اللهم إني أسألك العفو والعافية في الدنيا والآخرة

يُعد سؤال الله تعالى العفو والعافية من أعظم المطالب وأشمل الأدعية التي ينبغي للمسلم أن يحرص عليها، فالعافية هي السلامة في الدين من الفتن، وفي البدن من الأمراض والأسقام، وفي الأهل والمال من المصائب، وهي نعمة لا تضاهيها نعمة بعد اليقين والإيمان، أما العفو، فهو طلب محو الذنوب والتجاوز عن السيئات، وهو غاية كل مؤمن يرجو رحمة ربه والفوز بجنته.

وقد جمع النبي -صلى الله عليه وسلم- بين هذين المطلبين الجليلين في دعاء جامع كان يواظب عليه في صباحه ومسائه، مما يدل على أهميته البالغة وشمول خيره للعبد في دنياه وآخرته.

النص الصحيح للدعاء ومصدره من السنة النبوية

الدعاء الثابت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- هو ما يُعرف بسيد الاستغفار في أذكار الصباح والمساء، وهو دعاء شامل يجمع خيري الدنيا والآخرة، النص الصحيح للدعاء هو:

النص الكامل لدعاء اللهم إني أسألك العفو والعافية في ديني ودنياي وأهلي ومالي

“اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، اللَّهُمَّ إِن’ِي أَسْأَلُكَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ فِي دِينِي وَدُنْيَايَ وَأَهْلِي وَمَالِي، اللَّهُمَّ اسْتُرْ عَوْرَاتِي وَآمِنْ رَوْعَاتِي، اللَّهُمَّ احْفَظْنِي مِنْ بَيْنِ يَدَيَّ، وَمِنْ خَلْفِي، وَعَنْ يَمِينِي، وَعَنْ شِمَالِي، وَمِنْ فَوْقِي، وَأَعُوذُ بِعَظَمَتِكَ أَنْ أُغْتَالَ مِنْ تَحْتِي”.

  • المصدر: سنن أبي داود وسنن ابن ماجه.
  • درجة الحديث: حديث صحيح، صححه الشيخ الألباني وغيره من أهل العلم.

سياق الدعاء: كان النبي -صلى الله عليه وسلم- لا يدع هذا الدعاء حين يمسي وحين يصبح، فهو من أذكار الصباح والمساء المأثورة والمستحبة.

شرح موجز للدعاء

  • العفو والعافية: طلب السلامة من كل سوء في الدين والدنيا والآخرة.
  • استر عوراتي: أي استر كل ما يسوءني كشفه من العيوب والزلات الجسدية والمعنوية.
  • آمن روعاتي: أي طمئنّي وأمّني من كل ما يخيفني ويفزعني.
  • أن أُغتال من تحتي: أي أعوذ بك من المهالك التي تأتي بغتة من حيث لا أحتسب، كالخسف والزلازل.

أدعية عامة في طلب العفو والعافية وحسن الخاتمة

إلى جانب الدعاء النبوي المأثور، يتضرع المسلمون إلى الله بصيغ متنوعة تحمل معاني طلب العفو والسلامة وحسن المنقلب، هذه الأدعية، وإن لم ترد بألفاظها في السنة، إلا أن معناها صحيح وجائز الدعاء بها.

دعاء مكتوب لطلب العفو والعافية من الله

تنبيه هام: الأدعية التالية هي صيغ عامة ومناجاة حسنة المعنى، ولم ترد بهذا اللفظ نصاً في السنة النبوية، يجوز الدعاء بها وبغيرها مما ليس فيه اعتداء، ولكن الالتزام بالمأثور عن النبي ﷺ هو الأفضل والأكمل والأعظم بركة.

  • اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْعَافِيَةَ وَتَمَامَهَا، وَالشُّكْرَ عَلَيْهَا، اللَّهُمَّ أَلْبِسْنِي ثَوْبَ الْعَافِيَةِ حَتَّى أَلْقَاكَ، وَاجْعَلْ لِي مِنْ كُلِّ خَيْرٍ تَقْسِمُهُ لِعِبَادِكَ الصَّالِحِينَ نَصِيبًا.
  • اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ وَحُسْنَ الْخِتَامِ، اللَّهُمَّ ارْزُقْنِي تَوْبَةً نَصُوحًا قَبْلَ الْمَوْتِ، وَثَبِّتْنِي بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ.
  • يَا رَبِّ، أَسْأَلُكَ عَفْوَكَ عَمَّا سَلَفَ، وَعَافِيَتَكَ فِيمَا بَقِيَ، اللَّهُمَّ طَهِّرْ قَلْبِي مِنَ الذُّنُوبِ وَالْمَعَاصِي وَنَقِّنِي كَمَا يُنَقَّى الثَّوْبُ الْأَبْيَضُ مِنَ الدَّنَسِ.
  • اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ رَاحَةً فِي الْقَلْبِ، وَعَافِيَةً فِي الْجَسَدِ، وَطُمَأْنِينَةً فِي الرُّوحِ، اللَّهُمَّ يَسِّرْ لَنَا الْخَيْرَ حَيْثُمَا كَانَ وَبَارِكْ لَنَا فِي أَيَّامِنَا.
  • اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْعَافِيَةَ فِي دِينِي وَدُنْيَايَ، اللَّهُمَّ أَلْهِمْنِي حُسْنَ الشُّكْرِ لَكَ، وَأَعِنِّي عَلَى دَوَامِ ذِكْرِكَ وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ يَا وَاسِعَ الْفَضْلِ وَالْعَطَاءِ.

أهمية سؤال الله العفو والعافية

إن المداومة على سؤال الله العفو والعافية له فضائل عظيمة وآثار مباركة تعود على العبد في الدنيا والآخرة، ومنها:

  • تحقيق العبودية: إظهار العبد لفقره وحاجته الدائمة إلى ربه، واعترافه بضعفه وتقصيره، هو جوهر العبادة.
  • السلامة من الشرور: العافية هي حصن المسلم من الفتن في الدين، والأمراض في البدن، والمصائب في الأهل والمال.
  • طمأنينة القلب: من رزقه الله العفو غُفرت ذنوبه، ومن رزقه العافية سلمت أموره، فيعيش براحة بال وسكينة نفس.
  • القرب من الله: كثرة الدعاء واللجوء إلى الله تقوي صلة العبد بربه، وتجعله دائم الذكر له، مما يبعد عنه وساوس الشيطان والهموم.
  • الفوز في الآخرة: سؤال العفو هو طلب النجاة من النار، وسؤال العافية هو طلب السلامة عند الحساب والمرور على الصراط، وكلاهما سبيل إلى دخول الجنة.

يُعد دعاء “اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ” من أجمع الأدعية النبوية التي ينبغي للمؤمن أن يجعلها جزءًا من ورده اليومي، فمن أُعطي العافية في الدنيا والآخرة فقد حاز الخير كله.

المصادر والمراجع

  • سنن أبي داود، كتاب الأدب، باب ما يقول إذا أصبح، حديث رقم 5074، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
  • سنن ابن ماجه، كتاب الدعاء، باب ما يدعو به الرجل إذا أصبح وإذا أمسى، حديث رقم 3871.

الأسئلة الشائعة (FAQs)

ما هو النص الصحيح لدعاء العفو والعافية؟

النص الصحيح الثابت في السنة النبوية هو: “اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، اللَّهُمَّ إِن’ِي أَسْأَلُكَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ فِي دِينِي وَدُنْيَايَ وَأَهْلِي وَمَالِي، اللَّهُمَّ اسْتُرْ عَوْرَاتِي وَآمِنْ رَوْعَاتِي، اللَّهُمَّ احْفَظْنِي مِنْ بَيْنِ يَدَيَّ، وَمِنْ خَلْفِي، وَعَنْ يَمِينِي، وَعَنْ شِمَالِي، وَمِنْ فَوْقِي، وَأَعُوذُ بِعَظَمَتِكَ أَنْ أُغْتَالَ مِنْ تَحْتِي”.

متى يُقال دعاء اللهم إني أسألك العفو والعافية؟

يُستحب قوله ضمن أذكار الصباح بعد صلاة الفجر، وضمن أذكار المساء بعد صلاة العصر أو المغرب، اقتداءً بالنبي صلى الله عليه وسلم الذي كان يواظب عليه في هذين الوقتين.

هل يجوز الدعاء بصيغ أخرى لطلب العافية؟

نعم، يجوز للمسلم أن يدعو الله بأي صيغة تحمل معنى صحيحًا ولا تخالف الشرع، كأن يقول: “اللهم ألبسني ثوب العافية” أو “اللهم ارزقني العافية وتمامها”، ولكن، يبقى الالتزام بالدعاء المأثور عن النبي ﷺ هو الأفضل والأكمل والأعظم أجرًا.

عن احمد نصر

بقلم: أحمد نصر باحث ومحرر محتوى إسلامي متخصص في قسم الأدعية بموقع [أُوني]، يكرس جهوده لجمع وتدقيق الأدعية المأثورة من القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، وتقديمها للمسلمين في إطار موثوق وسهل الفهم، يسعى أحمد لتقديم محتوى ديني يعزز الصلة بالله ويستند إلى المصادر الشرعية الصحيحة.

0 0 التصويت
Article Rating
الاشتراك في تنبيهات التعليقات
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
الأقدم
الأحدث الأكثر تصويتا
التعليقات المضمنة
عرض جميع التعليقات