اللهم اجعل لي نصيب في كل شيء احببته

يحرص المسلم على التوجّه إلى الله تعالى بالدعاء في كل شؤونه، راجيًا منه الخير والتوفيق، ومن المعاني الطيبة التي يدعو بها المرء أن يرزقه الله نصيبًا في الخير الذي يحبه ويتمناه، إن هذا الدعاء في جوهره يعبّر عن صدق التوكل على الله، وتفويض الأمر إليه، مع الأخذ بالأسباب المشروعة، فالله سبحانه هو مقدّر الأرزاق ومقسّمها بحكمته وعلمه.

والدعاء من أعظم العبادات التي تُقرّب العبد من ربه، وترفع درجته، وتقوي إيمانه، فعندما تتحقق أمنية بفضل الله ثم بدعاء العبد، فإن ذلك يستوجب الشكر والحمد، والمداومة على الطلب من الله الذي بيده خزائن كل شيء، والذي يحبّ عبده اللحوح في الدعاء بقلبٍ حاضرٍ وموقنٍ بالإجابة.

حكم دعاء “اللهم اجعل لي نصيبًا…” وأصله الشرعي

إن دعاء “اللَّهُمَّ اجْعَلْ لِي نَصِيبًا فِي كُلِّ شَيْءٍ أَحْبَبْتُهُ” بصيغته هذه هو دعاء عام وجائز من حيث المعنى، فهو لا يتضمن أي محذور شرعي أو اعتداء في الدعاء، ومع ذلك، من المهم التنبيه إلى أن هذه الصيغة المحددة لم ترد في القرآن الكريم أو في حديث ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم.

والأصل للمسلم هو الالتزام بالأدعية المأثورة من الكتاب والسنة، فهي جامعة لخيري الدنيا والآخرة، وفيها من البركة والفضل ما لا يوجد في غيرها، وسنذكر فيما يلي بعض الأدعية الصحيحة التي تحمل معانٍ قريبة من طلب الخير والتوفيق.

أدعية صحيحة من القرآن والسنة لطلب الخير

الأدعية التالية هي من الأدعية الجامعة التي وردت في مصادر التشريع الموثوقة، ويُستحب للمسلم أن يُكثر منها:

  • الدعاء الجامع لخيري الدنيا والآخرة (من القرآن الكريم): وهو من أكثر الأدعية التي كان يدعو بها النبي صلى الله عليه وسلم.

    “رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ” [البقرة: 201]

    .

  • دعاء الاستخارة (من السنة النبوية): وهو الدعاء الأمثل عند الإقدام على أمر يرجو العبد فيه الخير، حيث يفوّض أمره لله ليختار له الأصلح.

    “اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْتَخِيرُكَ بِعِلْمِكَ، وَأَسْتَقْدِرُكَ بِقُدْرَتِكَ، وَأَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ العَظِيمِ، فَإِنَّكَ تَقْدِرُ وَلاَ أَقْدِرُ، وَتَعْلَمُ وَلاَ أَعْلَمُ، وَأَنْتَ عَلَّامُ الغُيُوبِ، اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الأَمْرَ خَيْرٌ لِي فِي دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي فَاقْدُرْهُ لِي وَيَسِّرْهُ لِي، ثُمَّ بَارِكْ لِي فِيهِ، وَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الأَمْرَ شَرٌّ لِي فِي دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي فَاصْرِفْهُ عَنِّي وَاصْرِفْنِي عَنْهُ، وَاقْدُرْ لِي الخَيْرَ حَيْثُ كَانَ، ثُمَّ أَرْضِنِي بِهِ” (رواه البخاري).

    .

  • دعاء صلاح الأحوال كلها (من السنة النبوية):

    “اللَّهُمَّ أَصْلِحْ لِي دِينِي الَّذِي هُوَ عِصْمَةُ أَمْرِي، وَأَصْلِحْ لِي دُنْيَايَ الَّتِي فِيهَا مَعَاشِي، وَأَصْلِحْ لِي آخِرَتِي الَّتِي فِيهَا مَعَادِي، وَاجْعَلِ الْحَيَاةَ زِيَادَةً لِي فِي كُلِّ خَيْرٍ، وَاجْعَلِ الْمَوْتَ رَاحَةً لِي مِنْ كُلِّ شَرٍّ” (رواه مسلم).

    .

صورة دعاء اللهم ارزقني نصيبا من كل أمر أحببته مكتوب بخط جميل

صيغ شائعة للدعاء بنفس المعنى

يتداول الناس بعض الصيغ للدعاء التي تحمل معنى طلب النصيب في الخير، وهي وإن كانت جائزة في معناها العام، إلا أنها ليست من المأثور، ومن أمثلة ذلك:

  • “اللَّهُمَّ اجعل لي نصيبًا من كل شيء أحببته وابعد عني كل سوء لا أعلمه، واكتب لي الخير في شؤون حياتي، اللهم ارزقني رزقًا طيبًا واسعًا وبارك لي فيه واغنني بفضلك عمن سواك.”.
  • “اللَّهُمَّ اجعل لي نصيبًا من كل أمر أسعدني وبارك لي في مساعيَّ، واهدني لما فيه صلاح حالي، اللهم غير أحوالي إلى أفضل مما أرجو وعوضني عن صبري خيرًا.”.
  • “اللهم اجعل لي حظًا من كل سعادة تُرضيك عني، اللهم لا تعلق قلبي بما ليس لي وأبعد عني ما ليس لي فيه خير واهدني إلى ما تحبه وترضاه.”.

تنبيه هام: هذه الصيغ هي مما يتداوله بعض الناس، ولم تثبت بسند صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أو أصحابه، الدعاء عبادة، والأصل فيها الالتزام بما ورد في القرآن الكريم والسنة الصحيحة، فهي كافية ومباركة وجامعة لكل خير.

تصميم دعاء اللهم ارزقني نصيبا لمشاركته على تويتر

سبل تعين المسلم على بلوغ الرضا

إن الرضا بما قسمه الله هو من أعظم أسباب السعادة والطمأنينة، وعلى المسلم أن يسعى لتحقيق هذه المنزلة العظيمة من خلال عدة سبل، منها:

  • اليقين بحكمة الله: إدراك أن أرزاق العباد بيد الله وحده، يوزعها بعلمه وحكمته، وأن ما قدره الله للعبد هو الخير له وإن بدا في ظاهره غير ذلك.
  • شكر النعم: السعادة الحقيقية تكمن في الرضا والقناعة بما أعطى الله، والرزق لا يقتصر على المال، بل يشمل الصحة والعافية والأهل الصالح والطمأنينة.
  • النظر إلى من هو دونك: من توجيهات النبي صلى الله عليه وسلم أن ينظر المسلم إلى من هو أقل منه في أمور الدنيا، فهذا أدعى لشكر نعمة الله عليه، وأبعد عن ازدراء النعم.
  • سؤال الله البركة: يُسن للمؤمن أن يسأل الله البركة في كل ما رزقه، من مال وولد وصحة ووقت، فبالبركة ينمو القليل ويُنتفع به.

المصادر والمراجع

الأسئلة الشائعة (FAQs)

س1: هل دعاء “اللهم اجعل لي نصيبًا في كل شيء أحببته” صحيح؟

هذا الدعاء صحيح من حيث المعنى، ولا حرج في الدعاء به، لكنه ليس من الأدعية المأثورة عن النبي صلى الله عليه وسلم، والأفضل للمسلم أن يلتزم بالأدعية الواردة في القرآن والسنة الصحيحة، فهي أكثر بركة وأعظم أجرًا.

س2: ما هو البديل الصحيح لهذا الدعاء من السنة؟

أفضل الأدعية التي تحمل معنى طلب الخير وتفويض الأمر لله هو دعاء الاستخارة، وكذلك الدعاء القرآني “ربنا آتنا في الدنيا حسنة…”، ودعاء “اللهم أصلح لي ديني…”، فهي أدعية جامعة وثابتة.

س3: ما هو أفضل وقت للدعاء بطلب الخير والتوفيق؟

يُستحب للمسلم تحري أوقات إجابة الدعاء، مثل الثلث الأخير من الليل، وبين الأذان والإقامة، وفي السجود، وآخر ساعة من يوم الجمعة، وعند نزول المطر، مع حضور القلب واليقين بالإجابة.

عن احمد نصر

بقلم: أحمد نصر باحث ومحرر محتوى إسلامي متخصص في قسم الأدعية بموقع [أُوني]، يكرس جهوده لجمع وتدقيق الأدعية المأثورة من القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، وتقديمها للمسلمين في إطار موثوق وسهل الفهم، يسعى أحمد لتقديم محتوى ديني يعزز الصلة بالله ويستند إلى المصادر الشرعية الصحيحة.

0 0 التصويت
Article Rating
الاشتراك في تنبيهات التعليقات
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
الأقدم
الأحدث الأكثر تصويتا
التعليقات المضمنة
عرض جميع التعليقات