ لِمَا تَعْلَمُ، إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ”.

المصدر: رواه الترمذي وأحمد والنسائي، وصححه الألباني.

شرح موجز لمعاني الدعاء

  • الثبات في الأمر: طلب الدوام والاستقامة على دين الله وطاعته دون تقلب أو انحراف.
  • العزيمة على الرشد: طلب الإرادة القوية والصادقة لفعل كل ما هو صواب وخير، وتجنب كل ما هو باطل وشر.
  • قلبًا سليمًا: قلبًا نقيًا من الشرك والغل والحقد والحسد وسائر أمراض القلوب.
  • لسانًا صادقًا: لسانًا لا ينطق إلا بالحق والصدق، بعيدًا عن الكذب والغيبة والنميمة.

دعاء اللهم إني أسألك الثبات في الأمر والعزيمة على الرشد مكتوب بالتشكيل

صيغ شائعة وأدعية عامة مستوحاة من معنى الحديث

يتداول بعض الناس صيغًا مختلفة للدعاء مستوحاة من معاني الحديث الشريف، وهي تعبر عن حاجة الإنسان إلى القوة والعزيمة في حياته، نورد هنا بعض الأمثلة على هذه الأدعية العامة للتوضيح:

  • اللهم إني أسألك العزيمة على الرشد والغنيمة من كل بر، وأسألك يا الله أن تثقل ميزاني بشهادة “لا إله إلا الله”، وأن تجعلني من أصحاب القلوب السليمة، وأن تدخلني جنتك برحمتك يا أرحم الراحمين.
  • يا رحمن يا رحيم، أسألك اللهم قلبًا نقيًا مفعمًا بالسلام والمغفرة، وأرجو منك أن تبعدني عن كبائر الذنوب وصغائرها، اللهم طهر لساني من الكذب، واغفر لي ما تعلم من خطئي وعمدي.
  • اللهم إني أسألك العزيمة التي تهديني إلى الرشد، وأن ترزقني من كل خير يجلب لي رضاك، اللهم اجعلني من عبادك الذين يصلحون ولا يفسدون، واجعل لي سندًا وعونًا من عندك يعينني على الطاعة والثبات.
  • اللهم ارزقني الثبات على كل أمرٍ يرضيك، واملأ قلبي بمحبتك ومحبة نبيك محمد صلى الله عليه وسلم، ومحبة كل عمل يقربني منك، اللهم اجعلني في أمانك وسلمك من كل شر ومكروه.

تنبيه هام وحكم الدعاء بهذه الصيغ

تنبيه هام: هذه الصيغ المذكورة أعلاه هي مما يتداوله بعض الناس، ولم تثبت بهذا اللفظ المحدد بسند صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أو أصحابه، الدعاء عبادة، والأصل فيها الالتزام بما ورد في القرآن الكريم والسنة الصحيحة، فهي كافية ومباركة وشاملة لكل خير.

الحكم الشرعي: الدعاء بمعانٍ صحيحة لا تخالف الشرع هو أمر جائز، فيجوز للمسلم أن يدعو الله بما يفتح عليه من الأدعية التي تعبر عن حاجته، طالما لم ينسب هذه الصيغة بعينها إلى النبي صلى الله عليه وسلم أو يعتقد أن لها فضلاً خاصاً، ولكن، يبقى الأفضل والأكمل هو الالتزام باللفظ النبوي الوارد في الحديث الصحيح، ففيه الخير والبركة والاتباع.

فضل الدعاء بما ورد في السنة النبوية الشريفة

أهمية الدعاء وطلب الثبات من الله

الحياة مليئة بالتحديات والفتن التي قد تضعف همة المسلم وتزعزع ثباته، لذلك، فإن اللجوء إلى الله تعالى بالدعاء وطلب الثبات والعزيمة هو من أعظم أسباب القوة والطمأنينة، فالمسلم يعلم أن قلبه بين أصبعين من أصابع الرحمن يقلبه كيف يشاء، فلا غنى له عن طلب التثبيت من الله في كل وقت وحين.

إن من يدعو الله بصدق وإخلاص، متوكلاً عليه، يجد في قلبه راحة وسكينة، ويشهد التوفيق في أموره، لأن الله تعالى قريب مجيب، لا يخيب من رجاه ودعاه بصدق.

المصادر والمراجع

  • حديث شداد بن أوس رضي الله عنه في طلب الثبات والعزيمة على الرشد، (يمكن مراجعته في سنن الترمذي، وسنن النسائي، ومسند الإمام أحمد على موسوعة الدرر السنية).

الأسئلة الشائعة (FAQs)

ما هي الصيغة الصحيحة لدعاء “اللهم إني أسألك العزيمة على الرشد”؟

الصيغة الصحيحة والثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم هي جزء من دعاء أطول: “اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الثَّبَاتَ فِي الْأَمْرِ، وَالْعَزِيمَةَ عَلَى الرُّشْدِ…” كما ورد في حديث شداد بن أوس رضي الله عنه.

هل يجوز الدعاء بالصيغ الأخرى المنتشرة؟

نعم، يجوز الدعاء بالمعاني الطيبة التي لا تخالف الشرع، كطلب القوة والقلب السليم والرزق الحلال، ولكن دون الاعتقاد بأن هذه الألفاظ المحددة هي من السنة النبوية، الأفضل دائمًا هو الالتزام بالدعاء المأثور عن النبي صلى الله عليه وسلم.

ما هو أفضل وقت لهذا الدعاء؟

هذا الدعاء من الأدعية العامة التي يمكن للمسلم أن يدعو بها في أي وقت، مثل أوقات السجود، أو في آخر التشهد قبل السلام من الصلاة، أو في أي وقت من ليل أو نهار يشعر فيه بالحاجة إلى عون الله وتثبيته.

عن احمد نصر

بقلم: أحمد نصر باحث ومحرر محتوى إسلامي متخصص في قسم الأدعية بموقع [أُوني]، يكرس جهوده لجمع وتدقيق الأدعية المأثورة من القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، وتقديمها للمسلمين في إطار موثوق وسهل الفهم، يسعى أحمد لتقديم محتوى ديني يعزز الصلة بالله ويستند إلى المصادر الشرعية الصحيحة.

0 0 التصويت
Article Rating
الاشتراك في تنبيهات التعليقات
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
الأقدم
الأحدث الأكثر تصويتا
التعليقات المضمنة
عرض جميع التعليقات