يُعدُّ دعاء “اللَّهُمَّ اجْعَلْ فِي قَلْبِي نُورًا” من الأدعية النبوية الصحيحة والثابتة عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وهو دعاء عظيم يطلب فيه العبد من ربه النور الحسي والمعنوي الذي يهتدي به في أمور دينه ودنياه، إن طلب النور من الله هو طلب للهداية والبصيرة والعلم النافع، وهو ما ينعكس طمأنينة وسكينة على قلب المسلم، ويُنير له طريقه في كل جوانب حياته.
هذا الدعاء ليس مجرد كلمات تُردد، بل هو استعانة بالله تعالى لإصلاح الظاهر والباطن، وجعل جميع حواس الإنسان وجوارحه مسخرة لطاعة الله ومرضاته، مهتدية بنوره الذي لا ينطفئ.
نص دعاء “اللهم اجعل في قلبي نورًا” ومصدره
هذا الدعاء من الأدعية المأثورة الصحيحة التي وردت في السنة النبوية المطهرة، وقد رواه الصحابي الجليل عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، النص الكامل للدعاء كما ورد في أصح المصادر هو:
“اللَّهُمَّ اجْعَلْ فِي قَلْبِي نُورًا، وَفِي لِسَانِي نُورًا، وَفِي سَمْعِي نُورًا، وَفِي بَصَرِي نُورًا، وَمِنْ فَوْقِي نُورًا، وَمِنْ تَحْتِي نُورًا، وَعَنْ يَمِينِي نُورًا، وَعَنْ شِمَالِي نُورًا، وَمِنْ أَمَامِي نُورًا، وَمِنْ خَلْفِي نُورًا، وَاجْعَلْ فِي نَفْسِي نُورًا، وَأَعْظِمْ لِي نُورًا”.
المصدر: الحديث متفق عليه، رواه الإمام البخاري في صحيحه (حديث رقم 6316) والإمام مسلم في صحيحه (حديث رقم 763).
متى يُقال هذا الدعاء؟
ورد في روايات الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يدعو بهذا الدعاء في سياقات متعددة، أبرزها:
- عند خروجه إلى صلاة الفجر.
 - في سجوده أثناء صلاة الليل (التهجد).
 - بعد استيقاظه من النوم لقيام الليل.
 
وهذا يدل على أنه يمكن للمسلم أن يدعو به في صلاته، أو عند توجهه إلى المسجد، أو في أي وقت يجد في قلبه حاجة إلى نور الله وهدايته.

الحكم الشرعي لدعاء “اللهم اجعل في قلبي نورًا”
بما أن دعاء “اللهم اجعل في قلبي نورًا” ثابت في صحيح البخاري وصحيح مسلم، فهو دعاء مشروع ومستحب باتفاق أهل العلم، الدعاء به هو اقتداء بسنة النبي صلى الله عليه وسلم، وهو من أعظم القربات إلى الله تعالى.
إن التزام المسلم بالأدعية الواردة في القرآن الكريم والسنة الصحيحة هو الأسلم والأفضل، لأنها جامعة لخيري الدنيا والآخرة، وقد نطق بها من أُوتي جوامع الكلم صلى الله عليه وسلم، فالدعاء بهذا النص النبوي المبارك يعكس اتباعًا للسنة ورغبة صادقة في طلب الهداية والبصيرة من الله عز وجل.

أمثلة على صيغ وأدعية عامة
إلى جانب الأدعية النبوية المأثورة، يتوجه المسلمون إلى الله بصيغ دعاء عامة لقضاء حوائجهم، وهذه بعض الأمثلة على الأدعية التي يشيع تداولها لمناسبات مختلفة، ويمكن للمسلم الدعاء بها وبغيرها مما يفتح الله به عليه.
دعاء بالهداية
اللهم اهدني إلى صراطك المستقيم، وقربني إلى طاعتك، وباعد بيني وبين ما يغضبك كما باعدت بين المشرق والمغرب، واغفر لي ذنوبي كلها.
دعاء بالستر
يا رب استر عيوبي في الدنيا والآخرة، واجعلني من الذين سترتهم فوق الأرض وتحت الأرض ويوم العرض عليك، اللهم ارزقني سترًا لا يُكشف ونورًا لا ينطفئ.
دعاء بالصحة
اللهم ارزقني دوام الصحة والعافية، واجعلها عونًا لي على طاعتك، ومتّعني بسمعي وبصري وقوتي ما أحييتني.
دعاء بالزواج
اللهم ارزقني الزوج/الزوجة الصالح/ة الذي يعينني على أمور ديني ودنياي، واملأ قلوبنا بالمودة والرحمة، وبارك لنا في حياتنا يا كريم.
دعاء لأبي المتوفي
اللهم اغفر لأبي وارحمه، وعافه واعف عنه، وأكرم نزله، ووسع مدخله، واجعل قبره روضة من رياض الجنة، وألحقه بالصالحين يا أرحم الراحمين.
تنبيه هام: هذه الصيغ المذكورة أعلاه هي من الأدعية العامة التي يتداولها الناس، ولم تثبت كنصوص محددة عن النبي صلى الله عليه وسلم، الدعاء عبادة، والأصل فيها الالتزام بما ورد في القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة، فهي كافية وشاملة ومباركة، ويجوز للمسلم أن يدعو بما يشاء من خيري الدنيا والآخرة ما لم يكن فيه إثم أو قطيعة رحم.
المصادر والمراجع
- صحيح البخاري، حديث رقم 6316، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
 - صحيح مسلم، حديث رقم 763، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
 
أسئلة شائعة
ما هو فضل دعاء “اللهم اجعل في قلبي نورًا”؟
فضله يكمن في أنه طلب مباشر للهداية والبصيرة في كل شأن من شؤون العبد، فمن رزقه الله النور في قلبه وحواسه، وُفِّق للحق، وسار على هدى في عباداته ومعاملاته، وكان ذلك سببًا في ثباته على الإيمان وطمأنينة قلبه.
هل هذا الدعاء صحيح وثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم؟
نعم، الحديث الذي ورد فيه هذا الدعاء حديث صحيح متفق عليه، رواه الإمامان البخاري ومسلم في صحيحيهما، وهو من أعلى درجات الصحة.
هل يجوز الدعاء به في السجود أثناء الصلاة؟
نعم، يجوز الدعاء به في السجود، فقد ورد في بعض روايات الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يدعو به في سجوده أثناء صلاة الليل، والسجود من مواطن استجابة الدعاء.